الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سَلْطَنَة عُمان، بؤرة عمالة وتجسس

الطاهر المعز

2024 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مثَّل العُدْوان الصهيوني الحالي على فلسطينِيِّي غزة مناسبة أخرى لكَشْف عمالة وخيانات الأنظمة العربية، باعتبارها جُزْءًا من ثالوث أعداء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وكافة التّقدّمِيِّين، والمتمثل في الإمبريالية التي خلقت العَدُو الآخر (الكيان الصهيوني) الذي تمكّن من تعزيز احتلاله لوطن الشعب الفلسطيني ولأوطان الشعوب المُجاورة (سوريا ولبنان والأردن ومصر...) بتواطؤ من العدو الثالث، أي الأنظمة العربية، وتتناول الفقرات الموالية، أحد هذه الأنظمة التي لا تُثير الإنتباه (مثل السعودية أو مصر أو المغرب) غير إن دورها التخريبي ضخم وهام، خصوصًا خلال هذه الفترة، حيث أصبحت سلْطَنَة عُمان - المُحاذية لليمن – وقواعد البحريْن والإمارات مراكز للتّجسّس ومُنطَلَقًا للعمليات العسكرية العُدْوانية للجيوش الأمريكية والبريطانية وحلفاؤهما من عرب وعَجَم.
تقع سلطنة عُمان ( حوالي 5,4 ملايين نسمة، من بينهم حوالي 2,2 مليون عامل مهاجر) على موقع استراتيجي، بين مضيق هرمز والخليج العربي ولها حدود مع الإمارات والسعودية واليمن وهي ثاني أكبر دولة مِساحةً في الجزيرة العربية بنحو 312 ألف كيلومتر مربع، وتمتد سواحلها على مسافة 3165 كيلومتر، وتُطل على بحر العرب وخليج عُمان والخليج العربي، حيث كان ميناء مسقط أحد أهم موانئ التجارة بين المحيط الهندي وإفريقيا وغربي آسيا، لمّا كانت عُمان ذات نُفوذ – بين القرنَيْن الخامس عشر والتاسع عشر – يمتد من زنجيبار (تنزانيا الحالية) في السواحل الشرقية لإفريقيا، إلى باكستان، واحتلت البرتغال جزءًا منها، منذ بدايات القرن السادس عشر، ثم بريطانيا، منذ القرن السابع عشر، وتمثلت هيمنة القوى الأجنبية في احتلال بعض المواقع الإستراتيجية البحرية لتأمين تجارتها مع جنوب وشرق آسيا، وبعد هزيمة البرتغال منتصف القرن السابع عشر سيطرت بريطانيا على سلطة القرار بأشكال مختلفة، ولا تزال تمتلك قواعد ضخمة ( راجع فقرة أخرى ) ودعمت القوات العسكرية البريطانية والإيرانية جيش عُمان لقَمع الثورة التّقَدُّمِيّة المُسلّحة التي كانت تُسيطر على إقليم ظُفار حتى سنة 1976...
أدّى افتتاح قناة السويس (1869) إلى انخفاض أهمّية موانئ عُمان، بفعل مرور السّفن عبر قناة السّويس نحو أوروبا، غير إن عُمان لا تزال تُعَدُّ منتجًا متوسّطًا للنفط والغاز، ويُشكّل العُمّال الأجانب (آسيون ) قرابة 40% من العدد الإجمالي للسّكّان، فيما استَمَرّت الروابط الوثيقة بين سلطات عُمان وبريطانيا، ويُعتبر نظام الحكم بالسلطنة حليفًا مخلصًا، بل عَميلاً، لبريطانيا وللولايات المتحدة، ولذلك تستضيف عمان منشآت عسكرية بريطانية على أراضيها، منها "مقر الاتصالات الحكومية"، وهو إسم مُخادع لا يعكس طبيعة عمل هذا المركز الذي أسسته بريطانيا منذ سنة 1919، قبل أن يتطور عمله ليصبح المسؤول عن الاستخبارات الكهرومغناطيسية وأمن أنظمة المعلومات والتجسس على جميع الاتصالات ومتابعتها وفك تتشفيرها، وبقي وُجُودُه سِرِّيًّا حتى سنة 2014 حيث كشفت تسريبات "إدوارد سنودن" وجوده وطبيعة عمله، وتم نشر مقتطفات من الوثائق من قِبَل وسائل الإعلام البريطانية.
يتمركز ما لا يقل عن ألف جندي بريطاني في عُمَان، وهي مستعمرة بريطانية سابقة، تتمتع حاليا بالإستقلال الشّكلي، ويحتفظ مركز اتصالات الجيش البريطاني ( GCHQ ) بثلاثة مواقع مراقبة، إحدها على الساحل الجنوبي، بالقرب من مدينة صلالة، على بعد 120 كيلومتراً من اليمن، وكانت سرية ومعروفة باسمها الرمزي (كلارينت)، وتم الكشف عن وجودها سنة 2014 بفضل تسريبات إدوارد سنودن " (موظف متعاقد سابقًا مع وكالة الإستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي الأمريكيتَيْن)، ونشر موقع ( Declassified ) منذ سنة 2020 صورًا وأخبارًا عن توسيع الجيش البريطاني مراكز تجسسه في المشرق العربي ومن ضمنها "توسيع مرافق محطة التتبع في مركز اتصالات الجيش، في الشرق الأوسط تحسبا للحرب مع إيران"، وتظهر صور الأقمار الصناعية أنه تم تنفيذ سلسلة من أعمال البناء في قواعد عُمَان، نظرًا لموقعها الإستراتيجي، بين إيران واليمن، وتستخدمها بريطانيا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني حاليا للتجسس على إيران ولمواجهة المقاومة اليمنية وفق وزير الحرب البريطاني، وأظْهرت الوثائق التي نشرها موقع (Declassified ) صور قاعدة (Clarinet ) وقُبَّة الرادار الخاصة بها، ثم تم توسيع القاعدة بين سنتَيْ 2021 و 2023، لتضم مباني جديدة بحجم ستة ملاعب تنس وتتكون من عدة طوابق، ضمن محيط الموقع الذي يبلغ 1,4 كيلومترًا، وتتضمن الواجهة البحرية للقاعدة شبكة من الكابلات البحرية التي تسمح بمراقبة الاتصالات الرقمية بين القارات، وباختراق الشبكة الإلكترونية، ويجري حاليا مَدُّ كابل اتصالات جديد بطول عشرة آلاف كيلومتر، بين ميناء "صلالة" في عُمَان وميناء "بيروث" في أستراليا، وادّعت أستراليا في البداية إنه مشروع تجاري تُشرف شركة "سوبكو" الأسترالية على تنفيذه، إلا أنه يمر في الواقع عبر القاعدة العسكرية الأمريكية البريطانية في جزيرة دييغو غارسيا المرجانية في المحيط الهندي، ودفع الجيش الأمريكي 300 مليون دولار لإعادة توجيه الكابل عبر دييغو غارسيا، في عملية أطلق عليها اسم "الموجة الكبيرة"، ودييغو غارسيا جزء من جزر تشاغوس، التي قام المستعمرون البريطانيون بترحيل سكانها الأصليين خلال ستينيات القرن العشرين لإقامة قاعدة أمريكية، مقابل خصم على شراء غواصات نووية، وكانت القاعدة نقطة انطلاق رئيسية للقوات الأمريكية التي احتلت العراق وأفغانستان، ويهدف تركيب كابل الألياف الضوئية عدم اعتماد القاعدة العسكرية الأمريكية على اتصالات الأقمار الصناعية للتواصل مع البر الرئيسي، كما أصبحت مدينة بيرث وميناؤها، في غرب أستراليا والتي تستضيف الطرف الآخر من الكابل، قاعدة استراتيجية ضخمة للجيوش الأمريكية والبريطانية، ضمن اتفاقية "أوكوس" أو العيون الخمسة، وتستضيف غواصات نووية، وأصبحت القاعدة مُنْطَلَقًا لدوريات الغواصات الأمريكية والأطلسية بالقرب من الصين، وتم تطوير تجهيزات قاعدة "كلاينت" بميناء مدينة صلالة وتوسيع صلاحياتها لكي تلتقط تجهيزاتها التّجسّسية الاتصالات التقليدية (كابلات الهاتف والوصلات الكهرومغناطيسية) عبر نظام ECHELON، أو نشاط حسابات Facebook وGoogle وYahoo عبر نظام PRISM أو مُجَمّعات الشبكات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني وبيانات الشبكة الإلكترونية عبر نظام TEMPORA الذي يلتقط الاتصالات عبر الألياف الضوئية البحرية، ضمن شبكة تبادل البيانات العالمية التي شكلتها وكالة الأمن القومي الأمريكية ونظيراتها الكندية (CSTC) والأسترالية (ASD) والنيوزيلندية (GCSB) تطبيقًا لمعاهدة التعاون الموقعة بينهما سنة 1943 والتي لا تزال سارية المفعول، وتمر بجزيرة دييغو غارسيا المرجانية التي تُعْتَبَرُ محطة مهمة للولايات المتحدة وتَضُمُّ قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة وبها إحدى المحطات العالمية الثلاث التابعة لـ SPACE AIR COMAND (القيادة الفضائية، وتقع الإثنتان الأُخْرَيان في جزيرة هاواي وفي الولايات المتحدة نفسها) وهي القاعدة التي تستخدمها وزارة الحرب الأمريكية لعسْكَرَة الفضاء والإشراف على مراقبة ما يجري على ارتفاع يتراوح بين 10 و 37 كيلومترًا حيث تدور العديد من الأقمار الصناعية والتي يمكن من خلالها إطلاق الصواريخ الباليستية لخصوم الولايات المتحدة المُفْتَرَضِين والحقيقيين، وتُراقب الولايات المتحدة وبريطانيا، من خلال منشئات ( GCHQ ) بعُمَان كل ما يحدث في البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي، ضمن عملية مُنسّقة بين مختلف القواعد (عُمان والبحرَيْن وقَطَر والعراق ودييغو غارسيا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وتايوان...) ولجزيرة دييغو غارسيا المرجانية اهمّيّة خاصة فهي جزء من أرخبيل اعترفت به محكمة العدل الدولية مؤخرًا على أنه تابع لموريشيوس ( مستعمَرة بريطانية سابقة على الساحل الجنوبي الشرقي لإفريقيا) التي رفضت دائمًا قُبُول الأمر الواقع ولم تسمح أبدًا بإقامة هذه القاعدة، لأن بريطانيا اقتطعتها – قبل الإستقلال – من جزيرة موريشيوس، ثم وهبتها للولايات المتحدة لإنشاء قاعدة ضخمة على أراضيها، وقامت بريطانيا بترحيل جميع سكان الأرخبيل، لكي يتمكن الجيش الأمريكي من إرساء الغواصات النووية بالموانئ والقواعد البحرية واستقبال القاذفات الاستراتيجية وتجربة أسلحة الدّمار الشامل وممارسة جميع أصناف الأعمال العدوانية والتّجسّسية دون مراقبة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام