الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في دولة الملك ، ودولة أصدقاء الملك ، ودولة اعز أصدقاء الملك ، رئيس - البنية السرية - فؤاد الهمة .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يجمع العالم ، وطبعا المقصود خبراء واختصاصيو العالم ، انّ مرآة الديمقراطية ، يبقى شكل الديمقراطية السائدة ، وشكل مجال حقوق الانسان في مفهومه الكوني ، وليس الخصوصي ، لتصبح الديمقراطية ، وممارسات حقوق الانسان ، ومثل كل الدولة ، يصبح الجميع مرتبط باسم الحاكم المزاجي ، الذي له ديمقراطيته الخاصة به ، وله فهمه الخاص عند التعامل مع مجالات حقوق الانسان .. ففي هكذا نظام ، تنتفي الديمقراطية بالمرة ، لتصبح ديمقراطية مزاج ، وعند التثبت من انعدام الديمقراطية ، طبعا تكون نتائج ممارسات حقوق الانسان ، منعدمة ، انعدام الديمقراطية التي وحدها تضمن الممارسات الحقيقية لمجالات حقوق الانسان .
لكن . ما هي معايير وأركان النظام الديمقراطي ، لترتيبه ضمن الأنظمة الديمقراطية الحقيقية السائدة في العالم ، او ترتيبه ضمن الأنظمة المستبدة والطاغية والبوليسية ، وتتصرف مزاجيا لتحل الإشكاليات العالقة التي يتطلب حلها ومعالجتها ، جماعات ذوي الاختصاص ، وليس جماعة التصرف المزاجي الذي ينفي بالمطلق ديمقراطية الدولة اللاّديمقراطية ، طبعا و ينفي عنها ادعاءاتها في الاجتهاد في مجال حقوق الانسان .. فليس أي نظام يدعي الديمقراطية ، هو نظام ديمقراطي ، ويدعي ممارسات حقوق الانسان التي لا تضمن التطبيق ، الاّ في الدولة الديمقراطية ، وليس في نقيضها الدولة اللاديمقراطية ..
من دون شك لولا التأويل ، فجميع المختصين من الخبراء القانونيين الدستوريين ، وجميع المشتغلين بالشأن العام ، يجمعون على حقيقة سياسية وحدها تصنف نظام من الأنظمة بالنظام الديمقراطي ، او تصنفه بالنظام الغير ديمقراطي ، وطبعا حين يكون النظام غير ديمقراطي ، فان أي معالجة لمجال حقوق الانسان ، تبقى مستحيلة ، لانها مجالات ترتبط الارتباط الوثيق بالدولة الديمقراطية ، وليس مع الدولة المزاجية ، البوليسية الدموية ، الاستبدادية ، والطاغية ..
يتفق جميع المختصون والأساتذة الكبار في الدول الديمقراطية ، والمشتغلون بقضايا الشأن العام ، على ان المرآة الحقيقية للنظام الديمقراطي ، تبقى سطوة السيادة الشعبية الجماهيرية على سلطة القرار السياسي ، في حين تبقى الآليات التي تؤكد ديمقراطية نظام ، هي الانتخابات الحقيقية ، وليس الانتخابات الانتخابوية . وان مجرد القول بالانتخابات ، يعني السؤال . من يحكم ؟ . ففرق كبير بين الانتخابات كما تجري في الدول الديمقراطية ، والانتخابات الانتخابوية المعمول بها في الدول الاستبدادية ، وفي الدول الطاغية . فالعامل المضاف هنا ، ليس الانتخابات كإجراء شكلي ، بل المقصود هو الانتخابات التي تجري ضمن الدستور الديمقراطي ، الذي يركز دائما على ان مصدر السيادة هو الشعب ، والفاعلون السياسيون الذين صوت عليهم الشعب ، ضمن الدستور الديمقراطي ، فهم وكلاء ينوبون عن الشعب في تنزيل برنامج الشعب الذي صوت عليه في الانتخابات ، لا في تنزيل برنامج الحاكم الذي لم يشارك في الانتخابات ، ولم يصوت عليه احد من الناخبين ، ليصبح الجميع ، أي الكائنات التي شاركت في الانتخابات ، عبارة عن موظفين سامين بإدارة الحاكم الفعلي ، الذي يربط بشخصه الدولة ، لا بغيره ..
فعند وجود الدستور الديمقراطي ، فالممارسة السياسية تتم ضمن الدولة الديمقراطية التي تحتكم للدستور ، لا ان تحتكم لمزاجها العقلي المتذبذب والفارغ ، المفتقر لكل ممارسة في ميدان حقوق الانسان ، وفي ميدان الديمقراطية المفتري عليها .. وهنا نكون امام وضعين : وضع اول تحدده القوانين ، واصلها طبعا الدستور الديمقراطي .. ووضع ثاني يتحكم فيه المزاج الذي يستمد تصرفاته من التقليدانية ، والطقوسية ، والبطريركية ، والبتريمونيالية ، وخاصة الثيوقراطية الفاشية في ابشع صورها ..
وهنا كذلك ، سنجد انفسنا امام نظام ديمقراطي ، يستمد قوته السياسية من الشعب المثقف الواعي كل الوعي بحقوقه الدستورية ، ونظام يبني أسس بقاءه على ( المشروعية ) الدينية ، خاصة عندما يتدرع بالانتساب الى ( النبي ) ، فيجد الجميع انفسهم ، امام نظام فاشي لا يمت لا الى الديمقراطية بصلة ، ولا يمت بصلة مع ممارسات ودولة حقوق الانسان .
اذن ، تبقى المرآة التي تعكس النظام بنظام ديمقراطي ، او بنظام معادي للديمقراطية ، هي الانتخابات كما متعارف عليها دوليا ، وطبعا هنا سيكون موضوع ومجالات ممارسة حقوق الانسان ، فارضا نفسه بقوة ، لان نشاطات ومجالات حقوق الانسان ، لا توجد في الدولة الرعوية ، المزاجية ، الثيوقراطية ، والبطريركية ، البتريمونيالية الغارقة في الطقوسية ، والتقليدانية القروسطوية ..فصلب القرار في الدولة المزاجية ، يبقى أولا القمع بأشكاله المختلفة ، ويبقى ( الدستور العرفي ) عقد ( البيعة ) الغير موجود ، لان قراراته واجراءاته تتم فقط بالمزاج ، مما يجعل من السلطان المنتسب ( للنبي ) يتوفر على السلطات المزاجية ، التي تفوق السلطات التي حددها الملك لنفسه في دستور الممنوح .
اذن يبقى المعبر الرئيسي للممارسة الديمقراطية ، ولحقوق الانسان ، هي الانتخابات ، وليست الانتخابوية السياسوية ، للوصول الى البرلمانية ، وليس الى البرلمان .. والانتخابات لن تكون هادفة في بناء الأداء الحكومي والتشريعي ، الاّ اذا كانت مؤطرة بالدستور الديمقراطي ، أي دستور الشعب ، وليس دستور الحاكم الوحيد الأوحد الذي لا شريك له .
وبما ان المفروض الذي يجب ان يكون ، هو ان الشعب هو مصدر السلطات في الدولة الديمقراطية ، يمارسها من خلال انتخاب ممثليه بالمجالس المنتخبة ، من جماعات ، وبرلمان ، وحكومة .. الخ ، كما يمارسها من خلال لجان المراقبة المباشرة ، ومن خلال الصحافة ، والرأي العام المؤثر في القرارات السياسية ، التي تتخذها القيادة المنتخبة في الدولة الديمقراطية ، فان الإشكالية الانتخابوية ، وليس الانتخابية في الدولة المزاجية ، المخزنية ، البوليسية ، الاستبدادية ، الطاغية ، البطريركية ، البتريمونيالية ، والثيوقراطية التي تمتح من الطقوس ، وبما فيها الغير مرئية وما اكثرها ، والغارقة في التصنيفات القروسطوية .. الخ ، تكمن في السؤال التالي : هل تشهد الدولة المزاجية البوليسية ، الانتخابات الديمقراطية ، كما تجري به الممارسات الديمقراطية في الأنظمة الديمقراطية ، امْ انّ " فدْلكة " وهيجان المسرحية المُلعبة باسم الديمقراطية ، لا علاقة لها بالديمقراطية .. ، وطبعا في النظام الغير ديمقراطي ، المغتصب للسلطة على طريقة معاوية بن ابي سفيان ، يكون مجال حقوق الانسان نوع من الحلم الذي لن يتحقق ابدا ، من دون نزول الى الشعب الى الشارع دفاعا عن الدولة الديمقراطية ، وليس على الدولة الاموية ، كدولة جبرية ، وقهرية ، ودولة قمع بكل اشكاله المعروفة وغير المعروفة ، وتتفنن بكل اشكاله ، وبما فيه الاغتيالات المجرمة بمقتضى القانون الجنائي الدولي الذي تختص فيه المحكمة الجنائية الدولية ، ولا يهم مكان انعقادها ، أكان مقرها الرئيسي هولندا ، ام كان مكان آخر ، حتى بارض الدولة التي تحاكم عن جرائم حقوق الانسان المرتكبة بأشكال وممارسات مختلفة .. مادامت المعالجة تبث فيها المحكمة الجنائية الدولية ، بالاستناد طبعا الى القانون الجنائي الدولي .
اذن . هل الانتخابات التي تعرفها الدولة المزاجية ، البوليسية ، والطقوسية ، الدموية ، الثيوقراطية ، تجري طبعا ضمن الخضوع للمعايير الدولية المتعارف عليها عند انتخاب ممثلي الشعب ؟ .. ويصبح السؤال الصّعب : هل النظام السياسي ، المزاجي ، العلوي ، البوليسي الدموي .. الخ ، هو نظام ديمقراطي ، ام انه نظام طاغي استبدادي ليس له من الديمقراطية لا خير ولا احسان .. ، ومن ثم هل الرعايا / الشعب من خلال ممثليه الذين انتخبهم للبرلمان ، تمارس من خلال ممثليها ، سلطة الشعب الديمقراطية ، ، وليس الديماغوجية السياسوية التي أتثت لها الانتخابات الانتخابوية للدخول الى حضيرة البرلمانية ، وليس الى البرلمان ؟
ان الجواب من السهولة التعرية عليه ، عندما نرى ان النظام المزاجي الذي يحل القضايا بالمزاج ، وليس بالتقييم العلمي لظروف الزمكان ، وتحليلها في علاقاتها ، وفي محيطها ، وفي معرفة مدى نجاحها ، او انها محاولة ساقطة لا تخفي الشمس بالغربال .
وبالرجوع الى اصل الحكم الذي هو الدستور ، ومن خلال تحليل كل نصوصه ، وبما فيها السلطات الاستثنائية الفوق دستور ، التي يعطيها عقد ( البيعة ) للحاكم كخليفة امبراطوري ، يهدد حتى الجيران الذين يخشون التمدد الامبراطوري .. فان كل السلطات المنصوص عليها ، سواء بالدستور الممنوح ، او بواسطة الدستور العرفي الذي هو عقد ( البيعة ) ، ومن خلال تركيز كل السلطات بيد الملك ، السلطان ، الراعي ، الاميري ، والإمام قدس الله عمره ، فان دور الملك السلطان في الهرم ، وفي النسيج السياسي المغربي ، يجعل منه ، ومن اصدقاءه ، واعزهم فؤاد الهمة رئيس " البنية السرية " ، يجسدون الحكم الشمولي بكل آلياته ومواصفاته المقززة ، لانهم هم أصحاب ( الحل والعقد ) بمفهوم مزاجي " ولو طارت معزة " .
وبما ان النظام المزاجي ، البوليسي ، المخزني ، السلطاني والدموي .. الخ ، هو نظام فريد ومن نوع خاص في الحكم ، فكذلك انتخاباته الانتخابوية المسرحية ، تجري ضمن الطقوس السلطانية المخزنية ، المكرسة للقروسطوية ، والقبائلية ، والعشائرية ، وللإذلال ، واهانة الكرامة ، من خلال فتح " الحنفيات " ، لإدماج عناصر جديدة في القيم المخزنية البالية .. لتوسيع قاعدة الرعايا ضمن الدولة الرعوية .
اذا كانت الانتخابات الانتخابوية ، لتجميل ديمقراطية مزيفة ، تعرت امام الرأي العام الديمقراطي العالمي ، فان الانتخابات الانتخابوية البرلمانية ، تعتبر ملكا للملك ، وليست ملكا للشعب الذي استعمل ككمبراس في إتمام هذه المسرحية المفضوحة ، التي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد ، بالممارسات الديمقراطية الحقيقية ، ولا علاقة لها البتة بمجال حقوق الانسان . فالنظام الذي يجدد الرعايا ، ولا يخلق ، ولا يُكوّن المواطن الذي يُكوّن الشعب .. هو نظام بعيد عن الديمقراطية ، وكما هو ملاحظ من بعيد عن مجال حقوق الانسان ، وهي الحقوق التي تكون بالفعل بالدول التي تحكمها الدساتير الديمقراطية الممنوحة ، والدساتير العرفية التي تعكسها الامارة ، والامامة ، والبطريركية ، والبتريمونيالية ، والطقوسية ، والتقليدانية القروسطوية .
إذا كانت الانتخابات في الدول الديمقراطية ، ملك للشعب الذي شارك في العملية الانتخابية حتى الادلاء بنتائج التصويت ، فان الانتخابات ، او وظيفة الانتخابات في الدولة السلطانية ، هي تركيز وتثبيت مشروعية النظام البوليسي من خلال دستور الملك الذي فرضه على الشعب ، ومن خلال عقد ( البيعة ) المؤسس للسلطات الاستثنائية التي تفوق بكثير السلطات الدستورية التي انزلها الملك حتى يتفرد لوحده ومن دون غيره بالسيطرة على الحكم . هكذا تصبح الانتخابات بانتخابات الملك ، وطبعا اسرته وعائلته ، اصدقاءه ، والجماعات وليس الطبقات التي تحيط به لتتبرك اقتصاديا على حسابه . فيصبح البرلمان ببرلمان الملك ، بعد ان نظم انتخابات الملك ، وتصبح الحكومة التي ستنبثق من برلمان الملك ، بحكومته المقيدة بسلطة مجلس الوزراء ( السلطة التنفيذية ) الذي يقرر ، وتصبح الحكومة بحكومة الملك المنتقاة من الأحزاب التي يرى القصر انها الاصلح لتمرير المعطيات المتطلبة في الزمكان . فتصبح الحكومة ويصبح البرلمان عبارة عن موظفين سامين بإدارات الملك ..والعجب ان جميع الأحزاب هي مؤهلة فقط ليس لتحكم بتنزيل برنامجها الذي خاضت على أساسه الانتخابات ، بل ان الجميع يصبح اهلا ليحصل على شرف تنزيل برنامج الملك / القصر ، الذي لم يتقدم الى الانتخابات ، ولم يصوت عليه احد .. ويستوي هنا كل الأحزاب التي تزين بمشاركتها ، مشروعية النظام الاميري السلطوي المخزني ، وتكون بفعلتها هذه أحزاب خائنة ، لانها من جهة تؤسس لصورة للنظام من خارج المغرب ، ومن جهة تكون بالأحزاب الخائنة التي خانت ثقة الناخبين الذين صوتوا لها ، ومن ثم سنكون امام حقيقة تعري عن الوجه الحقيقي للنظام كنظام مخزني وليس بنظام ديمقراطي . وتكون تلك الأحزاب وعلى رأسها أحزاب الفدرالية التي تشتت ، توصف بالأحزاب المخزنية ..
لذا وحتى نذهب بعيدا في تحليلنا السياسي ، فان أي تحليل لنظام الانتخابات الانتخابوية ، والبرلمانية وليس البرلمان ، يلزمنا ان نحلل انتخابات الملك ، في دولة الملك ، على ضوء الموروث الأيديولوجي من التقليدانية الى الطقوسية الى القروسطوية .. الخ . أي الى التقاليد المرعية السائدة في المملكة البوليسية الفريدة في نظامها عن الأنظمة السياسية التي تحكم في العالم .
ان الانتخابات جمع مفرده انتخاب ، وهو ( الاختيار ) . واصل الانتخاب من النخب ، ومن معانيه ، كما في القاموس ، العض ، والنزع ، والشربة العظيمة .. وكلها معاني صادقة على الانتخابات الجماعية ، والبرلمانية ، حيث ان المنتخب تارة يعْضُّ ، وتارة ينزع اذا لم يكفه العض ، وتارة يشرب الشربة العظيمة التي تستنزف البلاد والعباد ، وذلك على حسا الظروف والاحوال ، أذ انه يتحين الفرصة السانحة ، ويرصد النفحات الزكية ، وكلما لاحت فرصة تعامل معها بما يليق من غير " تعْييقْ " .
أمّا الانتخابات في الاصطلاح ، فهي تصويت المواطنين على من اختار نفسه للدفاع عن مطالبه ، والتصدي لمصالحه ومنافعه ، وهي نوعان : نظرية وتطبيقية .
فالنظرية هي المدونة في القوانين والمساطر في الدساتير والمراسيم . وهذا لا يعني المواطنين في شيء ، لأنه لم يحن بعد وقت تطبيقها . فالبحث في قوانينها ، والخوض في تفاصيلها ، يُعدّ ضربا من اللغو ، والاشتغال بلا معنى .
والذي يعنينا نحن هنا ، هو الصنف الثاني من الانتخابات التطبيقة العملية ، لكونها هي المعروفة بين المواطنين السدج ، والمألوفة بينهم ولديهم ، حيث انهم مارسوا تجاربها ، وخاضوا معاركها ، وذاقوا وتلددوا حلوها ومرها . فهم لها واعون ، وبعجزها و بجبرها مُتبصرون ..
ان هذه الانتخابات لها اركان ، وشروط صحة ، قبولا ومبطلات ، ومكروهات ومستحبات .
اما أركانها فثلاثة : مُنتخب ، ومنتخب له . هو المجلس البلدي او القروي ، مجلس النواب او مجلس المستشارين .
وأمّا شروط صحتها :
فأولها الحياة ، فيجب ان يكون المشارك في التصويت حيا يرزق ، ويُحبس ويطلق ، ولا يجوز تصويت الأموات .. غير ان بعض الفقهاء قرروا جواز مشاركة الأموات في الانتخابات ، إذا دعت الضرورة الى ذلك .
والضرورة هنا تقدر بقدرها ، فيشرع لهم حق التصويت بقدر الضرورة ، فاذا زالت الضرورة مُنعوا من التصويت .
وإن قلت . كيف يجوز مشاركة الأموات في الانتخابات ، وهم في القبور عظاما نخرة ؟ . فالجواب ، أنّ هذا من قبيل المُتشابه ، الذي نهينا من السؤال عنه والخوض فيه ، لان البحث فيه يؤدي الى الفتنة ، والبلبلة ، وزعزعة الامن والاستقرار ، كما يؤدي الى تشكيك المواطنين في ( مؤسساتهم ) وفي ( دولتهم ) ، وفي ملكهم . ومن اجل ذلك ، لا يسع المواطن الاّ ان يؤمن به ، ويسلم بثبوته ، ويعرض عمّن يحاول البحث في تفاصيله ، لكي لا يكون من الزائفين المبثوثين .
أمّا قولنا يُحبس ويُطلق ، فهذا وصف مُحدثٌ ، لم يكن معروفا عند المُتقدّمين ، وانما ظهر في الانتخابات الاخيرة ، حيث صار اعضاء المجالس المنتخبة ، يُختطفون ، ويُهربون ، كما تُهرّب البضائع المُستوردة ، بنفس بغال مدينة سبتة المحتلة ، التي تناشد الاحرار بالشروع في التحرير ، فكان لابد من اعتبار هذا الوصف الجديد ، واضافته الى تعريف الانتخابات ، وأحكامها ، كما تقتديه الموضوعية والمنهجية .
وثانيها ، البلوغ . فيجب ان يكون الناخب بالغا سن الرشد ، وهو عشرون سنة على المشهور الذي عليه العمل ، وان كان الراجح في المذهب ، ان سن البلوغ كما يقول ابن عاشر ، بمنيّ ، او بإثبات الشعر ، أو بثمان عشر حولا ، لكنه ان ظهر فهو قول مهجور .
و ثالثهما ، تسجيل الناخب في عدة لوائح ، في جهات شتى من مدينته ، أو قريته ، ذلك ليتمكن من الإدلاء بصوته ، لكثر ما يمكن من المرشحين ، فيظفر بعطاياهم ، ودعواتهم جميعا .
فإنْ قلت إنّ هذا أمر مُتعذر وغير مقبول في دوائر التسجيل . فالجواب ان دوائر التسجيل لا تعرف المستحيل ، ولا تأخذ بحرفية القوانين . بل تعالج الأمور بصدر رحب ، وبطن منتفخ ، لا تستعص عليه كبيرة ولا صغيرة . فهي تستهدف المصلحة العليا ، وتعمل من اجل المنفعة الكبرى .
واما شروط القبول فمنها : أولا ، ادخال السرور على المواطنين ، فيجب على المرشح ، اذا أراد ان يكون مقبولا عند المواطنين ، أي يقيم الحفلات لسكان الحي الذي ترشح فيه ، ويواسي فقراءهم ، ويساند ضعافهم ، ويصلح ما يستطيع إصلاحه من المرافق الضرورية لسكان الحي .
فان قلت . ان هذا عمل ممنوع في القانون ، لكونه من قبيل الرشوة ، وشراء الأصوات بالمال ، وفاعله يتعرض لعقوب رادعة ، فالجواب انّ هذا عرف جرى به العمل ، وعمّت به البلوى . فلا مناص من اعتباره والاعتراف بواقعيته ، والقانون نفسه جارى هذا العرف وسايره . ولم يسبق في الاوّلين والاخرين من المرشحين ، ان عوقب احد منهم بالسجن ، او غرامة ، لكونه يشتري الأصوات ، والذمم ، ويقدم القرابين للناخبين ابتغاء مرضاتهم ، وتوسلا الى الفوز بقبولهم ، هذا مع انهم يقومون بهذه الاعمال الخيرية ، التطوعية ، الاحسانية ، ليلا ونهارا ، وسرا وجهرا ، ويشهد بذلك العشرات ، او مئات المواطنين ، رجالا ، ونساء ، واطفالا ، وحتى الرضع ، ويسمع به الآلاف ، او عشرات الالاف من الناس ، في مشارق البلاد ومغاربها ، وفي قاصيها ودانيها ، حتى صار سخاء المرشحين وكرمهم البرْمكي ، مضرب الامثال ، وحديث المجالس والرُّكبان .
اليس إعراض القانون عن هذا كله ، يُعدّ اعترافا ضمنيا ، بشرعية البر والإحسان ، الذي يقوم به المرشحون ، حفظهم الله ووقاهم شرّ العيْن ، والانس والجن والعفاريت على كل ذلك من الشاهدين .
ومن شروط القبول ثانيا ، التزام المرشح القول الجميل ، والخطاب المعسول ، فيجب عليه ان يُكثر من الوعود المُغرية ، بحيث يعد سكان دائرته بإنجاز كل ما يطلبونه ويتمنّونه ، ممكنا ذلك او غير ممكن ، ومقدورا له او غير مقدور . فيعدهم للشغل للعاطلين ، وبايجاد السكن للمتشردين ، وبالتعليم المجاني للأطفال البائسين ، كما يعدهم بإصلاح الطرق والازقة ، وإدخال الماء والكهرباء الى البيوت مجانا ، ويعدهم أيضا بحل مشاكلهم الاجتماعية جميعا ، كيفما كان نوعها وحجمها ، وبانه سيجعل يوم الشتاء دافئا ، ويوم الصيف باردا ، وان يملئ البحر بالسمك ، وان ينزل المطر في ابّانه فلا يتقدم ولا يتأخر ، وهكذا يعدهم ويمنّيهم ، ثم لا يضره اذا فاز في الانتخابات ، ولن يتابع ، ولن يسأل عمّا يفعل .
ومن شروط القبول ثالثا ، التودد الى السكان ، ومخالطتهم ، والتقرب من رجالهم ، ونسائهم ، وصغارهم ، وكبارهم . فيبادر المرشح كل من يلاقيه في الطريق ، بالتحية الطيبة الزكية المباركة ، والسؤال عن الاهل والحال والمال ، كما يجب على المرشح ان يرتاد ، مجلس السكان ، ويزورهم في بيوتهم، ويداوم على الصلاة مع الجماعة ، وحضور الجمعة بالجلباب الأبيض ، وحتى السّلهام انْ أمكن ليبدو في نظرهم من الصالحين . كما يكثر من التردد على اهل الفضل والفقه في دائرته ، لينال من بركات دعواتهم ودعايتهم ، الى غير ذلك مِمّا كان من هذا القبيل .
فان قلت ، ان هذا تملق ونفاق ، لا يليق بإنسان شريف ، ذي خلق ودين ، فالجواب ان هذا اذا كان نفاقا كما زعمْت ، فما بال الناس يقبلونه من صاحبه ، ويطاوعونه فيه . أثراهم قاصرين لا يستطيعون التمييز بين الرث والطيب ، ام تراهم يبادلونه نفاقا بنفاق ، وخداعا بخداع . فهم اذن وايّاك في الهواء سواء ، وقد قال معاوية " من خدعك فانخدعت له ، فقضى حاجته بك فقد خدعك " . فما دام الناس قد رضوا عن مرشحهم بما له وما عليه ، وتقبلوا كل ما يأتي منه ، فلا داعي للاستنكار المألوف ، والتنفير من المعروف ، والتحذيري من " الحلوف " ( الخنزير ) .
واما مبطلاتها فخصلتان ، على الأقل ، احداهما شحّ المرشح ، وضنه بما لديه من مال وطعام ، فان البخل يبطل عمل المرشح ، وقوله ، وكل ما يصدر من جهته ، فيكون قوله ثقيلا ، وخطبه باردة ، وجميع تحركاته ، وتجمعاته مرفوضة وغير مقبولة .
هذه هي الانتخابات الانتخابوية في زمن الدولة البوليسية ، المخزنية ، الفاشية ، البطريركية ، البتريمونيالية ، الكمبرادورية ، الثيوقراطية المزيفة ، الناهبة للرعايا ومفقرتهم ، وتهريب ثروتهم الى خارج المغرب ، لتكدس بالابناك الأوروبية ، وبالملاذات الامنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل