الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الكيانيه العراقية- متى ستوجد وكيف؟

عبدالامير الركابي

2024 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


العراق بيئيا، ومن ثم نمطا مجتمعيا عراقان في عراق واحد، عينهما الجغرافيون من دون ان يعوا مايترتب على تباينهما النمطي، كيانيا، هما"عراق الجزيرة" الاعلى، و"عراق السواد" الاسفل. الاخير منهما لاارضوي سماوي كينونة، هو الابتداء التشكلي كقانون، ينشأ في غمرة الاصطراع البشري البيئي، قبل ان تكتمل اسباب تشكل الجزء الاعلى، ويقرر الهبوط الى اسفل، على امل اخضاع اللاارضوية المستحيل لسلطته، فيتحول الاصطراع جنوبا، من الاصطراع مع البيئة الطاردة وقسوتها، والتشكل في غمرة التصارع معها، الى الاصطراع الثنائي مع عنصري، البيئة مضافا لها وطاة المجتمعية العليا الارضوية، بينما يدخل الكيان برمته طور الكيانيه الازدواجية الناجمه عن اصطراع المجتمعيتين، مايمنع الاحادية المعتادة عن التحقق، ويبدل تجسدات النمطية بصيغتيها الى مافوق احادية، فلا تبقى النمطية العليا احادية ارضوية عادية، ولا اللاارضوية محدودة التجلي ضمن حدودها الجغرافية، لنصبح امام كيانيه متعدية للاحادية، امبراطورية ازدواجية من الاعلى، وكونية سماوية تكتمل ابراهيما من الاسفل.
ولاتعرف الامبراطورية التي هي ابتكار هذا الموضع من المعمورة، اللغة، او المفهوم الاحادي ، بحكم صدورها عن ديناميات مافوق كيانوية محلوية/ وطنية، فسرجون الاكدي، اول امبراطور ازدواجي في التاريخ 2334/2279 ق ـ م يحتل عيلام، وساحل الشام، والاناضول، ويعبر المتوسط الى جزيرة كريت، ليصرح قائلا "انا حاكم زوايا الدنيا الاربع"، اي انا حاكم الكوكب الارضي، وهارون الرشيد في الدورة الثانيه، يخاطب الغيوم قائلا "امطري حيثما شئت فانت في ارضي"، بمعنى كونه حاكم الكوكب الارضي هو الاخر، وحامورابي حين يضع افتتاحية شريعته الاخيرة، الرابعه بعد شرائع مابين النهرين الثلاث السابقة عليها، يقول: "اناحامورابي، العبد الفقير الى الله، اخرج على الناس السود الرؤوس، لاقتص للفقير من الغني"، مخاطبا الناس جميعا، وليس اهل بابل، او اهل مابين النهرين تحديدا. وقبلها ترد لدى كوراجينا صاحب الشريعة الاولى/2355 ق ـ م، ولاول مرة في التاريخ البشري، كلمة ( الحرية/ امارجي)، وكل "حقوق الانسان" المتعارف عليها اليوم، مع حقوق المستضعفين، فاللغة في هذا المكان ليست، ولم تكن الا كونية الطابع، تنحو بحكم الكينونه البنيوية، الى "العالمية" المتعدية للمحلية، او مايعرف ب "الوطنيه" المقصورة على مكان محدود بعينه.
وليست حالة الازدواج العراقي/ الرافديني هي الوحيدة المغفلة، كما ان عدم التعرف عليها والوقوف دون اكتشافها على مديات طويلة. قصورا. ليس بالظاهرة الفريدة، أوبلا مشابهات، فالغرب الاوربي، لم يكتشف الا متاخرا جدا "الازدواج" الاصطراعي الطبقي داخل بنيته، بعدما ظل هذا الجانب البنيوي مجهولا حتى العصور الحديثة، المواكبة للانقلاب الالي، وصولا الى اعتماد الاليات الاصطراعية الطبقية في تفسير التاريخ البشري، ومالآته، تجاوزا كما فعلت الماركسية، مقررة اخضاع حركة التاريخ بالعموم، بناء عليه، للحتمية الملزمة والمقررة من قبل غائية غير معينه بالتحديد ـ مقارنه بالغائية المقررة اللاارضوية السماوية الالهية ـ اجملت هنا بناء لفرضية الملموس والمعاين افتراضا ب"ديالكتيك الطبيعه"، مع كونه جزئي الحضور مقارنه بالقدرة الاوسع والاشمل، الالهية الكونية، بالحدود التي امكن التعرف عليها حدسيا حتى الان.
والمفترض ان نقيصة وقصورية العقل، وتدني مستوى احاطته بمنطويات الظاهرة المجتمعية، سائرة مع الوقت الى التبدد، وبالتحديد مع تغير الاشتراطات المجتمعية مع انبجاس الالة، وما قد تولد في غمرته من مظاهر، وان تكن اوليه، دالة على احتمالية الانتقال الى الادراكية العليا للازدواج الاصل المجتمعي، المتطابق صيرورة وحصيلة ماتزال غير مكشوف عنها النقاب، وبمقدمها الضرورة الناظمه للعملية المجتمعية، ومالاتها التاريخيه المقررة لها، والمتلائمه مع كينونتها. وهنا ندخل بابا اضافيا من التوهمية تلازم بدايات المنظور الالي، تصدر عن الموضع الذي انبجست فيه الالة قبل سواه، حين نتعرف وقتها على حدود الرؤية المجتمعية الارضوية، بصيغتها الاوربية الطبقية الارفع ديناميات ضمن صنفها، لحدث انقلابي مثل الالة، بما هو بالاحرى انقلاب لاارضوي، لن تكتمل ملامحه ويصبح متطابقا مع ماهو موكول له، الا بظهور المنظور اللاارضوي.
ويحضر بهذه المناسبة مسرب شديد التعقيد، ومتعدد مناحي وموضوعات الغفله المفهومية الطويلة الامد، ومنها وفي مقدمها مسالة "التجلي الكياني"، وهل هو صيغة واحده بعينها هي تلك المتعارف عليها؟، ام ان ثمة نوع تجل ليس "ماديا" صرفا، ارضا وبشرا، كما حال التجلي الارضوي، فاذا بنا ندخل بابا مقفلا ممنوعا، فالقول بالكيانيه الاخرى "الكتابية"، مقابل المادية الكيانيه، لم يسبق ان جرت مقارببته باي شكل كان، وصيغة "الدين" التي تطلق على التجلي المجتمعي اللاارضوي، ملازمه للموقف الارضوي الطارد للصيغة المجتمعية الاخرى، المخالفة نوعا وكليا، مايضعنا بمواجهه ضرورة انقلابيه في السردية المجتمعية والكيانيه، شامله، اجمالها يقول بان المجتمعات تتجلى بحكم طبيعتها الازدواجية الاصل، بصيغتين: كيانوية مكانيه جغرافية بشرية، تقابلها كيانية لاارضوية متعدية للكيانيه، تتحقق ("كتابيا"/ توراتيا/ انجيليا/ قرانيا). متعدية للمكانيه كما هي ماثله تاريخيا وكونيا، في قلب المجتمعات الارضوية مخترقة اياها، الامر المحال الى "الماوراء"، طردا ونكرانا اضافيا لفعل البيئة الاساس المنطلق.
والتحقق الكوني الكتابي للمجتمعية اللاارضوية سماويا، محكوم بمراحلية، اولى هي تلك التي تكون فيها المجتمعية الارضوية الحاجاتيه هي الغالبة، واللاارضوية غير قابله للتحقق في حينه وابتداء، لنقص في الوسائل المادية والاعقالية الضرورية، وتكون بالاحرى "حدسية" نبوية، مرتكزها الجزء العقلي في التكوين البشري "الانسايواني" العقل/ جسدي، لحين توفر الاشتراطات التحولية الانتقالية، بخروج العقل من وطاة وهيمنه الجسدية الحاجاتيه، وهو الموكول الى مابعد انتاجو ية يدوية.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟