الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية -التكملة-

رياض ممدوح جمال

2024 / 1 / 26
الادب والفن


تأليف : برسيفال وايلد
ترجمة : رياض ممدوح جمال

الشخصيات : هو : ممثل، هي : ممثّلة، رئيس الخدم، هوروكس المقدِم (قد تؤدى
الشخصية من قِبل أي رجل يستطيع ان يرتدي اللباس الرسمي بشكل ملائم
لرئيس الخدم).

المقدِم : هل تتذكرون الحــــــــالات التي تنزل فيها الستارة آلاف المرات في آلاف
المسرحيات المنظمة بشكل جيد؟ هل تتذكرون كيف يواجه الممثلون بعضهم
البعض، وكيف ان هناك دمـــوع في عينيه .. او عينيها .. او عينيهما؟ هل
تتصورون في عقولكم كيف هو .. او هي .. او هما يزيحون الدموع التي
ذكرناها، عن عيونهم؟ او انهم تركوا الدموع حيثما هي كانت؟ وكيف هي
همست، " نعم، يا جاك " .. او " نعم، يا وليم " .. او " نعم، يا اليفاليت " ..
كما لو انها تحدث الآن؟ او بكل سهولة في بعض الاحيان " نعم؟ " وهكذا
هم، بالتدريب يكسبون العديد من الخبرات، كأن يضمها بين ذراعيهِ، ويطبع
قبلة على حاجبها.. او خدّها .. او شعرها .. او وراء اذنها .. لكن في اندر
الحالات على شفاهها؟ وكيف ان الزوجين، الممثل والممثلة، متحدين الان
والى الابد .. حتى في الاداء القادم .. ثبّتت الانارة عليهما في المسرح،
وقاطع التذاكر يخمّن كمية الاوراق التي سيحصيها في البيت، الى ان نزلت
الستارة، وان تفكير الجمهور اتجه الى دخيلة كل منهما؟ وماذا بعد ذلك؟ ما
الذي يحدث بعد ذلك؟
هناك ارواح فضولية هي التي تسأل ذلك السؤال. هل سيعيشون بسعادة بعد
ذلك؟ او ان محطة العمل الثنائي هي محطة سرعان ما تنسى؟ يتطلع الممثل
الى الزواج، او الى التقدم للارتباط، كما تنتهي كل الاشياء، ويتجاهلون
اِخبارنا، تبدأ مع عدد غير محدد من الشباب المؤهلين للجنس الآخر، ومن
هذه المجموعات تكوّنت ثنائيات وتجربتهم تخبرهم انهم سائرون الى انتاج
مسرحية، موجهة الى السيدات والسادة المزاجيين ليتصرفوا مثلهم، واخيرا
وهو الاكثر اهمية، موجهه الى المصدر الذي تستمد منه هذه المجاميع
حقوقها، والذي هو ذلك المخلوق المعدم الضمير اللامبالي، الغير قابل للفهم،
ألا وهو الجمهور. يسافر الممثل معهم الى منافذ عديدة من الزواج متحملا
الاتهامات، لكنه يتركهم، كما يترك الدليل أو الفيلسوف الاخرين يتبعون
خطواته. وبعد ذلك؟ ربما هي متعالية، او هو يدخّن في صالة الاستقبال.
ولن يعيشوا بسعادة بعد ذلك ابداً. ربما هو سيندم على اندفاعه في ذم
العزوبية، وهي بالعكس، تتحمل وتتجاوز عيوبه اليها، فلربما ذلك سيجعلها
أفضل. وهم يزدادون حزناً، وان حزنهم يتضاعف، ولهذا يأتون ويهيئون
مادة لعمل مسرحي جديد.
لكن في الوقت الذي ما بين العملين؟ في وسط الوقت بعد ان قالت هي "نعم"
وبعد ان بدأت بقول " لا "؟
(الشخص الذي القى المقدمة انحنى وتعب. تُرفع الستارة. في وقت مبكر
من المساء، وهم في صالة استقبال الدار. وعلى الابواب والشبابيك ستائر
من النوع السميك. الذي يوحي بالإنارة الخافتة التي لا ترحب بشخص
ثالث).
هو : (يتوقف عن عناقها لحظة ليحملها بين ذراعيهِ وينظر في عينيها) ميلي!
هي : (بخجل جميل) جاك!
(يتعانقان ثانيةً)
هو : (بعد مهلة) اِذن .. اِذن ستتزوجينني!
هي : نعم، يا جاك. (تنظر اليه باستحياء) أليس ذلك شيء رائع؟ (يومئ براسهِ)
لنفكر على اننا اثنان .. نحن الاثنين فقط .... (يقبّلها ثانيةً. وهناك فترة صمت
اخرى) تعال ... (تسحبهُ الى الأريكة) لدينا الكثير لنقوله لبعضنا البعض!
أليس كذلك؟
(هو مضطرب الى حد ما؛ حتى انه مُحرج. من السهل رؤية شعوره ذلك.
ومن الناحية الأخرى، يبدو عليها هي انها في بيتها الخاص بالتأكيد. لقد
أمضت عشرون سنة من عمرها منتظرة هذه اللحظة. والآن جاءت هذه
اللحظة وهي على أتم الاستعداد. جلست على الاريكة .. بقليل من الحذر ..
ليس خوفاً على الاريكة من العطب، بل لأن أسوأ ما في الموقف كله قد
انتهى، فأصبحت خجولة بشكل كبير؛ وحاستها السادسة تخبرها انه لن تأتي
فرصة أفضل من التي ستأتي خلال النصف ساعة القادمة، والتي لا سبيل الى
تفاديها. جلس هو حالاً متذكرا واجبه في وضع ذراعيهِ حولها. وهي، على كل
حال، راضية، تزيح اشتباك يديه عنها، وترتفع حيويتها وتستقر في حضنه.
فترة صمت أخرى).
هو : هل انتِ مرتاحة .. يا عزيزتي؟
هي : جداً! جداً! (تغلق عينيها برضا. وهو، مرتاح بالأحرى لأنه ليس تحت نظرها
الآن، ينظر اليها بحدّة. فهي بالأحرى قطعة جذابة من الأنوثة، سواء كان
يعرف ذلك أم لا. تضع شفتاها قريب من اذنه) جاك!
هو : (يتفاجأ) نعم؟ (يسيطر على نفسه) نعم، يا عزيزتي؟
هي : الآن نحن لوحدنا .. نحن لوحدنا، أليس كذلك؟
هو : بالطبع. (ينظر حواليه بعصبية).
هي : هناك شيء واحد اريدك ان تخبرني به.
هو : نعم؟
هي : يا جاك، متى بدأت بمحبتي؟
هو : (بشكل غير مريح) نعم ...
هي : (تغمض عيناها منتظرة) نعم؟
هو : متى بدأتُ بمحبتكِ؟
هي : نعم.
هو : (يغرق في التفكير) حسناً، اعتقد انها كانت في المرة الاولى التي
رأيتكِ فيها.
هي : (تهبط في جلستها متفاجئة) يا جاك! انت لا تعني ذلك!
هو : اني متأكد تماماً. انها كانت في كانون الاول، قبل سنة.
هي : (تتفاجأ) ماذا؟
هو : (ينهض) مباشرة بعد عيد الميلاد.
هي : لكن لم تكن هي المرة الاولى التي قابلتك فيها! المرة الاولى كانت قبل ذلك
بفترة طويلة!
هو : أهو كذلك؟
هي : (خائبة الامل الى حد ما) ألا تعرفها؟ ان المرة الاولى كانت في حفلة بارتن
المنزلية، يا جاك، والتي مثّلنا فيها دورينا سوية.
هو : أوه. (بعد مهلة، مع ابتسامة شاحبة) اِذن كانت في حفلة بارتن المنزلية!
هي : ثم في المرة الثانية .. (ظهرها غارق بين ذراعيه) اين كانت، يا جاك؟
هو : المرة الثانية؟
هي : نعم.
هو : بعد حفلة بارتن؟
هي : نعم، يا جاك.
هو : (يفكر بعمق مغلقاً عينيهِ، ثم يفتحهما فجأة) ألا تعرفينها؟
هي : بالطبع انا اعرف. (تنهض ببطء) انك لا تقصد ان تقول بأنك قد نسيت
ذلك ايضاً؟
هي : انني آسف.
هي : (بسخط) آسف؟
هو : انتِ تعرفين، اني مشغول الفكر.
هي : وانت أحببتني من أول مرة تقابلنا فيها! (تنهض منزعجة) أوه! وانا
كنتُ اتوقع منك غير ذلك!
هو : (ينهض هو ايضاً) الآن، يا ميلي، لا تغضبي.
هي : (تعود اليهِ) لستُ غاضبة، يا جاك، انا جُرحت .. مجرد جُرحت.
هو : (يضع يديه عليها) حصل خطأ، ذلك كل ما في الأمر. أعتقد ان المرة الأولى
كانت فيما بعد.
هي : في كانون الاول؟
هو : نعم.
هي : اين؟
هو : ها؟
هي : اين تقابلنا في كانون الاول؟ يا جاك؟ مباشرةً بعد عيد الميلاد؟
هو : كان الجواب على رأس لساني.
هي : (تنتظر بنفاذ صبر) نعم؟
هو : (بانتصار) عند فيليب! كانت عند فيليب أترين، أعرف، يا ميلي! هل انا على
حق؟
هي : (باستسلام) نعم، يا جاك.
هو : ذلك هو الوقت! كان ابي هناك أيضاً. أترين، اتذكر! وانكِ نلتِ رضاه. وعدنا
انا وهو الى البيت سوية فقال لي " يا جاك، تلك الشابة لطيفة الى حد كبير.
أحب ان تتعرف عليها أكثر ".
هي : هو قال عني ذلك؟
هو : (يومئ برأسه مؤكداً) كيف، تلك عبارة عن أشياء كثيرة قالها حينذاك!
هي : أوه.
هو : أترين (مع ابتسامة شاحبة) ابي كان يريد مني ان أتزوج منذ سنوات.
هي : (مندهشة) أوه!
هو : (توقف كأنه اُصيب بإطلاق ناري) لم أخطئ في كلامي بأي شيء،
أليس كذلك؟
هي : خاطئ؟ لا. أوه، لا! (تبتسم بجهد) أستمر بالكلام، يا جاك.
هو : (يرتاب بها) أنظري اِلي! انا لم أهينكِ ..
هي : (مقاطعة) اِهانة؟ لم يمضِ على خطوبتنا الا ساعة واحدة؟
هو : (غير مطمئن كلياً) قال لي والدي ان أكون حذراً في كلامي لهذه الليلة.
هي : مع من ستكون زوجتك، يا جاك؟ حذر؟
هو : (يومئ بجدية) قال انه عليّ ان لا أتحدث عن شيء اِن كنتُ غير واثق منهُ.
هي : أوه! (تبتسم بلطف) استمر بالكلام، يا جاك.
هو : ماذا ؟
هي : تحدث عن ابيك.
هو : (بعد مهلة من التردد) حسناً، ابي رجل عظيم. تعرفين ذلك.
هي : كل شخص يعرفه، يا جاك.
هو : بالتأكيد! ابي يملك أكبر مخزن بضائع في البلدة. عندما بدأ بالتفكير بإنشاء
مخزن بضائع كبير لم يكن هناك في البلدة أي مخزن.
هي : (بتكاسل) كم هذا رائع!
هو : مخزنه الاول .. هل سبق ان رأيتِ صورة لهُ؟
هي : لا.
هو : لم يكن اكبر من هذه الغرفة. واليوم هناك أكثر من ثلاثة آلاف شخص يعمل
في شركة هوروكس للتجارة! (يتوقف عن الكلام. وهي تنتظره ليستمر) أبي
يريد أحد ما ان يحلّ من بعدهُ في العمل، وسيصاب قلبه بالسكتة ان أصبح
العمل بيد شخص من خارج العائلة. يريدني ان أصبح مؤهلاً لأحل محلهُ.
هي : (ترتاح في جلستها، على اية حال، ليس على حضنه) ولهذا السبب يريدك
أن تتزوج؟
هو : (يبتسم) بشكل غير مباشر، نعم.
هي : انا لا أفهم ذلك، يا جاك.
هو : تعلمين، ان الرجل يصبح اكثر ثباتاً حين يتزوج.
هي : (بشكل مقصود) ن ـ ع ـ م.
(هناك فترة صمت)
هو : حسناً، عليّ أن أذهب.
(ينهض)
هي : بهذه السرعة؟
هو : ابي سيكون بانتظاري.
هي : (هي تنظر اليهِ مفتوحة العينين من الدهشة) ماذا تعني؟
هو : يريد ان يعرف ما الذي حدث.
هي : (تحاول ان تدرك الفكرة) ما الذي حدث؟
هو : فيما اذا قلتِ نعم ام لا.
هي : (تفهم فجأة) أوه! اِذن هو يعلم بانك كنت ستسألني؟
هو : بالطبع!
هي : انت قلت له؟
هو : (بتردد) نعم ...
هي : (بشراسة) هل انت قلت .. (بصعوبة تتوقف وتستمر بأكثر النغمات عذوبة)
أو ربما هو اخبرك؟ (تطوق عنقه بذراعيها) تعال، يا عزيزي!
هو : (مع ابتسامة واسعة) نعم، هو قال : " اِن لم تسألها قبل الصباح .." (يتوقف
عن الكلام).
هي : (مشجعة له) نعم؟
هو : (يضحك) لقد قال، " .. يمكنك ان تذهب لتعمل اسبوعاً كاملاً مقابل عشرة
دولارات ".
هي : اِذن .. هل سألتها؟
هو : (مع قهقهة) حسناً، ماذا تعتقدين؟
هي : وهل عرفت ان كانت ستوافق؟
هو : (يضحك) نعم ..
هي : (تقلدّهُ) نعم ..
هو : انا لم أكن متأكداً.
هي : لا؟
هو : لكن ابي كان قد طلب مني ان أسألها!
هي : (تدفعه من على الاريكة) انت وحش!
هو : (يتفاجأ) ميلي! انا لم اجرح مشارعك الآن، أليس كذلك؟
هي : جرحت مشاعري! ها!
هو : انها طريقتي في الكلام. لم اقصد أي شيء في كلامي ..
هي : (مقاطعة) لا؛ انا لم افكر في ذلك.
(تنتفض وتذهب الى نهاية الغرفة)
هو : الآن، يا ميلي!
(هناك فترة صمت. ثم تعود اليهِ، مسيطرة على مشاعرها ثانيةً).
هي : كانت حماقةً مني، يا جاك. اخبرني أكثر عنهُ.
هو : ان كنتِ حساسة جداً فلا داعي، يا ميلي.
هي : حساسة؟ لا. انا مجرد متحمسة بعض الشيء، ولا شيء غير ذلك. ألا تعرف
شعور أي فتاة لو علمت انها ستتزوج ابن صاحب مخازن هوروكس المتحدة؟
هو : (فترة صمت) ان ابي ينتظرني.
هي : دعهُ ينتظر. انها عشر دقائق فقط.
هو : (يهز رأسه بشدة) ابي يحبُ ان ينام مبكراً. وانتِ تعلمين، انه يكون دائماً في
المخزن حالما يُفتح باكراً؛ ويكون ذلك من أهم اهتماماتهِ.
هي : لكن الليلة، يا جاك .. سوف لن يهمه ان يتأخر في نومهِ. (كما لو انها
تعارضهُ) انت راغب في الذهاب.
هو : (بتردد) لا أعرف. ابي قال ..
هي : (مقاطعة) سنكتب له ملاحظة، يا جاك.
هو : ملاحظة؟
هي : نوضّح له الأمر. سأرسلها مع كبير الخدم.
هو : قد لا يحب ابي ذلك.
هي : يجب ان يستسلم لي هذه المرة! (جلست على طاولة الكتابة) هو سيكون في
الطابق الاعلى، أليس كذلك؟
هو : (بكآبة) سوف تؤلمينهُ. على أية حال، الى ان أصل الى البيت.
هي : اقرع الجرس على روبرت.
(يفعل ذلك، ويبقى عند الباب يراقبها).
هو : ماذا كتبتِ؟
هي : (تنهض وهي تطوي الرسالة) تواً انتهت!
هو : لا يجوز ان تكون طويلة جداً.
هي : ليست طويلة .. يا عزيزي.
(تضع الرسالة داخل ظرف)
رئيس الخدم : (يظهر عند مدخل الباب) نعم، يا آنسة؟
هي : (تُسلمهُ المظروف) خذ هذا الى السيد هوروكس شخصياً. خذهُ بيدك انت.
رئيس الخدم : نعم، يا آنسة. أي طلبات؟
هي : لا، فقط سلمه بيد السيد هوركس نفسه. وعُد سريعاً، يا روبرت.
(يذهب رئيس الخدم)
هو : (مضطرب) انا لا اعرف ان كان سيحب ذلك التصرف.
هي : اترك الامر لي، يا جاك. تعال، اِجلس. (تضع يدها على فمهُ حالما يحاول ان
يتكلم) فكر فقط؛ بكل الأسئلة التي أتحرّقُ لأن أسألك اِياها!
هو : أسئلة؟ ما هي الأسئلة؟
هي : انت لا تخشى ان تُجيبني، أليس كذلك؟
هو : (مع محاولة بائسة ليتصنّع المرح) كنتُ اعتقد انه لم يحن أوان الاسئلة الى ان
تتزوجين.
هي : لازال هناك وقت طويل لذلك، يا جاك. (تنظر اليهِ بحماس) انت في السادس
والعشرين من العمر، أليس كذلك؟ (يومئ هو برأسه) وان والدك متلهف
لتزويجك؟
هو : منذ ان تركتُ الكلية.
هي : أوه. (تتوقف عن الكلام مهلة قصيرة؛ ثم، تجعل نفسها وكأنها تخمّن)
جاك، ما أسمها؟
هو : ماذا تقصدين؟
هي : انت تعرف ماذا أقصد.
هو : (مصدوماً، يفهم ببطء) يا ميلي! لا يعنيكِ ذلك!
هي : لكني خطيبتك، يا جاك. والفتاة المخطوبة بإمكانها مناقشة كل انواع
المواضيع. (يهز رأسهُ) ويناقشون تلك المواضيع خصوصاً مع خطيبهن. (يبدو
عليه عدم الاقتناع) جاك، اذا لم يكن يثق احدنا بالآخر الآن .. (تتوقف).
هو : (بعد مهلة) من أخبركِ؟
هي : (تخفي نصرها) ليس من العدل ان تسأل هذا السؤال.
هو : لِم لا؟
هي : أوه، تلك الأشياء التي يتحدثن عنها الفتيات.. (تحرك يدها بحركة مبهمة).
هو : (باهتمام) نعم؟
هي : (بسعادة) تلك الاشياء التي يُخبر الرجال المتزوجون بها زوجاتهم ..
هو : أوه.
هي : والزوجات يخبرون اخواتهن، والاخوات يخبرن صديقاتهن المقربات،
وصديقاتهن المقربات يخبرن اشخاصاً آخرين. النساء لا يحفظن الاسرار ..
انت تعلم ذلك.
هو : نعم.
هي : (بعد فترة صمت، بطريقة استعراضية تماماً) في أي عرض مسرحي تعمل
هي الآن، يا جاك؟
هو : (بشكل طائش) انها لا عمل لديها الآن.
(يتذكر فجأة، ينظر اليها بريبة، لكن تعبيرها يوحي بالبراءة نفسها).
هي : (تنظر الى السقف) كم أشفق عليها! (تتوقف؛ هو لايزال يراقبها)
لديها موهبة؛ لا شك في ذلك.
هو : كيف عرفتِ ذلك اِن كنتِ لا تعرفين حتى أسمها؟
هي : (بخداع) كيف، سبق ان رأيتها!
هو : (بشكوك) رأيتها؟
هي : (تقابل نظرتهُ بسذاجة) كانت هي الرابعة من جهة اليمين، أليس كذلك؟
هو : لا؛ الثانية. (لازال مضطربا، يتوقف ثانية).
هي : أترى، أنا أعلم.
هو : ألم يختلف شعوركِ نحوي بسببها؟
هي : (تضحك) يختلف؟ كم هذا سخيف، يا جاك! لا أعتقد انك كنت ملاك.
هو : (اطمأن تماماً) انها سيدة .. سيدة حقيقية.. انها من صنف النساء الجيدات جداً.
هي : يمكنني ان أرى ذلك من أي مكان اجلس.
هو : اسمها الحقيقي اِليزا، لكنها تدعو نفسها كورين.
هي : انا لا ألومها. كورين اسم جميل. (تنظر اليهِ بخفية) وهي طيبة القلب كما انها
جميلة، أليس كذلك، يا جاك؟
هو : كيف عرفتِ ذلك؟
هي : (تتصرف بطلاقة) عندها موهبة.. موهبة حقيقية.. لكنهم لم يكتشفوا ذلك لحد
الان. لكنهم سيعرفون ذلك في يوم ما! كل الذي ينقصها هو الفرصة! وسترى
انها ستحصل عليها، ألا تعتقد ذلك، يا جاك؟
هو : (بحماس) اراهنكِ على ذلك!
هي : (تومئ بحكمة) كانت هي سيئة الحظ، لكنها سيدة رغم كل ذلك. لا تتصنّع
الأشياء، لا تعير اهتماماً لما يُثار حولها. لها روح رياضية جيدة جداً .. انها
زميلة حقيقية! والدك هو فقط من لم ينظر اليها بهذه الطريقة.
هو : (مندهش) هل ان ابي اخبركِ عنها؟
هي : (دون ان تجيبهُ) لذلك السبب كان محمساً لتزويجك بي. اراد لك السلامة ..
بعيداً عنها.
هو : هل كنتِ تعلمين كل ذلك؟
هي : ولم أغفل عن شيء!
هو : (بابتهاج) جيد! حسناً! اكاد لا اصدق ذلك!
هي : أردتك ان تخبرني انت.
هو : (بحماس حقيقي) أعتقد، لدينا الكثير من الوقت!
هي : وبالرغم من ذلك؟
هو : يا ميلي، انتِ نفسكِ ذو روح رياضية!
هي : هل حقاً تعتقد ذلك؟
هو : ان اعتقادي هذا راسخ.
هي : شكراً لك. شكراً، يا جاك. وهل تريد ان تعرف شيئاً آخر؟ انا حتى لم اجعلك
تتخلى عنها أبداً.
هو : (مندهش) ماذا؟
هي : اِفساد الصداقة الجميلة؟ كلا، يا جاك. انا لا أحب اباك. اعلم ماذا يعني هو
بالنسبة لك. واقدّر مثل هذه الأشياء.
هو : ميلي!
هي : هل صُدِمت؟
هو : هل تعنين ما تقولين؟ هل تعنيه بصدق؟
(تحاول هي ان تجيب، لكن الامر فوق طبيعتها اللطيفة. تندفع بضحكة
هستيرية تقريباً).
هو : (ينهض بقلق) ميلي!
هي : (تتكلم بين التشنجات) انك لا تفهمني، هل تفهمني، يا جاك؟ لكن اباك
سيفهمني! يمكنك ان تتأكد من ذلك! (هو يراقبها في حيرة مطلقة) لأنه هو
قادم الى هنا، يا جاك! أتوقع قدومه في أية لحظة.
هو : (مصعوق) قادم الى هنا؟ هل كتبتِ له بهذا الخصوص؟ ليس لديكِ هذه الجرأة!
هي : لكني قد فعلتُ، يا جاك!
هو : ما كان عليكِ ان تفعلي ذلك! انه سيغضب. يا اِلهي، انه سيكون غاضباً! انه لم
يخرج ابداً في هذا الوقت من الليل! لم يفعلها منذ سنوات!
هي : اِصغي. (خطوات .. خطوات مُسرعة.. تُسمع خطوات تصعد الدرجات،
رئيس الخدم، ليس هو نفسه الذي كان قبل دقائق متمسكاً بالشكليات والرزانة،
لكنه كان يلهث، كان خائفاً جداً، حتى انه لم يتوقف لخلع قبعته ومعطفه، يقف
في المدخل)
رئيس الخدم : (يُعلن بعجالة) السيد هوروكس!
(هناك شخص يندفع. يتخطى رئيس الخدم جانباً والسيد هوروكس يقف
مكانه. وان السيد هوروكس غاضب، غاضب جداً، أكثر غضباً من أي وقت
مضى وأكثر من أي شخص آخر. العينان الصغيرتان للعبقري صاحب قسم
التخزين، تتقادح شراراً، يداه ترتعدان، شفتاه ترتجفان، لم يفهموا ولا كلمة
واحدة منه. رغم كثرة الاصوات المتفجرة الصادرة منه اصوات متقطعة،
تبدو كأنها قرقرة؛ مثل تلك الاصوات الصادرة من فوهة بركان صغير قبل
انفجاره. كما لو ان ملعقة من هريسة حارة جداً في فمه. كأنه غضب من الله.
أما ميلي فإنها تواصل الضحك، بشكل عديم الاحترام جداً).
هو : (مرعوب بشكل رهيب) أبي!
(يندفع اليهِ هوروكس وكأنه يريد ان يفجّر دماغهُ، لكن قبضة هوركس تثبت
تحت انف الشاب، وللمرة الاولى، تظهر الورقة التي كتبت عليها الملاحظة
يبدو انها قد تجعّدت).
هو : (يأخذ الورقة، مذعوراً) ماذا كتَبتْ لكَ؟
(يوافق هوروكس ان يعطيه الورقة وهو في حالة مخيفة من الهيجان).
هو : (يتراجع) هل لي ان أقرأها؟
(يوافق هوروكس – وهو بنفس الحالة السابقة. والاكثر من ذلك، انه يبادر
بإعلانه انه يريد من الشاب ان يقرأها بصوت عال ٍ).
هو : (مازال يتراجع متوقعاً دماراً رهيباً) " عزيزي محتكر البضائع ... " (ينادي
بريبة) انتِ كتبتِ ذلك، يا ميلي؟
هوروكس : (يشكّل كلماتهِ واضحة) اكمل! اكمل!
هو : " رجاءً تعال لتسترد بضاعتك الكاسدة ".
(مرعوب، يتجه الى حيث كانت اميلي تقف قبل لحظات، لكنها اختفت. ورئيس
الخدم هو الآخر قد هرب أيضـــاً. ومباشرةً ما بينهُ وبين الباب تقف الشخصية
المخيفة، هوروكس).

ســـــــــــــــــــتــــــار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا