الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظم الانتخابية والتعددية التمثيلية في المجالس المنتخبة

سربست مصطفى رشيد اميدي

2024 / 1 / 26
دراسات وابحاث قانونية


ترتبط التعددية السياسية والتمثيلية بالاضافة الى مدى ارتباطها بتكريس الديمقراطية في البلد واجراء الانتخابات الدورية المنتظمة، فانها تتعلق بالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي في كل دولة. لكن للنظام الانتخابي تاثير كبير في انتاج اثار تخص موضوع التعددية باعتبار النظام الانتخابي يمثل الية ترجمة وتحويل الاصوات المدلى بها في انتخابات الى مقاعد في مجل تمثيلي سواء كان على الصعيد الوطني او المحلي. لذلك فان النظام الانتخابي يجب ان تتوفر فيه معايير مهمة، لكن فيما يخص كون النظام الانتخابي يضمن بناء وتعزيز التعددية والتمثيل في الهيئات المنتخبة، فيجب ان تتوفر النظام الانتخابي المعايير والشروط التالية:-
1-العدالة: اي يجب ان يكون تطبيق النظام الانتخابي بشكل لا يكون فيه اي تمييز بين القوائم المتنافسة، وتكون الصيغة الحسابية تضمن هذه العدالة بالاضافة الى شروط الترشح، وضمان وجود عدم فرق بين قيمة والية احتساب وتحويل اصوات القوائم الصغيرة مع الكبيرة، وضمان عدم تأويل وتحويل الاصوات لدى عملية تحويلها الى مقاعد.
2-عدم هدر الاصوات: اي ان يتم احتساب الاصوات بشكل لا يؤدي الى هدر عدد كبير للاصوات، اي عدم تحويلها الى مقاعد، كما هو الحال في عدد من انواع نظم الاغلبية، خاصة نظام الاغلبية البسيطة (الفائز الاول).
3-المقبولية: اي ان يكون النظام الانتخابي وطبيعته يحوز على موافقة ورضا اغلبية شرائح المجتمع.
4-الديمومة: اي ان يكون هنالك امكانية لتطبيق النظام الانتخابي من الناحية السياسية والفنية والادارية والمالية لفرة زمنية لا بأس بها، وعلى الاقل لمدة لا تقل عن اربع دورات انتخابية.
5-عدم وضع عتبة انتخابية: اي عدم وضع شرط حصول القائمة الانتخابية على نسبة معينة من الاصوات حتى تدخل المنافسة للحصول على مقاعد في المجلس الذي تجرى لها الانتخابات. لان عدم الوصول الى هذه النسبة تحرم القائمة من الحصول على اية مقاعد، وتؤدي الى اعادة توزيع اصواتها على القوائم الفائزة بنسبة حصولها على الاصوات او المقاعد، اي تاويل صوت الناخب لقوائم لم يصوت لها، وهذا خلاف ارادة الناخب. وتطبق العتبة في عدد من الدول منها اسرائيل وتركيا، وطبقت ايضا في انتخابات الدورة الاولى لانتخاب برلمان كردستان بنسبة 7% التي جرت في 19/5/1992، حيث ادت الى اعادة توزيع نسبة 11% من الاصوات التي حصلت عليها احزاب كردستانية لم تصل الى نسبة 7% على الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، مما كانت سسبا رئيسيا في انتاج سياسة المناصفة (الفيفتي- الفيفتي)، ومن ثم اندلاع ازمة الحكم والاقتتال الداخلي لا تزال اثارها شاخصة لحد الان.
عليه واستنادا لما سبق فان النظم الانتخابية التي لا تضع شروطا معقدة وصعبة امام الية الترشح وتنظيم القوائم الانتخابية، وتكون الية التصويت تسمح بالتاشير المتعدد، وان الصيغة الحسابية لتحويل الاصوات الى مقاعد تكون بشكل لا يكون فيه تمييز للاحزاب الكبيرة على حساب الاحزاب الصغيرة والفتية. فهذه الانظمة هي التي تشجع وتعزز بناء تعددية سياسية وتمثيلية في المجالس المنتخبة.
لذلك فان انظمة التمثيل النسبي بشكل عام هي التي تؤدي الى بناء تعددية سياسية، لان فلسفة نظام التمثيل النسبي تعتمد على فرضية ان يكون تمثيل كل حزب او قائمة انتخابية مشابها او قريبا لنسبة تمثيلها في المجتمع، في حين ان اغلب نظم الاغلبية لا تؤدي الى انعكاس ذلك في المجالس المنتخبة. وان نظم التمثيل النسبي بموجب طريقة الباقي الاقوى ووفق صيغة هاري، او وفق المعدل الانتخابي بصيغة سانت ليكو الاصلية، اي تقسيم الاصوات التي تحصل عليها كل قائمة انتخابية على الاعداد الفردية بدءا ب (1،3،5،7،9،1، الخ) وبدون اضافة اية اعشار الى الرقم 1 في اول تقسيم، هي الافضل والاكثر عدالة.
كما ان هنالك احد نظم الاغلبية وهو نظام الكتلة، قد يساعد على التعددية، حيث ان الناخب يمتلك الحق في التاشير ازاء اسم اكثر من مرشح واحد بشرط الا يتجاوز عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية. لذلك فان اختيار المرشح لاكثر من مرشح في الدائرة الانتخابية فقد يتجاوز خياره الحزبي الى اختيار مرشح او مرشحين اخرين معتمدا على معايير اخرى تتوفر في المرشح كشرط النزاهة والكفاءة والاستقامة، مما قد تكون سسبا في اختيار مرشحين لاحزاب اخرى، وبالتالي تؤدي الى تعدد مرشحي الاحزاب التي تصل الى المجلس المنتحب. وهذا يعتمد على مدى تطور وعي الناخب، وطبيعة وصفات المرشحين، ومدى الالتزام الحزبي للناخبين.
لذلك هنالك ترابط وعلاقة بين النظام الانتخابي في اي بلد وبين النظام الحزبي فيه، فنظم الاغلبية وخاصة نظام الاغلبية البيسطة (الفائز الاول) يؤدي تطبيقه لفترات طويلة الى نظام الثنائية الحزبية، كما هو الحال في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية. وبعض انواع نظم الاغلبية والنظم المختلطة تؤدي احيانا الى بروز نظم الثلاثية او الرباعية الحزبية، اما نظم التمثيل النسبي فيؤدي تطبيقه لفترة طويلة الى انتاج نظم التعددية الحزبية.
وفي العراق فان تطبيق نظام التمثيل النسبي وفق طريقة المعدل الانتخابي وبموجب صيغة سانت ليكو الاصلية هو تقسيم الاصوات التي تحصل عليها القوائم الانتخابية المتنافسة على الاعداد الفردية (1،3،5،7،9،11، الخ)، ومن ثم توزيع مقاعد الدائرة الانتخابية على القوائم حسب اعلى ناتج قسمة للقوائم لتوزيع اول مقعد وصولا الى اخر مقعد حسب التسلسل الاعلى ثم الادنى لنواتج القسمة تلك. لكن لدى اضافة اعشار الى الرقم (1) وهو(7) بحيث ناتج القسمة على (1.7) يكون قريبا لناتج القسمة على الرقم (2)، حيث هنالك نظام اخر هو نظام هوندت حيث يتم توزيع الاصوات على الاعداد الزوجية ويكون اقرب لمصلحة الاحزاب الكبيرة. وبالتالي فان اضافة اعشار للرقم 1 معناه انه لدى تقسيم اصوات القائمة التي تحصل على اصوات قليلة، او هي ليست قليلة ولكنها ليست متوسطة في اول عملية قسمة على (1.7)، فان فرصتها تكون ضئيلة او منعدمة في الحصول على اي مقعد، اي تكون بمثابة وضع عتبة انتخابية غير معلنة. وكمثال عى ذلك فانه لدى استخدام صيغة سانت ليكو الاصلية في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في 20/4/2013 ادت الى صعود احزاب كثيرة وحصولها على مقاعد في مجالس المحافظات الاربعة عشر (عدا كركوك). ولدى تطبيق صيغة سانت ليكو حتى بعد تعديله (1.6) في انتخابات مجلس النواب التي جرت في 30/4/2014، فقد ادت بان تصبح عدد الاحزاب الممثلة في مجلس النواب الى 42 حزبا، بعد ان كان 12 حزبا فقط في انتخابات مجلس النواب في سنة 2010.
لكن لا بد من التنويه بان الاعتماد على الصيغة الحسابية كعامل وحيد يؤثر في النظم الانتخابية لانتاج اثرها المتوقع وخلق تعددية تمثيلية، قد لا يكون صحيحا دون معرفة العوامل الاخرى التي تؤثر في انتاج النظام الانتخابي لنتائجه المتوقعة، وهي:-
1- الصيغة الحسابية، كصيغة هاري او دروب او سانت ليكو او هوندت، او غيرها.
2- حجم الدائرة الانتخابية، (عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية).
3- نسبة مشاركة الناخبين في الانتخابات.
4- عدد القوائم الانتخابية المتنافسة في الدائرة الانتخابية.
5- الفرق في الاصوات بين القوائم الانتخابية المتنافسة فيما اذا كان كبيرا ام لا.
لذلك فان تطبيق هذه الصيغة الحسابية (1.7) في انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة باقليم لسنة 2023، ادت الى التضييق على مبدأ التعددية في مجالس المحافظات لمصلحة الاحزاب الكبيرة، اللذين وضعوا وصوتوا لقانون التعديل الثالث رقم 4 لسنة 2023. ولو كان قد تم تطبيق الصيغة الاصلية (1،2،3،5،7،9، الخ) لكانت قد ادت وصول ممثلي عدد اكبرالاحزاب العراقية الى مجالس المحافظات الخمسة عشر، وتوسيع القاعدة الشعبية والتمثيلية لمجالس المحافظات المنتخبة.
اما بخصوص النظام الانتخابي الافضل تطبيقه في العراق حسب اعتقادنا، فالمعروف انه ضمن اسباب نجاح واستمرارية اي نظام حكم ديمقراطي هي اجراء انتخابات عامة دورية منتظمة، تتصف بالنزاهة والمقبولية. ونظرا لاختلاف اختصاصات كل مجلس عن الاخر، اي اختلاف اختصاصات مجلس النواب عن اختصاصات مجالس المحافظات، فانه يفضل تطبيق نظام انتخابي لكل مجلس اعتمادا على طبيعة عمل واختصاصات كل مجلس على حدة. لذلك فان نظم التمثيل النسبي وكبر حجم الدائرة الانتخابية يؤدي الى تعزيز التعددية التمثيلية او الحزبية في المجالس المنتخبة. لكن التعددية الحزبية قد تكون سببا في عدم استقرار الحكومات سواء كانت حكومة اتحادية ام حكومات المحلية.
واعتمادا على ما سبق، بالنسبة لمجلس النواب، وبما نه مجلس نيابي يمثل اعضاءه تفويضا من الشعب العراقي عبر التصويت لهم، حيث يجب ان يمثل اعضاء مجلس النواب اغلب شرائح وتوجهات المجتمع العراقي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاثنية والثقافية والدينية. بالاضافة الى انه يستوجب وضع شروط مهمة للتاخب بحيث يتصف عضو المجلس بالخبرة والكفاءة والنزاهة، وان يمثل النائب المنتخب بالاضافة الى الشعب، ان يمثل منطقة جغرافية وادارية محددة. لذلك باعتقادنا ان احد انواع النظم المختلطة وهو النظام المتوازي سيكون الاكفأ لاستخدامه في انتخابات مجلس النواب، بحيث يكون العراق دائرة انتخابية واحدة لانتحاب نسبة 30% من عدد مقاعد مجلس النواب اي 96 مقعدا، يضاف اليها المقاعد المخصصة لكوتا المكونات وعددها 9 مقاعد، اي 105 مقاعد، ويتم استخدام نظام التمثيل النسبي وفق طريقة المعدل الاقوى وبصيغة سانت ليكو الاصلية، وتكون الية التصويت بموجب القوائم المغلقة. بحيث يساعد ذلك جميع الاحزاب من تجميع اصواتها على مستوى العراق اجمع، وبالتالي تكون لمصلحة القوائم الحزبية سواء كانت احزاب كبيرة ام متوسطة ام صغيرة.
اما نسبة ال70% من المقاعد وعددها 224 مقعدا فتقسم كل محافظة الى عدد من الدوائر الانتخابية تتراواح عدد مقاعدها بين 3و4 مقاعد، ويطبق فيها نظام الكتلة، او نظام الصوت الواحد غير المتحول ضمن نظم الاغلبية. حيث انه بذلك ستكون هنالك تصويت مباشر للمرشح وبالتالي تكون هنالك تمثيل جغرافي بالنسبة ل 224 مقعدا. لذلك فان تطبيق نظام المتوازي كاحد انواع النظم الانتخابية المختلطة، يؤدي للاستفادة من مزايا وحسنات نظم الاغلبية ونظام التمثيل النسبي في انتخاب اعضاء مجلس النواب.
أما بالنسبة لانتخابات مجالس المحافظات فنظرا لكون طبيعة عمل وأختصاصات هذه المجالس هي (التشريع) في الحدود الادارية للمحافظة، ومراقبة أداء الحكومة المحلية والمؤسسات والدوائر الحكومية في المحافظة. أي أن أختصاصاتها هي (خدمية) بشكل عام. لذلك يفترض أن تتوفر في عضو مجلس المحافظة الخبرة والكفاءة والنزاهة والاختصاص، وأن يكون عضو مجلس المحافظة يمثل منطقة جغرافية وأدارية ضمن حدود المحافظة. بالاضافة الى ضرورة معرفة الناخب الشخصية للمرشح وكفائته وأختصاصه قبل التصويت له، حتى يتمكن من أنتخاب الاكفأ والانزه لخدمة المحافظة ومنطقته. وفي حال فشل عضو المجلس في تقديم المهام المناطة اليه من وجهة نظر الناخبين، فيستطيع الناخب من معاقبته وذلك بعدم التصويت له في الانتخابات القادمة. عليه وأعتمادا على ذلك فأن تقسيم المحافظة الى عدد من الدوائر الانتخابية التي تتراوح حجمها بين 3 -5 مقاعد وأستخدام أحد نظم الاغلبية خاصة نظام الكتلة أو نظام الصوت الواحد الغير المتحول، حيث نعتقد أنه النظام الاكفأ والاصلح لانتخابات مجالس المحافظات. لان التصويت سيكون مباشرة من قبل الناخب للمرشح أو للمرشحين، وليست للقائمة وبالتالي يستطيع الناخب من أختيار الاكفأ وصاحب الاختصاص، ويستطيع أيضا معاقبته في حال فشله كعضو مجلس في أداء مهامه، وأنه بذلك سيمثل دائرة أنتخابية محددة ضمن الحدود الادارية للمحافظة، حيث سيكون هنالك تمثيل لجميع التشكيلات الادارية للمحافظة في مجلس المحافظة المنتخب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاقم أزمة النازحين في بيروت وسط جهود حكومية للاستجابة


.. تنديد دولي بعد إطلاق إسرائيل النار على بعثة الأمم المتحدة في




.. سفيرة أمريكا بالأمم المتحدة تنتقد سياسة إسرائيل في غزة


.. العفو الدولية تقول إن إسرائيل أصدرت إنذارات وخرائط مضللة لإخ




.. مسؤولة في هيومن رايتس ووتش: التصويت على تمديد مهمة البعثة يظ