الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة أنصار قاضي إحسان مع الرئيس هواري بومدين.. تفاصيل الحياة اليومية التي تقتل روح الحراك

عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي. ناشط حقوقي حر

(Issam Bencheikh)

2024 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أد/ عصام بن الشيخ

تدخل سنة 2024 على الجزائريين تحت عنوان التسويات الخلاصية بين الرئيس الجزائري والشعب، تقديم التعويضات المالية والإمتيازات والحوافز الاجتماعية باستخدام ريع النفط، كأجور مستمرة، للتخلّص من الطريقة الموسمية للحقبة البوتفليقية في تكتيك "شراء السلم الاجتماعي". تطغى صرامة شرعية إنجاز الرئيس الجزائري الحاليّ على طبقة سياسية مهزومة، وحياة حزبية ميتة تماما، ويبدو ميدان السياسة فارغا تماما رغم انتخاب مؤسسات دستورية تدعمها هيئات قانونية جديدة مثل المجلس الدستوري وهيئة مكافحة الفساد ومرصدي المجتمع المدني وحقوق الإنسان. وبعد أن أنهى الرئيس الحالي التزاماته 54 الانتخابية، أصبح خصومه في السجون من الساسة ورجال الأعمال الفاسدين، ينتظرون عفوا شاملا، لكنّ هذا المطلب ليس أكثر إلحاحا من قضية الإفراج عن شباب الحيراك Hirak، الذين يطالبون بعفو رئاسي لا يقلّ في سقف طرحه، عن شجاعة مشروعات الرحمة 1995 والوئام 2000 والمصالحة 2005، للصفح والعفو والتعويض، وتجنب اصراع بين الأجيال.
تستمر حكومة نذير العرباوي في ضمان تنفيذ تعهدات الرئيس الجزائري بطريقة صارمة لتثبيت "شرعية الإنجاز" والاحتفاظ برصيد الرئيس من النقاط المحققّة على الصعيدين الداخلي والدولي. ساهم تأسيس طبقة واسعة من الحركات الجمعوية في خلق تحالف فضفاض بين السلطة والمجتمع، يتجاوز المركزية في العاصمة والمدن الكبرى، ويتغلب على مشكلة الفشل الحزبي الذريع لأحزاب الموالاة والمعارضة على حد سواء. لكنّ حكومة العرباوي قاسية هي الأخرى، وغير آبهة بظاهرة موت الحياة السياسية.
لخّص ضيوف برنامج تم بثه على قناة راديو أم RadioM الجزائرية في يوتيوب، موقف مناضلي الحراك ضدّ وضعية الصحفي المعتقل قاضي إحسان الذي حكم عليه بالسجن 05 سنوات، تدخّل أحد محامي الصحفي المعتقل، والذي رافع للدفاع عنه في هذه الجلسة الحوارية في حضور غيلاس نجل قاضي إحسان. رافع المحامي سعيد زياني عن قاضي احسان صاحب 65 عاما، والذي قدم مداخلة تستند إلى حقائق من الشارع السياسي المحلي، تحيط بالمحاكمة وتؤثر فيها بوجه سلبي، لاتهام القضاء بتسييس جريمة صحفي مقموع، توضع قضيته طيّ النسيان تحت ضغط القانون وأحكام القضاء باستخدام تبريرات الوضعين الداخلي والدولي، وتصنف في خانة القضاء الليلي!.
في الحقيقة، لا أحد يتقبل سجن أيّ صحفي مهما كانت المبررات، وما أستغربه هو طلب المتدخلين عفوا رئاسيا من الرئيس الجزائري على الصحفي المعتقل، رغم إدراج قضيته ضمن خانة الجرائم لا الجنح، وربطها بمختلف قضايا الجرائم والجنح التي يدفع ثمنها عشرات المعتقلين الشباب الذين نشطوا داخل الحراك الجزائري خلال السنوات الأربع الماضية منذ (22 فبراير 2019). ومن الواضح أنّ لامنطقية تدخل نجله بطريقة متناقضة، يقول فيها أنه لا يحبّذ الضغط عى السلطات الجزائرية بتقديم شكوى دولية للأمم المتحدة تحت مبرّر (نحلّ مشاكلنا داخل البيت— "احنا في احنا")، لكنّه سيضطر لممارسة كلّ الضغوط الممكنة تحت شعار (الملحون والمصرون هم من يتغلب على المتسلّط – "الصامط يغلب القبيح"). تهديد معبأ عاطفيا، بسبب ضغط الوضع المزري لوالده. فهل سيبقى الاستقواء بالخارج ملاذا أخيرا لأهل الحراك؟.
اللافت، هو تحدث الضيوف بلغة منتشرة في أوساط الرأي العام، حيث يضغط الشارع الجزائري الحراكي لرفض تكرار أو محاكاة الحقبة البومدينية!. ليس هذا الخطاب موفقا، لأنّه يضع أنصار قاضي إحسان فوق الطبقة السياسية، وقد تحدّث المتدخلون عن أهمية وجود سلطة مضادة تخلق توازنا يسمح للمدافعين عن الحريات عن المطالبة بالبديل الديمقراطي خارج إطار توازن القوى الذي تسبب في تفاقم ظاهرة التعب والإهاق الديمقراطي للمجتمع الجزائري. واللافت، هو أن عائلة قاضي إحسان مستمرة في مناقشة قضيته خارج قنوات التفاوض التي يحلمون بتوفيرها من قبل النظام السياسي، كما أنهم لا يجدون أي حرج في الحديث عن السفارتين الفرنسية والأمريكية كأداة ضغط، وهذا ما يعني أنهم لا يأبهون للجمهور الجزائري بسبب الاستقواء غير المقبول، بالأطراف الأجنبية.
أدى موت الحياة السياسية الجزائرية بعد عقدين من الفساد والجرائم المالية، إلى تراجع وانخفاض النشاط السياسي للأحزاب ومشاركة المواطنين في العملية السياسية، حاول الرئيس الجزائري الحالي استعادة ثقة المواطنين في المؤسسات السياسية رغم الانقسامات السياسية العميقة خلال عهدة كاملة، لكن صدامات ما قبل الحملة الانتخابية (ديسمبر 2024) تقوده في الاتجاه المعاكس بسبب عودة التنافس السياسي والخلافات الفكرية بين المرشحين المحتملين. لذلك أتوقع إطلاق حملات التشويه التي تنشر معلومات سلبية أو مغلوطة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، باستخدام التصعيد اللفظي ومحفزات التوتر الاجتماعي. لم يستجب الرئيس الجزائري لمحاولات الابتزاز المتكرّر أو عروض المفاوضة التي يقترحها بعض المعارضين، ولم يتعرض الاستقرار الاجتماعي لهزّات عنيفة كالتي انتشرت بعد العهد الرابعة للرئيس الأسبق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، لكن المخاوف السياسية، خجولة وغير مرئية بوضوح.
يمكن أن يتحول ملف إطلاق سراح المعتقلين السياسيين إلى ورقة انتخابية لكسب نقطة كاملة في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية، لتحييد احتمالات تعرض النظام السياسي للضغط الدولي. كما يمكن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين كدعوة إلى التهدئة، وربما تكون فرصة لإطلاق حوار سياسي يخفف حدة الضغوط الداخلية، لكن سيكون موسميا إذا وقع في خانة النسيان عقب حسم الموقعة الانتخابية المرتقبة.
إنّ النقد الذي أوجهه لعهدة رئيس البلاد بعيد تماما البعد عن التسييس الذي يدفعنا إليه الحراكيون، لأن دور الشيربا والمجتمع الجيني هو تبني سياسات بعيدة الأمد لتجاوز معضلة (القديم يحتضر، والجديد لم يولد بعد).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟