الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدنيا إتغيرت .. و مبقتش علي مقاسي .

محمد حسين يونس

2024 / 1 / 27
سيرة ذاتية


عملت كمهندس لمدة 60 سنة ( أكتوبر 1962 - نهاية أكتوبر 2022 ) أى منذ صدور أمر تكليف المهندسين حديثي التخرج .. حتي إنتهاء عقد الإشراف علي تشغيل و صيانة المرحلة الأولي من محطة تنقية مياة الصرف الصحي ..بالجبل الاصفر .
30 سنة منها (أى نصفها ) كنت نائب كبير المهندسين الإستشاريين المشرف علي إنشاء و تشغيل و صيانة مشاريع الصرف الصحي في الجبل الاصفر و أبو رواش .. و كان مخصصا لهذه الوظيفة عربة 4×4 بسائق .
أركب السيارة الساعة السابعة صباحا كل يوم .. و خلال الرحلة التي تستغرق من نصف إلي ثلاثة إرباع الساعة .. كنت أفكر في أنشطة اليوم و أرتب أولويات العمل.. دون أن التفت للطريق الذى نسلكه .. نفس الأمر ..يحدث في رحلة الإياب الساعة الرابعة فأغلبها يستهلك في الردعلي تليفونات مختصة بالعمل .
بمرور الوقت .. لم أعد أعرف الأماكن خارج مسارى اليومي .. و بعد هوجة التغييرات الأساسية في الطرق و اليوتيرنات وإقامة الكبارى .. أصبحت خريطة مدينة القاهرة التي في ذهني .. قديمة و لا تطابق الواقع .
المشكلة أنني عندما توقفت عن العمل .. كان عمرى 82 سنة .. لدى مشاكل في السمع و الرؤية .. و في بعض الأحيان يحدث لي دوار .. ففضلت الأ اسوق سيارة .. و أعتمد علي الأقارب خصوصا الباشمهندسة في الذهاب إلي الأماكن المختلفة .
خلال السنتين الماضيتين حاولت أكثر من مرة إستخدام تاكسي و كانت المغامرة تنتهي إما بخناقة .. أستسلم فيها و أدفع ما يطلبة السائق .. أو ادفع طلبه دون حوار رغم تأكدى أنه قد تم سرقتي . .. و في مرتين مرضت بعدوى من السائق إما بالإنفلوانزا أو كورونا
في نفس الوقت .. لا اثق في الوسائل المستحدثة لطلب المستلزمات عبر ( أون لين ) و لا استخدمها .. فلم أركب الموضات الجديد أوبر .. و خلافة .
خلال ال30 سنة فقدت مهارة معرفة مسارات الأتوبيسات ..أو الميكروباصات .إية رايح فين ولم أستخدم مترو الأنفاق غير مرة أو مرتين عانيت فيهما عذاب الصعود و النزول علي سلالم عديدة.. فلم أكرر ذلك .
النتيجة أنني يوم بعد يوم أصبحت أفضل الجلوس في المنزل و عدم مغادرته سواء منفردا أو مصحوبا بأخرين .. حتي النادى لا أذهب إلية إلا مرة أو مرتين في الشهر ..و أشعر هناك بالضجر
الدكتور اللي بروح له بشكل دورى .. الح في أن علي أن أبذل نشاطا ما .. إنزل إتمشي في الشمس بالشوارع حول المنزل لمدة لا تقل عن نصف ساعة ..
الأرصفة إما مشغولة أو مكسرة .. و المشي في الشارع ( حتي قرب الرصيف ) مغامرة محفوفة بالمخاطر مع السادة سواقين الموتسكلات .. و الأتوبيسات .. و الميكروباصات.. ..
لذلك فضلت الحركة في الشوارع الداخلية .. التي إمتلئت بناس لونهم طيني لعدم الإستحمام .. يبحثون عن شيء ما في صناديق القمامة .. و لا يتورعون عن مضايقة شخص مسن مثلي يطلبون حسنة ما بإلحاح .... فضلا عن كمية هائلة من الكلاب و القطط بعضها عدواني ينبح علي الغرباء .
لذلك عندما أسير في شوارعنا .. لا أحمل موبيل أو أى شيء ثمين أو محفظة نقود .. كل ما ستجده في جيبي بطاقة شخصية تدل علي سكني .. و مائة جنية ..و شوية فكة ..مع تجنب تجمعات الكلاب.
بمرور الوقت ..أصبحت أكسل أن أتجول كل يوم في نفس المكان .... حاجة تمل ..
طيب نقعد نتشمس في كافيتريا أو مطعم من اللي إنتشروا في كل مكان حتي تحت الكبارى .. للاسف .. تعودت منذ زمن بعيد ألا أتناول طعام من الخارج .. خصوصا البيتزا و الكينتاكي و الشاورما ..و الأن الفول و الطعمية .. بعد أن تغير طعمها ..
في نفس الوقت أتجنب الأطعمة المحفوظة ( جنك فود ) أو المياة الغازية ..أو الكحول ..و في كل يوم يزداد يقيني .. أنها ليست أمنة أو نظيفة ..لذلك من الصعب أن اذهب لمطعم إلا إذا كان كبابجي أو سماك .
.في أيامنا الغبرة هذه .. اصبح الغش في افضل الأماكن .. يتم دون تردد .. لحوم الكلاب و الحمير تتحول لكفتة و كباب ..و السمك الذى علي وشك الفساد أثناء النقل خصوصا في الصيف .. يقدم بأعلي الأسعار ..الفرد يتكلف أكثر من خمسميت جنية في الوجبة الواحدة بسبب الإضافات الضرائبية و الخدمة ..و إرتفاع التكلفة ..
فاصبح تناول الطعام خارج المنزل يحتاج لمن يملك الملايين ..و يضمن إستمرار حصولة عليها ..أى شخص لا يعتمد علي معاشة الذى تنخفض قيمتة الشرائية .. كلما طبعوا نقودا لتغطية عجز الموازنة .
بلاش التمشية في الشارع أو النادى.أو القعاد في القهاوى و الكافتريات . نروح في رحلة .. إيه رايك المتحف الجديد .. يا نهار مش فايت .. دا التاكسي يطلب مني خمسميت جنية رايح و زيهم راجع ..
طيب معرض الكتب .. نفس المشكلة .. عباقرة التخطيط لدينا رموا الإستاد و المعرض و المتحف في أخر الدنيا دون تدبير وسائل مواصلات رخيصة لها .. فلم يعد يذهب هناك إلا الأغنياء الذى يملك سيارة .. أو خدمة سيارة ..و يطلع عين أهلة في الركن و مقاومة طمع الفتوات من اللي مسميين نفسهم مناديين .. ( دى الحكومة بتشاركنا يا عم )
زمان كانت كل هذه الأماكن قريبة ..كنت أذهب لها ماشيا ..و لكن الدنيا إتغيرت .. و مبقتش علي مقاسي .
المشكلة أن حتي و انا في البيت أشعر ايضا بالملل ..
لا أشاهد أى محطة تلفزيون تنطق بالعربية محتفظا براسي في مكانها ..و لا أسمع الأخبار التي كلها مزورة و معدة بواسطة أجهزة الجيل الرابع من الحروب .. و لا يهمني مين مات و مين عاش و مين جاع و مين إتعور ..ومين حيحل مشكلة مبتتحلش ..و مين اللي معقد المسائل
و لم أعد أسمع الموسيقي أو أتحدث في التليفون بسبب ضعف السمع .. قد أشاهد ماتشات النادى الأهلي و أنفعل و أحلف إني مش حتفرج بعد كدة ..و أبص اللاقي نفسي بدور علي ميعاد الماتش التالي ..
لا يزورني ناس لانني لا أحب اللت و العجن و بزهق بسرعة .. و كل واحد مشغول بمصيبة إزاى يعيش بين الغيلان ..
في نفس الوقت أصبح السفر للخارج غير وارد .. فلم أجدد الباسبورت و أكره العبور في المطارات و التكلفة بعد سقوط قيمة العملة المحلية أصبحت خارج قدرات شخص لم يهتم بتأمين باكر عندما كان يملك الصحة و المال ..( بصراحة كلام في سرك .. كنت مجهز وديعة شايلها ليوم دفنتي و تساعد أرباحها في مواجهة تكاليف الحياة .. إستهلكها التخفيض المتتالي للجنية .. فاصبحت قيمتها قروش )
اليوم يمر ممل .. بعد ما بقيت مسن قليل الحيلة محبوس في منزله لا يعرف الفرق بين يوم السبت و الثلاثاء أو الخميس .. فكلها متشابهه ..العب سوديكو علي التليفون .. أنتظر بصبر نافذ أن تنتهي مدة عقوبتي علي هذه الأرض .. و أخلص من هذا المكان الشرير الطارد للبشر .. أف زهقت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ محمد حسين يوسف
ماجدة منصور ( 2024 / 1 / 27 - 12:11 )
أتعجب من عدم معرفة أعزائي و أقاربي المصريين جمال و روعة مصر!!!0
لقد تجولت بمصر معظم فترات حياتي فتارة تجدني في الأقصر و أسوان و في اليوم التالي تجدني في ( دهب) و شرم الشيخ لأطير بعدها الى سانت كاترين و راس محمد و جبل موسى0

ثم تجدني في الإسبوع الثاني أتجول في الغردقة و شواطئ (( عجيبة)) فعلا و حقا0

أشهى الأسماك أكلتها في الإسماعيلية و بور سعيد0
لكل مدينة أو حتى قرية صغيرة بمصر خصائص متفردة0
و لا يفوتني المرور على قهوة الفيشاوي في كل مرة أزور بها مصر0
يبهرني التنوع المدهش للآثار التاريخية لأم الدنيا..مصر00 أعتقد بأن جناب مهندسنا العزيز الأستاذ محمد لا يعرف مصر بشكل كاف و ربما كان هذا نتيجة عمله المتواصل معظم سنوات حياته00
الحياة هبة عظيمة بحلوها و مرها و أنا كقارئة متابعة لكل كلمة تخطها أناملك يتوجب علي القول أني ممتنة لوجودك بيننا 0
أتمنى لك الصحة و العافية فالصحة الجسدية و النفسية و العقلية هي كنوز دفينة يجب التمسك بها0


2 - سائح امريكى
على سالم ( 2024 / 1 / 27 - 20:39 )
حقيقه استاذ محمد لست انت الوحيد الذى يوصف مصر بهذه الطريقه السالبه المؤلمه , البلد تحت حكم عصابه من العسكر الفجره الفاشلين الفاسدين الجهله الحراميه المستبدين البلطجيه , كنت استعجب وانا طفل عندما كنت اسمع صفات التعظيم والتفخيم فى انفسهم عندما كانوا يطلقوا على انفسهم اسماء موقره ومبجله مثل الاميرالاى والقائمقام والبكباشى واليوزباشى وحتى الامباشى وكأنهم وكلاء الله على الارض ( الله يخرب بيوتهم ) , يوجد على اليوتوب فيديو لسائح اميركى ذهب الى مصر للسياحه وكانت رحله من الجحيم بالنسبه له وفى الفيديو ينصح كل السائحين الاجانب بأن لايذهبوا الى مصر بتاتا ويقول انها الجحيم على الارض بعد مارأى الويل والعذاب والتعامل مع اللصوص والكذابين والمحتالين والاونطجيه والشبيحه والنشالين والهبارين والعربجيه وسائقى التكاسى الحراميه الشراشيح وحتى طبقه عساكر الامن وهم ايضا مجرمين قارحين ويطلبوا الرشوه والمعلوم بألحاح مستفز وقله ادب , يعنى بلد بصراحه لاتشرف ابدا ؟ اقول ايه بس حظ المصريين هباب


3 - استاذ محمد
عدلي جندي ( 2024 / 1 / 27 - 21:30 )
اعتقد ف مصر توجد شركات تضع برامج رحلات ممتعة ثقافية تاريخية ترفيهية.. عليك بتجربة شركة تكون سيرتها معقولة وبرامجها مقبولة لديك وتستخدم حافلات حديثة مكيفة مريحة لربما تجد في تلك المغامرة ما يسعد ايامك ويوحي لك بمواضيع متباينة تشغلك عن قرف متابعة ما يحدث بمصر ع يد عصابات السلطة وحلفائهم من الكهنوت الديني
دمت بخير وسلام
تحياتي


4 - الدنيا اتغيرت
هانى شاكر ( 2024 / 1 / 28 - 05:28 )

الدنيا اتغيرت
______


مصر الحبيبة امى
فيها اهلي وناسي
فيها الهرم و الكرم
و بلاج جميل بشماسي

فيها النخيل و النيل
غنا ، فرح، مواويل
بهجة و طربها اصيل
مركب شراع و مراسي


شاخت وراح منظرها
خفتت كمان انوارها
والأرض مين بورها
كترت فيها المأسي

ولا أنا اللي كبرت خلاص
و م العجز لا مناص
حاسس: الدنيا إتغيرت ..
و مبقتش علي مقاسي .


و عجبي

….


5 - الأستاذة ماجدة منصور
محمد حسين يونس ( 2024 / 1 / 28 - 05:38 )
لم أترك مكانا في مصر لم أعمل فيه .. الواحات .. دهب ..نويبع .. شرم الشيخ .. سيناء .. الطريق الساحلي ..الأسكندرية .. الشرقية .. مدن القناة و الأماكن التي لم أعمل فيها زرتها عدة ..مرات
خصوصا الاقصر ..و وادى الملوك بالضفة الغربية أو قنا .. و أماكن الأثار .. في المتاحف .. القديمة ..و فعلا وجدث في أماكن كثيرة جمال ..و شخصية خاصة ..و لكنني الأن عندما أصعد السلم أمسك الدرابزين .. تحياتي و شكرى علي مرور حضرتك .. دام الود . ..


6 - الأستاذ علي سالم
محمد حسين يونس ( 2024 / 1 / 28 - 05:42 )
لأشكر مرور حضرتك .. نعم من حظ مصر العاثر أن حكمها الجنرالات .. لمدة طويلة .. و كل منهم له سياسة و توجه مختلف عن سابقية .. فتدهور حال الإنسان المصرى .. لدرجة تحتاج لقرون حتي يعود لما كان علية فبل 1952 .. تحياتي .. و دام الود و التواصل .

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -