الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجه الأنثوي للثورة المصرية

هويدا صالح

2024 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لقد كان حضور النساء كثيفاً فيما يسمى بالربيع العربي في مطلع عام ، 2011
مما دفعني إلى تأمل هذه الظاهرة، فهل امتلكت المرأة العربية وعيا جديدا جعلها تخرج عن حالة الصمت التي غلفت أداءها قبل الثورة، أم أن هناك تغييرا اجتماعيا كبيرا دفع المرأة، لأن تغامر بالمشاركة في الاحتجاجات والتظاهرات ؟
شاركت المرأة المصرية في التظاهرات التي سبقت عام 2011 بنسبة قليلة، لم يتعد الأمر الناشطات من فتيات ونساء شاركن في تظاهرات عام 2003 ضد مشاركة مصر في حرب الخليج أو في حركة كفاية أو الجمعية المصرية من أجل التغيير، لكن ما حدث في 25 يناير 2011 كان مختلفا تماما، فقد خرج للتظاهر وجوه نسائية ليس لها اهتمام بالسياسة أو الثقافة ، بل خرج للتظاهر نساء شعبيات ونساء من الطبقة المتوسطة ونساء من الطبقة الارستقراطية، وانصهر الجميع في ميدان التحرير، فلم تعد تفرق بين كل المشاركين والمشاركات ، الكل صار نسيجا واحدا يعلو صوته بمطالب واحدة، وزالت كل الفروق الاجتماعية بين الطبقات.

لكنّ وفي غَمْرة التحمس لهذا التغير الاجتماعي ولهذا الوعي الجديد للمرأة العربية تبرز بعض الشكوك. فبعد انقضاء حوالي أربع سنوات على الثورات وصل فيها الإخوان المسلمون إلى الحكم، وتعالت أصوات الأحزاب الإسلامية وخاصة السلفيين ضد المرأة ، بل وصل الأمر أن طالبت هذه الأحزاب بعدم خروج النساء للمظاهرات
وسوف أرصد أهم محطات الانقلاب الذكوري على دور النساء في الثورة.
في البدء يجب أن نعترف أن مثل هذه التغيرات الاجتماعية الكبرى عادة يجب أن تتشكل عبر مراحل تاريخية طويلة بفعل التراكم وصراع الأجيال،ولكن لو أنها رافقها تغيرات سياسية واقتصادية جذرية، عادة ما تكون مصحوبة بالعنف، أي عندما تكون ناجمة عن ثورة شعبية عارمة، بعد أن تنضج ظروفها الذاتية والموضوعية. والمجتمعات العربية في تعاطيها مفاهيمها الثقافية والاجتماعية ظلت طوال الفترات الماضية واقعة تحت تأثير اتجاهين متناقضين، يتصارعان ويراكمان نتاجهما، وهما الاتجاه السلفي، والاتجاه التقدمي، دون أن يحسم أحدهما الصراع لصالحه.

ومع مجيئ ثورة 25 يناير 2011 كان من المفترض أن ينشأ عنها تغيرات اجتماعية تتناسب مع مستوى الحدث، لكن النتائج فاجأت الكثيرين، وربما أتت مخيبة لآمال البعض؛ وبنظرة سريعة على نتائج هذه الثورات، وبتقييم أولي للإنجازات والإخفاقات التي أصابتها، يمكن القول أنها لم تغير سوى القشرة الخارجية، لكن صميم البنية الاجتماعية والثقافية للأمة ما زال بحاجة لكثير من الجهد والعمل؛ وهذا طبيعي لأن نجاح الثورات لا يُقاس بقدرتها على هدم القائم الموجود، بل بقدرتها على بناء واقع أفضل، أي أن المسألة ليست مجرد التخلص من رموز النظام، بل بمدى نجاح الثورات في تغيير آليات تفكير المجتمع، وبنيتها الثقافية والقانونية، والقدرة على خلق نظام تقدمي حضاري، يضمن المساواة والعدالة والتعايش السلمي بين كل مكونات المجتمع، ومن الواضح أن هذا لم يتحقق بالشكل المطلوب، ذلك لأن المرحلة التي تعقب الثورات عادة ما تتسم بالفوضى والعنف.
إن الموقف من المرأة، وإعطائها حقوقها الاجتماعية والسياسية يؤكد هل حدث تغيير من وراء هذه الثورات أم لا، لأن أي تغيير سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي إذا لم يشمل المرأة، ولم يسع لتحريرها من الظلم والاستغلال، ومنْحها حقوقها الكاملة ومساواتها مع الرجل، لا يعتبر تغييراً حقيقياً. ورغم أن المرأة المصرية شاركت بفاعلية وشجاعة في ثورات الربيع العربي، إلا أن عطائها قوبل بالجحود والنكران، ولم تتحسن أوضاعها، بل تعرضت لانتكاسات خطيرة.
بدأت الانتكاسات الخطيرة بعد التنحي، تنحي مبارك بأقل من شهر، وتحديدا في اليوم العالمي للمرأة في 21 مارس 2011، تحركنا في مظاهرة كبرى تضم المئات من النساء وبعض الرجال المؤمنين بقضية المرأة وحقوقها من أمام نقابة الصحفيين باتجاه ميدان التحرير. كان الحماس يملأ قلوبنا ، وكنا نهتف بالحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق النساء، وتحيات لنساء مصر اللائي اثبتن جرأتهن وقوتهن. حين وصلنا الميدان كان عددنا زاد كثيرا. دخلنا الميدان بحماس وفرح ونحن نرفع لافتات تحيي المرأة المصرية وتظهر تاريخ نضالها. وصلنا وقد كان الميدان ممتلئا بالآلاف من تيار الإسلام السياسي، ويا للفجيعة، أحاطوا بنا بشكل خانق. زادات الاحتكاكات الجسدية. أمطرنا بسيل من التهكم والسخرية والشتائم ، واتهمنا بأننا نساء منفلتة ، ونساء لم تجد رجالا تحكمها ، وهكذا ، واشتبكنا معهم، وعلت أصواتنا وفي اليوم التالي اشتعلت الصحف والمواقع المصرية والعربية والعالمية تذم في السلفيين والإخوان، وترثى لحال المرأة المصرية التي كانت وقود الثورة، لكنها لم تجد من يقدرها أو يدافع عنها.
المحطة الثانية كانت حين سحلت فتاة سُميت إعلاميا بـ " ست البنات ". سحلت الفتاة في الميدان، وثارت الدنيا منقبل القوى المدنية، لكن التيارات الإسلامية وشيوخها في قنواتهم الدينية بدأوا يقولوا :" ما الذي أخرجها من بيتها" " كيف سمح لها رجلها بالخروج" " لماذا تخرج النساء للميدان " " المرأة التي تخرج من بيتها للتظاهر هي امرأة منفلتة" " كانت ترتدي عباية بكابسين " وهكذا. في نفس اليوم تنادت النساء ومن يساندهم من الأحرار بالخروج للميدان في مظاهرة للتنديد بسحل فتاة مصرية وتعريتها. وبالفعل في اليوم التالي امتلأ الميدان عن آخره، وجاء الرجال يحيطون بنا حتى لا يتعرض لنا الإسلاميون أو غيرهم ممن لا يعترف بفضل المرأة على هذه الثورة، وهكذا أوصلنا صوت النساء للعالم وكانت الشعارات التي تتردد في الميدان :" نساء مصر خط أحمر " " ارفعي راسك ارفعي راسك أنت أشرف من اللي داسك " وهكذا.
المحطة الثالثة كانت في برلمان 2012 ، أولا الأحزاب الدينية رفضت أن تترشح النساء على قوائمها إلا في أضيق الحدود، وتوضع النساء اللاتي قُبل بترشحهن في البرلمان في نهاية القوائم مما يقلل من فرصهن في الفوز، ثانيا هذه الأحزاب التي قبلت بترشح بعض النساء كانت تصر على وضع وردة مكان صورة المرشحة، أو توضع صورة زوجها بجاننب اسمها أو توصف في اللافتات بأنها زوجة الأخ الفلاني ، وكأن اسمها عورة ، فكيف إذن سوف يكون لها رأي في التشريع ؟!.
المهم فاز من فاز وخسر من خسر ، ووجدنا أمامنا برلمانا تغلب عليه الصبغة الدينية أو قل تغلب عليه صبغة الإسلام السياسي ، فكيف تعامل السياسيون ذوو الخلفيات الإسلامية مع القضايا التي تخص المرأة؟ في الحقيقة بدأ البرلمانيون الجدد يمارسون كل عقدهم النفسية على النساء ، حالوا سن قوانين تبيح للرجل أن يتزوج من الفتاة في سن التاسعة أو العاشر أو ما قبل البلوغ، وكان دفاعهم الأوحد أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج من السيدة عائشة وهي ابنة التاسعة. حاولوا إلغاء مكاسب النساء من قوانين قد حرصت على وضعها سوزان مبارك زوجة الرئيس الأسبق. ووجدنا نجد النساء الإسلاميات المتنقبات بالأسود يقمن بدعاية تلفزيونية عارمة للمطالبة بفرض النقاب الكامل على النساء، بينما يطالب نواب في البرلمان – ومنهم نائبات - بإعادة تطبيق قوانين معادية للغاية للمرأة.
المحطة الرابعة كانت القوافل الطبية التي يسيرها الإخوان المسلمون في القرى والنجوع وتقوم بعمل ختان إجباري على الصبايا الصغيرات. في الوقت الصعب الذي يمر به الوطن نتوقع من أحزاب دينية وتيارات إسلامية أن يكون لديها إجابات واضحة عن حل مشاكل الوطن ، والخروج به من ظرفه الراهن ، وأن يقدموا لنا خطة مدروسة لكيفية الخروج من تلك الأزمات الطاحنة وذلك الإرث الثقيل الذي تركه لنا مبارك ونظامه الذي جرّف مصر على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية ، لكن المدهش والخطير أن الحزبين الرئيسيين اللذين أسسا على خلفية دينية ، وأقصد حزب " الحرية والعدالة" الإخواني وحزب " النور " السلفي أن ينشغلا عن كل ما يعيد بناء الوطن ، وألا يدرسا ما يجب أن يخرج البلاد والعباد مما هي فيه ، المدهش أن يكونا قوافل طبية تجوب نجوع وكفور جنوب مصر وربما شمالها ويقوما بإجراء عمليات ختان جماعي للفتيات الصغيرات ، وكأن كل مشاكلنا حلت ، ولم يبق مما يمكن أن يفسد المجتمع سوى صغيرات بريئات ربما يلعبن في الطرقات لا يعرفن ما يحاك ضدهن .
لقد نظم حزب الحرية والعدالة ومعه رجال من حزب النور السلفي قافلة طبية ذهبت إلى قرية صغيرة بمركز مطاي في محافظة المنيا في جنوب مصر لكي يقوموا بختان جماعي لفتيات ، ولا نعلم هل سبقت تلك القافلة قوافل أخرى في مدن أخرى من مصر ؟ وهل سيواصل الحزب إرسال قوافل أخرى إلى بقية المدن والقرى ؟ ألا يخرق حزب الحرية والعدالة القانون حين يقوم بختان البنات ؟ كم قانونا ينوي حزب الحرية والعدالة أن يخرقه ويخرج عليه ؟ وهل نخشى الآن على الدستور في ظل هيمنتهم ؟
أتصور أنه حتى لو وضعنا دستورا عظيما ليس في العالم مثله ، على أرض الواقع الإسلاميون سوف يسمحون لأنفسهم بخرقه والخروج عليه .
إن مصر مقبلة على كارثة حقيقية ومثل هذه العقول تتحكم فيها ، وتقوم بتزييف وعي الناس البسطاء فيها . أظن أنهم أقنعوا الأهالي البسطاء الذين قدموا لهم فتياتهن ، أقنعوهم أن هذا من الأخلاق والفضيلة ، وأن الله أمر بذلك ، وأن من يرفض أن يقدم جسد ابنته أضحية على مذبح " الإخوان المسلمين " لهو كافر أو عاص . أظن أنهم استغلوا جهل البسطاء وجعلوهم يقدموا أجساد فتياتهم فداء لفضيلة السادة الرجال المسلمين الذين يخشون على أخلاقهم أن تفسد لو لم يتم ختان البنات .
إن ختان البنات الذي يعتبره المؤمن قضية جوهرية في حياته يجعلنا نتساءل ، هل سيصبح المجتمع بخير وخاليا من الرزيلة والفساد لو قطع ذلك الجزء الصغير والحميمي من جسد البنت ؟ هل سيصبح المجتمع بخير حين نمزق جسد الصغيرات ونقطع أجزاءهن الحميمة ؟ هل فتيات مصر الصغيرات هن المسؤولات عن فضيلة الرجال ؟
لماذا يضع الرجل المؤمن مسؤولية صيانة فضيلته وعرضه على المرأة ؟ أين مقاومة الرجل للإغراء ؟ أين صون الرجل لعرضه ؟ أين مقاومة الرجل للشيطان والفساد ؟
لماذا يتعامل الرجل الشرقي مع المرأة باعتبارها أنها هي وحدها المسؤولة عن فساد أخلاقه ؟ ألم يخبره الله الذي يتوجه إليه بالعبادة أن الإنسان الحر المقاوم الذي يعبد الله رغم كل ما يتعرض له من اغراء أفضل عند الله من الملائكة الذين هم مجبرون على العبادة ؟
كيف تناسى حزب الحرية والعدالة أن الوطن بحاجة إليه وركز كل جهده في أن يقوم بعمليات ختان للفتيات ؟ كيف يتناسى أطباء درسوا في كلية الطب سبع سنوات أخلاق المهنة ، والقسم الأخلاقي الذي يقسمون عليه عند التخرج ؟ كيف يغتصبون أجسادا صغيرة وضعيفة خوفا على فضيلة الرجال وصونا لأخلاق المسلمين ؟ بئس الإيمان هو الذي يؤمنون به ويسمح لهم أن يشوهوا أجسادا صغيرة وبريئة فقط لأنهم يخشون من الفتنة ، فلتذهبوا أنتم وفضيلتكم المفتقدة وأخلاقكم المشوهة إلى الجحيم .. رب الناس برئ منكم . لقوم كافرون أحب إلينا منكم أنتم يا من تنتهكون أجساد الصغيرات البريئات.
المرحلة الخامسة هو برلمان ما بعد ثورة 30 يونيه ، في الحقيقة هذا البرلمان وما ورد فيه من نصوص تخص المرأة أنص المرأة تماما، أنصفها وأقر بحقها في الانتخابات والحياة المدنية والحزبية، لكنه يظل حبرا على ورق إن لم يتحول إلى قوانين تنظم الحياة العامة والمدنية الخاصة بالمرأة. لقد

كانت المرأة المصرية هي فرس الرهان في الاستفتاء على نصوص الدستور الجديد الذي جري يومي 14، 15 يناير 2014. وبالفعل كان حضور المرأة في هذا الاستفتاء من الأمور التي استرعت انتباه كافة المتابعين والمراقبين له من المصريين وغيرهم. ففي مقابل ما يشاع عن عزوف الشباب عن المشاركة في التصويت على الدستور، وهو أمر تضاربت فيه التصريحات، أقبلت النساء على التصويت بأعداد كبيرة. وكان للمجلس القومي للمرأة دور كبير في تحفيز النساء على المشاركة، عن طريق الندوات التي عقدت لتعريف المرأة بحقوقها الدستورية، وهي ندوات غطت ربوع البلاد شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وشملت كل طوائف المرأة المصرية في الريف والحضر والبادية.
والحقيقة أن المرأة حظيت في الدستور الجديد بمكانة متميزة، بداية من ديباجة الدستور التي ذكرت "المواطنات والمواطنين"، باعتبارهم الشعب المصري الذي يعبر عن إرادته ويضع دستوره.

وقد وردت النصوص الخاصة بالمرأة في الدستور الجديد في الباب الأول الخاص بالدولة والباب الثاني الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع، وهو ما يؤكد وضعية المرأة التي تكون الدولة والمجتمع، ويؤكد أيضاً أن قضايا المرأة هي قضايا مجتمعية، والنهوض بالمرأة هو ارتقاء بالمجتمع، باعتبار أن المرأة تشكل نصف المجتمع وتسهم في رفاه النصف الآخر.
وفيما يلي، نتناول النصوص الخاصة بالمرأة في الدستور الجديد، من خلال القضايا التي كرستها هذه النصوص، فنقلت حقوق المرأة إلى مصاف الحقوق الدستورية التي لا يجوز لأي سلطة من سلطات الدول المساس بها.

جنسية أبناء الأم المصرية:
كان القانون المصري حتى سنة 2004 يقصر الحق في الجنسية على الطفل الذي يولد لأب مصري، فلم تكن قوانين الجنسية المصرية تعترف بحق الدم كسبب لمنح الجنسية المصرية إلا بالنسبة للأب دون الأم. وفي سنة 2004 صدر القانون رقم 154 ليساوي بين الأب المصري والأم المصرية في هذا المجال. وقد أصبح لأبناء الأم المصرية المتزوجة من غير مصري اذ ذاك حق الحصول على الجنسية المصرية بموجب نص قانوني، يمكن للسلطة التشريعية أن تعدله لاحقا في حال رغبت بذلك، لغياب الضمانة الدستورية في هذا الخصوص.

لذلك جاء دستور 2014 ليسد هذه الثغرة، ويحول حق أبناء المصرية المتزوجة من أجنبي من حق مصدره القانون إلى حق دستوري. ف"الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه". ويتضح من هذا النص أن الحق في الجنسية لأبناء المصريين والمصريات هو حق دستوري، لا يجوز للقانون الانتقاص منه، أو أن يضع له شروطاً تقيده بالنسبة لأبناء طائفة معينة من المصريات. فالتنظيم المقصود لا يمكن أن ينتقص من أصل الحق، لكنه تنظيم لكيفية منح الأوراق الرسمية المثبتة له بما لا يمس وجوده.

المساواة بين المرأة والرجل:
نصت المادة 11 من الدستور على أن " تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور". ونصت المادة 53 على مساواة المواطنين أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس. كما ألزمت المادة 9 الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، رجالاً ونساءً، من دون تمييز. وقد أغفل دستور 2012 النص على حق المرأة فى مساواتها بالرجل في الحقوق كافة، واتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية، وحقها في تولى الوظائف العامة والقضائية دون تمييز ضدها.

والمساواة بين المرأة والرجل التزام دستوري، في حدود أحكام الدستور التي تجعل من مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. ومبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أحكامها قطعية الثبوت وقطعية الدلالة. لذلك لا صحة لما يروجه البعض من أن المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق، تعنى أن حقها فى الميراث مساو لحق الرجل في كل الأحوال، أو أنه يكون للمرأة أن تتزوج بأربعة مثل الرجل، وغير ذلك من الأباطيل التي راجت في أوساط معينة. والمساواة بين المرأة والرجل مقررة في المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، ولها قوة القانون، ومنها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة. وقد تحفظت مصر على بعض موادها، بألا يخل تطبيقها بأحكام الشريعة الإسلامية، إن كان فيها أصلاً ما يخل بأحكام الشريعة.

حق المرأة في التمثيل النيابي:
تعمل الدولة – وفقاً للمادة 11- على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون. وكانت توجد مطالبات بأن تحدد نسبة في الدستور لتمثيل المرأة في البرلمان (كوتا)، لكن لجنة الخمسين لم تقر نسبة لأي طائفة اجتماعية لتعارض ذلك مع أسس الديمقراطية. بل إن اللجنة ألغت نسبة الـ 50% التي كانت مقررة منذ ستينيات القرن الماضي للعمال والفلاحين في البرلمان. وقد رأت أنه من غير المقبول بعد إلغاء الكوتا النص عليها بالنسبة للمرأة، حتى لا يكون ذلك مبرراً للمطالبة بنسب لفئات اجتماعية أخرى. لكن الدستور أقر نسباً محددة في المجالس المحلية دون المجالس العامة، فخصص ربع عدد المقاعد للشباب، وربعها للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين في المجالس المحلية عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسب تمثيلاً مناسباً للمسيحيين وذوي الإعاقة.

حق المرأة في تولى الوظائف العامة:
نصت المادة 11 على أن تكفل الدولة "للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها". والجديد في هذا أن المشرع الدستوري لم يقنع بالنص العام على أن الوظائف حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة (م 14)، فهذا النص لم يكن كافياً في الماضي لضمان حق المرأة في تولى الوظائف القضائية. أما النص الحالي، فقد نص على كفالة الدولة لحق المرأة في التعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. والجهات القضائية التي وردت في الدستور هي النيابة العامة والقضاء العادي ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا والقضاء العسكري، أما الهيئات القضائية، فهي النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، والمرأة تعيَّن فيها منذ نشأتها دون خلاف.

أما بالنسبة الى الجهات القضائية، فقد دخلت المرأة بداية في المحكمة الدستورية العليا دخولاً رمزياً، بتعيين قاضية واحدة فيها. لكن دستور 2012 عزلها، وأمر عودتها موكول إلى الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا. والقضاء العادي اعتلته المرأة منذ سنة 2007، حيث جرى تعيين 42 قاضية من بين عضوات النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة على دفعتين. لكن التجربة توقفت بعد ذلك رغم إثبات المرأة لكفاءتها وجدارتها بتولي مناصب القضاء. ولم تدخل المرأة النيابة العامة حتى تاريخه، كما لم تدخل القضاء العسكري. أما مجلس الدولة، فقد أعلن في سنة 2009 عن تعيين دفعة من خريجي وخريجات كليات الحقوق في وظيفة مندوب مساعد بالمجلس. لكن ثار خلاف حول هذا الموضوع بين المجلس الخاص للشؤون الإدارية والجمعية العمومية للمجلس، التي صوتت ضد تعيين المرأة في مجلس الدولة بنسبة وصلت إلى 87 %، ولم تعين المرأة في المجلس حتى تاريخه. وحديثاً أعلن المجلس عن طلبه دفعة جديدة للتعيين في مجلس الدولة من خريجي دفعة 2013. وعندما ذهبت الخريجات للتقدم، رفض قبول طلباتهن للتعيين، وكان ذلك بعد نفاذ الدستور الجديد، الذي يكفل حق المرأة في التعيين في الجهات القضائية، وعلى الرغم من تصريح رئيس المجلس أثناء إعداد الدستور بأن المجلس سيعين المرأة قاضية، حيث قال رئيس المجلس: "عند إقرار الدستور سيكون النص مفعلا ويفتح الباب لتعيين المرأة، ونحن في مجلس الدولة ملتزمون بأحكام الدستور والقانون، فنحن قضاة المشروعية، وعلى النساء أن يأملن خيرا".
وهكذا يرفض مجلس الدولة، حامي الحقوق والحريات، تنفيذ نص المادة 11 من الدستور، مكرراً ذات الموقف الذي اعتنقه في سنة 2009، وكأن ثورات لم تقم فى مصر، وكأن دستوراً جديداً لم يصدر. وقد دفع هذا الموقف النساء المتقدمات للترشيح إلى تحرير محاضر إثبات حالة بأقسام الشرطة، ووجهت رئيسة المجلس القومي للمرأة خطاباً شديد اللهجة إلى مجلس الدولة، تطالبه بالالتزام بالدستور والاعتراف بحق المرأة في اعتلاء منصة القضاء الإداري، لكن المجلس رفض الرد على خطاب رئيسة المجلس، وأحاله إلى رئيس الجمهورية، بسبب لغته غير المعهودة في مخاطبة المجلس. وينذر موقف مجلس الدولة بمواجهة مؤكدة بين المجلس والمنظمات النسائية، حيث هددت رئيسة المجلس القومي للمرأة بأن مجلسها سوف يتخذ إجراءات قانونية ضد المجلس لإلزامه بتنفيذ النص الدستوري. لكن الإجراءات القانونية تعنى رفع دعاوى أمام مجلس الدولة، للطعن على قراره السلبي بالامتناع، فيكون المجلس هو الخصم والحكم. والطريق الآخر المتاح لاتخاذ إجراءات قانونية ضد المجلس هو اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان ولجنة الأمم المتحدة لحقوق المرأة. لذلك نأمل في أن يراجع مجلس الدولة موقفه، ويتخذ قراراً بتعيين قاضيات في المجلس، قراراً يوفق بين حقوق المرأة واستقلال القضاء واحترام الدستور الذي اعترف باستقلال المجلس واعترف في الوقت ذاته بحق المرأة في التعيين في وظائف المجلس، فضلاً عما يحققه هذا القرار من حفاظ على سمعة مصر الدولية، فاستقلال القضاء لا يحول دون خضوعه للدستور والقانون. ولنا عود إلى هذا الموضوع بعد أن تنتهي تفاعلاته لمناقشة قضية تولى المرأة القضاء من جوانبها المختلفة.

جدير بالذكر أن حق المرأة في تولى الوظائف العامة أورده الدستور في المادة 11، وهذا الرقم هو ذاته رقم المادة (11) من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في ميدان العمل، وليس الأمر فيما نظن محض مصادفة. جدير بالذكر كذلك أن مفتي مصر كان قد أصدر فتوى أثناء إعداد مشروع الدستور، قرر فيها حق المرأة في تولى الوظائف العامة ووظائف القضاء من وجهة نظر الشريعة الإسلامية. وعند مواجهة أحد نواب رئيس مجلس الدولة، على الهواء مباشرة أثناء مداخلة تليفزيونية مع الإعلامية لميس الحديدي، برأي المفتى، كان رده فليقل المفتى ما يشاء.

تمكين المرأة من التوفيق بين واجباتها الأسرية والتزاماتها المهنية:
تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. هذا الالتزام يضع على عاتق الدولة واجباً دستورياً محدداً، يتمثل في ضرورة مراجعة النصوص القانونية لاستكمال حماية المرأة ضد أشكال من العنف لا تشملها النصوص الحالية، مثل العنف الأسري، والعنف الاقتصادي، وزواج القاصرات، وختان الإناث، والتحرش الجنسي، والعنف القانوني الذي يشمل كل صور التمييز ضد المرأة. كما تكفل الدولة تمكين المرأة من التوفيق بين واجباتها الأسرية ومتطلبات عملها في المجتمع، وظيفية كانت أو مهنية، كي لا تكون التزاماتها الوظيفية أو المهنية على حساب واجباتها الأسرية أو العكس، عندما تكون الالتزامات الأسرية عائقاً يمنع المرأة من ممارسة وظيفتها أو مهنتها. هذا التمكين يفرض على الدولة أن توفر المرافق اللازمة لرعاية الأطفال وتقديم الخدمات المساعدة للمرأة العاملة، كما يفرض على الدولة أن تيسر للمرأة الحصول على الإجازات اللازمة للزواج والحمل والوضع ورعاية الأسرة، دون أن تكون هذه الإجازات سبباً في حرمان المرأة من كل أو بعض الدخل الذي تحصل عليه من عملها.

وأخيراً تلتزم الدولة بتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية والحماية القانونية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا في المناطق الفقيرة والعشوائية والنائية.

حقوق المرأة المصرية في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان:
نصت المادة 93 من الدستور على التزام الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة. هذا النص الدستوري يضفي قوة إلزامية على اتفاقيات حقوق الإنسان، التي تكون لها في مصر قوة القانون، فيما تقرره من حقوق للمرأة تلتزم بها كافة سلطات الدولة، ويكون للمرأة أن تطالب بها أمام كافة السلطات، ومنها الحقوق الواردة في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو).

ونؤكد في هذا الخصوص على أن الحقوق الواردة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان إذا ما ارتبطت بنصوص دستورية مقابلة لها في الدستور المصري، فإنها تتمتع بالحماية المقررة للنصوص الدستورية، عندما تتعارض مع نصوص وردت في القوانين المصرية، فتكون للحقوق الواردة في الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان الأولوية في التطبيق على النصوص القانونية المتعارضة معها. وتوجد نصوص صريحة في القوانين المصرية تؤكد على أن الحقوق الواردة في المواثيق الدولية هي حقوق يستفيد منها المصريون والمصريات متى صارت هذه المواثيق نافذة. من ذلك نص المادة الأولى من قانون الطفل في فقرتها الثانية المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 2008. فالفقرة الأولى من هذه المادة تقرر كفالة الدولة لحماية الطفولة والأمومة، والفقرة الثانية تنص على أن "تكفل الدولة كحد أدنى، حقوق الطفل الواردة باتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة فى مصر". ولا يختلف الوضع- وفقا لنص المادة 93 من الدستور الجديد- بالنسبة لحقوق المرأة الواردة باتفاقية إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق المرأة النافذة في مصر.

وتؤكد نصوص قانونية أخرى سمو الاتفاقية الدولية على النصوص القانونية الوطنية عند التعارض. من ذلك نص المادة 26 من القانون 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، وهي تنص صراحة على أن "يعمل بأحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالجنسية التي أبرمت بين مصر والدول الأجنبية ولو خالفت أحكام هذا القانون".

مما تقدم نرى أن دستور مصر 2014 أنزل المرأة المنزلة التي تليق بها، وضمن حقوقها بنصوص دستورية، لا يملك البرلمان الانتقاص منها أو تعطيلها، ولو بقانون، تحت ستار تنظيمها، فكل قانون يصدر لتنظيم ممارسة الحقوق والحريات لا يجوز له أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها (م 92 من الدستور). وهكذا كان الخروج الكبير للمرأة المصرية لدعم الدستور الجديد مفهوماً، ونتمنى ألا تخذل الدولة المصرية النساء، فالحقوق لا تنفذ بالدساتير التي تقررها، بل يلزم تخصيص الإمكانات والموارد، واتخاذ الإجراءات التي تضمن تفعيل الحقوق الدستورية ووضعها موضع التنفيذ الفعلي، وهذا هو الاختبار الحقيقي الذي سوف تجتازه الدولة بعد أن تم إقرار الدستور.





















النتائج

1ـ الأمل المعقود على تحرير الشعوب من نير الاستبداد والقهر والتسلط السياسي ، ومن الإفقار الاجتماعي والاقتصادي إلا أنني لا أشعر بالأمل الكبير في أن تتغير وضعيات النساء في ظل هذا الربيع ، رغم أن الرجل الذي عانى الاستبداد من المفترض أن يسعى إلى إزالة القهر المجتمعي الذي يمارس على النساء ، لكن هيهات ، فما تتعرض له النساء من قهرمجتمعي لا يزيله إلا تغيير البنية الثقافية لمجتمعنا ، ومع ذلك علينا أن نتمسك بالأمل ، ونحاول التعاون مع التيارات المستنيرة في المجتمع التي لديها الوعي بأهمية إنصاف النساء ، والأخذ بأيديهن حتى لا تتعطل نصف قوى المجتمع ، ولا نجد أصوات تطالب النساء مجددا بالعودة إلى المنازل وترك أماكنهن للرجال .
2ـ إن المعيار الحقيقي لنجاحها هو التغير الاجتماعي، لأن المؤسسة الاجتماعية آخر حائط صد لمقاومة الانهيار الكامل، وهي المؤسسة الوحيدة ، المنوط بها مهمة الحراك الثوري؛لأنه ضرورة مجتمعية ويجب أن تكون مستمرة وتنزع إلى التغيير السلمي، لذا يجب أن تسعى الثورات إلى عدالة اجتماعية يتساوى فيها المواطنون في كل الحقوق والواجبات ، فليس ثمة نجاح يحسب لهذه لثورات العربية إن لم تحقق المواطنة كاملة دون تفرقة على أساس الجنس أو اللون أو العرق ، والنجاح الحقيقي للثورات لو استطعنا تغيير الثقافة المهمشة والمقصية للمرأة ، وإقرار قيم المواطنة الحقيقية بين النساء والرجال في مجتمعاتنا . والسؤال هل سيتحقق ذلك ؟ هل ستنال المرأة العربية حقوقها كاملة ؟ هل بإمكان النساء تغيير تلك الثقافة الذكورية التي تهمش المرأة وتقصيها ، وتنقصها حقوقها ، ولأنني أدرك أن تغيير الثقافة لا يأتي بقرار سلطوي ، حتى لو تبنت المؤسسة السياسية قيم إنصاف المرأة ، فلن يتحقق هذا التغيير الذي تأمله المرأة العربية ، لأن هذه التغيرات الاجتماعية تبدأ من خلال الاشتغال على البنى الثقافية ، وهذا يحتاج لصراع طويل مع الثقافة ، سواء الثقافة الرسمية أو الشعبية ، لذا المعركة طويلة ومضنية ويجب أن يشتغل عليها المجتمع كله وليس النساء وحدهن ، يجب أن تتغير لغة الخطاب الذكوري في التعليم والإعلام وحتى في المنزل ، لأن المرأة التي تتعهد الأطفال بالتربية تكرس لقيم الذكورة دون أن تدري ، لأن المرأة بدون وعي تتبنى قيم الذكورة وتقرها في القيم التي تغرسها في نفوس الأبناء .

3- الأسلوب الأمثل أن تنافس المرأة في السياسة والحياة ، تنافس لتحقيق الحرية ، لا أن تنالها منحة وهبة من الرجال ، فأنا لست مع التمييز الإيجابي للنساء ، فالمرأة التي تريد شيئا يجب أن تناضل على كل المستويات لتحقيقه ، وألا تستسلم لقهر المؤسسة الذكورية ، وكذلك لا تقبل منحا أو عطاء يميزها . فعلى النساء في مجتمعاتنا ألا يسمحن بأن يُعطين " كوتة " أو محاصصة ما في البرلمان أو الحياة السياسية ، لأن الأحزاب الإسلامية قد تستعمل المرأة لتدفع عن نفسها شبهة التحيز ضد المرأة ، فتدفع بعدد من النساء وتعمل على إنجاحهن من أجل أن يُفال أنها أحزاب تقدر النساء .
وهذا ما فعله نظام مثل نظام " مبارك " في مصر ، حين كان يدفع بالنساء في المجالس النيابية والتشريعية كي ما يقال أنه نظام يحترم حقوق المرأة .

4- ليس ثمة أمل في أن تطرح هذه الأحزاب إسلاما ليبراليا ، لأن البشائر لا تبشر بأي خير ، فرغم قصر الفترة التي اشتغل فيها مجلس الشعب المصري إلا أنه انشغل بقشور وأمور سطحية من قبيل إطلاق ضباط وزارة الداخلية لحية والآذان في المجلس وغير ذلك من أمور لا تهم الحياة بناء المجتمع في شئ . لذا لا أمل في هذه الأحزاب أن تقدم خطابا مستنيرا يساعد على تغيير الخطاب الديني أو قبول الآخر شريك الوطن أو مراعاة حقوق بقية المكونات الثقافية في المجتمع .
5- تتحمل المرأة في المجتمعات العربية مسؤولية وضعها التابع للرجل ،فهي كاهنة معبد الذكورة ، وحارسة التقاليد الذكورية التي تنال من حقوق المرأة ،المرأة هي التي تكرس للذكورة ، فهي التي تنهر ابنها الصغير حين يبكي ،وتقول له : لا تبك فأنت رجل ، إذن النساء هن اللاتي يبكين. المرأة هي التي تقهر البنت الصغيرة ، هي التي تتحيز ضد ابنتها ، وتجعل من أخيها الصغير وصيا عليها ، فتعطيه حق أن يمارس ذكورته المبكرة عليها حتى لو كان يصغرها ،فتخبرها مثلا : أخوكي راجل ، اسمعي الكلام . وهكذا النساء هن من يربين الرجال الذين يتحيزون ضد النساء أيضا ، النساء هن من يكرسن للقيم السلبية التي تقصي المرأة وتهمشها .

6. لا أظن الرجل العربي براغب في أن يغير هذه الثقافة أبدا ، بل من مصلحته أن يحافظ على هذه البطريركية التي تجعله سيدا على أرواح النساء ، لن يتنازل أبدا عن ثقافة تؤكد مركزيته وتجعله هو من يقود مجتمع النساء ، لذا ليس ثمة أمل أن يسعى الرجال إلى تغيير تلك الثقافة الذكورية .
7ـ لو أن الثورة المصرية أتت ثمارها بحق لكان أول هذه الثمار هو المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة ، والإصلاحات السياسية والقضائية واستحداث نظام يضمن تمثيل المرأة في مناصب صنع القرار، والتحدي الحقيقي للنظام يكمن في كيفية تعزيز التزامه بالتنفيذ الكامل لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهي معاهدة صدقت عليها مصر منذ أمد بعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟