الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب مباراة في القتل

محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)

2024 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



تبدلت تقاليد الحروب وقيمها. قديماً كان يقال العفة عند المقدرة، في اليونان القديمة كانت المدينة لا تحشد جيشاً بل تختار من يمثلها في مبارزة فردية مع خصمه من المدينة المعادية.. لسنا نعلم حجم المبالغة الشعرية في قول إبن الرومي عن فتح عمورية، "تسعون ألفاً نضجت جلودهم"، أو في قول المتنبي عن الحدث الحمراء، "ومن جثث القتلى عليها تمائم".
لم يعرف التاريخ حروب إبادة كالتي يشهدها العالم المعاصر. مع الحضارة الرأسمالية بدأت هذه الحروب. أولها ضد الهنود الحمر. لا يحكى عن مجازر حين دخول العرب إلى الأندلس ولا حين خروجهم منها مهجرين. استعاد أهل البلاد الاصليّون أملاكهم وأراضيهم وطردوا العرب واليهود.
لا "إنسانية" في الحروب. كل حرب مقتلة. لكن عدد القتلى مرتبط بقدرة السلاح على القتل. مع السلاح الناري واكتشاف البارود انقضى عهد السلاح الأبيض. وإذا صح الاختصار فوراء كل حرب مهووس سلطة. من محرقة نيرون في روما حتى محرقة هتلر. قنبلة هيروشيما شقت طريق السلطة بل التسلط الأميركي على العالم، باسم الدفاع عن الحرية، حرية رأس المال.
قد يعترض باحث علمي على هذا العرض الرومنسي. لكن تاريخ الحروب يشبه تاريخ الصيد. بدأ الإنسان يصطاد ليقتات ثم صار الصيد رياضة تطلق فيها النار على الأطباق الطائرة أو على الوطواط والبجع حين تندر الطرائد. هذا ما تفعله أميركا في اغتيال أعدائها من إبن لادن حتى قاسم سليماني. إسرائيل استخدمت الأسلحة ذاتها فاغتالت القادة واصطادت المقاتلين.
الأسلحة أجيال والحروب أجيال. جيل السلاح الناري والبارود لم يذهب إلى التقاعد بل صار جندياً في جيش التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لكنه لا يشذ عن كل ما أنتجه مركز الحضارة الرأسمالية. يعطي المركز أطراف الحضارة بعضاً من فتات صناعته، أما عباقرة الأطراف فلا مكان لهم في بلدانهم، لا بسبب الطغيان الذي يمارسه حكامهم فحسب بل بفعل الاغراءات التي يغدقها عليهم المركز.
حرب غزة وملحقاتها مختبر لكل أجيال الحروب والأسلحة. مقدمتها تشبه الغزو ومتنها إبادة ومجازر تشبه المحرقة وبعضها يشبه رياضة الصيد. فيها عطش الحسين في كربلاء وجوع اللبنانيين في الحرب العالمية الأولى وفيها عويل الجمهور العربي وبكاء المؤسسات الإنسانية العالمية على ضحايا التوحش الصهيوني. فيها تذكير بعنف الحجاج بن يوسف وصكوك الغفران وحروب الإبادات الدينية. لكن فيها من حسابات الربح والخسارة ما لا تقبله لا العقول البشرية ولا الإلكترونية.
حين تنقرض مخلوقات كانت موجودة منذ ملايين السنين، تلك إرادة التاريخ. أما أن تباد مدن وتزال معالمها وتسوى بالأرض مساجدها وكنائسها ومستشفياتها فهذا ما سيدينه التاريخ. من حق الطبيعة أن تفعل بنفسها ما تشاء، لكن ليس من حق البشر أن يفعلوا بالطبيعة ما يشاؤون. انتقامها حتمي وإن أرجأته إلى حين. الثقب الأسود من علامات التوحش. الطبيعة ترد بتبدلات المناخ.
هل تحسب الصهيونية فعل الإبادة انتصاراً؟ أليس إلغاء غزة عن الخريطة ثمناً باهظاً لانتصار حماس؟ إذا كان عداد القتلى والأسرى معياراً للنصر والهزيمة، فهل يحسب انتصاراً تحرير مئة فلسطيني مقابل تحرير إسرائيلي واحد؟ أليس هذا احتقاراً للعروبة وإمعاناً في التمييز العنصري تمارسه كل من حماس وإسرائيل؟ وهل يحسب من بين الإنجازات العسكرية قتل مئات من الجنود الصهاينة فيما بلغ عدد الضحايا في غزة عشرات الآلاف؟ وماذا عن ضحايا حرب البراميل السورية؟ وهل يحسب انتصار النظام على شعبه انتصاراً؟
ما يقال عن غزة يقال عن لبنان. لعلنا نستخدم عدادات أخرى لإنقاذ الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل تعرف ما هو المسبب؟؟
سهيل منصور السائح ( 2024 / 1 / 28 - 03:55 )
بعد التحية وفآئق الاحترام. يقول ابو العلاء المعري (ر).
وَلا تُطيعَنَّ قَوماً ما دِيانَتَهُم ** إِلّا اِحتِيالٌ عَلى أَخذِ الإِتاواتِ
وَإِنَّما حَمَّلَ التَوراةَ قارِئَها ** كَسبُ الفَوائِدِ لا حُبُّ التِلاواتِ
إِنَّ الشَرائِعَ أَلقَت بَينَنا إَِحناً ** وَأَودَعَتنا أَفانينَ العَداواتِ
وَهَل أُبيحَت نِساءُ القَومِ عَن عُرُضٍ ** لِلعُربِ إِلّا بِأَحكامِ النُبُوّاتِ
انه من المغيب حقا ان نفرق بين انسان وانسان بسبب الدين او العرق او القومية. الانسان هو الانسان ولكن على من تقرا مزاميرك يا داوود؟؟.اليس من الافضل للصهاينة وللعرب العيش بسلام في دولة ديموقراطية تحكمها قوانين عصرية يتساوى فيها الجميع بدون تمييز وهل للاديان او العرق اي معنى في العصر الحديث؟؟. متى ننتبه!!!!؟؟؟؟؟.


2 - من هم المسئولون عن مجزرة غزة؟؟؟
سهيل منصور السائح ( 2024 / 1 / 28 - 05:49 )
اخي الكريم بعد التحية. ان المسئول الاول عن مجزرة غزة حركة حماس لان ما قامت به لم يكن مدروس النتائج ولم يكن مهيء له من وجود ايواءآت وطعام وشراب وكل مسلتزمات الحياة وهي تعرف فارق القوة بين الطرفين والاسناد المبرليالي لاسررآئيل وابتعاد الدول العربية عن الفلسطينيين واعتبار حماس منظمة غير مرغوب فيها. اخي الكريم على الاحرار الفسطينيين تكوين محكمة من قضاة متنوعين لمحاكمة حماس اولا ومنظمة التحرير ثانبا لان كلا المنظمتين هما السبب الذي ادى الى هذه الحرب الغير متكافئة مما سبب مجزرة غزة وتدميرها بل وما يجري في الضفة الغربية ايضا. ان التزام منظمة التحرير باتفاقية اوسلو من جاتب واحد وكانها شرطي لحماية اسرآئيل وتاييد اعمالها الاجرامية والانقسام الفلسطيني التي كانت سببه حماس في البدء هما كان السبب في الابادة الجماعية للشعب المظلوم. تحرير الوطن واجب مقدس ولكن كما قال الله في كتابه ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبوب به عدو الله وعدوكم )وليس التهور والانقسام وحب السلطة. قطر وتركيا مسكن قادة حماس والمنظمات الاسلامية وسلام عى الفقراء والمساكين. هل سنرى المنظمتين تحت القضاء؟؟.

اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس