الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعاهد المهنية في خدمة التنمية الاقتصادية

محمد رضا عباس

2024 / 1 / 28
الادارة و الاقتصاد


لا تنمية اقتصادية معتبرة بدون تعليم . القراءة والكتابة تسمح للفلاح قراءة تعليمات استخدام مركبات الأسمدة للزراعة , وتسمح للعمال التعامل مع ماكنته في العمل , وتسمح لعامل الخدمات كيفية التعامل مع الاخرين . كما ان التنمية الاقتصادية تحتاج الى تخطيط وحكمة أصحاب الشهادات الجامعية العليا , فان إدارة القطاعات الاقتصادية تحتاج الى عمال ذو خبرات وكفاءات .
لسوء الحظ , فهمت المجتمعات, وخاصة العربية, ان الطريق الى تقدم أبنائهم وبناتهم نحو مستقبل افضل هو الدخول الى الجامعات . انهم يفهمون ان الشهادات الجامعية توفر لأولادهم وبناتهم العمل المضمون مع حزمة من المنافع لا تتوفر للغير , كما ويعتقدون ان نظرة المجتمع الى خريجي الجامعات اكثر احتراما من خريجي المعاهد الفنية والمهنية.
الا ان الطلاب وذويهم يتفاجؤون بعدم وجود جهة قادرة على تعيينهم بعد التخرج . على سبيل المثال , ان الحكومة العراقية أعلنت واكثر من مرة بعدم استطاعتها تعيين كل الخريجين في دوائرها , وهذا يكشف عن خلل واضح في التخطيط الحكومي , حيث ان الحكومة العراقية بعد التغيير سمحت المجال بفتح اعداد كبيرة من الكليات دون النظر الى حاجة البلد الفعلية للخرجين , إضافة الى عدم قدرة القطاع الخاص استيعاب الفائض منهم . اعداد كبيرة من أصحاب الشهادات الجامعية اصبحوا أصحاب جنابر , وليس في اعمال تليق بأتعابهم و شهاداتهم .
وهكذا ظهرت بطالة كبيرة في مجتمع أصحاب الشهادات الجامعية , وشحة واسعة لأصحاب الحرف والذين يعدون الأهم في تسيير عملية التنمية الاقتصادية. ففي الوقت الذي يجابه العراق فائض كبير من حملة الشهادات الجامعية الا انه يواجه شحة خطيرة لأصحاب الحرف ومنها ميكانيك السيارات , النجارين , عمال الكهرباء , الصرف الصحي, توصيل الماء, تصليح الأجهزة الكهربائية , الصباغة , الممرضات , عمال الرعاية الصحية ورعاية الطفال.
هذه المشاكل كان من السهل القضاء عليها من خلال تشجيع الشباب الى الانضمام الى المعاهد المهنية والتكنلوجية . حصول الشاهدة من هذه المعاهد تتطلب سنتين وليس أربعة سنوات كما في الكليات والجامعات. ثانيا , ان تكاليف المعهد اقل بكثير من تكاليف الدخول الى الجامعة . كلفة الدراسة في المعهد لا تحتاج الانتقال من محافظة الى أخرى والحاجة الى عثور على سكن وتكاليف طعام. ثالثا, ان المعاهد تقدم جدولا مرن لطلابها من حيث توفير الدروس الليلية وفي العطل الأسبوعية وبذلك لا يتأثر عمل الطالب مع الدراسة. ورابعا, ان المعاهد توفر الفرصة للطلاب بالالتحاق بالجامعات اذا رغبوا في توسيع معارفهم والتقدم العلمي . خامسا, في العادة ان لا تنظر إدارة المعاهد الى درجات الإعدادية للمتقدمين مثل ما تقوم به الجامعات . سادسا , المعاهد تعطي الفرصة لكبار السن الانضمام لها , سابعا , ان هذه المعاهد توفر برامج يحتاجها البلد , وبذلك فان التعيين بعد التخرج شبه مضمون .
هذه الفوائد قد اكتشفها المخطط الاقتصادي الأمريكي , حيث بلغ عدد المعاهد ( سنتين ) في الولايات المتحدة الامريكية اكثر من 12000 معهد تقدم مختلف الاختصاصات التي تحتاجها الصناعة والزراعة و الخدمات . بالحقيقة اصبح وجود هذه المعاهد من الضرورة الى درجة ان بعض الولايات الامريكية بدأت بتغطية تكاليف دراسة الطلاب فيها . الدخول الى هذه المعاهد زاد من فرص الطالب العثور على عمل يرغب به , تطوير اداءه في العمل , ومنحه فرصة الترقية مضمونة الى مسؤوليات اعلى.
لا أقول ان الامريكان قد قضوا على حاجة الاقتصاد الى مهنيين . انها مشكلة قائمة لحد الان , ومن يحتاج الى عامل لإصلاح جهاز التدفئة المركزي في الشتاء يعرف جيدا معنى الانتظار حتى يجد عامل تصليح الجهاز بالسرعة الممكنة . طبعا , عندما نقول ان شحة المهنيين مازالت موجود في الولايات المتحدة , نعني كذلك اجورهم المرتفعة . وهذا يقودنا الى القول ان دخل بعض المهنيين السنوي قد يفوق الدخل السنوي لحملة الشهادات العليا , واصبحوا من الذين يؤثرون حتى على القرار السياسي في الولايات المتحدة الامريكية . لا يمكن لأي مرشح لقيادة البلاد بالفوز في الانتخابات العامة بدون ان يثبت في برنامجه العمل على حماية هذه الطبقة والدفاع عن حقوقهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا