الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الكيانيه العراقية-متى ستوجد وكيف؟/ 3

عبدالامير الركابي

2024 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في مايعرف بالعصر الحديث، فرض على ارض الرافدين ان تعيش طورا من الافنائبة الكيانيه بدات تحديدا مع بدايات القرن العشرين، ودخول الحملة البريطانيه عام 1914 من اقصى الجنوب، من الفاو الى موضع كان قد بدا بالتشكل وفقا لقوانينه ومحركات تاريخه منذ القرن السادس عشر، من ارض سومر الحديثة، ومر بمحطتين، اولى "قبلية" مثلها "اتحاد قبائل المنتفك"، وثانيه انتظارية بصيغة "دولة لادولة مدينيه" نجفية، وهي عملية سابقه على الحداثة الغربية، وعلى الانقلاب الالي بصيغته الاولى المصنعية.
والتشكل الرافديني الحديث هو الثالث في كيانيه الازدواج المجتمعي الخاضع لقانون الدورات والانقطاعات المطابق لبنيته، بعد الدورتين الاولى المنتهية بسقوط بابل، والثانيه المنتهية بسقوط بغداد عام 1258 وقت عمت ارض السواد الفوضى الانتاجية المجتمعية، وظل مايعرف اعتباطا بالعراق يتمثل في التعاقبات الاحتلالية، ابتداء من هولاكو الى العثمانيين على عاصمة الدورة الثانية الامبراطورية المنهارة، ماقد استمر حتى القرن السادس عشر، حين توفرت الاسباب لقيام معادلة اخرى مع تبلور الكيانيه غير المعلنه المساواتية التشاركية جنوبا بعدما توفرت اسبابها. والامر هنا بحاجه للفت نظر يخص مايعود الى التشكل التاريخي الكياني في هذا المكان بالذات، وكما سبق التنوية فان التشكل الازدواجي في ارض الرافدين يبدا من الاسفل، ولايكتمل بعده الازدواجي، الا مع نزول النمطية الارضوية العليا نحوه ، الامر المخالف بالطبيعة وبالتكوين النوعي لاجمالي وعموم حالات التشكل الكيانوية الوطنية الاحادية على النمط المصري، فالدورة الاولى بدات في سومر، والثانيه في الكوفة والبصرة، قبل ان يضطر العباسيون للهرب من الكوفه الى الرمادي اولا، ثم الى الهاشميات، بينما الانتفاضات تلاحقهم، واخرها انتفاضة الراوندية، ما حتم عليهم البحث عن عاصمه / مدينة امبراطورية/ في "عراق الجزيرة" الاعلى، مسورة ومحصنه اعلى تحصين كما هي حال المدن الامبراطورية الدوراتيه التي لاماضي لها، ولا هي بالازلية، والتي هي نتاج وضرورة مرهونه بالدورة التي تنتمي اليها وتكملها(1)، تماما كما حال بابل قبلها(2). وهي ظاهرة او خاصية تنتمي لنوع بذاته من الكيانات المجتمعية الازدواجية العراقية حصرا وتفردا.
ويتعارض مسار واليات التاريخ الدوراتي الازدواجي لارض مابين النهرين كليا، مع المنهجية التبسيطية التاريخيه الاحادية، ومثال تطبيقاتها على نمطها الكلاسيكي البدئي المصري، ومع الدورات ومايفصل بينها من انقطاعات وغياب، تتغير التفاصيل المفضية الى اكتمال الفعالية الازدواجية مابين الدورة الاولى، وهبوط المجتمعية العليا الابتداء ومانتج عنها من تبلور ازدواجي بالامبراطورية الاكدية وماتبعها وصولا الى البابلية، عن حالة الازدواج المتشكلة من اسفل صعودا، بعد ازاحة وطاة الاحتلال الفارسي، والاصطراع مع الدولة الاموية، قبل ذهاب العباسيين الى اقامة مدينتهم الدولة "بغداد"، في حين وقع الانبعاث الدوراتي الثالث الحالي تحت طائلة الدولة البرانيه، والاحتلالات المتعاقبة من 1258 حتى القرن السادس عشر، حين صار الواقع الازدواجي ماثلا ليبدا من يومها اصطراع التشكل الاسفل مع البرانيه، ويستمر فيعرف محطتين، قبلية وانتظارية، لحين مجيء الاحتلال البريطاني بعد عام 1914 ، ووقتها جرى الانتقال من صيغة اصطراعية الى اخرى، فالبرانيه من عام 1258 لم تكن من حيث نوع البنيه، قادرة على منع حدوث التشكل الحديث اللاارضوي وتطوره تحت طائلة " الازدواج"، بين عراق براني، وعراق عراقي، ماقد ابقى الاصطراعية في حينه محكومة للاشتراطات التقليدية، وهو ماقد انقلب متغيرا فجاة، مع البرانيه الغربية ممثلة بالحضور البريطاني، وقد تبدل نوع البرانيه، لتتحول الى برانيه آلية، مختلفة نموذجا وممكنات فعل، ناجمه عن حضور الالة والنموذج.
ومن يومها وقع التشكل والنمطية العراقية الرافدينيه تحت طائلة حالة من الاصطراعية الافنائية، الالغائية للنموذج والنمط العراقي، وهو ماقد عرفه العراق خلال مايزيد على القرن من الزمن النمصرم، اجبر خلاله على الخضوع للفبركة الكيانيه الاجبارية، والتحريم العملي والمفهومي لحقيقته الكيانيه التاريخيه، في الوقت الذي لم يكن هو فيه قد توفر على الاسباب الضرورية للرد، بينما استمر غياب وعي الحقيقة الذاتيه، وانعدام النطقية كنقيصة وقصور في الوعي لازم الظاهرة المجتمعية، والازدواجية الرافدينيه منها بالذات، باعتبارها ظاهرة متجاوزه لمامتاح للعقل من طاقة ادراكية حتى الوقت الحاضر، الامر الشامل العام على المستوى البشري، وبالذات بما يتعلق بعلاقة العراقيين بكيانيتهم الاكثر فرادة وتميزا، وهو ماقد استمر غالبا على مدى الدورات الثلاث الى الحالية حيث التاريخ الاطول بين التواريخ المجتمعية، بمقابل مااعتبر باطلاقية فجه اوربية حداثية، على انه "علم الاجتماع" آخر العلوم مالم يكن سوى ملامسه لبوابة ذاهبة نحو عالم ضخم ان لم هائلا، مازال غير مكشوف عنه النقاب.
ـ يتبع ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تجمل النظرة للمدن، بحكم الخضوع للمفهوم والرؤية الاحادية، بما متعارف عليه منها في هذا الصنف من الكيانيه المجتمعية، من دون تنبه الى ظاهرة "المدينة الدوراتية المؤقته"، المواكبه وجودا للاليات الدوراتيية الانقطاعاتية الازدواجية، مايجعل هذه تنوجد ابتداءمن دون سابق، مرهونة لحالة الصعود، ومختفية او منهارة مع انتهائها، كما حالتي بابل وبغداد في الزمن الانقطاعي، الاولى كنموذج للاختفاء الكلي، والثانيه كانتهاء تعقبة استمرارية انهيارية برانيه،بحيث نصير امام بغداد العاصمة الامبراطورية العالميه، تعقبها اخرى انهيارية، الاولى هي بغداد المنصور والرشيد حتى 1258، تعقبها بغداد هولاكو والخروف الابيض والخروف الاسود، وصولا للعثمانيين قبل مجيء الانكليز، وهي ليست "بغداد"، لافي الدلالة، ولا الديناميات والاسباب باي شكل كان، وقد يكون بقائها حاملة الاسم نفسه، من اكثر وجوهها دلالة على تهاويها، معنى وواقعا.
(2) عن ظروف بناء "بغداد" وهرب العباسيين من ارض السواد، براجع/ بغداد / كتب دائرة المعارف الاسلامية/ 15/ اشترك، السيد عبدالرزاق الحسني، عبد العزيز الدوري/ صص 21 ـ 22.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال