الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر6

عبدالرحيم قروي

2024 / 1 / 28
الارشيف الماركسي


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين

الحلقة السادسة

4 – المنطق الشكلي والمنهج الجدلي
ليس هناك من فائدة في أن نتبع هذا الدرس الأول بعض الملاحظات عن المنطق. فلقد رأينا (مسألة 2، ب) أن العلوم في، أول الأمر، لم تكن تستطيع إلا أن تستخدم المنهج الميتافيزيقي. ولقد وضع الفلاسفة اليونان (ولا سيما ارسطو) بعد أن عمموا هذا المنهج، عددا من القواعد الشاملة، التي يجب على الفكر اتباعها في كل آن لتجنب الخطأ. واتخذت هذه القواعد اسم المنطق. ويقوم موضوع المنطق على دراسة المبادىء والقواعد التي يجب على الفكر إتباعها في بحثه عن الحقيقة. وليست هذه المبادىء والقواعد من وضع الخيال بل استنبطها الإنسان في اتصاله المستمر بالطبيعة: لأن الطبيعة هي التي جعلت الإنسان "منطقيا" وعلمته أنه لا يمكننا أن نفعل أي شيء!
وهاك القواعد الثلاث الرئيسية في المنطق التقليدي الذي يسمى بالمنطق الشكلي:
1) مبدأ التماثل (Le principe didentite)؛ كل شيء مماثل لنفسه. فالنبات نبات دائما والحيوان حيوان . والحياة هي الحياة والموت هو الموت. ولقد صاغ المنطقيون هذا لمبدأ في قولهم أ = أ.
2) مبدأ عدم التناقض (Le principe de non-contradiction)؛ لا يمكن أن يكون الشيء نفسه ومناقضا لنفسه في نفس الوقت. وهكذا ليس النبات حيوانا، وليس الحيوان نباتا، كما أن الحياة ليست الموت، والموت ليس الحياة. فيقول المنطقيون: "ليس "أ" مناقضا لـ "أ".
3) مبدأ الثالث المستحيل: (Le principe du tiers exclu)؛ بين إمكانيتين متناقضتين، لا مجال لإمكانية ثالثة. فالكائن إما أن يكون حيوانا أو نباتا ولا مجال لإمكانية ثالثة. ولهذا يجب أن نختار بين الموت والحياة، ولا مجال لإمكانية ثالثة. فإذا كان "أ" و "غير أ" متناقضين فالشيء أما أن يكون "أ" أو مناقضا لـ"أ"
فهل لهذا المنطق من قيمة؟ أجل. لأنه يصور لنا تجربة تراكمت خلال عدد من القرون. ولكنها غير كافية إذا ما أردنا أن نتعمق في البحث، لأنه يبدو لنا عندئذ أن هناك كائنات حية لا يمكن تصنيفها ضمن طوائف الحيوان والنبات لأنها كلا الاثنين معا. كما أنه ليس هناك من حياة مطلقة أو موت مطلق، إذ يتجدد كل كائن حي في نضال مستمر ضد الموت، كما أن الموت يحمل في أحشائه عناصر حياة جديدة ( ليس الموت زوال الحياة بل هو تحلل جسم). وإذا كان المنطق القديم له قيمة إلى حد ما، فهو يعجز عن سبرغور الواقع. حتى إذا ما حاولنا أن نحمله على أن يعطينا أكثر مما يمكنه إعطاؤه وجدنا أنفسنا في ميدان الميتافيزيقا. وليس المنطق التقليدي خاطئا في ذاته. بل هو يؤدي إلى الخطأ إذا ما حاولنا أن نطبقه خارج حدوده.
صحيح أن الحيوان ليس نباتا، وكذلك صحيح أنه يجب، حسب مبدأ عدم التناقض، تجنب الخلط بين الأشياء لأن الجدل ليس هو الخلط بين الأشياء. بل يقول الجدل أنه صحيح أيضاً أن الحيوان والنبات مظهران للواقع لا يمكن الفصل بينهما حتى أن بعض الكائنات تجمع بينهما (وحدة الأضداد).
ويكفي المنطق الشكلي الذي نشأ في فجر العلوم للاستخدام اليومي فهو يعيننا على التصنيف والتميز. حتى إذا ما حاولنا التعمق في التحليل ظهر نقصه. فلماذا ؟ لأن الواقع متحرك، ولهذا لا يسمح منطق التماثل (أ = أ) للأفكار أن تصور الواقع في حركته. ولأن هذه الحركة، من ناحية ثانية هي ثمرة تناقضات، كما سنرى، غير أن منطق التماثل لا يسمح بتصور وحدة المتناقضات والانتقال من النقض إلى النقيض.
لا يدرك المنطق الشكلي سوى المظهر المباشر للواقع. أما المنهج الجدلي فهو يسعى لأدراك جميع مظاهر الواقع.
ويسمى تطبيق المنهج الجدلي على قوانين الفكر المنطق الجدلي.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام