الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكذوبة الثوابت ورواتب الموظفين

سامي الاخرس

2006 / 11 / 27
القضية الفلسطينية


لم يتمكن أحيانا المرء أن يصمت كثيرا أمام ما يقرأ ويسمع من إستغباء للعقول ، وتلاعب بالمصطلحات ، وتجارة شعارات أكل وشرب عليها الزمن ، وأضحت مملة مبتذلة ...
منذ الحصار الذي فرض علي شعبنا نتيجة فوز حركة حماس بالانتخابات (الديمقراطية) وانقطاع الرواتب عن الموظفين ، اجتهد العشرات من الكتاب والأدباء لكتابة رؤيتهم وتحليلاتهم حول هذه القضية ، ومنهم بل معظمهم ربط الرواتب بالثوابت الوطنية ، وصور الأمر بأن راتب الموظف مقرون بالاعتراف بالعدو ،والتنازل عن وطن ، وهنا لهم الحق فالوطن هو الهواء والماء ، هو الحياة ،والكرامة ،وهو الأغلى والاسمي منا جميعاً .
فلا يمكن المطالبة براتب مقابل التنازل عن وطن أو الاعتراف بعدو ، كما تم تصويره من قبل الأخوة الكتاب والأدباء والسياسيين وخطباء المنابر ...الخ وهذا القول أعادني لزمن غلبت به العاطفة والشعار ، علي لغة العقل والمنطق والاتزان السياسي العقلاني ، حيث كانت مرحلة عنفوان الشباب لا تقبل أي كلمة تمس حماسة الصدور ، ولا نسمح بأي مساحة للعقل أن يفكر ويخضع للموضوعية وفق منظور المصلحة العامة لشعب ،وقضية .
نحن جميعاً نقول بالقلب وباللسان وبالانتماء نموت واقفين ولن نركع ، نجوع ونعطش ولا نخضع ، شعارات تألقت ووجدت صدي رائع في قلوبنا ووجداننا ، وحشدنا كل الطاقات ، واستنفرنا الهمم من بريقها لرفع شأن الوطن .
ولكن ..... هل التضحية هي فرض عين علي الموظف البسيط ؟ وهل لقمة العيش هي التي ستخضعنا للاستسلام والتنازل ؟ وتجعل من قضيتنا عرضه للضياع .
وهل الأخوة موظفي القطاع الخاص ، والأخ الرئيس وموظفين مكتبه ، والأخ رئيس الوزراء ووزرائه ،وأعضاء المجلس التشريعي ، ومدرسي الجامعات والكتاب في الصحف والمجلات ،والصحفيين في وكالات الأنباء ، رواتبهم لا تُخضعِ فلسطين للتنازل ؟
سأسلم بما كتبت أقلامكم ورضيت ضمائركم بأن علي الموظف أن يصمت ويصمد وحيدا وهو يري الآخرين يتناولوا رواتبهم ويلبوا احتياجات أبنائهم ، وهو لا يقوي علي شراء حليب لرضيعه ، ولكن ماذا سنفعل مع فتاة جامعية لم تجد ثمن كتابها فباعت جسدها ؟ وماذا سنفعل مع شاب لم يجد لقمة عيشة فارتضي الخيانة مقابل 10 دولارات أمريكية ؟
قضية خطيرة تتطلب العقل والمنطق بلا شعارات احتفالية انتخابية ، لغة متوازنة تقنع شعب يتضور جوعا ، ويحاصر ما بين الفقر والصواريخ والموت ، علينا قبل أن نفكر بأحزابنا أن نفكر بشعب يتألم .
فلم يجني ثمار الحصار سوي هذا الموظف ، فإبن الكتائب والألوية والمجموعات يتقاضي راتبه ، والعقيد والعميد والوزير لم تتأثر حياته ، والشرائح الأخرى كالعمال مثلا لديهم بعض نوافذ الأمل من خلال المساعدات الضئيلة التي يعيشوا بها رغم ألامهم وجوعهم ، والحالمين بأحلام وردية في دمشق لهم مصادر رزقهم ، واختزلت كل الثوابت براتب الموظف وقوت أطفاله .
فالحكومة الفلسطينية المنتخبة ،والرئاسة الفلسطينية الذين ارتضوا قيادة هذا الشعب مطالبين بتوفير حياة كريمة ولقمة عيش تحفز شعبنا علي الصمود أمام مسئولياته ، وعليهم أيضا البحث عن حلول أكثر موضوعية بعيدا عن الغناء علي لحن مبتذل اسمه الثوابت والاعتراف ، أو فليرحلوا ويتركوا هذا الشعب .
وأي اعتراف هذا الذي ارتبط برواتب الموظفين ، في الوقت الذي تم به إعلان الهدنة مع العدو رغم إنها رفضت بكل المراحل السابقة ، أم لا تأتي في سياق الحوار مع العدو ؟ وهل لقاء رئيس بلدية نعلين في أحد المستوطنات هو لقاء صداقة وتعارف ،وجس نبض النوايا الحسنة ؟ وهل يمكن لنا أن نفهم كيف يتم التعامل مع سفر الوزراء ؟ وتحويل المرضي لمستشفيات العدو ، وتوقيع اتفاقية الغاز مع شركات صهيونية ، فَتحت أي بند تأتي هذه الأمور؟
حقيقة وبدون عواطف فقضية الاعتراف بالعدو الصهيوني أضحت أكذوبة ،وعصا تهوي علي رأس كل من يحاول التمرد على حياة الفقر ، فالاعتراف يا سادة يجسد يوميا علي أرض الواقع من خلال التحركات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، التي لا تتم بدون موافقة ومباركة هذا العدو . أم إنها تتم من خلال وسيط ثالث غير معلوم لدينا ولدي شعبنا ؟
فإن أردنا وطن علينا جميعا الصدق مع النفس ، والتخلي عن المهرجانات الانتخابية ،وكشف الحقيقة لهذا الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق