الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويفعلون ما يؤمرون

حسين عبدالله نورالدين

2006 / 11 / 27
القضية الفلسطينية


هل يعي خالد مشعل جوهر ما يبشر به من القاهرة؟ ولمن يوجه تهديداته بانتفاضة جديدة وانهيار السلطة "وليس الحكومة" مشددا على "السلطة وليس الحكومة". وكأنه يمكن للحكومة أن تظل شرعية إذا انهارت السلطة.

لماذا يوجه خالد مشعل تهديدات بانتفاضة جديدة في الوقت الذي تجري فيه كثير من الفصائل الفلسطينية اتصالات سرية مع إسرائيل للتوصل إلى وقف إطلاق النار؟

عندما أطلق الرئيس الراحل ياسر عرفات إنتفاضة الأقصى عام ألفين لم يدر بخلده أنها ستؤدي إلى ما أدت إليه من خسائر ودمار وتخريب وتشريد بحق الشعب الفلسطيني الذي بات الآن يستجدي العالم إعادته إلى الوضع الذي كان عليه عشية تلك الانتفاضة التي تم عسكرتها بسبب ضيق الأفق وقلة الخبرة.

يتباهى البعض بما "حققته" الانتفاضة من وجع لإسرائيل وخسائر أصابت الاقتصاد الإسرائيلي. ولكن في جردة حساب موضوعية ومنطقية نجد أن الانتفاضة كانت وبالا على الشعب الفلسطيني. فهل يريد مشعل وغيره من الصقور التي تعيش في أعشاش وثيرة في دمشق أن تعييد الشعب الفلسطيني إلى ابعد مما وصل إليه؟

هل فعلا أرهقت الانتفاضة الفلسطينية الاقتصاد الإسرائيلي؟ بالتأكيد أثرت قليلا على اقتصاد إسرائيل وعلى السياحة فيها. لكن تأثيراتها السلبية والدمار الذي ألحقته بالشعب الفلسطيني كبيرة وموجعة وخصوصا في الخسائر البشرية.

وفقا للأرقام الفلسطينية فان خسائر الاقتصاد الفلسطيني وحده جراء الانتفاضة: أكثر من ثمانية عشر مليار دولار في مختلف القطاعات.

أما في الجانب البشري، وهذا الأهم، فالإنسان الفلسطيني يجب أن لا يكون رخيصا إلى هذا الحد حتى وان اعتقدنا انه شهيد ومثواه الجنة. فالشهادة والجنة يجب أن تظل بيد رب العالمين وليس وفق أهواء زعماء السياسة يجيرونها لمصالح ضيقة.

تقول هيئة الاستعلامات الفلسطينية وما يتبعها من مركز الإحصاء بان عدد الشهداء منذ اندلاع الانتفاضة في الثامن والعشرين من أيلول سبتمبر عام ألفين وحتى الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر ألفين وستة بلغ أربعة آلاف وتسعمئة واثنين وتسعين شخصا بينهم عدد كبير جدا من الشباب والأطفال. وفي شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي وحده خسر الفلسطينيون واحدا وثلاثين طفلان بلا ثمن.

هل يتحمل قادة الانتفاضة المسلحة ودعاة التصعيد وزر هؤلاء ودمهم؟ هل يكفي أن نرفع الصوت العالي ونتحدى بانتفاضة جديدة مختلفة والشعب الفلسطيني يكتوي بنار وضع لا يمكن للجبال أن تتحمله بحجة مقاومة الاحتلال؟ كل هذا في الوقت الذي يستجدي فيه مشعل دولة بحدود سبعة وستين بعد أن كان يرفضها بشده في السابق.

هل هذا يعني أن مشعل وأخوته يريدون أن يدفعوا ثمن هذه الدولة من دماء الشعب الفلسطيني الأبرياء المساكين بعد أن رفضوها عندما قدمتها لهم اوسلو بدون دماء؟ وأي دولة وأي حدود سيحصل عليها الشعب الفلسطيني غير دولة اوسلو التي هي اقل من طموحات الفلسطينيين؟

وماذا عن التبشير بانهيار السلطة؟ هل يدري مشعل ماذا يقول؟ صحيح أن السلطة ضعيفة فهي ولدت ضعيفة وأضعفتها سياسة عرفات الهلامية سواء تجاه إسرائيل أو تجاه المعارضة في الداخل. وانهيارها الذي يبشر به مشعل يعني القضاء على آخر أمل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة حتى وان جاءت على حدود عام سبعة وستين.

بالتأكيد أن خالد مشعل يدري ما يقول. ويعي ما يقول ويعلم إلى أين سيؤدي السير بهذا الاتجاه. فاخر ما يتمناه مشعل وأخوته هو الاستقرار والأمن في الأراضي الفلسطينية وانصراف الناس إلى العمل والإنتاج والحياة. ما يريده مشعل وأخوته هو بقاء الأراضي الفلسطينية مشتعلة وإبقاء الفلسطينيين في حالة من عدم الاستقرار ليسهل تنفيذ ما تأمر به طهران أو دمشق أو كليهما. فهذه الأوامر تستدعي أن تبقى الأراضي الفلسطينية غير مستقرة وان تظل تشكل عبئا امنيا ليس على إسرائيل فقط بل على كل المنطقة. فهذه هي الظروف التي تبرر لدمشق وطهران أفعالهما ومواقفهما للهروب من المآزق التي تعيشانها. ولهذا قامت بعض الجهات الفلسطينية التي لا تحب الخير لشعبها بخرق الهدنة بصواريخ بدائية.

يريدون أن يظل الصراع مفتوحا وكأن الشعب الفلسطيني بقي فيه ما يمكنه من احتمال صراع مفتوح في ظل هذه الظروف الإقليمية الملتهبة.

عندما يقول مشعل وبالصوت العالي وبعد أن يضع تصوراته للوضع إذا لم تلب طلباته بدولة فلسطينية في حدود سبعة وستين: وخلي أميركا وأوروبا تتحمل مسؤوليتها. عندما يقول مشعل هذا الكلام فهو لا يتحدى أميركا بقدر ما يفتح لها أبواب التدخل المباشر. فهل يريد أن يصل الأمر بمجلس الأمن أن يقر تدخلا دوليا مسلحا بموجب البند السابع لفرض السلام في الأراضي الفلسطينية؟ هل يريد أن يفتح معركة التدخل الدولي كما هي الآن في لبنان معركة المحكمة الدولية؟

إلى متى سيظل الفلسطينيون مرهونون للخارج ويأتمرون بأمر الخارج؟ إلى متى سيظل الفلسطينيون يستجدون حلولا كانوا يرفضونها في السابق؟ الم نعي بعد إننا في كل مرة نقبل بما هو اقل مما عرض علينا في المرة السابقة؟ لا أحب الحكمة بأثر رجعي ولكن الم يكن أمام عرفات لو كان رجل دولة بكل معنى الكلمة أن يقيم دولة في غزة عندما عاد إليها عام أربعة وتسعين بدون أن يوصل الفلسطينيين إلى ما وصلوا إليه الآن؟

لا بد للفلسطينيين الآن أن يعودوا إلى رشدهم وان يلتفوا حول قيادة وطنية قوية تعرف مصلحتهم بعيدا عن الغوغاء وبعيدا عن الشعارات فالوقت ليس وقت شعارات وليس وقت أصوات عالية. الوقت وقت عمل والشعب الفلسطيني يستحق أن يعيش حياة كريمة بعيدا عن الموت والفقر والبطالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب