الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتفسيرات لزيادة نسب الاصابة بالادمان وامراض القلب وداء السكر في القرن 21

جواد الديوان

2024 / 1 / 29
الطب , والعلوم


تحسنت حياة الانسان بظهور عصر التنوير (القرن الثامن عشر). والان حياته افضل بمقاييس توفر الغذاء والصحة وطول العمر المتوقع وغيرها. وهذه تطورات تعترضها الكثيرمن الاشكالات، وعلى سبيل المثال، هناك زيادة حادة في الوفيات، والولايات المتحدة الامريكية مثالا، بسبب الانتحار والاستهلاك القهري للكحول والادوية (الادمان). وربما هذه الزيادة في الوفيات هي وفيات يأس.
الزيادة في نسب المراضة ومنها ارتفاع ضغط الدم وامراض القلب وداء السكر سببها زيادة في الاستهلاك القسري للحلويات والدهون والاغذية عالية السكريات، ولنقل اغذية شعوب البلدان الغنية المتطورة.
الاطباء يحددون الاعراض السريرية في امراض او اضطرابات تنتج عن خلل في تنظيم الجسم الوظيفي (فيزيائي او كيميائي). الا ان الادمان وارتفاع ضغط الدم وداء السكر لا يتم تفسيره بشكل كامل عن خلل في الجسم. وربما تفسير حدوثها بتكيف متوقع للحياة في قفص! وهي حياة واسعة خالية من التحديات. وفي الحياة يبحث الانسان عن الالهاء والقتال (واقصد النشاط في الحياة مثل الحركة ومواجهة التحديات)، وتفاصيل هذا الالهاء والحركة في التاريخ والادب.
اسلافنا وقبل مدة طويلة جدا تعلموا كيف يجدون الطعام والزملاء وتجنب الاخطار والمغامرة وغيرها. والدماغ يدفع الكائن (الانسان) للبحث عن الطعام والجنس والامان والمغامرة، ومع كل نجاح يجد الانسان مكافاة في نبضة دوبامين (هرمون السعادة). ومع الدوبامين يحصل رضا بالحياة وتفاصيلها، وتوقف قصير عن البحث عن الطعام. وعندما تتبدد الرضا والدوبامين، يعود الانسان للبحث لتحقيق حاجة جديدة. ويحتجز الانسان دائرة حصوله الى المكافاة حيث ما يطلبه من رضا. ويبحث الانسان عن مفاجاة ايجابية قادمة للحصول على نبضة دوبامين، اي رضا بالحياة.
ومنذ الخلق، والانسان في تحدي مستمر، هجرة وعبور جبال وصحارى ومحيطات. وعند النجاح في كل تحدي هناك نبضة دوبامين ليحصل على الرضا. والانسان في البرية يجد الطعام عرضيا، وكل لقمة كانت مفاجاة له، وبها يحصل على الرضا عن الحياة.
مشاركة الانسان مع اخرين يقلل الندرة في الطعام في المجتمعات، ويحصل على المكافاة عند العطاء او الاخذ. واهم صفات الانسان تكمن بالبراعة والسيطرة التدريجية على الطبيعية، وترتبط مع المكافاة (نبضات الدوبامين) والمساومة. وهذه المواصفات ارتبكت عند ظهور الزراعة! وسيطرت مجموعات وعوائل على الاراضي الاكثر خصوبة، وكذلك سيطرت تجمع فوائض الزراعة. وثم تغيرت قواعد هذه اللعبة بظهور الصناعة. وبذلك اصبح الانسان يجد الطعام والراحة بدون مفاجات اي بدون نبضات هرمون السعادة. وبعدها ظهرت التجارة وتطورت بشكل اخر، ظهرت فجوة بين من يملك وبين لا يملك، وظهرت المساومات بدلا من اللقمة المفاجاة.
العبقرية الجماعية للانسان، قللت احتمالية ممارسة الاعمال السابقة من قتال (غزو، وسلب، ومقارعة الحيوانات) للحصول هدايا طبيعية (نبضات الدوبامين) خلال عمره. لقد تطور الانسان ليستكشف كوكب الارض، ثم في هذا القرن اصبح همه الحصول على بطاقة حضور مباراة مثلا، او يبحث عن موضوع في الانترنيت، او يجلس في داره ينظر الى شاشة! اي العمل على الانترنيت او مراقبة التلفزيون. وهذه نشاطات يتعلمها الانسان في دقائق او ايام ولا تمثل اي تحدي او مفاجاة، وبالتالي لا مكافاة عند اتقانها كما كانت اعماله سابقا. وبذلك فقد الانسان نبضات الدوبامين (المكافأت) وأصبح النمو غير مريح. فبحث الانسان عن المواد التي تسهل له الحصول على المكافات (نبضات الدوبامين).
ويتكيف الانسان، اي يقلل من الحساسية للتحفيز القوي المستمر، واليات التكيف اندفاع واضح للدوبامين. ويلجا الانسان الى مواد تسبب اندفاع اكبر من الدوبامين، ومنها الكوكائينن والهيروين، والنيكوتين، والكحول، والسكر والدهون، وغيرها (ومنها ما يتناقله الاعلام في ايامنا هذه الكريستال)، وهذا الادمان.
نبضات الدوبامين والرضا عن الحياة به، انظمة لا يتم كسرها ولا تتعرض لخلل في التظيم الفيزيائي او الكيمياوي. وانما يعمل وفق تصميم الخلق. اي يتعامل مع احداث صغيرة وتغيرات عرضية ولا يوجد اندفاع مزمن للدوبامين يسبب ياس فسيولوجي ونفسي.
ومن المؤكد لا تصيب حالة الياس الكل، وانما التعليم والمساواة وفرص العمل وغيرها تشكل حماية للانسان من الادمان.
ولمعالجة الامراض الناتجة من عقارات الياس والغذاء الغني، يبحث الطب عن ادوية جديدة. والاخيرة تدفع الى تكيفات جديدة، وبذلك يهرب الناس من الصحة الحقيقية الى حالات غير مستقرة تحافظ على الحياة بادوية متعددة polypharmacy.
والحل يكمن في توسيع فرص لايجاد رضا في الحياة ولو لفترات قصيرة، من خلال نشاطات تحدي تتطلب تعلم خبرات لفترات طويلة، وبذلك يتم انقاذ المكافات من مرض نظام الحياة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، معظم الاعمال التي تخدر العقل (لا مفاجات ولا تحديات) هي الاقل اجرا، وبذلك تتطلب البحث عن عمل اخر! والحل في الاصرار على اجور افضل واعلى، وتقليل ساعات العمل لكل الاعمال المخدرة للعقل، ومع الزمن يتم النوسع في الفرص. وهنا لابد من الدعوة للانتباه الى التماثل في رسوم الانسان في الكهف، ورسوم الانسان في الوقت الحاضر على الجسور والشوارع!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأقمار الصناعية تكشف ثكنات عسكرية للحوثيين تحت الأرض


.. مقابلة خاصة مع مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس




.. الأقمار الصناعية تكشف ثكنات عسكرية للحوثيين تحت الأرض


.. معهد العلوم السياسية بباريس يرفض مراجعة علاقاته مع الجامعات




.. قبَّل يد رجل الأعمال محمد أبو العينين.. الطبيب الشهير حسام م