الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر7

عبدالرحيم قروي

2024 / 1 / 29
الارشيف الماركسي


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
الحلقة السابعة

الدرس الثاني
______________________________
ميزة الجدلية الأولى
الترابط
قانون التفاعل والترابط الشامل
1 – مثال
2 – ميزة الجدلية الأولى
3 ـ في الطبيعة
4 – في المجتمع
5 – خلاصة
____________________________
1 – مثال
يشارك صاحبنا فلان في النضال من أجل السلام، ويجمع التواقيع على نداء ستوكهولم، ويقوم بتعليق الإعلانات من أجل مؤتمر الشعوب، ويأخذ بالنقاش مع صديقه في العمل أو مع شخص غريب حول حل المشكلة الألمانية حلا سلميا أو حول ضرورة إيقاف الحرب في الفيتنام، كما أنه يدعو ساكني الحي إلى اجتماع في بيته لتأليف اتحاد وطني من أجل السلام.
وسوف يقول البعض: "وماذا يعتقد هذا المسكين أنه يفعل؟" أنه لا شك يضيع وقته وجهده". يبدو عمل هذا الرجل، لأول وهلة، عبثا لا طائل تحته. فهو ليس وزيرا، ولا نائبا ولا قائدا في الجيش ولا صاحب مصرف أو سياسيا. إذن؟
وهو مع ذلك محق في عمله. لماذا؟ لأنه ليس وحيدا.ومهما كان شخصه متواضعا فأن لمحاولاته هذه قيمتها وتأثيرها لأنها ليست محاولات فريدة. بل عمله جزء من عمل كبير هو نضال الشعوب العالمي من أجل السلام. إذ هناك ملايين الرجال الذين يعملون مثله، في نفس الاتجاه ضد نفس القوى. فهناك ارتباط شامل بين جميع هذه المحاولات التي تكون حلقات صغيرة في نفس السلسلة. كما أن هناك تفاعلا متبادلا بين جميع هذه المحاولات، لأن كلا منها تساعد الأخرى بما تضربه من مثل وما تكسبه من خبرة أثناء فشلها وانتصارها. حتى إذا قام جميع هؤلاء الرجال بالمقارنة بين محاولاتهم اكتشفوا أنهم لم يكونوا فيها فريدين بالرغم من اعتقادهم ذلك. كل شيء أذن مرتبط بالأخر.
(Tout se tient) هذا مثال بسيط استقيناه من الواقع. وهكذا نرى أن قانون الجدلية الأول هو الذي يسمح، لوحده، بتأويل هذا المثال بصورة صحيحة. وبهذا تتعارض الجدلية مع الميتافيزيقا تعارضا أساسيا. ولن يفكر إلا ميتافيزيقي مثل هذا التفكير فيقول: "ما الفائدة من كل هذا الجهد، من صعود الطوابق ومناقشة الناس؟ لأن مصير السلم ليس بأيدي الناس العاديين" لأن الميتافيزيقي يفصل ما هو في الواقع غير منفصل. تكلم في تشرين الأول سنة 1952، في مؤتمر آسيا والباسفيك من أجل السلام، عالم، هو جون هنتون، وكان قد شارك، في لوس آلموس، في صنع القنبلة الذرية الأولى فقال:
"لمست بيدي أول قنبلة ذرية ألقيت على ناجازاكي. وأني لأشعر الآن بالجرم الذي ارتكبته، كما أشعر بالخزي لأنني قمت بدور مهم في إعداد هذا الجرم ضد الإنسانية. ولكن كيف حدث أني رضيت القيام بهذه المهمة؟ ذلك لأنني كنت أومن بفلسفة "العلم من أجل العلم" الخاطئة. هذه الفلسفة هي السم الذي يقضي على العلم الحديث. ولقد كان من نتيجة الخطأ الذي يقوم على فصل العلم عن الحياة الاجتماعية والكائنات البشرية أني انتهيت إلى العمل في صنع القنبلة الذرية خلال الحرب. إذ كنا نعتقد أننا، كعلماء، يجب علينا أن نكرس جهودنا من أجل "العلم الصرف" وأن على المهندسين ورجال السياسة إتمام الباقي. وأني لأخجل من القول بأنني انتظرت فظائع ضرب هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية لكي اخرج من برجي العاجي وأدرك أنه ليس هناك من "علم صرف" وأن لا معنى للعلم إلا بقدر خدمته لمصالح الإنسانية جمعاء. وأني لا توجه اليوم إلى العلماء الذين يعملون الآن، في الولايات المتحدة وفي اليابان في صنع الأسلحة الذرية والميكروبية قائلا: "فكروا فيما تفعلون!"
ولا يعتقد الميتافيزيقي أن ما يفعله مرتبط بما يفعله الآخرون. ذلك شأن العالم الذري الذي خيل إليه أنه يتصرف حسب "روح العلم" وكان موقفه، في الواقع، موقفا مناقضا للعلم لأنه لم يتساءل عن الظروف الموضوعية لنشاطه المهني وعن طريقة استخدام عمله.
وهذا موقف شائع جدا. وهو موقف الرياضي الذي يردد في كل مناسبة "الرياضة هي الرياضة، والسياسة هي السياسة. أنا لا أتدخل في السياسة" ولا شك أن الرياضة والسياسة شيئان منفصلان. ولكن من الخطأ القول بأن ليس بينهما أية علاقة إذ كيف يمكن للرياضي أن يشتري أدواته الرياضية إذا انخفضت قدرته الشرائية. أو توقف عن العمل؟ وكيف يمكن بناء الملاعب وأحواض السباحة إذا التهمت ميزانية الحرب الاعتمادات الضرورية للرياضة؟ وهكذا ترى أن الرياضة ترتبط ببعض الشروط التي يجهلها الميتافيزيقي ويكتشفها الجدلي، لأنه لا رياضة بدون اعتمادات، ولا اعتمادات بدون سياسة سلمية، فلا تنفصل الرياضة إذن عن السياسة. ولا يخدم الرياضي، الذي يجهل هذا الارتباط، قضية الرياضة بل هو يحرم نفسه من الوسائل للدفاع عنها. لماذا؟ لأنه إذا ما جهل أن كل شيء مرتبط بالآخر فانه لن يناضل ضد سياسة الحرب. حتى يحين الوقت الذي يفقد فيه الرياضة وذلك إما لأن خراب البلاد قد قضى على معدات الرياضة وإما لأن الحرب قد وقعت.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام