الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة في العراق، تَقود أم تُقاد؟ حول إنهاء وجود التحالف الدولي لمحاربة داعش

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2024 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


تتحدث الانباء، هذه الأيام، حول نية القوات الامريكية المتواجدة في شمال سوريا وفي العراق، باعتبارها القوة الأكبر المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش والتي تشكلت ابان ظهور التنظيم المذكور، الخروج من هاتين المنطقتين.
يأتي الحديث، في هذا السياق، عن اتفاق " مبدئي" بين الحكومتين العراقية والأمريكية حول جدولة خروج القوات الامريكية من العراق؛ ولهذا السبب فقد أنعقد يوم أمس (27/1/2024) الاجتماع الأول بين الطرفين برئاسة السوداني لوضع الترتيبات واللمسات على عملية الخروج وتحديد سقف زمني لذلك. هذه الخطوة التي يعتبرها البعض بانها ليست بالبعيدة على أمريكا حيث نموذج أفغانستان حين انسحبت وسلمت السلطة الى احدى اكبر وأشهر العصابات الإرهابية (حركة طالبان) دون أي اعتبار لما سيحل بهذا البلد من كوارث وويلات .
خطوة الانسحاب الأمريكي الحالية من العراق تأتي ضمن تداعيات حرب الإبادة الجماعية التي تشنها حكومة إسرائيل الشوفينية بحق سكان قطاع غزة؛ ومن جملة هذه التداعيات، قيام قسم من ميليشيا الحشد الشعبي الموالي لإيران بمهاجمة القواعد الامريكية الموجودة في العراق وعلى الحدود السورية العراقية بالطائرات المسيرة وبالصواريخ، وحتى السفارة الامريكية في بغداد لم تنجوا من هذا الاستهداف ( كانون الاول الماضي ). تزامنا مع هذه الهجمات، قام الحرس الثوري الإيراني مؤخراً بقصف مناطق من مدينة أربيل بالصواريخ الموجهة بحجة تواجد عناصر تابعة للموساد الإسرائيلي، وبالإضافة الى ذلك، فان القصف، حمل في طياته رسالة مبطنة من إيران الى أمريكا وحلفاءها في العراق بأنكم تحت مرمى صواريخنا.
خروج القوات الامريكية من العراق وفي هذا الظرف المتأزم في المنطقة حيث تواجه إسرائيل، حليفة أمريكا الأولى، احدى أكبر تحدياتها منذ تأسيسها عام 1948؛ لا يبدوا منطقياً لجملة أسباب ومنها:
1- أولاً، وقبل كل شيء، ان العراق يختلف عن أفغانستان، فالعراق بالنسبة لأمريكا مشروع استراتيجي بعيد المدى لا يمكن التخلي عنه وتركه بهذه السهولة.
2- إذا ما تركت أمريكا العراق؛ فأن ايران ستملأ الفراغ الناجم عن هذه العملية؛ وهو ما لا تريده أمريكا كون احدى أسباب تواجدها في العراق هو تطويق ايران.
3- السبب الآخر هو رفض المكونات الأخرى " الكورد والسنة والمسيحيين" رحيل القوات الأمريكية، وحتى بعض الأطراف الشيعية غير المحسوبة بشكل مطلق على إيران، وهو ما تأخذه أمريكا محمل الجد.
4- خروج أمريكا في هذا الظرف، ستعتبره إيران نصرا لها ولحلفائها، وتحديدا، انتقاما لمقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي اللذان اغتالتهما أمريكا.
5- السبب الآخر والذي ينبغي الإشارة اليه؛ هو مخاوف دول الخليج من هذا الخروج، خصوصا وان لأمريكا تواجد عسكري في معظم بلدانها وان التواجد الأمريكي في العراق يجعلها تشعر باطمئنان أكثر.
6- وجود السفارة الامريكية في العراق بهذا الحجم والذي يعتبره البعض بنتاغوناً مصغراً.
7- أما اقتصاديا، فأن هذا الخروج سوف يؤثر، دون شك، على عملية استثمار الشركات الأجنبية في المشاريع داخل العراق، أضف الى ذلك سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي الذي لم يستقر رغم التواجد الأمريكي، فماذا سيكون حين تغادر أمريكا العراق؟
ان خيوط "لعبة" الدولار والدينار هي بيد أمريكا قبل أن تكون بيد الحكومة العراقية، وان حكومة السوداني تدرك ذلك جيدا، لذا تريد كما يُقال، أن تمسك العصى من الوسط، وهو ما يجعلها في حالة لا تحسد عليه؛ رغم كونها جاءت بتأييد ومؤازرة قوى الاطار التنسيقي الموالي لإيران والتي تُدير دفة الحكم خلف الستار. اذا فمسألة رحيل القوات الامريكية برمتها لا تعدوا كونها تنفيساً للضغط الذي يُمارس على كلا الطرفين، أمريكا وحكومة السوداني والى أن تستقر الأوضاع في المنطقة بشكل أو بآخر.
النقطة التي لا يختلف عليها اثنان والتي اثبتت صحتها؛ حتى بالنسبة للذين لا تهمهم أمور السياسة، هي ان الاحتلال الأمريكي للعراق وفرض هذا النموذج من الحكم وتقسيمه الى " طوائف وأعراق" من خلال دستور وبرلمان بعيد كل البعد عن تطلعات الجماهير في العراق، هو نتاج سياسة الامبريالية الامريكية التي ارادت لهذا البلد ان يصبح نموذج آخر لأفغانستان، وان كل ما حل ويحل بها من مآسي وويلات واستشراء الفساد و.... على يد حكام هذا البلد هو نتاج لهذا الاحتلال وتداعياته.
ان الطريق الوحيد للخروج من هذه الدوامة التي مازالت تعصف بالعراق والمنطقة، هو توحيد الصف النضالي المستقل للجماهير التحررية في العراق، عمالا وكادحين ومفقرين وشبان وشابات وجميع الشرائح الاجتماعية الأخرى التي تعاني من سياسات هذه الأحزاب الطائفية والقومية الحاكمة والنضال من أجل ازاحتها بغية تأمين حياة مرفهة تسودها العدالة والمساواة للجميع، أي أن تأخذ هذه الجماهير سلطتها بأيديها.
28 / 1 / 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ