الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم -دوامة - صورة قاتمة عن كيفية تعامل الأسرة مع مرض ( الزهايمر )

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2024 / 1 / 30
الادب والفن


طرحت فكرة أمراض الشيخوخة ومنها( الزهايمر) أكثر مرة في السينما، على سبيل المثال، فيلم “الأب ” الذي صدر في عام 2020 لفلوريان زيلير وبطولة أنتوني هوبكنز الذي حصل على عدد من الجوائز . وكذلك الفيلم الأميركي “ما أزال أليس” وهو فيلم دراما تم إنتاجه في عام 2014، بطولة جوليان مور وأليك بالدوين وكريستين ستيوارت وكايت بوسورث.
المخرج الفرنسي (الأرجنتيني الأصل) المثير للجدل غسبار نوي الذي ألهمه نزيف دماغه شبه المميت والذي أصيب به عام 2019، وكذلك حالة والدته التي كانت تعاني من مرض الزهايمر في آخر أيامها في كتابة وإخراج فيلم " فورتكس" أو " دوامة". وعلى الرغم من أن منتج الفيلم أوضح بأن الفيلم ليس سيرة ذاتية، إلا أنه من الصعب عدم تحديد بعض أوجه التشابه الأساسية في كون هذا الفيلم مستوحى أكثر بكثير من الحياة الحقيقية . يبدأ الفيلم بنغمة رقيقة "إلى جميع أولئك الذين ستتحلل أدمغتهم أمام قلوبهم". يقدم المخرج "غسبارنوي" إثنين من الممثلين الرواد وهما الإيطالي المخضرم مخرج أفلام الرعب "داريو أرجينتو " وتشاركه الفرنسية " فرانسواز ليبرون " وإظهار السنوات الحقيقية لولادتهما (1940 و 1944 ) على التوالي . الزوجان ليس لهما أسماء في الفيلم، فهما مجرد زوج وزوجة مسنّان يعيشان في شقة في باريس مليئة بالكتب والذكريات، الرجل ناقد سينمائي ومؤرخ وباحث في مجال الأفلام ويعاني من مرض في القلب . والمرأة طبيبة نفسية متقاعدة تعاني من الزهايمر ومع ذلك تستمر في كتابة الوصفات الطبية لنفسها. تمتلئ شقة الزوجين من الأرض إلى السقف بالكتب وتغطى جدران الشقة بالملصقات والبطاقات البريدية ومنشورات الأفلام القديمة. يفتتح الفيلم بمشهد لحوار بين اثنين من كبار السن لرجل وزوجته وعبر نافذتين متقابلتين وتخبره الزوجة بأن كل شيء جاهز وتقصد المائدة التي يتوجهان إليها ويتبادلان الأنخاب وتقول الزوجة " الحياة حلم، أليس كذلك؟ " ، ويرد الزوج: " نعم، إنها حلم داخل حلم”، وهي قصيدة للأميركي ( إدغار آلان بو). يرافق ذلك مقطع فيديو قديم لمغنية فرنسية شابة فرانسواز هاردي وهي تغني أغنية ساحرة "صديقتي الوردة " كلمات الأغنية حول الحياة القصيرة لوردة جميلة. التناقض بين شباب المغنية وموضوع الموت في الأغنية يضيف طبقة من التأثير أضافة الى الإهداء في أفتتاحية الفيلم : إلى جميع أولئك الذين سيتحلل دماغهم أمام قلوبهم”، وهي إشارة إلى شخصية ليبرون غير المسماة والتي تنسب إليها اسم (الأم) . يقدم الفيلم بالفعل صورة مؤلمة لما يمكن أن يكون عليه ألانسان حين يتدهور العقل. يستخدم المخرج نوي شاشة مقسمة للفصل بين التجارب المختلفة للزوجة والزوج أثناء اقترابهما من نهاية قاتمة وغير عاطفية. ينشغل الزوج بإنجاز كتابة عن "السينما والأحلام" في حين تتجول زوجته في أرجاء الشقة بلا هدف وتظهر بشكل لا تستطيع أن تتذكر ما يفترض أن تفعله .
ثم يعمد المخرج على إبراز أسماء الممثلين وتاريخ ميلادهم على الشاشة . فرانسيس ليبورن (1944) وهي ممثلة فرنسية قديرة، وداريو أرجينتو (1940) هو مخرج سينمائي إيطالي ومنتج وكاتب سيناريو واشتهر بأفلام الرعب. بعد الانتهاء من الأغنية ينكشف المشهد عن الزوجين وهما نائمين، بدلا من صورة عريضة للزوجين في السرير ، نرى على الشاشة صورتين مقسومتين بزوايا مستديرة بجانب بعضهما البعض. يظهر الجانب الأيسر شخصية أرجنتو ، المستمر في النوم ، بينما يتبع الجانب الأيمن ليبرون وهي تنهض وتذهب إلى المطبخ لصنع القهوة. في هذا المشهد الأول ، ينضح الإحساس المذهل الذي توفره رؤية حقيقتين في وقت واحد ، في غرفتين متجاورتين عمليا في نفس الشقة الصغيرة يخلق المخرج فجوة مادية وإحساسا بالمسافة بين الشخصيتين يكاد يكون من المستحيل إغلاقها مرة أخرى. إنها خدعة سينمائية ذكية تؤكد إلى أي مدى تباعدت الشخصيتان. ربما يرجع هذا على الأقل إلى الحياة قليلا ولأنهم كانوا معا لفترة طويلة . سيجذب عمل المصور السينمائي بينوا ديبي الدقيق على الشاشة المقسمة أكبر قدر من الاهتمام ، توفر شقة الزوجين ، المحشوة بالعوارض الخشبية والكتب والملصقات و أيضا في كثير من الأحيان كنوزا مهمة ترتبط عاطفيا في حياتين كاملتين .
في تلك اللحظة يسستمرالمخرج في إستخدام تكنيكه الرائع في تقسيم الشاشة الى نصفين وكل جزء يتابع حركة الزوج والزوجة، تنهض الزوجة أولاً، وهي تائهة وتبحث عن شيء مفقود ومن حركة عينيها يظهر المخرج حالة التوهان فهي طبيبة نفسية متقاعدة وهي الآن تعاني مرض الزهايمر، تمارس ليبرون روتينها الصباحي، المتمثل في إضاءة الموقد لقهوة زوجها، تعد لها فنجان القهوة وبعد الانتهاء، تكتب وصفة طبية لها لا يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى يتجلى ذلك، حين تغامر ليبرون بالخروج لإسقاط كيس من القمامة في سلة المهملات، ترتدي الكنزة الحمراء وتنزل من الشقة وتنزلق إلى الخارج وهي تائهة لا تعرف وجهتها، ومن الواضح أنها تشعر بالضياع الشديد والوحدة في شقتها الخاصة. تتسلل إلى المتاجر وتتجول في الممرات المزدحمة لمتجر لاجهزة الكمبيوتر ومتجر بقالة صغير ، ولا تعرف ما الذي أتت من أجله ، أو حتى أين هي ؟! .
تتجول الزوجة في السوق، لكنها لا تبحث في الواقع عن أيّ شيء. مع مرور الدقائق، ندرك أنها ليست متأكدة مما تفعله وحتى موقعها بالتحديد . قليلة الكلام ولا تتحدث كثيرا وعادة ما تتمتم بشكل غير مسموع أو تظل صامتة. وحين ينهض الزوج من الفراش، يذهب إلى المطبخ، ويسكب لنفسه فنجانا من القهوة ويتوجه إلى مكتبه في البيت لأنه يعمل على إنهاء كتابه ويبدأ بالعمل على الآلة الطابعة ويراقب المشاهد حركة الاثنين وهما في مكانيين مختلفين بفضل تقنية الشاشة المقسمة إلى نصفين، نسمع صوتا الراديو وحديثا عن الذاكرة السليمة والذاكرة المريضة والتي يصفها بالمحاصرة والتي تتألم على الدوام، يفتقد الزوج غياب الزوجة، يرتدي ملابسه ويهرع مسرعا للعثور عليها، يسأل في البداية صاحب المكتبة الذي يؤكد بعدم مشاهدته لها، أخيرا يعثر عليها في محل البقالة القريب ويشتري لها باقة من الورد ويعودا إلى المنزل، وبعد تقريعه للزوجة والتأكيد بعدم خروجها لوحدها في الشارع خوفا من الضياع ولكثرة الناس السيئين والوحوش في هذه المدينة الخطرة وينذرها، ولكنها تعترض على صفة “سيئين” وتشدد على أن الناس في الخارج طيبون وليسوا وحوشاً. ويرد عليها بأن العالم مليء بالمجانين وعليها أن تفهم ذلك. ويخبرها انه منشغل هذه الأيام في الانتهاء من كتابه عن السينما و الاحلام .
تمتلئ العديد من اللحظات في فيلم فوتيكس أو ( دوامة ) بالصمت ، مع التجول غير المنتظم لشخصين أصبح العالم بالنسبة لهما متاهة مروعة. ، حيث توجد قفزات ثابتة لبضع ثوان في سياق الأحداث ، على تدمير مفاهيم المكان والزمان . القصد من ذلك هو جعل المشاهد يشعر بالضياع بنفس القدر. محاصرون في مساحة لا تجتمع فيها ذكريات وإنجازات حياة واحدة ، بل حياتين كاملتين ، في هذا التأمل الوجودي ، لا يتخلى المبدع عن أسلوبه الشخصي (شاشتان ، كاميرا يقظة ، بعض التشبع الذاتي ، الحد الأدنى من القطع ) . بل يستخدمه للتأكيد على الجوانب التي تهمه في التركيز: العجز الجنسي ، الوحدة ، العبثية ، الفشل ، الذكريات العابرة ، أضافة الى مساهمة التمثيل والأداء المتميز جداً من قبل ( داريو أرجينتو) ، بحيث يمكن أن يكون تأثيرها على المشاهد مؤثرأ ،
يستنجد الاب بالابن “إستيفان” ويقوم بدوره الممثل الكوميدي الفرنسي أليكس لوتز، وهو نفسه غارق في مشاكله الخاصة من إدمانه المخدرات، ومسؤوليته عن طفله الصغير “كيكي” الذي تركته زوجته له، يقترح الابن في انتقال الأم إلى دار لرعاية مرض الزهايمر لكون الأب مريض بالقلب وغير قادر على السيطرة على أفعال زوجته وخاصة بعد فتحها لغاز الطباخ ونسيانه وكادت تسبب كارثة في البيت. رغم أن ابنهما “أليكس لوتز” ليس مفيدا كثيرا، لكن تعاطفه معهم يجعل من وجوده مبعث اطمئنان لوالديه لكن رعاية والديه خارج قدراته الحالية. الابن ستيفان يبذل قصارى جهده لمساعدة والديه أثناء محاولتهما البقاء مستقلين على الرغم من كبر سنهما وأمراضهما. هناك مشهد غير عادي في النصف الثاني من الفيلم، حيث تتمتع ليبرون بلحظة من الوضوح عند مناقشة زوجها وابنها في كيفية تنظيم مستقبل عائلتهما الصغيرة. شخصية الأب أرجينتو عنيدة ويرفض مغادرة الزوجة شقتهما، على الرغم من أن العيش في مركز الرعاية سيكون أكثر ملاءمة لوضعها، لكنه يصرّ على بقائها في الشقة وتحت رعايته، والتأكيد على هذه اللحظة غير العادية من التكاتف كعائلة. هناك أيضا المشهد الذي تظهر فيه الزوجة ولا تتذكر أين هي ولا تتذكر حتى زوجها! بل تخبر ابنها أنها تريد العودة إلى المنزل وأن شخصية أرجينتو تتابعها. ثم تطلب منه تحديد الرجل الغريب الذي يستمر في مضايقتها، ولا تعترف به كزوج. بينما يحاول ثلاثتهم تحديد ما يجب القيام به، يقترح الابن دار رعاية ويرفض الأب، يتبجح، ويردد “سيكون كل شيء على ما يرام، سيكون كل شيء على ما يرام". أداء الممثلة ليبرون طوال الوقت مقنع تماما لدرجة أنه يبدو وثائقيا عمليا، باعتقادي هذا المشهد كان أفضل لحظة تمثيل في الفيلم بأكمله. وقدمت ليبرون أفضل أداء في هذا المشهد. شيء آخر يجب التحدث عنه هو تقسيم الشاشة بين الزوج والزوجة. هذا التكنيك الذي استخدمه المخرج في عملية الفصل بينهما بحيث يمكنك رؤيتهما على كلا الجانبين، ويمكنك على سبيل المثال إلقاء نظرة فاحصة على الشخصين المسنين مباشرة بعد الوفاة المفاجئة للزوج ونشاهد المزيد من البؤس عندما لا تفهم الزوجة ببساطة أن الزوج قد مات وتسأل ابنها عن حاله ومتى ينهض من غفوته .
يلعب المخرج الإيطالي داريو أرجينتو (وهو نفسه ليس غريبا على صدمة الجمهور) دور الأب الذي لم يكشف عن اسمه، وهو مثقل بمرض في القلب ويجهد نفسه من أجل استكمال كتابه عن علاقة السينما بالأحلام أو اللاوعي وبالتأكيد لن يكمله أبدا . هذان الاثنان يحبان بعضهما البعض ويهتمان برفاهية بعضهما البعض ولكن في سن الشيخوخة. وذلك عن طريق تقنية جديدة تتمثل في شاشة منقسمة تصور الفجوة بينهما – رمز لها المخرج نوي بشريط فاصل أسود – يكاد يكون من المستحيل إغلاقها مرة أخرى، فعندما تستيقظ الزوجة النائمة بجانب زوجها، تنقسم الشاشة تدريجيا إلى قسمين. يظهر في القسم الأيسر منها الزوج وهو مستمر في النوم، بينما نتابع على القسم الأيمن الزوجة ليبرون وهي تنهض وتذهب إلى المطبخ لإعداد القهوة وتبدأ من هذه اللحظة تجارب الزوجين في التباعد والتداخل. وبينما تتجول ليبرون في المكان بحثا عن شيء نسيته، يجعلك انقسام الشاشة لا تعرف تماما المكان الذي تبحث فيه، خاصة أنك لا تريد أن تغمض عينيك عن أيّ جانب من جانبي الصورة. مما جعل المخرج غاسبار نوي أكثر إبداعا بابتكاره في تصوير كل شيء في شاشة منقسمة باستخدام كاميرتين محمولتين تتابعان أبطاله طوال الوقت حتى عندما يجلسان جنبا إلى جنب على الأريكة أو يستلقيان معا في الفراش . من اللحظة التي يبدأ فيها الانفصال البصري ، تنجرف تجارب الزوجين بعيدا ، وأحيانا تتداخل. التأثير أقل إثارة للدهشة من الانعكاس ، حيث يتكيف غاسبار نوي والمصور السينمائي بينوا ديبي مع إيقاع حياة موضوعاتهما. زوجان مسنان ، عاشا 68 عاماً كمثقفين يساريين شباب ، يشربان نخب المستقبل في عام 2020 ولماذا الحياة "حلم داخل حلم". يتم توضيح الخرف من خلال تقسيم الشاشات ، مما يؤدي إلى عزلة مشتركة ، ويكشف عن لحظات الانزعاج الناتجة عن "الآخر" و "الذات". لأن عدم الراحة ، عدم الرضا ، بمفرده أو المشترك ، أمر لا مفر منه ، ويؤدي فقط إلى زيادته بينما نتحرك نحو موتنا. وأجرؤ على القول إن هذا هو ما يدور حوله الفيلم: حول المعاناة التي تخنقنا تدريجيا "في تصاعد" بلا هوادة حتى حلها النهائي ، وهو الموت ، مما يقلل من جميع أفعالنا التي نقوم بها في الحياة إلى رماد عديم الفائدة .
في أحد المشاهد، يجلس ستيفان ووالدته على جانب واحد من طاولة غرفة الطعام بينما يجلس والده وابنه الصغير على الجانب الآخر، الشاشة المقسمة باستمرار للفيلم. يوبخ الجد حفيده لكونه صاخبا جدا مع ألعابه، طوال الوقت ، يلعب صبي صغير يدعى كيكي ، حفيدهم ، بصوت عال مع سيارات الألعاب التي تصطدم ببعضها البعض ، وهي رموز واضحة ولكنها مهددة للعنف الداخلي الذي يشهده. المشهد ينحسر ويتدفق بالغضب والاستياء والارتباك - مع الفزع ، حتى ليبرون تبكي في حيرتها وعدم قدرتها على التواصل ، حتى يمد أرجنتو يده عبر فجوة الشاشة المنقسمة ليلمس ذراع زوجته. انفجرت الجدة في البكاء حين تلمح وجه الطفل الصغير القلق لأنه يرى جدته تبكي. ربما شعر داريو بالقلق على الممثلة، لأنها كانت تبكي حقا ولأنها كانت تؤدي المشهد ذلك بشكل مبدع ومؤثر. إنها لحظة من هذا الاتصال والحنان يمكنك أن تشعر بنبضات قلب تدق ت. مع لمستها الإنسانية غير المألوفة وجمالياتها البصرية التي لا تتزعزع ، يتكشف لنا جمالية فيلم "دوامة" أفضل أعمال نوي وأكثرها تفكيرا . وعند سؤال المخرج نوي عن هذاه المشهد و كانت الإيماءات مثل يد أرجينتو عبر الشاشة المقسمة – الحب على الرغم من حتمية الخسارة – كافية، أجاب قائلاً “رأيت أمي عندما كانت حالتها متأخرة جدا في الخرف، ولم تفهم ما كنت أقوله، ولم أستطع أيضا فهم ما كانت تدركه لأنك لا تعرف ما هي الرؤى التي يمتلكها هذا الشخص، ولكن هناك في بعض الأحيان لحظات من الفرح الكبير مجرد لمس الشخص المريض، أو عقد أيديهم".
ربما يكون فيلم “دوامة” لغاسبار نوي هو الفيلم الأكثر إنسانية على الإطلاق، الفيلم يتابع زوجين مسنين أثناء تعاملهما مع الضعف والخرف. باستثناء اللحظات العرضية حيث تتبع الكاميرا لأبن ستيفان. إنه يسمح لنا برؤية ما يفعله أيّ من الوالدين بصرف النظر عن بعضهما البعض. وحتى في المشاهد عندما يكونون معا، يخلق حاجزا مفروضا بينهما تماما كما يفعل الخرف او الزهايمر بفريسته، يستخدم نوي تكنيك تقسيم الشاشة في الغالب لتصوير نوع من الوعي المزدوج. لكن المخرج يغيرها من حين لآخر، لاسيما عندما يزور نجل الزوجين، ستيفان (أليكس لوتز) شقتهما المزدحمة مع ابنه الصغير كيكي. في هذه المشاهد، يتم تدريب العدسات على نصفين في نفس اللحظة. لكن مواضع الكاميرا ليست متزامنة تمامًا، الدوامة هي تصوير قاتم ومؤثر لكيفية تعامل الأسرة مع الموت ومرض الشيخوخة (الزهايمر) . يقدم هذا الفيلم المؤثر تجربة المرض التي تتعرج نحو النهاية الحتمية، حيث يصبح من المستحيل تجنب الشعور بالخوف من الأماكن المغلقة بسبب واقع الزوجين . الدوامة هي انطباع المخرج غاسبار نوي الشديد عن شفق الحياة واختبار عتبة إنسانيتنا. هذا الفيلم يكشف مرة أخرى عن شر الحياة ليراه الجميع، سواء أحببنا ذلك أم لا. ولا يخلو الفيلم – الذي يصل وقت عرضه إلى ساعتين ونصف الساعة – من لحظات حساسة نكأت الآلاف من الجراح التي تجعل العلاقات الطويلة تتلاشى على مر السنين، حتى مع بقاء الحب؛ فالأم والأب يريدان الأفضل لبعضهما البعض، وهما محبوبان من ابنهما وحفيدهما. لكن الفيلم يسعى لاكتشاف أن الحب قد يكون حصنا ضعيفا جدا في مواجهة اعتلال الصحة وبداية الرحلة نحو الموت .
فيلم "فورتكس".. نظرة سينمائية واقعية على أمراض الشيخوخة، يوفر نظرة ثاقبة وواقعية تماما، لما سيواجهه العديد من البشر وعاشه الكثير من الناس مع أجدادهم ووالديهم. ويستكشف الفيلم التقدم في العمر وما الذي يعنيه فقدان الذاكرة شيئا فشيئا، ويجد المشاهد نفسه أمام شخصين كانا يحبان بعضهما بعضا، ويهتمان برفاهية بعضهما البعض، ولكن مع تقدمهما في السن يُصبحان كزوجين غرباء يعيشان في عالمين مختلفين. وهذا يظهر كيف يعاني شخصان من عملية التقدم في العمر وإمكانية أن يصبح المرض خارجا عن السيطرة، وفي يوم من الأيام ستتعين علينا مواجهة أمراض الشيخوخة إذا عشنا عمرا طويلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا