الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسطينيون وقرار محكمة العدل الدولية

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2024 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش*
أثار قرار محكمة العدل الدولية المستعجل بشأن دعوى حكومة جنوب أفريقيا التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة،، ردود فعل متباينة بين الأوساط الشعبية ومن بينها مواقف المؤثرين والناشطين من جهة، وبين آراء المختصين ومواقف الهيئات الحقوقية والسياسية تجاه القرار، حيث مالت مواقف المختصين إلى اعتبار القرار تاريخيا وإنجازا مهما للشعب الفلسطيني على الرغم من خلوّه من نص صريح لوقف الحرب، وإشارته لضرورة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دون شروط. بينما مالت الآراء الشعبية إلى التشاؤم لأن القرار أهمل الطلب الرئيسي بوقف الحرب، وتحدث عن تدابير يمكن لإسرائيل ان تروغ منها وتتحايل على تنفيذها، وخاصة أن تقديرات الخبراء والمحللين الإسرائيليين اعتبرت القرار افضل ما يمكن إنجازه في هذه الظروف، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن إسرائيل اصبحت في دائرة الشبهات ما سيدفعها إلى مزيد من العزلة.
ربما لا يعني القرار أكثر من وعود عامة مبهمة لمئات آلاف النازحين والمشردين الفلسطينيين الذين يعانون من كل ويلات الحرب جوعا وبردا وحرمانا من أبسط مقومات الحياة الإنسانية، وكانوا يتطلعون إلى قرار يضع حدا لمعاناتهم التي يتابعها العالم في بث حي ومباشر. حتى وزيرة خارجية جنوب افريقيا ناليدي باندور شاركت الغزيين تطلعاتهم حيث قالت "كنا نود من المحكمة أن تصدر قرارا بوقف إطلاق النار" ففي رأيها لا يمكن تنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية دون ذلك. لكن القرار في نظر المختصين يشكل إنجازا تاريخيا في مجال محاسبة إسرائيل وملاحقتها على جرائمها التي ارتكبتها على امتداد عقود طويلة ضد الشعب الفلسطيني.
وقد صدر موقف مشترك عن ثلاث من أبرز منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وهي الحق والميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وموقف آخر عن اللجنة التنسيقية الفلسطينية لمناهضة الأبارتهايد (PAACC)، والتي تضمّ كلّا من دائرة مناهضة الفصل العنصري في منظمة التحرير الفلسطينية ، ولجنة مناهضة الأبارتهايد في المجلس الوطني الفلسطيني، وحركة مقاطعة إسرائيل (BDS) ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، ومواقف للمؤسات الرسمية والفصائل الفلسطينية، ومواقف كثيرة لشخصيات قانونية وسياسية أكدت أهمية قرار المحكمة للأسباب التالية:
- أن المحكمة قبلت الدعوى ورفضت الطلب الإسرائيلي لردها بحجة عدم الاختصاص، ما يؤكد وجود أسباب معقولة للاعتقاد بوجود ابادة جماعية، ويستدعي اتخاذ تدابير احترازية لمنع الإبادة.
- استندت المحكمة إلى تقارير المنظمات الأممية بوجود خطر محدق يهدد حياة الفلسطينيين في غزة.
- قبلت المحكمة مبدأ الإلحاحية الذي يترتب عليه اتخاذ إجراءات وتدابير فورية.
- إقرار اتخاذ تدابير وإجراءات فورية لحماية الشعب الفلسطينية ومنع الإبادة.
- مطالبة إسرائيل بتقديم تقرير شهري للمحكمة عن التدابير التي اتخذتها لمنع أعمال الإبادة.
- أكدت قيام مسؤولين إسرائيليين بالتحريض على ارتكاب جرائم تندرج ضمن ما تفصله معاهدة منع جرائم الإبادة والمعاقبة عليها، وأقرت منع التحريض والتصريحات "الخالية من الإنسانية" الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين.
- إن إسرائيل لم تعد تملكحصانة الإفلات من العقاب، وباتت للمرة الأولى في تاريخها في دائرة المساءلة والمحاسبة على أعمالها.
- قرار توفير الاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة بشكل فوري، وهنا يشار إلى تصريحات مسؤولي المنظمات الدولية أن ذلك يستدعي وقف إطلاق النار.
- القرار يرتب مسؤوليات على الدول الثالثة التي تدعم إسرائيل بالسلاح الذي يستخدم في ارتكاب جرائم الإبادة.
- المحكمة ستواصل النظر في الدعوة الرئيسية التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة.
- تؤسس قرارات المحكمة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من أدوات القانون الدولي.
لا يمكن استبعاد أثر السياسة والضغوط على قرار محكمة العدل الدولية كهيئة وقضاة أفراد، فجاء بهذا الشكل الذي يحمل بعض الالتباس ولا يرتّب إجراءات قاطعة لحماية الضحايا، مع ضرورة ملاحظة أن المحكمة تحصر اهتمامها في نطاق اختصاصها. ومن البديهي أن قرارات المحكمة لا تتحقق من تلقاء ذاتها. وأن إسرائيل ستسعى للتحايل عليها، واستخدام أي ثغرة للتملص منها. لذلك لا بد من متابعة قرارات المحكمة أمام مجلس الأمن الدولي، حشد كل الإمكانيات لمتابعة هذه المعركة الكبرى على جبهة القانون الدولي، برصد وتوثيق الأدلة والبينات على الجرائم الإسرائيلية قانونيا وفنيا، والاستفادة من العقول والخبرات الفلسطينية والعربية والدولية المناصرة، ودعم جهود الهيئات والأفراد العاملة في هذا المجال، وإسناد دعوى جنوب أفريقيا، وتضافر الجهود السياسية والدبلوماسية والقانونية والدعاوية والكفاحية المحلية، واستثمار قررات محكمة العدل الدولية لتشديد الخناق على إسرائيل وعزلها واستنهاض الجهود الشعبية والرسمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها وصولا لإدانتها على جرائمها وإلزامها بتعويض الشعب الفلسطيني ومعاقبة مجرمي الحرب، وتعزيز المسار السياسي لحل القضية الفلسطينية حلا يؤمن للشعب الفلسطيني حقوقه الشرعية وغير القابلة للتصرف.
*باحث في مركز تقدم للسياسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة