الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سراب

أيلول ألأيوبي

2006 / 11 / 27
كتابات ساخرة


هيَ ألدنيا جميلةٌ في تناقضاتها ، غريبةٌ في أسرارها ، متوحشةٌ كاسرة حيناً وحنوناً عطوفاً حيناً آخر. فيها ألألمُ ، وفيها ألفرحُ وألمباهجُ ، فيها ألسهرُ وألسمر ، وفيها ألوحشةُ وألبكاءُ . هيَ تعطيكَ كل شيئ ، تمنحكَ ما في داخلها ولكنها تريدُ أن تمتلككَ . هيَ آنانيةٌ تأخذ أكثر مما تعطي ، تمنحكَ فرصة ولا تكرمكَ بأخرى . هيَ ألحبُ وألحقدُ في آنٍ واحد ، هيَ ألكرامةُ وألشرف ، والذلُ وألمهانة. فيها ألحريةُ كلام ليل يمحوه ألنهار ، فيها ألعدالة وألقانون فوقَ شريعة غاب بدائية ! . هيَ سرابٌ وأوهام . فيها ألدجىَ وفيها ألفجرُ وفيها ألقمرُ وألشمشُ وألنجوم ، فيها ألمياه أنهاراً تجري بعدَ ألأمطارُ ، وفيها ألبيحارُ وألمحيطات ، فيها كل شيئ وليسَ فيها شيئ ! . هيَ سرابٌ وأوهام . هيَ ألثراء وألفقر ألمدقع ، هيَ الفواحش وألمقبلات ، وفي ألوقت عينه هيَ ألبخلُ وألعطاء . فيها اللذة وألمتعة أصنافاً وألوان فيها ألفحشُ وألأغراء ، فيها ألتزهد وألتوحد وألعفة . تفرضُ تناقضاتها عليكَ . تحرد عليكَ زمناً تعبسُ في وجهكَ ثمَ تبتسم لكَ فجأة وكأنَ شيئاً قد تحولَ . تتبدل من حولكَ ألمواقف تارةً لصالحكَ وطوراً لغيركَ . تبحثُ في باطنها عن هذا ألغموض ألذي يسير بني ألبشر في هذه ألدنيا ، فترى نفسكَ ناقماً أحياناً ثائراً على هذا ألمجهول ألذي يسيركَ . ثورةً من أجل ألأنسان في هذه ألدنيا . ناقماً على ألمباهج بقشورها ، محارباً ألتناقضات ألدنيوية بألمثالية ، متخاصماً مع ألذات بما فيها َ من تناقضاتٍ أيضاً ، محاولاً فهم أسرار هذه ألدنيا فيصيبكَ ألأحباطُ . تدركُ أنَ الحقيقةَ هيَ سرابٌ لا أكثر . تثورُ مجدداً ناقماً باحثاً عن شفاء ألغليل لثورتكَ هذه ، تحاول ألأقتداء بألمسيح حيناً أو بمحمد وربما بموسى أيضاً ، وتقعُ في ألهزيمة ألقاتلة شاكراً حامداً أنكَ ما زلتَ على قيد ألحياة . أن لا تحاول ألتغيير أمرٌ لا يعقل وأن لا تكون طموحاً أمرٌ غير مقبولٍ على ألأطلاق . أما اذا أردتَ ألتغيرَ فعلاً فعليكَ أولاً أن تولدَ من جديدٍ ، من رحمٍ ليسَ من جسم انسان ، وأن تتفهم ألمادية ، وأن تسير في ركابها ، وأن تكون أحد فرسانها ، لأن ألوقوف في مواجهة عجلة ألتاريخ أمرٌ مستحيل. فألدنيا ماديةُ ألسلوك عليكَ أن تسلكَ معابرها حتى ولو جلبت لكَ تلكَ المادية نقمةً من جراءِ تناقضاتها ، وثورةً على ذاتها بهدف تنقية جلدها وصفائه . عندها تتجه الدنيا نحو ألصلاح . أما عكسُ ذلكَ فيبقى ألبحثُ جارياً وراء ألوهم وألسراب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي