الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محكمة العدل الدوليّة تقول إنّ الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة ضد فلسطين - معقولة ظاهريّا - إلاّ أنّها تقتصر على إصدار تحذير فارغ

شادي الشماوي

2024 / 1 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


محكمة العدل الدوليّة تقول إنّ الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة ضد فلسطين " معقولة ظاهريّا " إلاّ أنّها تقتصر على إصدار تحذير فارغ
جريدة " الثورة " عدد 838 ، 29 جانفي 2024
https://revcom.us/en/international-court-justice-says-israeli-genocide-against-palestine-plausible-limits-itself-empty

تصوّروا أنّ رجلا عنيفا بشكل ثابت و معروف يهدّد بصريح العبارة شريكته بالقتل ثمّ يشترى بندقيّة . و تكتشف شريكته ذلك و تتوجّه إلى المحكمة لتفصح عن أنّها تخشى على حياتها و حياة أطفالها و تسأل المحكمة أن تصدر أمر تقييد . فيقول القاضي إنّ مخاوفها " معقولة ظاهريّا " و يحكم بصرامة بأنّه على ذلك العنيف بشكل ثابت أن يتّخذ خطوات كي لا يقتلها و أن يقدّم للمحكمة تقريرا في غضون شهر – دون ذلك الأمر التقييديّ أو أيّ إجراء إلزاميّ آخر .
هذا بالضبط ما حدث عندما حكمت محكمة العدل الدوليّة (1) في الدعوى التي تقدّمت بها أفريقيا الجنوبيّة متّهمة إسرائيل بإقتراف إبادة جماعيّة ضد الشعب الفلسطيني في غزّة .
جبال من الأدلّة تفيد بانّ " هذا بعدُ إبادة جماعيّة " و المحكمة تقول " لنتفقّد الوضع بعد شهر "
بداية ، الإبادة الجماعيّة ليست عبارة لعن . و ليست تُهمة يمكن الإلتفاف عليها بسهولة . إنّها عبارة تعنى القتل المتعمّد لشعب بأكمله أو لجزء منه .
و هناك أكوام / جبال من الأدلّة التي تشخّص بشكل مقنع حرب إسرائيل ضد فلسطين على أنّها إباة جماعيّة . و نحن نخطّ هذه الأسطر ، نسبة القتلى في غزّة تقترب من 30 ألف إنسان على الأقلّ ، بصفة طاغية من غير المقاتلين . و تقريبا نصف القتلى من الأطفال . و قد قدّمت أفريقيا الجنوبيّة في ثنايا دعوتها تصريحت لمحكمة العدل الدوليّة صدرت عن قادة سامين إسرائيليّين وهو يصرّحون على الملأ بأنّ هدف المذبحة ليس حماس(2) بل جميع سكّان غزّة (3) و ضمّنوا دعوتهم تصريحا للسكرتير العام للأمم المتّحدة بأنّه " ما من مكان آمن في غزّة " .( التشديد مضاف )
لكلّ هذا و أكثر ، طالبت أفريقيا الجنوبيّة من محكمة العدل الدوليّة أن تأمر " دولة إسرائيل بضرورة أيقافها الفوريّ لعمليّاتها العسكريّة في غزّة و ضد غزّة " . (4) و في حين أنّ المحكمة حكمت بأنّ تُهمة الإبادة الجماعيّة " معقولة ظاهريّا " ، لم تفعل ما طلبته منها أفريقيا الجنوبيّة . فلم تدع إلى الوقف التام لعمليّات الجيش و الشرطة الإسرائيليّين في غزّة . و هكذا ، قالت هذه المحكمة إنّ تُهمة الإبادة الجماعيّة " معقولة ظاهريّا " إلاّ أنّها بعد ذلك تركت دون تقييد قدرة إسرائيل على الإمعان في الكذب بأنّ نتيجة عمليّاتها الإباديّة الجماعيّة ليست ن قصد و أنّ اللوم يجب أن يلقى حقّا على حماس .
أمر شنيع . ما الذى ينبغي أن يحدث لمّا تكون تُهمة الإبادة الجماعيّة معقولة ظاهريّا ؟ بالضبط ما طالبت به أفريقيا الجنوبيّة: إيقاف تام لعمليّات الجيش و الشرطة ضد الضحايا الممكنين إلى أن يقع البتّ النهائيّ في التهمة . و هذا لا يجب أن يعني أنّ الذين سعوا إلى عقاب شعب بأسره و إتّخاذ إجراءات تجويع جماعيّ متعمّد و الذين يأمرون بالإستخدام المنهجيّ لأقوى القنابل التي تقتل عددا كبيرا من المدنيّين ، و الذين دمّروا معظم المستشفيات في غزّة ، لهؤلاء لا يقال سوى أن يضمنوا أن يحترم " جنودهم " القانون .
هل يبدو مثل هذا الحكم " لاواقعي " ؟ بالفعل هو كذلك فقبل سنتين ، رفعت أوكرانيا دعوى إبادة جماعيّة ضد روسيا لغزوها أوكرانيا في فيفريّ 2022 . و في تلك الحال ، أمرت محكمة العدل الدوليّة روسيا بالإيقاف الفوريّ للعمليّات العسكريّة . و السخرية المريرة و الوحشيّة هي أنّ إسرائيل قد قتلت من المدنيّين الفلسطينيّين و الفلسطينيّات عددا أكبر في أقلّ من أربعة أشهر من عدد التقلى على يد روسيا في السنتين الماضيتين !
إسرائل ، مدعومة من الولايات المتّحدة ، تنظر إلى الحكم على أنّه تصريح بالإمعان في الإبادة الجماعيّة
حسب روايات في الصحف الإسرائيليّة ، رحّب الوزير الأوّل الإسرائيليّ العنصريّ بتطرّف و الإبادي الجماعي تماما (5) نتن- النازي بحكم محكمة العدل الدوليّة ( في حين أنّه على الملأ كان يئنّ بأنّه كان من " البذيء" حتّى النظر في تهمة الإبادة الجماعيّة ضد إسرائيل ). و قال إنّ الحكم دافع عن " حقّ إسرائيل أساسا في الدفاع عن نفسها " .
و رحّب قسم دولة الولايات المتّحدة بالحكم معلنا بدقّة أنّ " المحكمة لم تجد إبادة جماعيّة و لم تطالب بوقف إطلاق النار في حكمها " .
و في الأثناء ، على ألرض ، و كما يعكسه واقع غزّة ، قال رجل فلسطيني يدعى نضال كامل للأن بى سى نيوز ( NBC News ) ، " كنّا ننتظر أن تُلزم المحكمة العالميّة إسرائيل بالإيقاف التام لإطلاق النار . إنّنا نريد إيقاف إطلاق النار كي نتمكّن من العودة إلى ديارنا و لقاء أسرنا " . إنّنا نطالب بأن يفرض العالم إيقاف إطلاق نار تام " . و قال كما للأن بى سى إنّه يعتقد أنّ حكم محكمة العدل الدوليّة " لن تكون له أيّ جدوى " .
و هكذا ، تواصل إسرائيل قتل الأطفال و تواصل تجويع الناس و تعريضهم للبرد و حرمانهم من الحاجيات الأكثر أساسيّة لبقاء الإنسان على قيد الحياة . و تُمعن إسرائيل في التدمير المنهجيّ للمساكن و المدارس و المستشفيات و أماكن العبادة . كما تمعن في القصف بالقنابل التي تزوّدها بها الولايات المتّحدة لمخيّمات اللاجئين التي سبق و أن أمرت الناس باللجوء إليها . و تتمادى الولايات المتّحدة في تسليح كلّ هذا و الدفاع عنه و تمويله .
تسمية الهراء سكّرا لا يجعله حلوا : لنواجه – و نغيّر – الواقع
إخفاق محكمة العدل الدوليّة في غصدار أمر بإيقاف فوريّ لإطلاق النار في غزّة يطرح أسئلة كُبرى على الشعوب المضطهَدَة و على الشعوب التي تؤمن بالعدالة . و إنّه لضار ضررا عميقا أن نسيء تأويل قرار المحكمة على أنّه نوع من التنازل الهام لفائدة الشعب الفلسطيني ، سواء قمنا بذلك عن قصد أم عن غير قصد .
و مع ذلك ، هذا ما قامت به الكثير من القوى السياسيّة " التقدّميّة " . و لنضرب على ذلك مثالا واحدا هو جريدة الأنترسبت على الأنترنات (Intercept ) التي عنونت بالبنط العريض مقالها الأساسي " إنتصار تاريخيّ للفلسطينيّين " . (6)
لا يمكن للناس أن يتحرّروا ما لم يفهموا الواقع الذى يتعاطون معه عمليّا . و الواقع في هذه الحال هو أنّ الإبادة الجماعيّة مستمرّة . و الواقع هو أن نتن- النازي أقسم على الإنتصار الكامل على غزّة بكلّ ما يعنيه ذلك . و الفكرة و النداء من وراء إساءة قراءة و سوء تأويل الواقع مثلما فعلت الأنترسبت هو مفهوم أنّه علينا ليّ عنق الواقع لأجل " الإبقاء على آمالنا حيّة " و " مواصلة المشوار " .
لكن إذل لم ينفع علاج مرض السرطان ، لا يجب على طبيب المريض بالسرطان أن يقول للمريض إنّه نافع ! و إنّما يجب على الطبيب أن يعدّل الأمور مع المريض و يضاعف من جهده ليفهم فهما علميّا مصدر السرطان و يبحث عن ما يعالجه .
معنى حقيقيّ لما نواجهه و معنى حقيقيّ لما سيتطلّبه ذلك ، و النضال المصمّم على ذلك الأساس
إنّ النضال الرامي لإجبار إسرائيل و الولايات المتّحدة من ورائها على غيقاف هذا العدوان يجب أن ينطلق من معنى تام لما نواجهه و ما ستفعله إسرائيل و الولايات المتّحدة للتمادى في ذلك ز و يجب أن ينطلق هذا النضال بصفة متنامية من فهم النظام الذى يحرّك هذه الحرب – و الحروب المماثلة لها . حديثا ، وضع بوب أفاكيان هذا على النحو التالي ، على حسابه الجديد على وسائل التواصل الاجتماعي : @BobAvakianOfficial
" لماذا يدعم بايدن و أساسا كامل الحكومة و الطبقة الحاكمة في الولايات المتّحدة إسرائيل في إرتكاب الإبادة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطينيّ على مرأى ومسمع من العالم قاطبة ؟ و إليكم الإجابة عن هذا السؤال الحيويّ : لا يعزى ذلك إلى" قوّة اللوبي اليهوديّ " - أو لفهم سخيف و فاحش بأنّ " اليهود يتحكّمون في كلّ شيء " . و إنّما يُعزى إلى كون إسرائيل تنهض ب " دور خاص " كقلعة مدجّجة بالسلاح لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة في جزء إستراتيجيّا هام من العالم ( " الشرق الأوسط " ). و قد كانت إسرائيل قوّة مفتاح في إقتراف الفظائع التي ساعدت على الحفاظ على الحكم الإضطهادي للإمبرياليّة الأمريكيّة في عديد أنحاء العالم ...
إنّه النظام ! نظام الرأسماليّة – الإمبرياليّة الذى يخدمه بايدن . النظام الذى عليه أن يخدمه . النظام الذى على أيّ شخص و كلّ شخص أن يخدمه إذا أراد أن يحظى بوظيفة ، و خاصة " الوظائف السامية " ، مثل وظيفة الرئيس ، ضمن هذا النظام. لهذا يقوم بايدن بما يقوم به – ما يقوم به هؤلاء السياسيّيون – فوق و أبعد من مصالحهم الخاصة الضيّقة .
إنّه النظام ! هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يجسّد و يفرض تفوّق البيض و التفوّق الذكوري البطرياركي و إضطهاد عنيف آخر – هذا النظام الذى يقوم على إستغلال قاسى يسرق حياة الجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و تماما حياة مليارات البشر عبر العالم ، بمن فيهم 150 مليون طفل – كلّ هذا يُفرض بعنف و تدمير شديدين على الشعوب و البيئة بما يمثّل تهديدا حقيقيّا جدّا لمستقبل الإنسانيّة و وجودها . "
و هذا النظام هو الذى يحتاج إلى أن نطيح به في أقرب وقت ممكن بواسطة ثورة فعليّة .
و من أجل الإجابة على السؤال المحوريّ لكيفيّة إنجاز ذلك و الدور الذى يمكن أن تنهضوا به ، تابعوا بوب أفاكيان (BA) على وسائل التواصل الاجتماعي أو إطّلعوا على :
1-https://revcom.us/en/revolutionbuilding-basis-go-whole-thing-real-chance-winstrategic-orientation-and-practical-approach
2- https://revcom.us/en/bob_avakian/revolution-real-chance-win
3- https://revcom.us/en/we-need-and-we-demand-whole-new-way-live-fundamentally-different-system
4- https://revcom.us/en/we-are-revcoms
[ و هذه الوثائق الأربعة متوفّرة باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن بالموقع الفرعي لمترجمها ، شادي الشماوي ]
هوامش المقال :
1- مقرّ محكمة العدل الدوليّة يقع بلاهاي بهولندا . و هذه المحكمة هي الذراع القضائي للأمم المتّحدة . و يرتهن أيّ فرض لأحكام محكمة العدل الدوليّة بأعمال مجلس أمن الأمم المتّحدة أين للولايات المتّحدة حقّ الفيتو / حقّ النقض .
2- حماس قوّة حاكمة رجعيّة في غزّة هاجمت إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 .
3- و تتضمّن التصريحات المذكوة في تقرير محكمة العدل الدوليّة :
" في 12 أكتوبر 2023 ، صرّح إسحاق هرزوغ ، رئيس إسرائيل ، محيلا على غزّة : " إنّها أمّة كاملة هناك هي المسؤولة. و ليس صحيحا ذلك الخطاب عن أنّ المدنيّين غير واعين و غير متورّطين . هذا ليس صحيحا مطلقا " .
" و في 13 أكتوبر 2023 ، أكّد إسرائيل كاتز الذى كان حينها وزير الطاقة و البنية التحتيّة في إسرائيل ، على منصّة آكس ( سابقا تويتر ) : " أُمر السكّان المدنيّون في غزّة بالإخلاء الفوريّ . سننتصر . لن يحصلوا على قطرة ماء أو بطّاريّة واحدة إلى أن يغادروا العالم ."
4- حكم نهائيّ بشأن تهمة إبادة الجماعيّة سيستغرق وقتا طويلا ن ربّما سنوات لكن وفق السلطة الممنوحة من الأمم المتّحدة، محكمة العدل الدوليّة تملك سلطة إصدار أحكام في ألثناء ( مثل الإيقاف الفوريّ للعمليّات العسكريّة الإسرائيليّ في غزّة الذى طالبت به أفريقيا الجنوبيّة ) إن " وُجد خطر حقيقيّ و داهم بأنّ ضررا لا يمكن إصلاحه سيلحق بحقوق الناس في غزّة قبل أن تتّخذ المحكمة قرارها النهائيّ ".
5- نتنياهو ( نتن – النازي ) إستحضر القصّة التوراتيّة حيث أمر " الإلاه " الإسرائيليّين بمهاجمة العدوّ " و التتحطيم التام لكلّ ما يملكه . لا ترحموهم ؛ أقتلوا الرجال و النساء ، و الأطفال و الرضّع ، و الماشية و الأغنام ، و الجمال و الحمير ".
6- أنظروا مثلا :
The Intercept: ICJ RULING ON GAZA GENOCIDE IS A HISTORIC VICTORY FOR THE PALESTINIANS THAT ISRAEL VOWS TO DEFY The Guardian, ICJ s Gaza decision shores up rules-based order and puts west to test and Democracy Now!, which reported, “The interim verdict is a major blow to Israel and the U.S., which have undermined the case despite overwhelming evidence presented by South Africa.”








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟