الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد 110 يوما من حرب الإبادة: العدو ينهزم، المقاومة تنتصر.

علي الجلولي

2024 / 2 / 2
القضية الفلسطينية


بعد 110 يوما من حرب الإبادة:
العدو ينهزم، المقاومة تنتصر.

بصدور هذا المقال يكون قد مرّ 110 يوما بالتمام والكمال على عملية "طوفان الأقصى" وعلى حرب الإبادة التي انطلقت على خلفيتها ومازالت مستمرة إلى اليوم. 110 يوما برزت فيها أمام العالم من خلال شاشات التلفزيون الحقيقة الكاملة لطرفي الصراع. الحقيقة عارية مسجلة وموثقة بالصوت والصورة وعلى المباشر لحظة بلحظة أمام أعين الإنسانية جمعاء، حقيقة كيان الاحتلال وحقيقة الشعب الفلسطيني ومقاومته.
° نازية الكيان الصهيوني لم تعد في حاجة لإثبات.
لقد كشفت شاشات التلفزيون حتى أكثرها انحيازا للعدو الصهيوني حجم الدمار والتدمير اليومي الذي طال كل شيء وفي مقدمة هذه الأشياء المستشفيات التي وقف العالم على هول العدوان عليها بالقصف المباشر تارة بادعاء أن المقاومين يختبئون فيها أو أن أهم المخابئ هي التي تحت جدرانها، فضلا عن حصارها الذي طال أدنى شروط اشتغالها مثل الماء الصالح للشرب وضوء الإنارة حتى لا نتحدث عن الأدوية. لقد شاهد العالم بأمّ عينيه إجراء عمليات جراحية دون تبنيج ودون ضمادات، كما تابع على الأثير مباشرة قصف سيارات الإسعاف التي تحمل النعوش. لقد وصلت البربرية والوحشية لدى الصهاينة حدا لا يوصف بل حدا غير مسبوق في سجل جرائم الامبريالية والاستعمار، وأصبحت القناعة واسعة لدى أوساط متنامية من الرأي العام العالمي أن الصهيونية تضاهي النازية، بل تنافسها على حجم القسوة والوحشية، فما صُبّ على أرض غزة من آلاف الأطنان من أحدث تقليعات أنواع السلاح، وما طال آلاف البشر من تقتيل، وما لحق مختلف علامات الوجود البشري من مشافي وجامعات ومدارس ومساجد وكنائس، هو قمّة الوحشية وقمّة الصّادية التي تميز حكام كيان الاحتلال.
إن التدليل على نازية كيان الاحتلال لم تعد اليوم في حاجة إلى مجهود كبير لإثباتها. لقد اقتنع جزء مهم وواسع من الرأي العام العالمي بهذا الموقف، والعدو منزعج من التحول الحاصل في فهم الناس وميولهم في التحليل في المجتمعات الغربية أساسا و التي ظلت لعقود متتالية أسيرة المغالطات الصهيونية التي لعب الإعلام الغربي وكارتلاته الكبرى دورا حاسما في تسويقها وتمريرها و"إقناع" الجمهور الواسع بها. مغالطات مفادها أن كيان الاحتلال هو "غزال في غابة ضباع"، وأنه كيان سلام مقابل "عصابات إرهابية" تحيط به وتهدده كما هددت النازية الهتلرية اليهود ونظمت ضدهم "الهولوكوست". هؤلاء "الإرهابيون" ليسوا سوى الشعب الفلسطيني ومقاومته التي قلبت اليوم الطاولة على المحتلين وحلفائهم من الدول الامبريالية وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية .
° شرف المقاومة ونظافتها لم تعد في حاجة إلى أدلة.
إن حالة التعاطف العارم مع الشعب الفلسطيني تعكس من بين ما تعكس تحولا هاما في أداء المقاومة وقدرتها على الإقناع. لقد شاهد العالم منذ 7 أكتوبر إلى اليوم تحولا نوعيا لا في الأداء العسكري والعملياتي فحسب، بل أيضا وأساسا في الخطاب الإعلامي الذي قدم الصورة الحقيقية للشعب الفلسطيني ولمقاومته البطلة. صورة تنسف النموذج الذي سوقه الكيان الصهيوني وفرضه سابقا على جزء من الرأي العام العالمي وخاصة الغربي. لقد شاهد العالم كيفية تعامل المقاومة مع أسرى الكيان، كما سمع شهادات من الأسرى ذاتهم تشيد بأخلاق المقاومة وبقيمها. لقد حاول الكيان تسويق فكرة "دوعشة حماس" وسخر كل الإمكانيات وجلب الخبراء بما فيها من أزلام سلطة رام الله وذيول التطبيع للتسويق لصورة أن حماس حركة اخوانية إرهابية، لكن أداء هذه الحركة خيب آمال الأعداء، فحماس تحركت في المجمل كحركة تحرر وطني، حركة مقاتلة صاغت خطابها الداخلي والخارجي بذكاء، وهي على تواصل دائم مع فصائل العمل الوطني الذي تتصدره وتقوده بمعطيات الأرض والميدان. لقد حافظت المقاومة إلى اليوم على قدراتها العسكرية والبشرية الأساسية رغم هول الدمار. وبان بالكاشف جبن الكيان وجبن جنوده وضباطه في المواجهة المباشرة، معركة المسافة صفر كما سماها المقاومون، ففي مثل هذا النوع من المعارك يحدث التمايز بين صاحب القضية المستعد للموت دون تردد دفاعا عن وطنه، وبين المرتزق القادم من وراء البحار والذي لا رابطة تربطه بالمكان ولا بأهداف صناع الحرب فيه. إن ما يجري اليوم على أرض غزة هو ما حرى سابقا في كل أراضي المعارك بين المحتلين والوطنيين أبناء البلد، فالاحتلال دائما يريد تنفيذ مخططاته وأهدافه عبر إمكانيات مادية ضخمة بما فيها البشر الذي يكون مجرد مرتزق يقاتل مقابل دراية وامتيازات مادية لا غير، أما المقاتل من أجل تحرر بلده، فهو حامل لقضية وقيم ومبادئ لا يتردد لحطة في الموت من أجلها، لذلك انتصر الثوار الوطنيون في الجزائر وفيتنام وستالينغراد وجنوب إفريقيا...وسينتصر الثوار الفلسطينيون. إن سيطرة القوة تكون مؤقتة، وسينتصر الحق مهما كانت التعقيدات والصعوبات.
لقد راكمت المقاومة في أشهر قليلة مكاسب هامة عسكرية ومعنوية وسياسية. عسكرية بنسف أسطورة "الجيش لا يقهر" وشهد العالم فجر يوم 7 أكتوبر على اختراق استخباري وعسكري غير مسبوق مع العدو منذ قيام دولة احتلاله، وهو ما أسس لانتصار معنوي وسياسي عادت من خلاله القضية الفلسطينية إلى صدارة اهتمامات العالم، وقد وجم صوت الجبناء والمطبعين من عصابة رام الله بقيادة محمود عباس إلى قطعان الحكام العرب الذين انفضحت حقيقتهم لمن لازال لديه شكّ. وقد كانت الملحمة القانونية التي قادتها حكومة جنوب إفريقيا من خلال جرّ كيان الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية ، صفحة جديدة من صفحات الكشف عن تآمر الحكام العرب الذين أحجم بعضهم حتى على مساندة الدعوى الجنوب افريقية.
لقد خرج الأحرار والشرفاء في كل العالم لإسناد فلسطين قضية ثم مقاومة، وتراجعت مساندة كيان الاحتلال إلى أدني درجاتها ، وساد الهلع كل قطعان مستوطنيه على طول الوطن المحتل، إذ خير عشرات الآلاف المغادرة والعودة إلى أوطانهم الأم، فيما يعيش من آثر البقاء إما في المخابئ وتحت رحمة صفارات الإنذار بفعل صواريخ المقاومة التي تحدت "الصخرة الحديدية" وتحدت كل ترسانة سلاح الرعب الصهيوني، وإما في ساحات الاحتجاج على حكومة الحرب النازية التي لا تسمع إلا صوت الإبادة داخلها وصوت الدعم الأمريكي اللامحدود خارجها.
° والضفة الغربية أيضا.
ولئن يركز أغلب مساندي القضية الفلسطينية على ما يجري من مجازر في قطاع غزة، فان ما يجري في الضفة الغربية لا يختلف بدوره عما يجري في القطاع، فحرب الإبادة والتهجير لم تتوقف لحظة، فالمحتل يعي جيدا أن صرف النظر الآن عن الضفة والتركيز على القطاع سيكون الانتحار بعينه، لذلك تقوم الآلة الحربية بالعدوان المتوازي، فقد خرجت كل القطع العسكرية والأمنية للخدمة ، وهي تستهدف المناضلين والمقاومين في المدن والمخيمات، وتستهدف أيضا تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، فمنذ بداية أكتوبر وقع إفراغ عشرات القرى خاصة المتاخمة للمستوطنات من سكانها بصفة كلية. إن جوهر العدوان هو ذاته منذ انتصاب الكيان الغاصب وهو طرد أهل الأرض لحساب مغتصبيها. ومثل ما تعرض الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس إلى كل أشكال القهر، فان فلسطينيي الداخل المحتل ظلوا تحت رقابة المخابرات وتم إيقاف أعداد كبيرة منهم تحسبا لأي تحرك، فقد وعي المحتل أهمية انفجار الورقة الداخلية على حاضره ومستقبله الذي بدأ جزء هام من المتتبعين يقتنعون بكونه لن يختلف عن أي احتلال استيطاني مهما طال الزمن، لقد تسللت هذه القناعة حتى إلى أوساط قريبة من الكيان الغاصب أن مصيره إلى زوال.
° فلسطين من النهر إلى البحر.
وفي سياق حركة التضامن الواسعة عاد من جديد الشعار المدوي "فلسطين حرة من البحر إلى النهر" بما شكل انعطافة هامة في حركة المساندة وفي وعيها الذي خرج من خانة التضامن الإنساني الحقوقي إلى الوعي السياسي الجذري، فقضية فلسطين ليست قضية شعب يتعرض للاضطهاد فحسب، بل هي قضية شعب محتل من قبل غزاة أتوا من بعيد، وأن الحل السليم هو تحرر هذا الشعب وتحرير أرضه من كل وجود استعماري. لقد توسع هذا الوعي في العالم بما شكل ضربة للفكر الصهيوني ولأطروحة "الدولتين" التي انخرط فيها جزء حتى من الحركة الوطنية الفلسطينية، وهي أطروحة ظلت متهافتة أمام السياسة الصهيونية التي تعاملت مع كل القرارات الدولية بما يفيد مصالحها فقط، فسلطة الحكم الذاتي المتربعة في رام الله حولت محمود عباس إلى "كرزاي" حقيقي، فلا دور له سوى قمع الشعب وقواه المقاومة مقابل فتات من أموال المساعدات الخارجية، و الضرائب الفلسطينية التي يجمعها الكيان ويبتز بها الفئة المتنفذة في رام الله والتي أصبح وجودها برمته مرتبط بالكيان المحتل.
إن الوعي المتعاظم داخل الشعب الفلسطيني بوهمية الحلول الاستسلامية، وداخل حركة المساندة الأممية بون فلسطين يجب أن تعود للفلسطينيين هي تحول مهم واستراتيجي في الوعي والممارسة التي لعبت المقاومة دورا حيويا في إحداثه، وهو من أهم المكاسب الحاصلة في المعركة الأخيرة.
° دروس المقاومة، دروس الصمود.
يتفق العديد من المعلقين والمتابعين،المساندين والمعادين للقضية الفلسطينية، أن المعطيات الميدانية تغيرت منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى". ففصائل المقاومة مازالت بعد حوالي أربعة أشهر تدكّ مدن الكيان القريبة والبعيدة بالزخات الصاروخية، ومازالت تنظم حرب العصابات على الأنقاض، ومازالت المواجهة تتواصل على طول قطاع غزة وخاصة المناطق التي يدعي العدو أنه "حررها" في الشمال وفي الوسط وفي الشرق على حدود المستوطنات، ومازالت الكمائن تحصد الضبط والجنود المهزومين قبل النزول إلى الميدان، ومازال التخبط الأعمى يسم آداء الآلة الحربية إذ كثيرا ما قصفت طائرات العدو مجنزراته ودباباته، كما قضى عدد من الأسرى لدى المقاومة برصاص صهيوني. ومازال الصراع صلب منظومة حكم الكيان متصاعدا ومؤشرا على حجم الفشل والهلع الحاصل. ويعرف اقتصاد الكيان الانهيار لولا الدعم السخي من الامبرياليات وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية التي ضخت مؤخرا أموالا إضافية حتى تشتغل مكينة الحرب كما ينبغي (مع تمويلات إضافية لأكرانيا). في المقابل من ذلك تبدع المقاومة وتحافظ على الجزء الأهم من بنيتها الأساسية العسكرية والبشرية، والأهم هو الحفاظ على حاضنتها الشعبية محليا وخارجيا، فصورة الطفل/ة الخارج من تحت الركام رافعا شارة النصر، هي الصورة التي تصنع اليوم الفارق، تصنع الوعي الجديد والمتجذر أن فلسطين ومقاومتها ستنتصر، أو ستنتصر.
25 جانفي 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!