الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة عدم اليقين بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية منذ عام ١٩٤٧ ، محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)

2024 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


علاقة عدم اليقين بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية منذ عام ١٩٤٧


كانت العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة في كثير من الأحيان موضع شك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. سوف يتعمق هذا المقال في الديناميكيات المعقدة لعلاقتهما، بدءا من عام ١٩٤٧ وحتى يومنا هذا. طوال هذه الفترة، أثر انعدام الثقة المتبادل والمصالح المتضاربة والعوامل الجيوسياسية بشكل كبير على تفاعلاتهم.

1. ما بعد الحرب العالمية الثانية:

الاستقلال السوري والنفوذ الأمريكي في عام ١٩٤٧، حصلت سوريا على استقلالها من فرنسا، ولكن لم يمض وقت طويل حتى أثرت الولايات المتحدة على شؤونها الداخلية، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أهميتها الجيوسياسية في الحرب الباردة التي تشكلت حديثا. وتزايدت الشكوك السورية تجاه نوايا الولايات المتحدة عندما بدأت الولايات المتحدة بسرعة في ترسيخ وجودها في المنطقة.

2. ١٩٥٠١٩٦٠: تحول سوريا نحو الاشتراكية

خلال هذه الفترة، خضعت سوريا لتحول سياسي مضطرب، وتبنت المُثُل الاشتراكية، وانضمت في النهاية إلى الاتحاد السوفيتي. وقد نظرت الولايات المتحدة إلى هذا التحول الأيديولوجي بقلق، مما أدى إلى تأجيج الشكوك المتبادلة وزيادة توتر العلاقات بينهما.

3. ١٩٦٠٢٠٠٠: رقعة الشطرنج الجيوسياسية

في الشرق الأوسط طوال فترة الحرب الباردة، وجدت سوريا والولايات المتحدة نفسيهما على طرفي نقيض في صراعات إقليمية مختلفة. وقد أدى تحالف سوريا مع الاتحاد السوفييتي ودعمها للجماعات المناهضة لأمريكا، مثل منظمة التحرير الفلسطينية، إلى زيادة انعدام الثقة المتزايد والعلاقات المتوترة.

4. ٢٠٠٠٢٠١٠: الديناميكيات المتغيرة والتوترات المتزايدة

مع فجر القرن الحادي والعشرين، ظلت العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا تشوبها الشكوك. تصاعدت التوترات بسبب رفض سوريا الحد من دعمها المزعوم للجماعات المتورطة في الإرهاب ودورها المتصور في مساعدة المتمردين الذين يقاتلون ضد القوات الأمريكية في العراق.

5. ٢٠١١٢٠١٥: الربيع العربي والحرب السورية

أدى اندلاع الحرب السورية إلى زيادة تدهور العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة. أدانت الولايات المتحدة حملة القمع التي شنتها الحكومة السورية على الاحتجاجات، في حين ظهرت الشكوك حول الدعم الأمريكي لجماعات المعارضة المسلحة، مما أدى إلى تعميق شكوك سوريا تجاه نوايا الولايات المتحدة خاصة بعد زيارة السفير الأمريكي إلى الاحتجاجات في حماه من دون ترخيص رسمي من الحكومة السورية.

6. ٢٠١٥٢٠٢٠: التدخل الروسي والانسحاب الأمريكي

أدى التدخل الروسي في سوريا في عام ٢٠١٥ إلى تعقيد الديناميكيات بين سوريا والولايات المتحدة بشكل أكبر. ومع تحويل الولايات المتحدة تركيزها بعيدا عن التدخل المباشر في سوريا، تزايدت الشكوك بأن هذا الانسحاب الأمريكي غير المباشر يخدم بشكل غير مباشر النفوذ الروسي في المنطقة، وبالتالي يؤدي إلى تفاقم التوترات في المنطقة.

7. ٢٠٢١ : التعقيدات والشكوك: في الوقت الحاضر،

لا تزال هناك علاقة شك بين الولايات المتحدة وسوريا، وإن كان ذلك مع ديناميكيات متغيرة. لا يزال تركيز الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب ومخاوفها بشأن ما تسميه انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا يعيق أي تحسن ملموس في العلاقات الثنائية.

8. مسرحيات القوى الإقليمية والصراع بالوكالة

أدت مسرحيات القوى الإقليمية الجارية، والتي تشمل إيران وتركيا وإسرائيل، من بين دول أخرى، إلى زيادة تعقيد العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا. إن اصطفاف سوريا إلى جانب إيران وروسيا يعزز من الشكوك الأميركية، حيث ترى أن وجود هذه القوى يشكل عوامل مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط كما يعرض المصالح الأمريكية للخطر ويخدش سمعة دولة عظمى.

9. الأزمة الإنسانية وتدفق اللاجئين

أدت العواقب المدمرة للحرب السورية إلى أزمة إنسانية هائلة، مما تسبب في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين. وقد قوبلت استجابة الولايات المتحدة للأزمة بالتشكيك من قبل سوريا، مع وجود شكوك حول دوافع خفية تشكل تصور الإدارة الأمريكية لإدارة الأزمة الإنسانية وأزمة اللاجئين.

10. آفاق فصل جديد

على الرغم من عقود من التوتر، قد تكون هناك احتمالات لإعادة ضبط العلاقة المشبوهة بين سوريا والولايات المتحدة. ومع استمرار تطور الديناميكيات الإقليمية، قد تنشأ فرص للدبلوماسية الحذرة، والعمل على تحقيق الثقة المتبادلة، وإيجاد المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في المنطقة وملف المخطوفين الأمريكيين و ملف المغيبين .

الخلاصة:

إن علاقة انعدام اليقين بين سوريا والولايات المتحدة منذ عام ١٩٤٧ يغذيها انعدام الثقة المتبادلة والمصالح المتضاربة والتعقيدات الجيوسياسية. فمنذ الحرب الباردة وحتى يومنا هذا، اتسمت التفاعلات بينهما بالشكوك، والتي تفاقمت بسبب الديناميكيات الإقليمية المتغيرة. ورغم أن الطريق إلى المصالحة والثقة قد يكون شاقا، إلا أنه لا تزال هناك آفاق لفصل جديد في العلاقة بينهما، مبني على الدبلوماسية الدقيقة والمصالح المشتركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح