الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (الجزء الرابع)

مرتضى العبيدي

2024 / 2 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في المنفى مرة أخرى
بعد هزيمة ثورة 1905، ازداد هجوم القيصرية على الحركة العمالية والمنظمات الثورية، وساد جو من الرعب. وتعرض البلاشفة خاصة للاضطهاد، وحُكم على الكثير منهم بالإعدام أو السجن. وشدّدت شرطة القيصر البحث عن لينين الذي كان عليه، في مواجهة الخطر الذي يهدد حياته، أن يسلك طريق المنفى. عبر خليج فنلندا المتجمد سيرًا على الأقدام، غادر روسيا وتوجه إلى ستوكهولم، حيث انتظر كروبسكايا، التي بقيت في بطرسبورغ، ثم سافر إلى جنيف، سويسرا. نحن في عام 1908 ولن يتمكن لينين من العودة إلى روسيا حتى عام 1917.
ومع تغير الظروف السياسية في روسيا، أدرك لينين أن الظروف الجديدة جعلت من الضروري اللجوء إلى جميع أشكال النضال للحفاظ على العلاقات مع الجماهير واستعادة القوة. كان أحد أشكال النضال هذه هو المشاركة في مجلس الدوما (الجمعية التشريعية)، حيث قام البلاشفة بعمل مكثف لكشف النظام. وبتحليل ما يعنيه هذا العصر، يؤكد ستالين أن "هذه هي الفترة التي انتقل فيها حزبنا من النضال الثوري المفتوح ضد القيصرية إلى النضال من خلال المنعطفات، إلى استخدام جميع الإمكانيات القانونية". .
"لقد كانت فترة الانسحاب، بعد الهزيمة في ثورة 1905".
كان عمل لينين في المنفى مكثفًا ومثمرًا. وغني عن القول إنه كتب عددًا لا يحصى من المقالات والتقارير والتحليلات وغيرها. ومن أبرز الأعمال المكتوبة خلال هذه السنوات: "الماركسية والتحريفية"، "المادية والمذهب التجريبي النقدي"، "المصادر الثلاثة والأجزاء الثلاثة المكوّنة للماركسية"، "الإمبريالية، أعلى مراحل الرأسمالية"، "الدولة والثورة"، "حول المشكلة الوطنية"، "الاشتراكية والحرب"، أطروحات أبريل/نيسان"، من بين عدة كتابات أخرى.
لقد عمل بلا كلل لتوحيد القوى البلشفية، ومن خلال الاتصالات قاد نشاط الحزب في روسيا، وألقى محاضرات، وشارك في اجتماعات POSDR التي عقدت في الخارج، وأدار العديد من الصحف، وقام بتنظيم مدرسة حزبية في باريس مخصصة للعمال الذين كرسوا أنفسهم للعمل السري، فنظم أكثر من خمسين دورة تكوينية حول نظرية الاشتراكية وممارستها، وشارك في عدة اجتماعات لمكتب الأممية الاشتراكية.
لقد مرت سنوات وتغيرت الظروف السياسية في روسيا. ومرة أخرى عادت الحماسة الثورية لتنتشر في روسيا، وشعر لينين بالحاجة إلى وجود صحيفة تخاطب جميع فئات الشعب. وبالتنسيق مع ستالين، صدر العدد الأول من برافدا (الحقيقة) في 22 أفريل 1912 (5 ماي/أيار حسب التقويم الجديد). كان لينين يكتب يوميا تقريبا، مستخدما أسماء مستعارة مختلفة. كان آنذاك يعيش في باريس، ولكن لكي يكون أقرب إلى بلاده ويدير الصحيفة، انتقل مع والدته وكروبسكايا، إلى كراكوف، التي كانت آنذاك جزءًا من الإمبراطورية النمساوية المجرية.
هزت موجة جديدة من الإضرابات العمالية روسيا في الأشهر الأولى من عام 1914؛ كان السخط يتزايد في الريف، مهددًا باتخاذ شكل انتفاضات واسعة النطاق. وفي النصف الثاني من ذلك العام، اندلعت الحرب العالمية الأولى، التي أثارتها الإمبريالية الألمانية. في البداية، كانت ألمانيا والنمسا - المجر من جهة، ضد روسيا وإنجلترا وفرنسا من جهة أخرى. ثم انتشر الصراع في جميع أنحاء أوروبا وآسيا. فاجأ اندلاع الحرب لينين في بورونين Poronine، في الأراضي النمساوية المجرية، فاعتقلته الشرطة النمساوية بتهمة التجسس لصالح الحكومة القيصرية. في الواقع، كان الاعتقال بسبب حقيقة أن لينين أعلن عن موقفه ضد الحرب منذ البداية. وبعد أحد عشر يوماً من الاعتقال، أطلق سراحه وتوجه إلى برن Berne، عاصمة سويسرا، الدولة التي أعلنت حيادها قبل الحرب.
عبّر النواب البلاشفة في الدوما الرابعة عن موقفهم ضد الحرب فتم ترحيلهم إلى سيبيريا، وأمر القيصر بالسجن الجماعي لأعضاء الحزب البلشفي والمتعاطفين معه. لم يكن لينين ضد الحرب فحسب، بل اقترح أيضًا تحويل الحرب الإمبريالية إلى حرب أهلية، مع استخدام الأسلحة، ليس ضد العمال الأشقاء في بلد آخر، ولكن ضد الحكومات البرجوازية. ودعا لينين إلى إعلان "الحرب على الحرب". وعلى النقيض من الموقف الثوري للحزب البلشفي، دعمت الأحزاب السياسية الديمقراطية الاشتراكية الأوروبية التابعة للأممية الثانية حكوماتها علنًا خلال الحرب. إن التصويت في البرلمانات لصالح ميزانيات الحرب خيانة لمبادئ الأممية البروليتارية، وكان هذا السلوك بمثابة ذروة عملية الانحطاط التي أدت إلى تصفيتها. بالنسبة للينين، كانت الأممية الاشتراكية الديمقراطية أداة في خدمة البرجوازية، وكانت البروليتاريا بحاجة إلى منظمة جديدة واقترح إنشاء الأممية الثالثة.
كانت الحرب كارثة على العمال والشعب في روسيا، فقد خلفت أعدادا مهولة من القتلى والجرحى والجياع؛ وكان الجيش يراكم الهزائم وتم تدمير اقتصاد البلاد. واستمرت البرجوازية الكبيرة وملاك الأراضي في الاستمتاع بثرواتهم. نما السخط وكراهية العمال والفلاحين والجنود والمثقفين ضد النظام القيصري وتم التعبير عنه في أعمال احتجاجية ضخمة ضد الحرب وضد القيصرية. حتى أن السخط أصاب قطاعات من البرجوازية، التي تعاطفت مع حكومتي إنجلترا وفرنسا وحصلت على دعمهما.
بدأ عام 1917 باضطرابات عمالية شديدة، واندلعت الإضرابات في عدة مدن. كانت فكرة شن إضراب عام تكتسب شعبية. وفي بتروغراد، انضم الجنود إلى المتظاهرين. مرة أخرى، يبرز موقفان مختلفان بين المنظمات الثورية: لقد بذل المناشفة والحزب الاشتراكي الثوري كل ما في وسعهم لجلب الحركة إلى الإطار المؤسسي الذي يناسب البرجوازية الليبرالية؛ من ناحية أخرى، فهم البلاشفة أن الظروف الملائمة لثورة جديدة قد أصبحت مهيّأة وأنه يجب تنفيذها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |