الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر11

عبدالرحيم قروي

2024 / 2 / 2
الارشيف الماركسي


أصول الفلسفة الماركسية
الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
الحلقة الحاديةعشر

– في المجتمع
إذا كان حقا أن العالم يتحرك وينمو باستمرار، وإذا كان حقا أن زوال القديم وظهور الجديد قانون عام للتطور والنمو، فأنه من الواضح إذن أنه ليس هناك من نظام اجتماعي "أبدي" أو "مبادىء خالدة" للملكية الخاصة والاستغلال؛ كما أنه ليس هناك من "أفكار خالدة" عن خضوع الفلاحين للملاكين والعمال للرأسماليين.
ولهذا يمكن استبدال النظام الرأسمالي بنظام اشتراكي كما أن النظام الرأسمالي حل محل النظام الإقطاعي في زمانه .
وهذه نتيجة جوهرية للصفة الثانية في الجدلية، تقول بأنه ليس هناك من مجتمع أبدي لا يتغير، على عكس ما تقوله الميتافيزيقا، إذ يعتقد الميتافيزيقي أن المجتمع لا يتغير ولا يمكنه أن يتغير لأنه يمثل على الأرض مشروعا إلهيا خالدا "فلقد أراد الله هذا النظام الاجتماعي" ولهذا كانت ملكية وسائل الإنتاج الخاصة مقدسة؛ كما كان الذين يثورون على هذه الحقيقة المقدسة مخطئون باسم "الأخلاق" وما عليهم إلا التكفير عن خطيئتهم! فالله هو "حامي" الملاكين وهو المهيمن على "الأعمال الحرة". فإذا ما حدث بعض التغير فما ذلك سوى حادث سيء لا خطر له بل هو حادث عابر، يمكن بعده ـ بل يجب ـ العودة إلى الحالة السابقة "السوية" وبهذا يصبح للحملة ضد الاتحاد السوفياتي ما يبررها: إذ يجب إعادة "الضالين" إلى الحظيرة الرأسمالية "الخالدة".
وقد لجأت الميتافيزيقا، بعد طردها من ميدان علوم الطبيعة، إلى ميدان علوم الإنسان والمجتمع.
لأنه لو قلنا بأنه يمكن تغيير الطبيعة؛ فأن الإنسان خالد لا يتغير هناك "طبيعة إنسانية" خالدة بعيوبها التي لا تزول. فما الفائدة إذن من القول بإصلاح المجتمع؟ يا له من وهم خلب...
تلك هي عقيدة الخطيئة الأصلية التي يعظ بها الناس فرنسوا مورياك على صفحات الفيجارو. وهي نظرة خاصة بالمفكر المسيحي. كما تنتشر في بعض الأوساط البرجوازية المتوسطة التي لا تؤمن بالله أو الشيطان فيخيل إليها أنها فوق كل معتقد بال، وهم إذا كانوا لا يذهبون إلى الكنيسة فأنهم يؤمنون بالنظرة الميتافيزيقية التي تجمد الإنسان والتي خلفها لهم الدين منذ آلاف السنين. فإذا بمحرر في جريدة تصدر للمعلمين من الشبان يكتب عن نقص الجنس البشري الأصلي فيتحدث عن "كيس الجلد" الذي نلزمه طيلة حياتنا. فيا لها من "طبيعة إنسانية" شقية ترتكب جميع المخازي!
وهذا القول في صالح المستغلين "للجنس البشري". وإذا كان هناك من يشكو من هؤلاء المستغلين، فليعلم إذن "أن الإنسان خلق هكذا" وأنه لا سبيل لتغييره.
وهكذا أصبح اضطهاد الناس وشقاء الفقراء وإعلان الحرب له ما يبرره على مر القرون. إذ يعيد المجتمع ذاته لما لا نهاية لأن الإنسان يظل كما كان. (نلاحظ هنا أن مثل هذه النظرة ترى في الإنسان كائنا بذاته بينما الإنسان في جوهره كائن اجتماعي) ولما كان هذا الإنسان فاسدا كان لا بد من أن يكون المجتمع مرذولا؛ ولا شك أن الدين يقول بأنه يمكننا، لا بل يجب علينا، أن ننقذ أرواح الأفراد. اما فيما يتعلق بالمجتمع فان هذه مسألة أخرى لأنه يجب الامتناع عن أي تحسين لحاله لأنه لا خلاص للإنسان على وجه الأرض.
ولنلاحظ هنا أن هذه الميتافيزيقا المثقلة بعبء السنين هي التي تبرر كل ما يقوم به زعماء الديمقراطية الاشتراكية ضد الإتحاد السوفياتي. ولقد قال ستالين في 26 كانون الثاني سنة 1924.
"تقوم عظمة لينين، قبل كل شيء، على أنه اثبت في الواقع، بتأسيسه لجمهورية السوفيات، إلى الجماهير المضطهدة في العالم أجمع، أن الأمل في الخلاص لم ينقض، وأن سيطرة كبار الملاكين والرأسماليين ليست خالدة، وأنه يمكن أقامة حكومة العمال بواسطة جهود العمال أنفسهم، وأنه يجب إقامة هذه الحكومة على الأرض وليس في السماء. وهكذا أشعل لينين في قلوب العمال والفلاحين في العالم أجمع جذوة الأمل في التحرر. وهذا ما يفسر أن اسم لينين قد أصبح أعز اسم على قلوب الجماهير الكادحة المستغَلة".
وهذا ما لا يرضاه بلوم صنيع البرجوازية داخل الحركة العمالية.
وتعتمد النزعة المناهضة للسوفيات، عند الزعماء الاشتراكين، على فلسفة يائسة. فإذا بلينين وستالين والشعب الروسي مجرمون لأنهم أرادوا، لا بل نجحوا في القضاء على استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وإذا بليون بلوم وجي موليه يكثران من الخطب حول "النزعة الاشتراكية المحررة" بيد أنهم لا يعتقدون ما يقولون. فلقد روضتهم البرجوازية الرجعية المعتدية فرسخت فيهم عقلية الفاشلين المغلوبين. ولهذا نرى بلوم في كتابه "على مستوى الإنسان" يعلن تضامنه مع الفاتيكان، كما يعلن الحرب على الشيوعيين، محاولا إقصاءهم عن الأمة القومية. لماذا؟ لأن الشيوعيين يشهدون بأفعالهم عن أيمانهم بتغيير المجتمع كما يرون في الاتحاد السوفياتي المثل الذي يجب أن يحتذيه جميع العمال.
وهذا ما لا يرضى به صنائع البرجوازية، فيعملون جاهدين لأبعاد العمال عن الاتحاد السوفياتي الذي يدلهم على طريق الإصلاح. ولهذا لا يتراجع هؤلاء أمام أية نميمة للتدليل على أنه لم يتغير شيء في الاتحاد السوفياتي، ويصحب ذلك بالضرورة مراقبة كل أدب، يصدر عن الاتحاد السوفياتي، يظهر حقيقة ما غيرته الثورة ومنعه.
وهكذا تبدو فلسفة الاشتراكية الديمقراطية فلسفة ميتافيزيقية صرفة، تقوم على محاربة الحماسة والتضليل وتثبيط همم المناضلين، ولا ادل على ذلك من الجريدة اليومية (Franc-Tireur) أو المجلة الهزلية (Le canard enchaine) إذ نرى أن الفكرة السائدة فيهما في الجد أو السخرية في الخداع أو السباب هي أن لا جدوى من النضال ضد الرأسمالية، والحال سيظل كما كان. لأن "أكلة الخوارنة" هؤلاء يفكرون بعقلية دينية ولأنهم مقتنعون بعجز الإنسان الأساسي، ولما كانوا هم مفلسين فقد جعلوا التاريخ يفلس أيضاً معهم. ولهذا ظهر الرياء في سخريتهم التي تنم على اليأس والقنوط.
وذلك لأن التغير ليس من صميم حقيقة المجتمع والطبيعة فقط بل أن المجتمع يتطور بصورة أسرع من تطور الكون الطبيعي؛ فلقد توالت على الإنسانية منذ انحلال المجتمع البدائي أربعة أشكال من المجتمعات وهي: مجتمع الرقيق، المجتمع الإقطاعي، المجتمع الرأسمالي والمجتمع الاشتراكي وكان المجتمع الإقطاعي يعتقد بأنه أبدي كما كان رجال الدين يرون فيه عملا من أعمال الله، كما يجعل اليوم الكردينال سبيلمان من شركات الاحتكار الأميركية إرادة الله. ومع ذلك حل محل المجتمع الإقطاعي المجتمع الرأسمالي، كما حل محل المجتمع الرأسمالي المجتمع الاشتراكي، كما يستعد الاتحاد السوفياتي إلى الانتقال لمرحلة أسمى هي مرحلة الشيوعية.
لما كان الإنسان كائنا اجتماعيا فليس هناك من إنسان خالد. أو لم يمت الإنسان الإقطاعي عند مطلع العصور الحديثة في شخص دون كيخوت؟ أما ما يدعي بالأنانية الأصيلة فقد ظهرت مع تقسيم المجتمعات إلى طبقات، فكانت "عبادة الذات" المشهورة التي تقول بأن "الأنا فوق كل شيء" ثمرة البرجوازية السائدة التي تجعل من المجتمع مأسدة يتصارع الناس فيها لتحقيق أغراضهم بواسطة الخداع والقوة وأن اضطروا لبناء صرح سعادتهم على شقاء الضعفاء! ومع ذلك ينشأ في المجتمع الرأسمالي نفسه انموذج إنسان جديد لا يرى سعادته الا ضمن سعادة المجتمع، ويجد أسمى نعيمه في النضال من أجل الإنسانية جمعاء ويتحمل في سبيل ذلك أعظم التضحيات. وهكذا تشارك هذه الأم العاملة في شركة رينو بالإضراب من أجل زيادة الأجور مع علمها بأن الجوع سيحل بأطفالها طيلة أيام الإضراب. كما يرفض عمال مرفأ روان، تضامنا مع عمال العالم، سبعة عشر مرة تفريغ الاسلحة المخصصة لمحاربة السوفيات مؤثرين ألم الجوع والحرمان .
ليس هناك إذن، إنسان خالد، كما أنه لم يكن هناك خطيئة أصيلة. ولهذا فأن جميع الذين يناضلون، اليوم ضد الرأسمالية يعملون في نفس الوقت على تغيير أنفسهم. وتزداد إنسانيتهم بقدر محاربتهم لنظام غير إنساني، لأن الحقيقة الإنسانية، ككل حقيقة، جدلية. فقد ارتفع الإنسان، عن مستوى الحيوان، بنضال استمر آلاف السنين ضد الطبيعة، وليس هذا النضال في آخر مراحله بل هو لا يزال في أول مراحله كما يقول بولس لانجفين، وليس تاريخ هذا النضال منفصلا عن تاريخ المجتمعات؛ فإذا بنا نعثر هنا، من خلال القانون الثاني للجدلية القائل بأن كل شيء يتغير، على القانون الأول القائل بأن كل شيء مترابط مع غيره إذ لا يمكن فهم الوعي الفردي خارج المجتمع. ولهذا يمكن للإنسان، في بعض الظروف، التقهقر إلى الوراء. إذ تحاول البرجوازية الرجعية، محافظة منها على مصالحها، أن تعود القهقرى بعجلة التاريخ فتظهر الفاشية: فاشية ايزنهور وماك كارتي أو فاشية هتلر. ولكن هذه الفاشية تنحط بالإنسان لأن رجال شرطة هتلر (s.s) الذين اضطهدوا المشردين قد اضطهدوا في نفس الوقت الإنسانية التي لا تزال ترقد في أنفسهم، فهم إذ ما داسوا إنسانية الغير بأرجلهم أنما يدوسونها في أنفسهم أيضا. وليس جانب الصلاح في الإنسان عطية من الله بل هو كسب ناله على مر الأيام. وهذا الكسب هو ما تعرضه البرجوازية، كل يوم للخطر. فإذا بالقنبلة الذرية تسيطر على تفكيرها وإذا بالدولار يحتل ضميرها. ولهذا حق للمحامي عمانوئيل بلوش أن يهتف مساء تنفيذ حكم الإعدام بآل روزنبرج: "أن الذين يحكموننا هم حيوانات!".
فكيف لا نعارض قسوة طبقة فاسدة بالرحمة التي تخيم على الإنسانية في المجتمع الاشتراكي؟ تبدو لنا هنا قوة المادة الجدلية التي تضيء طريق الشيوعية وحقيقتها. فلقد دلت أعمال رجال السوفيات الذين تحرروا من الاستغلال على حقيقة التأوهات عن خلود الشقاء. ولهذا ليس هدف قانون الجزاء السوفياتي تأديب المجرم بل تغيير حاله عن طريق العمل الاشتراكي. تحيق بالمجرم في النظام الرأسمالي لطخة عار لا تمحي حتى بعد انقضاء مدة سجنه أما في الاتحاد السوفياتي فلقد وجد الشواذ من الشبان الذين قام على إصلاحهم ماكارانكاو "طريق الحياة" كما أصبح المجرمون واللصوص مواطنين شرفاء قد تخلصوا من أوزار الماضي، وليس من الصدفة أن زال شذوذ الشبان في الاتحاد السوفياتي بينما هو يزداد في المجتمع الرأسمالي يوما بعد يوم.
فلقد ماتت في المجتمع الاشتراكي فكرة القضاء المحتوم.
ونجد اليوم دليلا رائعا على ذلك عند الأطباء السوفيات زملاء بافلوف. فلقد كان قول التوراة عن المرأة "سوف تلدين في الألم" يحيق بالأجيال المتتابعة. فإذا بالولادة لم تعد ألما مضنيا في روسيا بفضل دراسة عمل المراكز العصبية دراسة جدلية وتوضيح مشكلة الألم. هكذا تزعزعت الفكرة القديمة القائلة بأن الألم قانون الولادة وأنه "ضريبة" "الخطيئة الأصلية" و "متعة الجسد". وسوف تنمو الفكرة الجديدة وتنتقل من جيل لجيل بينما تنحل الفكرة القديمة عن الولادة في الألم لتزول إلى الأبد. أما أن يرجع الفضل في مثل هذا الاكتشاف الرائع للأطباء السوفيات فليس هذا من قبيل الصدفة. لأنه عمل علماء جدليين يعتقدون أن ليس في الكائن الإنساني أي عيب أبدي .
5 – الخلاصة
أن الاقتصار على جانب واحد من الواقع والاكتفاء بلحظة واحدة من مراحل التطور وكذلك الاعتقاد بأن الماضي لا حاجة به للمستقبل كل ذلك دليل على جهل جدلية الواقع. كما أن من يحكم على أميركا اعتمادا على شخصية الشيخ ماك كارتي فيعتقد بأن مستقبل أميركا سوف يكون صورة مطابقة لما جرى في التاسع عشر من حزيران سنة 1953 (حين نفذ حكم الإعدام بآل روزنبرج) يخطىء خطأ فاحشا. ذلك لأن مستقبل الولايات المتحدة هو بالأحرى من صنع القوى الجديدة التي يحاول المدافعون عن القديم القضاء عليها. ولقد كتب ستالين يقول: "أن أهم شيء هو ما يتطور". إذ مهما كانت ضئيلة جرثومة هذا التطور فإنها تحتوي مع ذلك على الحياة، وهذه الحياة هي ما يجب الحفاظ عليه بجميع الوسائل، لأنها تستحق كل عناية. وهكذا فأن نضال أيتيل وجولويوس روزنبرج ضد الجريمة سوف ينتصر بالرغم من أن الجريمة قد اضرت بهما. وكما أن تباشير الصباح تشير بمولد النهار فأن أمثولة آل روزنبرج تبشر بميلاد أميركا عادلة مسالمة. كما قالت ايتيل روزنبرج لأولادها:
"لسوف يكون العالم يا بني سعيدا مخصبا فوق قبرينا .
أما أولئك الذين قضوا عليهما أملا في إيقاف عجلة التاريخ فلقد حاق بهم الموت أكثر من الأموات.
ينقص الميتافيزيقي الاحساس بالتغير والإحساس بالجديد. وهذه هي ميزة الجدلي في كل حين والتي تهب الماركسي قوته المبدعة الخلاقة. إذ ليست الماركسية عبارة عن مجموعة من "الوصفات" التي تصلح لكل مكان وزمان بل هي علم التغير والتحول الذي يزداد مع التجربة. ولا يأبه الميتافيزيقي بما يتغير فهو يعتقد بأنه قد حدثت حربان عالميتان، ولهذا فلسوف تتبعهما حرب ثالثة" وإذا كان كل شيء يتغير حوله فأنه لا يرى هذا التغير. ولما كانت البرجوازية تحلم بالبقاء فهي تخشى الجدلية التي تدل على أن سيطرة البرجوازية آخذة بالأفول وأن بدت وطيدة الأركان لمن لا يتعمق الأشياء فيحسب ضربات المطارق دليلا على القوة. ولهذا كتب ستالين معلقا على الميزة الثانية للجدلية:
"يجب أن لا نعتمد في عملنا على الطبقات الاجتماعية التي لا تتطور وأن كانت تمثل في الوقت الحاضر القوة السائدة، بل على الطبقات الاجتماعية التي تنمو وتتطور لأن المستقبل لها وأن كانت لا تمثل في الوقت الحاضر القوى السائدة .
لأن الموقف العلمي لا يقوم على الاكتفاء بما نشاهده أمام أنظارنا بل في فهم ما يموت وما يولد وأن نهتم أكثر ما نهتم بما يولد. وأما المساواة في الاهتمام بهما فأن في ذلك مساً بالواقع وتشويها له لأن الواقع حركة دائمة. ولهذا كان الماركسيون ذوي نظر للمستقبل لأنهم ينظرون لكل واقع حسب صيرورته ولهذا "كشف" الماركسيون بجدليتهم الصحيحة، منذ البداية، كل ما يتضمنه مشروع مارشال بينما كان الزعماء الاشتراكيون يرحبون بالمشروع على أنه رخاء وازدهار.
ينقد ستالين في كتابه "مشاكل الاشتراكية الاقتصادية في الاتحاد السوفياتي" الذين " لا يرون الا الظواهر الخارجية ولا يغوصون إلى الأعماق" والذين " لا يرون القوى الدخيلة، التي وأن كانت تعمل بصورة موقتة وبصورة خفية فأنها تؤثر مع ذلك في تحديد اتجاه الحوادث".
وهذه ملاحظة قيمة لنا جميعا ولا سيما لأوساط العمال، لأن ما يولد وينمو هي وحدة العمال التي توطدت أولا بين العمال الشيوعيين والعمال الاشتراكيين ثم اتسعت فإذا بالثقة في الانتصار القريب تفعم قلوب الجماهير. تلك هي القوة "التي لا تقهر" والتي، إذا ما انقلب النسيم ريحا عاصفة، ستزيل جميع العقبات. ذلك لأن النضال لتوحيد العمال الذين تختلف آراؤهم وتتحد مصالحهم يتفق وقانون الجدلية الثانية ولقد دل اتساع حركة الإضرابات عام 1953 على اشتراك جميع طوائف العمال في النضال الايجابي.
ونرى المنشق، على عكس ذلك، ميتافيزيقيا. فهو يرفض دعوة زميله للعمل المشترك بحجة أنه اشتراكي أو مسيحي. فهو يجهل بذلك قانون التغير والتحول كما أنه لا يريد أن يرى أن وعي هذا العامل سوف يتغير بتأثير العمل المشترك من أجل تحقيق هدف واحد: ذلك لأن العمل جنبا إلى جنب يقضي على الشكوك والأوهام. أما المنشق فهو يفكر كما لو كان قد علم شيئا دفعة واحدة وهو ينسى أن الإنسان لا يولد ثوريا بل يصبح ثوريا. كما ينسى أن عليه أن يتعلم الشيء الكثير. والثوري الحقيقي هو الجدلي الذي يعمل على تهيئة الظروف الملائمة لتقدم الشيء الجديد. وكلما ازداد عزم الزعماء الاشتراكيين على الحيلولة دون توحيد جبهة العمال، كلما ازداد عزمه على تحقيق هذه الوحدة في موقفه من العمال الاشتراكيين.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام