الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصفية وكالة الغوث على طريق شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2024 / 2 / 2
القضية الفلسطينية


نهاد أبو غوش*
فور الإعلان الإسرائيلي عن ضلوع 12 فلسطينيا من العاملين في الوكالة في هجوم السابع من اوكتوبر (طوفن الأقصى) سارعت حكومة الولايات المتحدة الأميركية إلى تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) التابعة للأمم المتحدة ، وتبعتها في ذلك على الفور حكومات بريطانيا وكندا واستراليا والمانيا وايطاليا وفنلندا وهولندا ثم سويسرا التي أعلنت أنها ستوقف دعمها عند ثبوت الاتهامات.
قرار الدول الغربية التي يعد بعضها ممولا رئيسيا للأونروا، سوف يترك آثاره الكارثية على مستوى حياة نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني يقيمون في مناطق عمليات الوكالة الخمس (غزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان)، لكنه في نظر الفلسطينيين يحمل مخاطر وتبعات سياسية مصيرية، وعقابا انتقاميا للوكالة ودورها أكثر من كونه إجراء إداريا وماليا مؤقتا اتخذ لأسباب أمنية، .
التحليل
نشأت وكالة الغوث بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 الصادر في 8 ديسمبر 1949، وتحددت أهدافها باعمال الإغاثة وبرامج التشغيل لتلافي أحوال المجاعة والبؤس في صفوف اللاجئين الفلسطنيين، وحدد القرار أن عمل هذه الوكالة سوف يبقى قائما بالتشاور مع حكومات الدول المعنية إلى أن تنتفي الحاجة لذلك. كما نص قرار إنشاء الوكالة بشكل صريح على أن لا يتعارض عمل الوكالة مع أحكام المادة 11 من القرار 194 الصادر في 11/12/1948 والخاص بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم أو التعويض لمن لا يرغب بالعودة.
لطالما اعتبر وجود وكالة الغوث وخدماتها دليلا رمزيا على التزام المجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين كنوع من التعويض عن عجز الأمم المتحدة ووكالاتها في حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وتأمين عودتهم، لكن الوكالة تعرضت على امتداد العقود الماضية لموجات متلاحقة من تقليص الدعم لها ما اثر على حجم ومستوى خدماتها المقدمة للاجئين، وغالبا ما ارتبطت هذه التقليصات بطرح مشاريع لتوطين اللاجئين في أماكن إقامتهم الحالية، أو في بلد ثالث كما تبين خلال المداولات في لجان التفاوض المتعددة الأطراف التي انبثقت عن اتفاق اوسلو.
المحاولات الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة لتصفية وكالة الأونروا بلغت ذروتها مع وصول دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة، فتبنى هذا الرئيس رؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف لحل القضية الفلسطينية عبر ما عرف ب"صفقة القرن" التي هي في الحقيقة صفقة أميركية إسرائيلية، وترافق طرح الصفقة مع مشاريع لإنهاء وكالة الغوث، وإعادة تعريف "اللاجئ" الفلسطيني ليشمل الأشخاص الذين بقوا على قيد الحياة ممن هجروا خلال النكبة، أي أن اللاجئين ليسوا هم المقتلعون من وطنهم والمهجرون مع أبنائهم وأحفادهم، بل هم بضعة آلاف ممن بقي على قيد الحياة من اللاجئين الأصليين وعددهم سيتقلص تدريجيا إلى أن تنتهي قضة اللاجئين بوفاة آخر معمر منهم. وإزاء رفض قيادة السلطة الفلسطينية صفقة القرن التي تختزل كل الحقوق الوطنية الفلسطينية في بعض الحقوق الاقتصادية والمعيشية مع كيان يفتقر إلى أدنى مقومات السيادة، وتهويد القدس، عمدت ادارة الرئيس ترامب إلى تشديد الضغوط على السلطة من خلال وقف المساعدات المخصصة للونروا علما بأن الولايات المتحدة هي أكبر ممول للوكالة الدولية بمبلغ يصل إلى نحو 300 مليون دولار سنويا.
خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية، وعدت حملة المرشح (الرئيس) جو بايدن بالتراجع عن عدد من قرارات الرئيس ترامب، ومن بينها تمويل الاونروا وسائر أشكال تمويل السلطة الفلسطينية، وفعلا التزمت ادارة الرئيس بايدن بهذا الوعد مع عدم التزامها بالبنود السياسية الاخرى (افتتاح القنصلية الاميركية في القدس ومكتب الثمييل الفلسطيني في واشنطن). وها هي الآن في ذروة الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي ظل أصعب ظروف إنسانية كارثية يمر بها الفلسطينيون في غزة تقرر تعليق تمويلها بناء على شبهات حول عدد من موظفي الوكالة (12 موظفا قتل أحدهم من اصل 13 ألف موظف في غزة أي أقل من واحد بالألف) كل ذلك بناء على شبهات لم تثبت بعد، في حين أن ثمة أدلة قوية جدا قدمت لمحكمة العدل الدولية بشأن ضلوع قادة ومسؤولين إسرائيليين إما في التحريض على الإبادة أو إصدار أوامر لارتكاب أعمال إبادة، وقد رأت المحكمة أن هذه الأدلة توفر أساسا معقولا للنظر في الدعوى المقدمة من جنوب افريقيا.
لا يمكن فصل القرار الأميركي والأوروبي الأخير عن الاتهام الإسرائيلي للأونروا بأنها شريك لحركة حماس، وتتبنى موقفها وهو ما دفع قادة إسرائيل إلى التوعد بالقضاء على وكالة الأونروا في سياق محاولاتهم القضاء على حماس، وتصاعدت هذه الحملة بعد الشهادات والوثائق التي قدمتها جنوب افريقيا مستندة الى منظمات الأمم المتحدة العاملة في غزة وأبرزها وأكبرها وكالة الغوث الدولية، وهكذا يمثل هذا التوجه عقابا للوكالة على مواقفها، بالإضافة إلى استهداف رمزية الوكالة ودورها في استمرار تمسك اللاجئين بحق العودة، مع الإشارة إلى أن عددا من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة ووسطها (جنين، نور شمس، طولكرم، بلاطة، الفارعة، عقبة جبر) تعرضت خلال فترة الحرب إلى استهداف مركز شمل تجريف شوارع، وتدمير مؤسسات ومباني ومنازل، واعقالات موسعة، واغتيالات، وتهجير نسبة كبيرة من سكان المخيمات (نحو نصف سكان مخيم جنين).
خلاصة
الموقف الأميركي والغربي عموما يظهر انحيازا غير مبرر تغذيه النزعات الشعبوية والعنصرية التي تتقبل الرواية الإسرائيلية دون تمحيص، وتتخذ موقفا عنصريا مسبقا من الففلسطينيين والعرب والمسلمين،. واستهداف وكالة الغوث وتقليص تمويلها يحقق جملة أهداف إسرائيلية منها استهداف قضية اللاجئين والمخيمات وحق العودة، وابتزاز السلطة والقيادة الفلسطينية لدفعها إلى تقديم تنازلات، وزيادة صعوبة حياة الفلسطنيين في الأراضي المحتلة ما يشجعهم على الهجرة، ما يفرض تحديات على القيادة الفلسطينية والمؤسسات والشعب الفلسطيني عامة بالبحث عن بدائل تمويلية عربية وإسلامية، والتكيف مع أوضاع يتقلص فيها التمويل دون أن يؤثر ذلك على التمسك بالثوابت الفلسطينية وأهمها جق اللاجئين في العودة.
* مركز تقدم للسياسات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس