الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعد السياسي في قرارت لاهاي

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2024 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لم يحجب الاستعمال المتواتر لمقاربة التحديث بالقانون استمرار التأكيد على ان القانون يبقى في جوهره منظما للواقع وليس منشئ له، بمعنى انه يجسد رغبة الجهة الاقوى في تنظيم ايقاع الجهات الأضعف تحت مسميات مختلفة. وبقليل من التصرف باستنتاجات انجلز التي بناها على نتائج ابحاث مورغن في اصل العائلة والملكة الخاصة نصل الى ان الحاجة لحماية واقع ما، هي التي تفرض ضرورة إيجاد تلك الآليات، وان القانون يصاغ ويفسر وفقا لمصالح الجهات الاقوى التي ما زالت ترغب في حماية ذلك الواقع.
هذه الحقيقة ربما المظلمة في مخرجات تطبيق القواعد القانونية خاصة في العلاقات الدولية هي ما تقود إلى ضرورة القراءة السياسية في قرارات محكمة لاهاي قبل الاحتفاء بالقراءات القانونية، لان الفرق بين القراءتين ان الثانية تبقى نظرية ومحط تنازع بين فقهاء القانون فيما الاولى تلقي الضوء على واقع ما بعد تلك القرارات.
وفي هذه القراءة لن نتاول ما ورد في قرارات المحكمة لانه يحيل ضرورة إلى التنقل بين تعدد القراءات القانوية، بل سنذهب إلى ما تم اسقاطة لان ذلك لا يدخل في باب السهو بل في باب التعمد الذي لا يمكن له إلا أن يكون سياسيا بامتياز، لان الدعوى التي تقدمت بها جنوب افريقيا تستند إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الابادة الجماعية التي يستوجب انتهاكها من قبل الدولة او اي من التزاماتها الاخرى التي يفرضها عليها القانون الدولي إثارة مسؤوليتها الدولية التي تنشئ التزامها بإصلاح كل النتائج التي ترتبت على أفعالها غير المشروعة والتعويض عن كل خرق ارتكبته وسبب ضررا، وأن قبول الدعوى من قبل المحكمة وتأكيد ولايتها القانونية عليها ورفض طلب اسرائيل بسحبها، يؤكد قناعة هيئة المحكمة بوجود شبهة قوية بارتكاب إسرائيل لجريمة الابادة الجماعية.
وكان يكفي لهذا السبب تحديدا ولدرء مخاطر احتمالات استمرار ممارسات الابادة الجماعة التي أحال اليها القبول المبدئي للدعوة والتي أصبحت من مشمولات المحكمة القضائية ولتجنب اي شكوك حول نواياها، أن تدعو إلى وقف فوري لاطلاق النار وتعليق جميع العمليات العسكرية كما فعلت ذلك في مارس 2022 حينما طالبت روسيا تعليق كل عملياتها العسكرية، بالرغم من ان ما شاهدناه من قصف روسي في اوكرانيا لا يصل إلى واحد على مليون من جرائم إسرائيل في غزة.
وما يفاقم من الاحساس بخطر غياب القرار بوقف الحرب الذي طالبت به جنوب افريقيا والحت عليه مرارا وتكرارا في مرافعتها أمام المحكة، واستشعرت فداحة غيابه الوزيرة " ناليذى بالزور" التي توجهت للفلسطينيين فور انتهاء المحكمة من تلاوة قرارها بأن لا يفقدوا الأمل، هو ان غياب هذا القرار جاء كطوق نجاة لنتنياهو الذي كان بمواجهة شارع في ذروة عنفوانه ومنحه شهرا كاملا للاستمرار في الحرب قبل ان ترفع اسرائيل تقريرها حول مدى التزامها بتنفيذ مجموعة التدابير الطارئة، ما يعني انها قدمت للجيش الاسرائيلي 30 يوما اضافية للاستمرار بالحرب ومعها عدة ايام أخرى تلك التي ستستغرقها المحكمة لتدارس التقرير ومن ثمة الحكم بشأنه وهذا يعني موت وإصابة مئات وربما آلاف المواطنين المدنيين وتدمير ما بقي في غزة من أحياء ومؤسسات.
وهذا التخوف الواقعي يأتي في سياق تعددت فيه المعلومات التي تؤكد عزم الحكومة الإسرائيلية على الانتقال بالهجوم العسكري من خانيونس إلى رفح التي تستضيف وفقا لمصادر أمريكية نحو نصف مليون نازح، وانها مرشحة لاستقبال مليون آخر، الذين قد لا يجدون من مفر امامهم تحت الضغط العسكري الا عبور الحدود باتجاه سيناء لتحويل سيناريو التهجير الى واقع مادي ملموس.
وما يثير ايضا مثل هذه المخاوف وربما بعض الشكوك حول تعمد تغييب المطالبة بوقف الحرب، هو أن هذه التدابير الطارئة لم تتضمن ايضا دعوة لا من قريب ولا من بعيد لاسرائيل للسماح لسكان شمال غزة بالعودة إلى مناطقهم خاصة وانها لم تعد مناطق اشتباك ساخنة وفقا لتقارير الجيش الإسرائيلي وتصريحات وزير الدفاع الذي اكد انه تم تطهير الشمال باستثناء بعض الجيوب التي لا تسدعي عمليات عسكرية كبرى.
ويزداد مستوى هذه الشكوك والخوف من البعد السياسي في قرارات المحكمة هو ما اتصف به رد الفعل الامريكي على تدابيرها حيث أعلن جون كيربي أن الولايات المتحدة لا ترى أي دليل على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة أو أي أعمال من هذا القبيل من جانب الجيش الإسرائيلي مؤكدا على ما اسماه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، الأمر الذي يعني تأييدا لاستمرار الجيش بعملياته العسكرية، وارتكاب مزيد من القتل والتدمير والتشريد لسكان لم يعد لهم من مقومات الاستمرار في الحياة، في الوقت الذي قررت فيه امريكا وكندا وعدد من الدول الاوروبية تعليق تمويلها لوكالة غوث اللاجئين "أونروا" عقب ادعاءات اسرائيلية بالتورط المزعوم لعدد من موظفيها في هجمات السابع من أكتوبر الماضي للتضيق اكثر على الشعب الفلسطيني.
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة



لم يحجب الاستعمال المتواتر لمقاربة التحديث بالقانون استمرار التأكيد على ان القانون يبقى في جوهره منظما للواقع وليس منشئ له، بمعنى انه يجسد رغبة الجهة الاقوى في تنظيم ايقاع الجهات الأضعف تحت مسميات مختلفة. وبقليل من التصرف باستنتاجات انجلز التي بناها على نتائج ابحاث مورغن في اصل العائلة والملكة الخاصة نصل الى ان الحاجة لحماية واقع ما، هي التي تفرض ضرورة إيجاد تلك الآليات، وان القانون يصاغ ويفسر وفقا لمصالح الجهات الاقوى التي ما زالت ترغب في حماية ذلك الواقع.
هذه الحقيقة ربما المظلمة في مخرجات تطبيق القواعد القانونية خاصة في العلاقات الدولية هي ما تقود إلى ضرورة القراءة السياسية في قرارات محكمة لاهاي قبل الاحتفاء بالقراءات القانونية، لان الفرق بين القراءتين ان الثانية تبقى نظرية ومحط تنازع بين فقهاء القانون فيما الاولى تلقي الضوء على واقع ما بعد تلك القرارات.
وفي هذه القراءة لن نتاول ما ورد في قرارات المحكمة لانه يحيل ضرورة إلى التنقل بين تعدد القراءات القانوية، بل سنذهب إلى ما تم اسقاطة لان ذلك لا يدخل في باب السهو بل في باب التعمد الذي لا يمكن له إلا أن يكون سياسيا بامتياز، لان الدعوى التي تقدمت بها جنوب افريقيا تستند إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الابادة الجماعية التي يستوجب انتهاكها من قبل الدولة او اي من التزاماتها الاخرى التي يفرضها عليها القانون الدولي إثارة مسؤوليتها الدولية التي تنشئ التزامها بإصلاح كل النتائج التي ترتبت على أفعالها غير المشروعة والتعويض عن كل خرق ارتكبته وسبب ضررا، وأن قبول الدعوى من قبل المحكمة وتأكيد ولايتها القانونية عليها ورفض طلب اسرائيل بسحبها، يؤكد قناعة هيئة المحكمة بوجود شبهة قوية بارتكاب إسرائيل لجريمة الابادة الجماعية.
وكان يكفي لهذا السبب تحديدا ولدرء مخاطر احتمالات استمرار ممارسات الابادة الجماعة التي أحال اليها القبول المبدئي للدعوة والتي أصبحت من مشمولات المحكمة القضائية ولتجنب اي شكوك حول نواياها، أن تدعو إلى وقف فوري لاطلاق النار وتعليق جميع العمليات العسكرية كما فعلت ذلك في مارس 2022 حينما طالبت روسيا تعليق كل عملياتها العسكرية، بالرغم من ان ما شاهدناه من قصف روسي في اوكرانيا لا يصل إلى واحد على مليون من جرائم إسرائيل في غزة.
وما يفاقم من الاحساس بخطر غياب القرار بوقف الحرب الذي طالبت به جنوب افريقيا والحت عليه مرارا وتكرارا في مرافعتها أمام المحكة، واستشعرت فداحة غيابه الوزيرة " ناليذى بالزور" التي توجهت للفلسطينيين فور انتهاء المحكمة من تلاوة قرارها بأن لا يفقدوا الأمل، هو ان غياب هذا القرار جاء كطوق نجاة لنتنياهو الذي كان بمواجهة شارع في ذروة عنفوانه ومنحه شهرا كاملا للاستمرار في الحرب قبل ان ترفع اسرائيل تقريرها حول مدى التزامها بتنفيذ مجموعة التدابير الطارئة، ما يعني انها قدمت للجيش الاسرائيلي 30 يوما اضافية للاستمرار بالحرب ومعها عدة ايام أخرى تلك التي ستستغرقها المحكمة لتدارس التقرير ومن ثمة الحكم بشأنه وهذا يعني موت وإصابة مئات وربما آلاف المواطنين المدنيين وتدمير ما بقي في غزة من أحياء ومؤسسات.
وهذا التخوف الواقعي يأتي في سياق تعددت فيه المعلومات التي تؤكد عزم الحكومة الإسرائيلية على الانتقال بالهجوم العسكري من خانيونس إلى رفح التي تستضيف وفقا لمصادر أمريكية نحو نصف مليون نازح، وانها مرشحة لاستقبال مليون آخر، الذين قد لا يجدون من مفر امامهم تحت الضغط العسكري الا عبور الحدود باتجاه سيناء لتحويل سيناريو التهجير الى واقع مادي ملموس.
وما يثير ايضا مثل هذه المخاوف وربما بعض الشكوك حول تعمد تغييب المطالبة بوقف الحرب، هو أن هذه التدابير الطارئة لم تتضمن ايضا دعوة لا من قريب ولا من بعيد لاسرائيل للسماح لسكان شمال غزة بالعودة إلى مناطقهم خاصة وانها لم تعد مناطق اشتباك ساخنة وفقا لتقارير الجيش الإسرائيلي وتصريحات وزير الدفاع الذي اكد انه تم تطهير الشمال باستثناء بعض الجيوب التي لا تسدعي عمليات عسكرية كبرى.
ويزداد مستوى هذه الشكوك والخوف من البعد السياسي في قرارات المحكمة هو ما اتصف به رد الفعل الامريكي على تدابيرها حيث أعلن جون كيربي أن الولايات المتحدة لا ترى أي دليل على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة أو أي أعمال من هذا القبيل من جانب الجيش الإسرائيلي مؤكدا على ما اسماه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، الأمر الذي يعني تأييدا لاستمرار الجيش بعملياته العسكرية، وارتكاب مزيد من القتل والتدمير والتشريد لسكان لم يعد لهم من مقومات الاستمرار في الحياة، في الوقت الذي قررت فيه امريكا وكندا وعدد من الدول الاوروبية تعليق تمويلها لوكالة غوث اللاجئين "أونروا" عقب ادعاءات اسرائيلية بالتورط المزعوم لعدد من موظفيها في هجمات السابع من أكتوبر الماضي للتضيق اكثر على الشعب الفلسطيني.
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس