الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملك ودعوة إرحل

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


" أولا يجب الإشارة الى ان البوليس السياسي DGST يعرقل صفحتي Word ، حتى يحول دون مواصلتي الكتابة كحق ، ومواصلتي النشر كحق . فوضع صفحة Word ، وضع غير طبيعي ، خاصة قطع البوليس السياسي للكونكسيون عن بيتي ، للحيلولة دون الكتابة ودون النشر .. والغريب ان الدولة البوليسية ، المارقة ، والدموية وبالحجج الدامغة ، أصبحت ترأس مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة .
فهل تغيرت الأمم المتحدة ، وتغيرت الدول الكبرى التي تدعو الى حقوق الانسان ، وتجعلها كمعيار لتحديد نوع الدول ، وتحديد نوع الممارسات والإجراءات التي تُمرّر باسم حقوق الانسان ، التي لا علاقة تجمعها بالدولة البوليسية المارقة والدوية . فهل أصبحت حقوق الانسان ثانوية في نظر الدول الكبرى ، لتبرير تعيين دولة عدوة للديمقراطية ، رئيسة لمجلس حقوق الانسان ، والخطورة بالأمم المتحدة ؟ " .
منذ تربع محمد السادس على العرش ، وبسبب شيوع الازمة العامة التي ضربت المغرب ، وليس لها مخرج ، لان أي مخرج ومن دون تناول اصل المشكل المستفحل و المسبب في الازمة ، التي هي الديمقراطية الحقيقية ، فان الازمة ستستمر ، بل ستزيد استفحالا ، سيما وان الملك اعترف لوحده ، ومن دون ضغط عليه ، غير ضغط الازمة العامة ، بفشل " نموذجه التنموي " ، أي اعترف بفشله في الحكم . لكن للأسف ورغم اعترافه بالفشل المدوي ، استمر كما كان ، دون طرح بديل علمي وواقعي ، لمواجهة سبب فشل نظام محمد السادس .
امام هذه الازمة البنيوية المستفحلة وستزيد استفحالا ، والمديونية الخارجية التي وصلت اكثر من المائة ( 100 ) مليار دولار ، ولا يزال نظام محمد السادس يقترض ، لأسباب واهية تبريرية ، وموضوعات وبرامج مسطرة فقط على الورق ، والذي سيؤدي ارجاع الديون مع فوائدها الى الأبناك المقرضة ، يبقى المغاربة الذين أخذت القروض باسمهم ، وللأسف لم يستفيدوا منها ، مع العلم هم من يتولى ارجاع القروض وارجاع فوائدها ، ولا تزال العملية مستمرة ، حتى حقّ لنا تسمية ( نظام ) محمد السادس ، بنظام الاقتراضات العامة . أي ( نظام ) متخصص فقط في الاقتراض ، وبالعملة الصعبة ، ولا علاقة له بالتنمية التي يتغنى بها يوميا عبر وسائل الاعلام المخزنية المعروفة ..
لكن . هل ان هذه الازمة العامة المستفحلة ، والتي تزيد ستزيد استفحالا ، وسيزيد وضع الرعايا ميّالا الى اكثر من الفقر المفروض عليهم ، والذين اصبحوا مهددين حتى في حقهم في المياه بسبب الجفاف ، وبسبب شحّها ، نشير الى ان الجهة المتسببة في هذه الازمة العامة البنيوية ، حيث نتواجد في درجة chaos ، التي لا يمكن الخروج منها ، دون احداث التغيير الضروري ، الذي يشمل اصل الحكم ، والنظام ، ويشمل الدولة . ؟ .
منذ تفجر حركة 20 فبراير التي كانت وبالاً على الرعايا ، حين نجح عبدالاله بنكيران باسم حزب العدالة والتنمية ، ان يسرق نتائج حركة 20 فبراير ، بعد ان قدم من الوعود الكاذبة بالأطنان ، لإغراء الرعايا بالتصويت لحزبه ، الذي يملك عصا موسى لشق البحر المخزن ، لكنه وبشعور منه ، سيرمي بالوعود الانتخابوية التي روج لها إبّان جريان الحملة الانتخابوية ، وليتحول وفي ظرف وجيز الى مجرد آلة لتنزيل مخططات القصر ، التي زادت في افقار الفقراء دون اغناء الاغنياء ، بل وسمح بممارسات تتعارض مع خطاب الحزب الأيديولوجي ، التي بلغت قمتها في دفع ، وأكرر دفع سعدالدين العثماني ك ( وزير اول ) للتوقيع على اتفاق ( أبراها ) مع دولة إسرائيل الديمقراطية ، بحيث كان يبدو كاليتيم في مأدبة الايتام .. والصور المسربة عبر وسائل الاعلام المختلفة ، كانت من اكبر الاهانات التي تعرض لها حزب سياسي ، بعد إهانة ادريس البصري من طرف محمد السادس شخصيا بالگولف الملكي دار السلام ..
ان الملك كشخص دستوري ، وكأمير ( للمؤمنين ) ، ( الحكم ) بمقتضى عقد البيعة ، ليس هو من يحكم ، بل انه هو الدولة ، والدولة طبعا هي الملك . وعند محاولة معالجة النظام السياسي العلوي ، فالنظام الذي بين أيدينا وامام اعيننا ، هو نظام ملكي من طينة أخرى ، تعتمد في تصريف شؤون القصر وليس المجال الرعوي ، بالتركيز على الطقوس ، والتقليدانية ، والبطريركية ، والبتريمونيالية ، والثيوقراطية ... أي ما نسميه بالإرث الأيديولوجي للدولة العلوية . ويجب الاقرار هنا ، انّ الملكية التي تسيطر على المجال الرعوي ، هي ملكية خاصة من نوع آخر ، لا علاقة تجمعها مع الملكية الاسبانية او الإنجليزية ، التي يحتفظ فيهما شخص الملك ، بسلطة الحفاظ على وحدة التراب ، ووحدة الشعوب ضمن الامة الواحدة ، إضافة الى السلطات الدستورية في المجال الدبلوماسي ، والسلطات الخاصة لتنظيم الاتفاقيات الدولية .. فرئيس الحكومة الاسبانية ، والانجليزية ، يبقيان في مستويات ودرجات ادنى من وضع الملك او الملِكة ( يجب الإشارة هنا ، الى ان الدستور الاسباني هو دستور ذكوري ، لأنه اذا توافرت نفس شروط المُلْك في امرأة وفي رجل ، فالأسبقية والافضلية لتولي المُلك ، تكون للرجل وليس للمرأة . وهذا خرق سافر للقوانين الأوروبية في المجال الديمقراطي ، بحيث تصبح الديمقراطية الاسبانية ، مقارنة مع وضع المرأة في الأنظمة الملكية كالملكية الهولندية او البلجيكية ، او الملكيات الاسكندنافية بالديمقراطية النسبية ) ، مع العلم ان الديمقراطية . امّا ان تكون ليصبح النظام يعرف بالنظام الديمقراطي ، او لا تكون كي يتم ترتيب النظام السياسي ضمن الأنظمة الشَّبَه او الشِّبْه ديمقراطية ، وهو ما سميناه بالديمقراطية النسبية ، مادام هناك درجات عند تصنيف الأنظمة السياسية الديمقراطية ، والانظمة الشَّبَه او الشِّبْه ديمقراطية ، تجعل من هذا التمييز في ممارسة الحكم يختلف بين دولة وأخرى ولو نسبيا .
ورغم ان الانتخابات في الأنظمة الديمقراطية .. ،هي مِن المفروض ان تحدد فرق الحكم المنتظرة ، فمجال تصرف القصر الملكي ، يكون اقوى من مجال تصرف الوزراء ، الذين يتولى تعيينهم الملك بعد انتخابهم من طرف الشعب . وهنا فان شخص الملك " فليب السادس " Phillip ، كان الصخرة التي تكسر عليها مشروع انفصال إقليم " كاتالونيا " La Catalogne ، رغم ان وراء مشروع الانفصال ، كان استفتاء الشعب " الكاتالوني " .. وهذا إقرار بالنسبة للنظام السياسي الاسباني ، بسمو وعلو قوة الملك الدستورية ، على قوة الحكومة الدستورية . وظهرت هذه القوة عندما استشار رئيس الحكومة الاسبانية السيد Pedro Sanchez ، الملك الذي يكون قد أعطاه الموافقة ، في الاعتراف بحل الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المغربي في البريل 2007 ، ولم يستشر الحكومة التي علمت بخبر الاعتراف ، من خلال الرسالة الجوابية للقصر الملكي العلوي .
اذن . عندما نعالج النظام السياسي المغربي ، كنظام مخزني ، بوليسي ، عشائري ، طقوسي ، تقليداني ، بطريركي ، بتريمونيالي ، أميري ... يجب ادخال هذا الإرث الماضوي ، ضمن الإرث الأيديولوجي ، الذي يجعل النظام الملكي المغربي ، من طينة خاصة ، تعتمد المزاج في تصريف القضايا المطروحة ، ولا تعتمد العقلنة ، والبحث العلمي والتاريخ . وهذا ظهر جليا عند معالجة النظام قضية الصحراء الغربية ، حيث كان المزاج السلطاني هو سيد القرارات المتخذة منذ سنة 1975 ، وكل قرار يبطل او يناقض سابقه ..
اذن . وفي نظام طقوسي ، كل الدولة هي الملك ، والملك هو الدولة ، تنتفي مسؤولية المؤسسات المخزنية ( الوطنية ) ، لان كل ما يوجد بالدولة المخزنية من ( مؤسسات ) ، هو ملك للملك . فالانتخابات التشريعية هي انتخاباته ، والبرلمان برلمانه ، والحكومة هي حكومته . وهذا الوضع ليس له من تفسير ، غير انتفاء مسؤولية ( المؤسسات ) ، لتصبح المسؤولية مسؤولية مالك هذه المؤسسات الذي هو الملك ، كشخص دستوري ، وكراعي على رأس دولة رعوية .
لكن ومن خلال الممارسات التي تحولت الى عرف واعراف مع مرور السنين ، فرغم ان الملك هو الدولة ، وهو من يحكم ولو بالمزاج ، فهو محجوب من المسائلة لا المدنية ، ولا الجنائية . وعندما يتحلل الملك من المسائلة رغم انه هو الدولة ، ورغم ان الوضع العملي للوزراء وللبرلمانيين كموظفين سامين بإدارات الملك ، فان عدم مسائلة الملك ، تعني عدم مسؤولية خَدَمِه من الوزراء ومن البرلمانيين ، والموظفين الكبار . ويجري ترتيب القضايا التي تستأثر بالاهتمام ، ضمن طقوس القصر الملكي ، أي " تْرابي دار المخزن " .. وهنا سنجد انه نادراً ما يقدم المخزن أحد أعوانه او خدمه الى القضاء، لأنه غرف وحده الميزانية ، ولم يمرر البعض منها لحراس الاعتاب الشريفة ( رئيس المجلس البلدي بالفقيه بنصالح ) ، او ان ينزلق لسان احد عبيد القصر ، من موظفي القصر ، بالإدلاء بتصريح قد يكون ازعج القصر ، وخلق له ازمة نفسية ( فضيحة ) ، لن تكون ابدا ازمة ضمير ، لان المخزن لا ضمير له اطلاقا ..
في وضع كهذا كالذي نحن فيه منذ اكثر من 1500 سنة . كيف يحق لبعض البشر ، او الرعايا انْ صح القول ، ان يرفع شعار " ارحل أخنوش " ، " ارحل شكيب بنموسى " ... الخ .. مع العلم ان هؤلاء وضمن كل الحكومة ، هم مجرد موظفين كبار عند الملك برتبة وزير ، ينفدون تعليمات وقرارات القصر ، أي انهم مجرد معاول عند الملك ، يحرك بهم أي شيء ، لكنهم لا يحكمون ، لان لا سلطة لهم ، خارج سلطة رئيسهم الذي هو الملك ..
ان رفع شعار " أخنوش ارحل " ، " شكيب ارحل " ... الخ ، مع العلم ان كل الحكومة التي هي حكومة الملك ، لا تحكم .. فهنا نكون امام حالات :
-- إمّا ان الشخص الذي يرفع شعار " ارحل " لبعض وزراء الملك ، او للوزير الأول " أخنوش " ، يجهل نوعية النظام السياسي المغربي الحاكم بالمغرب ، وقد يكون هذا الاحتمال ممكنا . لكن هنا . كيف المشاركة في مسيرة ، مثلا احتجاجا على رفع الاثمان والاسعار .. والشخص الذي يرفع شعار " ارحل اخنوش " ، " ارحل شكيب " ... الخ ، يجهل الدستور المغربي ، ويجهل أسس بناء مشروعية النظام الاميري الرعوي الذي هو من يحكم ، ومن هذه الحقيقة يتعامل مع الرعايا كرعايا ، وليسوا كشعب . وحين نقول الرعايا ، لا يكفي ذلك القول الصريح " رعايانا الاوفياء " . بل القصد ، هو نوع النظام السياسي المُدلّس على الخارج ، الرأي العام الديمقراطي العالمي . فطريقة تعامل محمد السادس كراعي وكأمير مع الرعايا ، تؤكد ذلك . فرغم انه يستهل خطاباته بكلمة ( شعب ) ، فالممارسات الطقوسية ، والسياسية للنظام ، هي اكثر من النطق صوتا بلفظ الرعايا العبيد . فالمغاربة يعيشون في وضع منعدمي الحقوق ، ويسري عليهم تطبيقا وممارسة ، نظام الرعية الذي تبتكر في انتاجه ، وإعادة انتاجه ، المساطر المختلفة للنظام المخزني ، الذي يركز على الرعايا في الممارسة ، وليس على المواطنين ، فباحري الشعب الغير موجود ..
-- او انّ من هو مدرك بحقيقة النظام السلطاني ، البوليسي ، المخزني ، البطريركي ، البتريمونيالي ، الطقوسي ، التقليداني ، القروسطوي ، الثيوقراطي ... الخ ، ويرفع في مسيرة شعار " ارحل " لحكومة الملك وليس بحكومة ( الشعب ) ، فهو شخص امّا متواطئ ومدسوس في المسيرة ، كأن يكون تابعا لأجهزة الإدارة السلطوية ( الداخلية ) ، او البوليس السياسي ... حتى تمر المسيرة في سلام ، ولتتحول نتائجها الى نصر وافتخار للقصر ، وللملك ، ولنوع نظامه الغير ديمقراطي على الاطلاق ..
كما قد يرفع شعار " ارحل " لحكومة الملك ، او لاحد وزراء الملك ، اشخاص تسللوا الى المسيرة باسم أحزاب ( المعارضة ) ، كحزب التقدم والاشتراكية ، وحزب الاتحاد الاشتراكي ، وهي أحزاب تعيش على فضل القصر ، لا على غيره . لذلك سنجد هذه الأحزاب قد لعبت أدوارا مماثلة لإفشال حركة 20 فبراير ، كما ساهمت أحزاب الفدرالية خاصة حزب الاشتراكي الموحد ، وحزب الطليعة ، عندما لخصوا حركة 20 فبراير في " جماعة العدل والإحسان ، التي نفضت الجميع عندما كوْلست مع النظام المخزني البوليسي السلطاني، وفي غيبة احد حلفاءها ( حزب النهج الديمقراطي ) الذي تأثر كثيرا من توقيف كل أنشطة العدل والإحسان ، عندما اعتبرت ان حركة 20 فبراير أدت ما عليها ، ووصلت الى مفترق طرق والى النفق المسدود .
-- وامّا الاستمرار في المسيرات ، وبنفس الجهود المعهودة ، والجماعة اعتبرت انه هكذا اختيار سيكون انتحارا ، لان من دون غطاء العدل والإحسان التي قررت الانسحاب ، فان أي تحرك في توجيه الانتفاضات التي أصبحت مخترقة من البوليس السياسي ، ومن أعوان الجهاز السلطوي ، سيكون سيرا ضد اتجاه الرياح ، وسيكون انتصارا للدولة المخزنية البوليسية المخزنية المارقة ، على الحشد الشعبي الذي ظل ضعيفا ، كما كان ضعيفا ، حين نفخت فيه جماعة العدل والإحسان من روحها ، وأعطته جرعة للتقوية لم تقويه في شيء .. فبانسحاب جماعة العدل والإحسان ، حتى تعرى كل شيء ، وظهرت قوة او ضعف كل التنظيمات التي انخرطت في المسيرات .. وكان ما اتضح جليا ، انّ لولا جماعة العدل والإحسان ، لكان الحراك قد انتهى في اقل من اثنا عشر ساعة .. فاستحق بذلك تسمية حركة 20 فبراير ، بحركة جماعة العدل والإحسان التي مكنتها من تعريض قاعدتها ، والتعريف بنفسها .
لكن رغم الخروج التبريري لقيادة الجماعة ، بالانسحاب من حركة 20 فبراير ، بدعوى ان الحركة استنزفت دورها ، واعطت ما فيه الكفاية ، الاّ ان السبب الحقيقي وراء انسحاب جماعة العدل والإحسان ، لم يكن هو استنفاذ دور حركة 20 فبراير ، بل ان سبب الانسحاب ، وكما فضحت ذلك ابنة الشيخ عبدالسلام ياسين ، السيدة نادية ياسين بمقبرة ( الشهداء ) ، كان كوْلسة الجماعة مع الدولة السلطانية ، وبالأخص الكولسة مع الديوان الملكي ، ووزارة الداخلية ، والبوليس السياسي . وهنا يجب التنبيه ، ان كل هذه المبادرات ، لم تكن بمنحى عن دور الجيش والدرك ، في الدفع بالصراع ، لينتهي بإفلاس الحركة التي كانت من دون مشروع حقيقي وأسمى .. فكيف سترضخ الحركة ، لتعليمات ولإشارات الجيش العديدة ، التي رفضت تكرار الوضع الذي صار في تونس ، في سوريا ، مصر ، اليمن ، السودان .. ، خاصة وان هناك اخطار تهدد وحدة الدولة ووحدة الشعب ، وتهدد كل الدولة العلوية ، وليس فقط نظام محمد السادس الأكثر من ضعيف .. فالمواجهة ستصبح بين الجيش والدرك الذي هو جزء من الجيش ، وبين جماعة العدل والإحسان ، التي ستجد نفسها وجها لوجه مع الجيش ، خاصة وان حزب النهج الديمقراطي لا يفدها في شيء بسبب وضعه التنظيمي الأكثر من ضعيف ، وبسبب حسابات الأحزاب التي جعلت من كل أنشطتها ، ابان المسيرات ، مواجهة جماعة العدل والإحسان ، وليس مواجهة النظام الشمولي البوليسي ، الذين شاركوا في كل الاستحقاقات السياسوية التي طرحها النظام لقطع رأس انتفاضة 20 فبراير ، والسيطرة على الساحة كما كانت قبل اندلاع الحركة التي بدأت مخزنية ، وانتهت سلطانية وطقوسية .. فكان انسحاب جماعة العدل والإحسان تصرف عاقل ، وليس تصرف احمق غير مسؤول . ..
وهنا . وفي غياب الدستور الديمقراطي الذي وحده يؤسس الفضاء الديمقراطي للنظام داخل الدولة ، يثار استغراب بالنسبة لنوع اخر من ( المعارضة ) التي أصبحت بدورها اكثر من سلطانية ، عندما شاركت في جميع انتخابات واقتراعات الملك ، وضمن دستور الملك ، أملا في الدخول الى برلمان الملك ، او الى حكومة الملك . ماذا كانوا يرفعون من شعارات ،وهم الحريصون على المشاركة فيها .. طبعا . هل مثل سابقيهم سيرفعون شعار " ارحل اخنوش " ، " ارحل بنموسى " ... او ان صوتهم الذي اضحى خافتا ، ومبحوحا ، ومجروعا منذ ارتماءهم في حاضنة النظام السلطاني المخزني ، بالمشاركة النجيبة في استحقاقاته ، وضمن مشروعية الحكم التي يؤسسها ويؤثثها دستور الملك الممنوح ، وعقد البيعة الدستور العرفي المنزل والغير ممنوح ..
وهنا ، اذا كانت جماعية العدل والإحسان لم ترفع علانية شعار " ارحل " للملك ، و " ارحل " لنظامه ، وظلت تتلون بدعوة عدم التقيد بسقف محدد في المطالب ، التي قد تصل الجمهورية ، فان تلك الدعوات كانت بهدف كسب التيارات المُنادية بشعار " ارحل " ، وكانت بهدف استقطاب البعض من الشعب الذي ربما قد يتناغم جيدا مع أي مطلب لتغيير النظام ، او كان فقط بسبب المزايدة السياسية للسيطرة على الساحة ، ولفرملة اية موجة قد ترمي بكل النظام وبالدولة في متاهات سياسية ، لن تنفع أحدا ، بقدر ما تخدم مشاريع ومخططات تحضر خارج المغرب .. وهنا فان ترديد بعض الافراد من اليسار الملكي الجديد ، أحزاب الفدرالية ، لشعار " ارحل " غطت عليه حقيقة الموقف السياسي الذي سارت عليه كل أحزاب الفدرالية ، وجماعة العدل والإحسان ، بالتشبث بالإصلاحات السياسية ، لمعالجة الازمة السياسية ، بدل الدعوة الى اسقاط الدولة ، التي لن تسقطها ابدا بحركة 20 فبراير التي بدأت ملكية ، وانتهت اكثر من ملكية سلطانية .
اذن امام هذا الخضم من الاحداث ، والتجاذبات السياسية في الساحة ، نطرح السؤال :
لماذا لا يملك الشخص ، واي شخص ، ومن داخل المغرب لا من خارجه ، الشجاعة ليصوب اصبعه صوب الدولة ، وبالضبط صوب شخص الملك الذي يمثل الدولة ولوحده ، وطبعا الدولة هي دولته ، أي من يحكم والباقي مجرد أدوات يستعملها في أوقات مختلفة ، لمواجهة حالات تطرأ فجأة ، فيستعمل الملك فريقا من الفرق للدفع بالأزمة او بالقضية الى بر الأمان .. ؟ ..
في المغرب كنظام ملكي من نوع خاص ، الملك وحده من يحكم ، لانه هو الدولة ، والدولة هي الملك . وبما ان هذا النظام واضح في سياسته ، فان كل الأحزاب التي تشارك في انتخابات الملك الانتخابوية ، الهدف منها تأصيل وتقوية النظام ، رغم ان خطابها الأيديولوجي يعارض الدولة المخزنية ..
اذن . كيف للملك الذي هو الدولة ، وهو وحده من يحكم ، ان يسئل نفسه عن إخفاقات او اعوجاجات ، حصلت اثناء ممارسته للحكم ؟
فكيف سيصبح الملك منتج الأوضاع السياسية ، وهو هنا كفاعل ، وفي نفس الوقت يساءل نفسه ، ويحاكم نفسه ، مع العلم ان الانتخابات الانتخابوية هي انتخابات الملك . والبرلمان هو برلمانه ، والحكومة هي حكومته .. أي هو الواحد الأوحد في الدولة الرعوية ..
اذن من هنا ندرك ان النظام السياسي الملكي السلطاني في المغرب ، والذي يرأس مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ، نظام غير ديمقراطي ، وتبقى الدول الكبرى بالأمم المتحدة ، التي منها من اغمض العين على ترشح النظام السلطاني الطقوسي لرئاسة مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ، ومنها من اعطى إشارة التصويت على ترشح النظام السلطاني لرئاسة مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة ، رغم سجله الأسود في مجال حقوق الانسان .. ان الغير ديمقراطي الحقيقي ، هي دول الفيتو بمجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة .
اما النظام الشمولي البوليسي ، المخزني ، البطريركي ، البتريمونيالي ، الكمبرادوري ، الثيوقراطي ... فممارساته تبقى مقبولة ضمن نظامه اللاديمقراطي .. لانه كيف تنتظر من الغير ديمقراطي ، ان يمدك بالديمقراطية لتصبح تحاكمه عن الكبيرة والصغيرة بالدولة .. فالمشكل هو مشكل غياب الديمقراطية بمجلس الامن ، وبالجمعية العامة للأمم المتحدة . فالنظام السلطاني البوليسي يتصرف كجزء من الأمم المتحدة الغير ديمقراطية . فكيف يصح القول والتدرع بالقوانين الدولية في مجال حقوق الانسان ، حيث تبقى القوانين في واد ، وتبقى الممارسة الأممية في واد اخر ؟
واذا كانت الأمم المتحدة ليست بالديمقراطية ، تبقى ممارسات النظام المخزني البوليسي اللاديمقراطية مقبولة . فعندما ستصبح الأمم المتحدة حقا ديمقراطية ، آنذاك يحق الطلب من النظام خلع بدلة البوليسي ببدلة الديمقراطية ..
والخلاصة ان الديمقراطية لن تكون ابدا في المغرب ، حتى تكون بالأمم المتحدة ..
في المغرب . الملك هو الدولة ، والدولة هي الملك ، والباقي مجرد فتاة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل