الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل ثقافة جماهيرية بديلة-أصول الفلسفة الماركسية-بوليتزر12

عبدالرحيم قروي

2024 / 2 / 3
الارشيف الماركسي


أصول الفلسفة الماركسية

الجزء الأول
تأليف جورج بوليتزر، جي بيس وموريس كافين
الحلقة الثانيةعشر

ميزة الجدلية الثالثة
التحول النوعي
_________________
1 – مثال
2 – ميزة الجدلية الثالثة
3 – في الطبيعة
4 – في المجتمع
5 – الخلاصة
________________
1 - مثال
إذا غليت الماء أخذت حرارته بالارتفاع درجة بعد درجة حتى إذا ما بلغت درجة معينة جعل الماء يتبخر ويتحول إلى بخار ماء.
نحن هنا أمام نوعين من التغير إذ أن تغير الحرارة التدريجي هو تغير كمي أي أن كمية الحرارة التي يحتوي عليها الماء تزداد، غير أن الماء في وقت ما يفقد صفته كسائل ويصبح غازاً دون أن يغير من طبيعته الكيمائية.
وهكذا نسمي تحولا كميا مجرد ازدياد الكمية أو نقصانها، كما نسمي تحولا نوعيا الانتقال من صفة إلى صفة أخرى أو من حال إلى حال كالانتقال من حالة السيولة إلى حالة الغازية.
دللت دراسة الميزة الثانية للجدلية على أن الواقع تحول مستمر. وسوف تدلل دراسة الميزة الثالثة للجدلية على أن هناك صلة بين التحولات الكمية والتحولات النوعية. ذلك لأن التحول النوعي (كتحول الماء إلى بخار ماء) ليس من قبيل الصدفة بل هو نتيجة حتمية للتحول الكمي أي لازدياد الحرارة التدريجي. حتى إذا ما بلغت الحرارة درجة معينة (100 درجة) أخذ الماء بالغليان في ظروف الضغط الجوي الطبيعي. فإذا ما تغير الضغط الجوي تغيرت درجة حرارة الغليان حسب ما تقول الميزة الأولى للجدلية بأن كل شيء مرتبط بالآخر. ولكن درجة الغليان تظل واحدة بالنسبة لجسم معين، تحت ضغط جوي معين. ويعني هذا أن التحول الكمي ليس وهماً بل هو حادث موضوعي مادي يتفق والقانون الطبيعي. ولهذا كان حادثا يمكن التنبؤ بوقوعه فيقوم العلم بالبحث عن التحولات الكمية الضرورية لحدوث تحول كمي معين.
ونرى الصلة بين نوعي التحول واضحة في حالة غليان الماء. وتعتبر الجدلية أن هذه الصلة بين التحول الكمي والتحول الكيفي قانون شامل في الطبيعة والمجتمع.
ولقد رأينا في الدرس السابق أن الميتافيزيقا تنكر التحول وأنها إذا ما قالت به فأنها تجعل منه عبارة عن تكرار. وضربنا لذلك مثل ساعة الحائط. فإذا بالكون أشبه بساعة حائط لا يكف فيها الرقاص عن تكرار حركته. فإذا ما طبقنا مثل هذه النظرية على المجتمع أصبح التاريخ الإنساني عبارة عن دورة متكررة لا تتغير. ويعني هذا أن الميتافيزيقا تعجز عن تفسير كل جديد. فإذا فرض هذا الجديد نفسه عليها رأت فيه مظهرا من مظاهر العبث في الطبيعة أو نتيجة لمعجزة إلهية. أما الجدلية، فهي، على العكس، لا تدهش ولا تتولاها الحيرة من ظهور الجديد، لأن هذا الجديد ثمرة ضرورية للكثير من التغيرات الكمية الصغيرة التدريجية التي لا مغزى لها في الظاهر. وهكذا تخلق المادة بحركتها الخاصة الشيء الجديد.
2 – ميزة الجدلية الثالثة
لا تعتبر الجدلية، على عكس الميتافيزيقا، عملية النمو على أنها مجرد عملية نماء لا تؤدي بها التحولات الكمية إلى تحولات كيفية بل على أنها عملية نمو ينتقل من التحولات الكمية الضئيلة الكامنة إلى تحولات ظاهرة أساسية هي التحولات الكيفية. وليست هذه التحولات الكيفية تدريجية بل هي تحولات سريعة مباغتة، تحدث بواسطة قفزات من حالة لأخرى. وليست هذه التحولات عارضة بل هي ضرورية لأنها ثمرة تحولات كمية تدريجية لا نشعر بها .
ولنوضح جيدا بعض جوانب هذا التعريف. قلنا في الفقرة السابقة أن التحول الكيفي هو تحول حالة إذ يصبح الماء السائل بخار ماء، أو أن الماء السائل يصبح ماء جامدا (ثلجا). كما تصبح البيضة صوصا والبرعم زهرة، وكذلك يموت الحي ويصبح جثة هامدة.
أما النمو فهو يعني أن ما يبدو جديدا قد نما بالتدريج، إذ ليس هناك من معجزة بل اعداد بطيء لا يكشف عنه سوى الجدلية وحدها. ولهذا يقول موريس توريز في كتابه "ابن الشعب" (ص 248).
"خرجت الاشتراكية من الرأسمالية كما تخرج الفراشة من الشرنقة".
وأما القفزات فهي تعني أنه إذا كان يلزم المرشح 60223 صوتا لينتخب نائبا فأن الصوت الأخير هو الذي يحقق الانتقال الكيفي الذي يصبح به المرشح نائبا. ومع ذلك فأن هذا التحول السريع المباغت قد أعد بواسطة تجمع الأصوات: صوتا فوق صوت. ذلك هو مثال بسيط للتحول الكيفي.
وكذلك تتفتح الزهرة بعد نضج بطيء، كما أن الثورة التي تندلع في وضح النهار ما هي الا تحول قد اعد بواسطة التطور البطيء.
ولا يعني هذا أن جميع التحولات الكيفية تتخذ طابع الأزمات والانفجارات. إذ أن هناك حالات يتم فيها الانتقال إلى الصفة الجديدة بواسطة تحولات كيفية تدريجية. فلقد دلل ستالين في بحثه "حول الماركسية في علم اللغة" على أن التغيرات التي تطرأ على اللغة تتم بواسطة تحولات كيفية تدريجية.
وكذلك بينما يتم الانتقال الكيفي من المجتمع المنقسم إلى طبقات متنازعة إلى مجتمع اشتراكي عن طريق الانفجار. فأن نمو المجتمع الاشتراكي يتم بواسطة تحولات كيفية تدريجية بعيدة عن الأزمات.
قال ستالين: "حققنا خلال ثمان إلى عشر سنوات الانتقال بزراعة بلادنا من النظام البرجوازي القائم على استغلال الفلاح إلى نظام الكولخوز الاشتراكي، ولقد قضى هذا التطور على النظام القديم الاقتصادي البرجوازي في القرى وأوجد نظاما جديدا اشتراكيا. ولم تتم هذه التغييرات الأساسية بواسطة الانفجار، أي بالقضاء على السلطة القائمة وإيجاد سلطة جديدة، بل بالانتقال التدريجي من النظام القديم البرجوازي في القرى إلى نظام جديد. ولقد أمكن ذلك لأنها كانت ثورة من عل، ولأن التحول الرئيسي قد تحقق على يد السلطة القائمة بمساعدة جماهير الفلاحين .
وكذلك فأن الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية هو تحول كيفي يتم بدون أزمات، لأن الناس في النظام الاشتراكي، وقد تسلحوا بسلاح الماركسية، هم أسياد مصيرهم، ولأن المجتمع الاشتراكي لا يتكون من طبقات اجتماعية متنازعة.
وهكذا نرى أنه يجب دراسة الطابع النوعي الذي يتخذه التحول في كل حالة. فلا يجب أن نجعل من كل تحول كيفي نوعا من الانفجار. ولكن مهما كانت الصورة التي يرتديها التحول الكيفي فليس هناك من تحول كيفي لم يسبقه إعداد له وتحضير.
والشيء الشامل هي الصلة الضرورية بين التحول الكمي والتحول الكيفي.
تيبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام