الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أكاذيب دعايات فورد، وبعض الحقائق المغيّبة في سياسات السيطرة الأمريكية!

نزار فجر بعريني

2024 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


في رسالته المقروءة " إلى السوريين" ، يؤكّد السيد" أيمن عبد النور" السياسي والإعلامي المعروف برسائله الصوتية من واشنطن ، أنّ السفير الأمريكي السابق "فورد" يبيع السوريين "كلاما صادقا" عندما يؤكّد في نفس الوقت على عدم أهميّة سوريا بالنسبة للولايات المتّحدة وعلى حرص الولايات المتّحدة على تثبيت وشرعنة سلطة قسد، (من خلال وصولها إلى تفاهمات، وعبر مفاوضات، مع النظام السوري تحديدا....قبل انسحاب الولايات المتّحدة ، بما يجعلها تخرج ...مطمئنة البال على " قسد"!)، دون أن يلاحظ السيد نور طبيعة التناقض بين طرفي المعادلة الفوردية ، وما يكشفه من أضاليل في دعايات واشنطن !!
إذا يؤكّد السفير السابق فورد مجدّدا على حرص الولايات المتّحدة على ضمان عوامل وشروط الحفاظ على سلطة قسد من خلال الوصول إلى تفاهمات صفقة مع سلطة النظام السوري، وبما يتساوق بالضرورة مع حصول تفاهمات متشابهة مع سلطات الأمر الواقع الأخرى ، بما يشكّل موضوعيا سياق تسوية سياسية شاملة، (أطلقتها الولايات المتّحدة عمليا في نهاية ٢٠١٩ بعد أن وفّرت بالتنسيق مع روسيا شروط تحققها الموضوعية والذاتية التي جسدها تبلور أربع سلطات أمر واقع، بعد تدخّلها العسكري المباشر خلال صيف ٢٠١٤)، فأنّه يؤكّد على انخراط الولايات المتّحدة بشكل كامل في صراعات السيطرة على سوريا،وبالتالي "أهميّة سوريا " في خطط وسياسات السيطرة السورية والإقليمية ، فلماذا يصرّ فورد ، ويؤكّد الأستاذ نور على صدق ما يقول ،عندما يستمر في ترويج كذبة سابقة ، روّجت لها الدعايات الأمريكية، حول عدم أهمية سوريا بالنسبة للولايات المتّحدة؟ ولا يقتصر التضليل الأمريكي على هذه الكذبة . لقد سعت الدعاية الأمريكية على تغييب حقيقة أهداف وسياسات واشنطن في مواجهة تحدّيات الربيع السوري .
لتوفير شروط تحقيق هدف اقتطاع حصة خاصة، صبّت جهود واشنطن السياسية والعسكرية والدبلوماسية ، وعلى صعيد المعارضات السورية ، في تقاطع مع أهداف وجهود أنظمة سوريا وإيران وروسيا، وخصومهم في جبهات الصراع على السلطة، في مجرى واحد لدفع الصراع السياسي على مسارات الحرب والفوضى ، بما يوفّر البيئة الأفضل لهزيمة البديل الديمقراطي و بقاء سلطة النظام، الضامن لاستمرار المصالح الإيرانية، من جهة، ولحصول الولايات المتّحدة على قاعدة ارتكاز عسكرية ولوجستية في أفضل موقع جيوسياسي / اقتصادي، من جهة ثانية- وقد حصلت عليها فيما أصبح في نهاية ٢٠١٩ " كانتون شمال وشرق سوريا ، " وبات الآن، في سياق صيرورة التسوية السياسية الأمريكية وبفضل جهود ورعاية واشنطن، (إقليم شمال وشرق سوريا الديمقراطي .
لم يكن من الممكن أن تحقق الولايات المتّحدة هدفها، دون شراكة تقاطع المصالح والجهود مع روسيا وإيران ، وكان" الحل العسكري الطائفي" الخَيار الأنسب ، الذي ادّي في مرحلته الأولى بين ٢٠١١ ٢٠١٤ إلى قطع مسار الحل السياسي، وهزيمة صيرورة تحوّل الحراك السلمي إلى ثورة ديمقراطية، وتفشيل الدولة السورية- وهي البيئة الأفضل لتحقيق الأهداف المشتركة، بقاء سلطة النظام، وهدف الولايات المتّحدة الاستراتيجي وضمان شروط السيطرة التي تحرص الولايات المتّحدة وفورد على ديمومتها عبر علاقة تشاركية بين قسد والنظام ، وعلى حساب مصالح السوريين المشتركة، وجميع مقوّمات الدولة السورية.
علاوة على ذلك، الحقيقة الأخرى التي يكشفها روبرت فورد وتنطلي على الوعي السياسي النخبوي المعارض هي طبيعة الإنسحاب الذي تجريه الولايات المتّحدة:
عندما تمكّن وكلاء سيطرتها على منطقة أو دولة أو إقليم ، وتتأكّد من قدرة الوكلاء ( وهي هنا، في هذا الإقليم الشرق أوسطي ، المنكوب بفعل مصالح وسياسات السيطرة الإمبريالية للولايات المتحدّة- ميليشيات الإسلام السياسي وقسد)، على الاستمرار وعلى حماية مصالحها، بما يجنّبها نفقات وتضحيات الوجود العسكري المباشر، عندها....وعندها فقط تخفّض الولايات المتّحدة تواجدها العسكري المباشر، وتجري " إنسحابا تكتيكيا "، مع الحفاظ على قواعد دائمة، ووجود إقليمي مهيمن؛ ولهذا فقط يحذّر فورد قيادة قسد من مخاطر عدم الوصول إلى تفاهمات على مصالح السيطرة السورية الإقليمية الأمريكية، لأنّها في حال مماطلتها في الوصول إلى تفاهمات، تعطّل سياسات " الإنسحاب التكتيكي " الأمريكية، وتضرّ بمصالح وسياسات المشغّل الأمريكي- وهذا خط أحمر، على قيادة قسد إدراك طبيعة مخاطرة!!
هذا ما فعلته في أفغانستان عندما وكّلت طالبان، وفي العراق ، عندما وكّلت ميليشيات إيران، وفي سوريا ، بتوكيل قسد والنظامين السوري والإيراني.
الحقيقة المرّة الثالثة باتت واضحة في سياق عرض رؤية فورد :
لا تعمل فقط أطراف " التسوية السياسية الأمريكية"، الإقليمية والدولية -الأمريكي والإيراني والتركي والروسي والسوري -على تغيبب عوامل السياق السياسي لإجراءات التأهيل المتزامن ، وخطوات التطبيع الإقليمي التي تشكّل التسوية السياسية الأمريكية ، و خداع الرأي العام السوري بالتالي ، كما فعلوا طيلة المرحلتين الأولى والثانية من الخَيار العسكري، بل يشاركهم أيضا صف واسع من "النخب السياسية والثقافيّة" السوريّة المعارضة التي باتت تتكثّف مهمتها الرئيسية في علاقات تبعيتها لأجندات الولايات المتّحدة وسلطات الأمرالواقع بتضليل الرأي العام السوري" المعارض "، وإخفاء سياق وطبيعة التوافقات بين الجميع ، والتي تتضمّن مفاوضات مباشرة بين سلطة النظام وجميع سلطات الأمرالواقع، وفي مقدمتهم قسد والجولاني ..
الحقيقة الأخطر على مصالح السوريين المشتركة وعلى مقوّمات الدولة الوطنية السورية التي تغيّبها أكاذيب فورد وإدارات الولايات المتّحدة، تتعلّق بطبيعة مشروع التسوية السياسية، وعوامل نجاحه ، التي تأتي في سياق الخَيار العسكري الطائفي .
من مصلحة جميع السوريين أن يدركوا أنّ "التسوية السياسية الأمريكية التي أطلقت واشنطن صيرورتها في نهاية ٢٠١٩ بعد "الانتصار الناجز على داعش" ، وبعد اتفاقيات ٥ آذار بين الرئيسيين التركي والروسي، لا تأتي من فراغ ، بل تشكّل المرحلة الرابعة من الخَيار الأمني العسكري الطائفي الميليشياوي الذي أطلقه جهد متكامل أمريكي إيراني وروسي وسوري في مواجهة حراك ربيع وصيف٢٠١١ ، كما من الضروري معرفة طبيعة أهدافها ، وآليات تحقيقها ، ومآلاتها السياسية .
سوريّا، في هدفها الرئيسي تقوم التسوية السياسية الأمريكية على معادلة أساسية ، يترابط فيها هدف وإجراءات تأهيل سلطة قسد وتحويلها إلى حقيقية في وقائع الخارطة الجيوسياسية السورية ،بما يضمن ديمومة واستقرار الحصة الأمريكية، مع خطوات وإجراءات إعادة تأهيل النظام، الضامن لاستمرار السيطرة الإيرانية ،بما يؤكّد واقعية السيطرة التشاركية الأمريكية الإيرانية، ولا تتناقض مع هذا السياق أهداف وإجراءات مشروع التطبيع الإقليمي.
إقليميّا، تسعى التسوية السياسية الأمريكية الشاملة للوصول إلى حالة " تهدئة " مستدامه بين خصوم الصراع على سوريا ، خاصّة السعودي والإيراني، عبر سلسلة من خطوات وإجراءات التطبيع، سواء على صعيد العلاقات بين النظم الإقليمية (السعودية وإيران، أو تركيا ومصر والسعودية، والأنظمة العربية وإسرائيل )، أو بينها وبين النظام ، وما تتضمّنه أيضا من إعادة العلاقات الدبلوماسية الإيرانية والسعودية ، و"تطبيع" العلاقات الأمريكية الإيرانية، وجعلها أساساً لمحور إقليمي جديد ، يستهدف إضعاف وتفكيك عوامل القوّة الإقليمية الروسية في الحرب على أوكرانيا – وهي أبرز وقائع المشهدين السياسي والعسكري، التي تعمل واشنطن على شرعنتها سوريا وإقليميا، وعلى الصعيد العالمي، والتي تشكّل على الصعيدين السوري والإقليمي استكمالا لحلقات السيطرة الإقليمية التشاركية الأمريكية الإيرانية التي تأسست قاعدتها الأساسية بعد غزو العراق؛ وعلى الصعيد الأوروبي، في تكامل مع جهود واشنطن لتحجيم النفوذ الروسي ، و إحكام القبضة الأمريكية على أوروبا !
النور ، والسلام والعدالة لجميع السوريين .
https://www.facebook.com/medianews111/posts/pfbid0nkzkLKSWQ6uY4t1NmgTk6ke5TYX5pnjN9hXpZ7AX1hsske1V9Mj8HHyBDxQRL7xxl
------------------------------------------
نزار بعريني،
فبراير، ٢٠٢٤








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا قررت مصر الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا في هذا التوقيت؟ |


.. بيسان ومحمود.. أجوبة صريحة في فقرة نعم أم لا ??????




.. دول أوروبية ستعترف بالدولة الفلسطينية في 21 مايو/أيار


.. -مطبخ مريم-.. مطعم مجاني ومفتوح للجميع في العاصمة اللبنانية




.. فيديو مرعب يظهر لحظة اجتياح فيضانات مدمرة شمال أفغانستان