الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الكيانيه العراقية-متى ستوجد وكيف؟/5

عبدالامير الركابي

2024 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تقوم الكيانيات "الوطنيه" يدوية ارضوية، وتنتهي مع الالة حين تتسارع وقتها الديناميات المجتمعية بمستويات عالية للغاية، فلا تعود المحلوية الانتاجية والحضورية متناسبة مع الممكنات المستجده انتاجا وعلى مستوى الوسائل المتاحه المختلفة نوعا، في الوقت ذاته يبقى الادراك المتاح عائدا من حبث الاسس والاصول، الى الموروث والمعتاد بما خص النظر الى المتغير الانقلابي الشامل ومالاته، وهنا تدخل القصورية العقلية الملازمه للعقل البشري بعلاقته بالظاهرة المجتمعية، مولدة حالة من التوهمية الضلالية الكبرى والخطرة، تكون مفتتح الانقلابية الالية.
ومع الضجيج الذي يصم الاذان عن "التقدم" والمنجز الهائل، يبقى الجوهر والاساس الذي ينبغى، وكان مطلوبا ان يرافق الالة، محجوبا، بينما تستمر اسس المنظور الارضوي هي الغالية في غير اوانها، بالاخص اوربيا حيث انبجست الاله، وحيث الديناميات الاعلى الطبقية ضمن الكيانات والمجتمعات الارضوية،مامن شانه احداث عاصفة من المفاهيم والتصرفات والافكار مع المنجزات الموكولة لغير ماهي موجوده لكي تحققه، وينبغي لها ان تذهب نحو افاقه، وبينما تكون "الكيانوية/ الوطنيه" قد صارت متجاوزه، وتحقق تجاوزها عمليا مع القرن العشرين وحضور المجتمعية اللانمطية المولودة خارج وحدة ( الكائن البشري/ البيئة)، اساس تشكل ونمطية المجتمعات، لنصبح امام مجتمعية "الفكرة / الاله" الامريكيه حيث المحلوية مستحيلة، والامبراطورية شرط للوجود، مغلف بالرسالية المفبركة الكاذبة، والانتاجية المعولمه التي تخترق الكيانات "الوطنيه"، ومنها الاوربية، بينما تصادر امريكا اسم "الغرب" ومنجزه في اشنع كذبة توحد وتجمل المتفارق المتناقض، في وقت يظل الغرب عاجزا عن ان يرى ماقد آل اليه، وماحكمه سيرورة، وهو يستمر متمسكا بالكيانيه والدولة / الامه، والسيادة الوطنيه شكلا، دون ان ينسى الديمقراطية، والدولة المدنيه التي ماعادت قائمه، وقد اخلت مكانها لاشكال التسلطية المصلحية الضيقه، المشفوعة بقوة تدخلية الاله غير المعرفة، والتي قد تنسب توهما، كما صار عليه الحال، ل"اسياد العالم الجدد"(1) او "الطبقة الخارقة"(2) وصولا الى "عالم الفوضى"(3)، وكلها علامات متاهة اضافية ملحقة ضمن ذات سلسلة التوهمية الاساس التي عجزت عند الابتداء والتاسيس، عن ان تدرك دلالة ومغزى الانقلاب الالي، وحقيقتة المجتمعية والكيانوية المواكبة ضرورة على وجه الخصوص(4).
وتتعاظم مظاهر غلبة المتاهة التوهمية، فلا يكاد يبقى شيء من الادراكية للمعاش، ولا للمحركات ووجهة العالم والوجود، في حين لم تعد بعض الاسباب تكرس استمرار التوهمية بعدما تغلبت التراكمات العملية الواقعية الناجمه عن فعل الاليات الالية، واثرها مجتمعيا تصارعيا، ابتداء من انبثاقها وحضورها كقوة عاتية من خارج البنيه المجتمعية/ البيئية، وليدة وحدة ( الكائن البشري الطبيعه)، وقد غدت اليوم وبعد مئات القرون، ثلاثية العناصر، الثالث منها من خارجها، ومن غير طبيعتها، قابل لان يتدخل فيها ويحورها، وهو ماقد اتاح للكائن البشري استغلال الاداة الجديدة في تامين مصالحه بحسب موقعه المستجد، لا بحسب الاشتراطات الاصطراعية اليدوية، بعدما حلت قوة الفعل الالي في البنيه المجتمعية، ماقد حكم الوضع المجتمعي من يومها لمترتبات الاصطراعية بين المجتمعية البيئية الموروثة، والالة.
والجانب المذكور غير ملاحظ ولاوارد في رؤى الحداثية الاوربيه التي تدرج الاله ضمن مسار المجتمعيه الثابت، وكانها جزء منها، متمم لها، وهو احد القصورات الهامة والاساس، الذي يستحيل من دون كشف النقاب عنه، التوقف على نوع العملية المجتمعية المواكبه للاله منذ انبجاسها، وماهي سائرة اليه من انقلابية لاارضوية، هي المحطة التي تسير المجتمعية باتجاهها اليوم، على حساب المجتمعية الارضوية وكيانويتها، كماعلى حساب الاله ذاتها، والتي هي متغيرة بالمقارنة بصيغتها الاولى "المصنعية"، مايحدث بفعل الصراعية الاليه/ المجتمعية البيئية، ذهابا الى "التكنولوجيا الانتاجية" الحاصلة الان، وصولا الى "التكنولوجيا العليا العقلية"، حين تتعدى وسيله الانتاج نطاق الانتاجية الجسدية الحاجاتيه، لتغدو مختصه بالطور الاعلى المجتمعي التحولي الانتقالي من الكوكب الارضي.
وقتها نكون قد اقتربنا من تحقق مجتمع الكيانيه المتعدية للكيانيه، تلك التي تكفلت كيانيه الفكرة الرسالية الزائفة في امريكا اللانمطية، المولودة خارج رحم التاريخ، بمحوها كما قائمه ككيان ضمن اصطراعية واسلوب الفبركة والافناء الغربي المستديم للعراق، وهي العلاقة التي قامت منذ دخول الانكليز للعراق عام 1914، الى ان تحولت من الافناء بالفبركة الكيانيه القسرية لموضع متعد للكيانيه، الى السحق الكلي الامريكي، ليتساءل المرء: لماذا العراق بالذات هو الذي يمحى من الوجود،(5) وليس ايران برغم قرب امتلاكها السلاح النووي، او مصر بحجمها وموقعها، او اية كيانيه اخرى، قبل ان يبدا السؤال الذي لايخطر على بال، عن هل العراق منذ جرى سحقة حتى اليوم، محكموم لاليات النطقية المؤجله، والتحقق الكتابي؟ وهل الاشتراطات العالمية الراهنه، واشارات من نوع انتفاضة تشرين 2019( الثورة اللاارضوية الثالثة غير الناطقة، بعد الاولى ثورة العشرين، والثانيه ثورة 14 تموز1958)، مثل هذا الاعتقاد يعني حتما بدء تبلورات نظر انقلابي للعالم، ظل مؤجلا لالاف السنين، وقد لاح مايشير الى حلول ساعته، باتجاه التصير والاكتمال كرؤية كونية كبرى، شامله للعالم ككل. ووقتها نصير عند التحقق المنتظر لللاكيانوية التاريخيه اللاارضوية المدخرة، ساعة يبدا الزمن المجتمعي الاخر، المدخر والمؤجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اسياد العالم الجدد/ جون بلجر/ دار الكتاب العربي/ بيروت ـ لبنان/ ترجمة عمر الايوبي
(2) الطبقة الخارقة/ .ج. روثكويف/ شركة المطبوعات للتوزيع والنشر/ ترجمة حنان كسرواني/ مصير العالم السياسي والاقتصادي في يدها فقط ـ نخبة التسلط العالمي واي عالم تبني؟.
(3) جايمس غليك/ نظرية الفوضى/ دار الساقي/ ترجمة احمد مغربي، وكان زبيغنيو بريجنسكي وضع كتابا بعنون " الفوضى" / الاضطراب العالمي عند مشارف القرن الحادي والعشرين/ ترجمة مالك فاضل/ الاهلية للنشر والتوزيع.
(4) يبدو ان المفكر الامريكي نعوم تشومسكي قد قارب بعض عناصر الوضع الحالي العالمي الامريكي في كتابه الاخير ( من يحكم العالم) كما يفهم بوضوح من/ الحوار المتمدن / العدد 5687/ 23/1/ 2024/ قراءة في الكتاب اجراها/ حميد كشكولي.
(5) يراجع / محو العراق: خطة متكامله لاقتلاع العراق وزرع اخر/ مايكل اوترمان ـ ريتشارد هيل ـ بول ويلسون/ شركة المطبوعات للتوزيع والنشر/ ترجمة انطوان باسيل. ويقرا في السياق كتاب / التنكيل بالعراق/ العقوبات والقانون والعدالة/ جيف سيمونز/ مركز دراسات الوحده العربيه/بيروت/ وقد علق على غلافه الاخيرنعو تشومسكي قائلا: " التنكيل بالعراق سجل حافل بالجرائم الرهيبه المستمرة، يصدم القاريء.. ومن شانه ان يشعرنا جميعا بالعار".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية