الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الله ديب والعطاء في زمن الجحود

شاهر أحمد نصر

2024 / 2 / 5
الادب والفن


(نص المداخلة التي ألقيت بمناسبة تكريم الأستاذ عبد الله ديب بتاريخ 4-2-2024)
أشكر إدارة مركز الشعلة للأداء المتميز بطرطوس على نشاط المركز الاجتماعي المثمر والمفيد، ومبادراتها الغنية؛ ومنها مبادرتها الحضارية هذه بتكريم الأخ الأستاذ عبد الله ديب الإنسان الوطني، المثقف والأديب المعطاء...
الأخ عبد الله مثقف وطني، ثقافته عميقة وواسعة نهلها من الحياة التي علمته أنّ الإنسان يزداد غنى بربط وجوده بقضايا أهله وناسه وشعبه، وبوجود هدف إنساني نبيل يسعى لتحقيقه، ومن مكتبته الغنية بآلاف الكتب الفلسفية، والعلمية والفكرية والتاريخية ومختلف صنوف الأدب العالمي، التي اختارها بعناية، وفضّل اقتناءها على كثير من المتع الشخصية، فزادته، ولا سيما المنهج الديالكتيكي الهيغلي والفلسفة الماركسية عشقاً للحرية، والبحث عن الحقيقة... ولقد أسميت جيل المثقفين المهتم بالثقافة والكتاب الذي ترعرع فيه أديبنا جيل الآمال والخيبات؛ جيلٌ لم تشغل أبناؤه الفوائد الشخصية؛ بل سخّروا حياتهم لقضية عامة من دون أي منفعة شخصية، في فضاء اجتماعي وسياسي وثقافي شغلت المثقفين فيه قضية رئيسة هي قضية التنوير ومسألة النهوض بالمجتمع وتنميته؛ فتنامت الآمال وأشرقت...
إنّما بدأت لاحقاً تتشكل إرادة أخرى في بنية سياسية عرفّها الدكتور طيب تيزيني بـ"الدولة الأمنية"، تركّز همّها في امتلاك السلطة والثروة مع انتشار الفساد، وتغييب العقل، بالتزامن مع بدء اندحار المشروعين النهضوي العربي، والتنويري العالمي، وهيمنة عولمة رأس المال العابر للحدود المترافق مع هيمنته على وسائل الإعلام ومصادر الثقافة، وراحت تُفرض القيود على المنتديات الثقافية، وأضحى اقتناء الكتاب تهمة، وقراءته جريمة، وبدأ الظلام ينتشر، فخضعت فئة من المثقفين لهذه الإرادة، وهيمنت عملية ترويج الفكر القزم، والغيبي والظلامي صاحب الامتيازات والترف، فتلاحقت الخيبات...
على الرغم من ذلك كلّه استمر تيار من المثقفين يدعو إلى التنوير، ومكافحة الفساد، ولم يكن الأستاذ عبد الله بعيداً عن هذا الفضاء؛ إذ أسهم مع عدد من المثقفين في المناقشات الفكرية الدائرة في المجتمع بحثاً عن حلّ للأزمات التي راحت تتعمق في المجتمع، سلاحهم الوحيد هو الكلمة، والثقافة، وهدفهم نشر الوعي والالفة والمحبّة بين أبناء المجتمع، والإسهام في تشكيل الهوية الوطنية الجامعة، لإيجاد وتبني حلّ سياسي لمأساتنا الكبرى يحقق بناء دولة المواطنة العلمانية الديمقراطية الضامنة لاستقلال بلادنا ووحدة ترابها من ساحل طرطوس واللاذقية حتى تخوم الحسكة، ودير الزور، والرقة، وحلب، وحمص، وحماه، وإدلب، ودرعا، والسويداء، والقنيطرة، ودمشق ويعزز أواصر المحبّة بين أبناء شعبها من مختلف صنوف انتمائهم ومذاهبهم من عرب، وأكراد، وسريان، وأشوريين وغيرهم... ويعزز علاقاتها مع جيرانها وأشقائها ومختلف دول العالم لحلّ مشكلات الفقر والمرض ومعاناة أبناء الشعب مع تعزيز الانتماء إلى الهوية الوطنية، إذ أنّ الحلّ السياسي شرط أساسي لتحقيق هذه الأهداف، ومن ويُعرقل الحل السياسي، لا يكترث بمعاناة الشعب وفقره وتشتته، ولا تهمه وحدة أراضي البلاد واستقلالها... إنّما لم تشفع لهم نواياهم ولا اقتراحاتهم الغيورة على صالح الوطن والشعب، فحوصروا، ولوحقوا، ودفع كثيرٌ منهم ثمناً باهظاً في وظائفهم، وأعمالهم ولقمة عيشهم، ونقلوا في إلى مناطق نائية عن سكناهم، إذ نُقل الأستاذ عبد الله، على سبيل المثال - وقد قارب الستين من عمره، وبعد أكثر من عشرين سنة من التدريس - من طرطوس إلى الدريكيش... ولم تنل تلك الإجراءات من حبّه وحبّ أولئك المثقفين لأبناء شعبهم ووطنهم، ولم يؤثر ذلك كلّه في انتمائهم الاجتماعي والوطني والإنساني، ولم يضللهم عن بوصلة الانتماء إلى الإنسان والوطن، ونشر قيم الخير والمحبّة، ونصرة المظلومين وفي طليعتهم شعبنا العربي الفلسطيني...
ولقد حفزت الأستاذ عبد الله ثقافتُه الواسعة ونهله المعرفة من مختلف المصادر الأدبية الفكرية والفلسفية العالمية إلى الحلم بالحرية، وبثّ الثقافة والمعرفة والبهجة بين أبناء المجتمع، فأسهم وثلّة من المثقفين المتنورين في تشكيل وإدارة النادي السينمائي في طرطوس، ليعرضوا الأفلام السينمائية التنويرية في المدينة والريف غير طالبين أي أجر، أو منصب، أو شكر... وهو في كلّ مساعيه الإنسانية والوطنية النبيلة يستحق الثناء والتقدير، فتحية لكم جميعاً لإسهامكم في هذا التكريم، والشكر العميق لمركز الشعلة على مبادرته الكريمة هذه.
أخي عبد الله، إنّ تكريم أصدقائك، ومركز الشعلة لك وسام رفيع تستحقه بجدارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي