الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبعة اكتوبر والصحوة من وهم السلام الزائف

خالد الحلو

2024 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي وتحت ضغط انتفاضة شعبية عارمة عمت ارجاء فلسطين المحتلة اضطر الكيان الصهيوني وحليفته الولايات المتحدة الامريكية بالعمل على ضخ مبادرة سياسية في فضاء الوعي العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص ملؤها الوهم بسلام زائف يخلص المجرم من تهمة الاحتلال المنسوبة إليه ويرفع عنه تكلفة الاحتلال ويحقن المضطهد والمحتلة اراضية والمتضامنين معه بوهم سلام مخادع زينت صورته بانشاء سلطة فلسطينية على هيئة دولة فاقدة القدرة على حماية شعبها وحفظ مصالحه الوطنية وعاجزة عن ممارسة القرار الوطني المستقل بل ومكبلة بالتزامات امنية لصالح المحتل وملحقة باتفاقات اقتصادية جائرة مع دولة الاحتلال حيث اطلق على مرحلة التأسيس تلك المرحلة الانتقالية واضيف اليها بهدف استدراج الفلسطينيين لمصيدة الوهم ما اطلق عليه "المرحلة النهائية" والتي يفترض التفاوض عبرها على المواضيع الاساسية القدس الحدود اللاجئين وحق العودة والتي كان من الواجب البدأ بها والتي لم تكن اسرائيل اصلا مستعدة لمناقشة اي بند من بنودها، وقد صممت المرحلة الانتقالية ليتم عبرها ايجاد شريحة فلسطينية منتفعة ومستفيدة من بقاء السلطة الفلسطينية ومرتبطة مصالحها ببقاء سريان هذه الاتفاقية وبالتالي استمرارهم في التمسك ببقاء المرحلة الانتقالية والحرص على ديمومتها عندما ينكشف عدم امكانية الانتقال الى المرحلة النهائية اي بعد خمس سنوات مدة المرحلة الانتقالية، وعلى الرغم من ان انتفاضة الاقصى كادت تسقط وهم سلام اوسلو حيث انها كشفت عن حقيقة المحتلين وعن نواياهم التوسعية والعدوانية والاستيطانية والتوسعية.
وقد مكن ضباب المرحلة الانتقالية السياسي اسرائيل من مضاعفة جهودها لانجاز مزيد من التوسع الاستيطاني وتهويد الارض وتهويد القدس والسيطرة على المسجد الاقصى وتوسيع مشاريع الضم وهدم البيوت والاعتقالات الواسعة وقمع الحريات والتضييق على شعبنا بحصار خانق لقطاع غزة منذ سبعة عشر عاماً وللضفة الغربية بين الفين والآخر، وبضغوط امريكية تم الغاء وشطب الموضوع الفلسطيني من جداول الاعمال العربية والاسلامية والدولية والتوسيع في حالة الاعلان عن مطبعين عرب ومسلمين جدد وصولا الى اتفاقات ابراهمية وصفقة القرن التي كادت ان تنصب اسرائيل قائداً ومرجعاً روحياً وعسكرياً وحضارياً لحلف اسرائيلي عربي مهدت الولايات المتحدة الامريكية لإنشائه بعد ان ظن الجميع ان حقوق واحلام الشعب الفلسطيني قد دفنت تحت مظلة اوهام اتفاقيات اوسلو ومصالح الواهمين بل المنتفعين من استمرار ذلك الوهم.
ومما لا شك فيه فان صبيحة السابع من اكتوبر وما صاحبة من انطلاق زلزال طوفان الاقصى مثل رداً على الاعتداءات الخطيرة على مقدسات الشعب الفلسطيني وعلى ارضه وشعبه وعلى ثوابته الوطنية وعلى آماله واحلامه وكان اعلانا عن الصحوة من احلام وهم السلام الزائف ووهم انجازات اوسلو ومن حالة الشعور بالعجز التي تولدت عبر حقبة اسولو حيث اعاد هذا التاريخ القطار الى سكته واعاد الصراع الى حقيقته بين محتل عدواني احلالي غاشم وبين محتليه فما هي الا ساعات وجيزة حتى انهارت اسطورة الجيش الذي لا يقهر ونظرية الامن الذي يضاهى والخطوط الدفاعية الذكية التي لا تخترق بعد ان بات واضحا قبل ذلك التاريخ عدم امكانية التوصل الى حل نهائي بين الفلسطينيين واسرائيل عبر التفاوض للاسباب التالية:
أولاً: ان مساحة 144 دونم الواقعة داخل اسوار المسجد الاقصى عصية على تمكين الاطراف من التوصل لحل نهائي فالفلسطينيون يمثل المسجد الاقصى لهم عقيدة لا يمكن التنازل عنه وكذلك اسرائيل التي اقنعت عالم الصهيونية المسيحية بوهم ان قيام اسرائيل وبناء الهيكل مكان المسجد الاقصى مقدمة ضرورية لعودة المسيح المنتظر وما يعنيه من انهيار العقيدة الصهيونية في حال ترك المسجد الاقصى وبالتالي تخلي الصهيونية المسيحية عنهم.
ثانياً: ان النفوذ المتزايد لليمين الديني الصهيوني الذي يعتقد بضرورة السيطرة على كامل الضفة الغربية كونها باعتقادهم هي اراضي دولتهم التاريخية "يهودا والسامرة" وعملهم تحت عنوان هذا الاعتقاد بتوسيع الاستيطان في اراضي الضفة الغربية والعمل على تقطيع اوصال الضفة وتقسيمها الى مدن قابلة لتصبح معازل للفلسطينيين واعلانهم دون مواربة عن تخطيتهم لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس.
ثالثاً: من الواضح ان اسرائيل لا يمكن قبولها لأي عودة للاجئين الفلسطينيين
الى بيوتهم واراضيهم التي احتلت في العام ثمانية واربعون ذلك ان الهاجس الديمغرافي يقلق مضاجعهم باعداد الفلسطينيين المستمر وجودهم فوق ارض فلسطين التاريخية الى يومنا هذا والذي يقترب ويكاد يتجاوز اعداد اليهود فوق ارض فلسطين التاريخية فما بالكم بعودة المزيد من الفلسطينيين الى بيوتهم واراضيهم المغتصبة.
رابعاً: اما موضوع الحدود فمن الواضح ان اسرائيل وما حققته من تمدد استيطاني هائل في الضفة الغربية غير قابلة للعودة الى حدود ما قبل العام 1967 حيث ان ذلك يتطلب الصدام مع ما لا يقل عن ثمانمائة الف مستوطن غالبهم ينتموا لليمين الديني باتوا منتشرين فوق مستوطنات الضفة الغربية والقدس..
وامام هذه التغيرات الكبرى وعلى اثر فشل اسرائيل في تحقيق اي انتصار عسكري رداً على هزيمة السابع من اكتوبر على قطاع غزة المحدودة المساحة المنيعة على الهزيمة والانكسار وامام الخسائر العسكرية المتزايدة في جيش الاحتلال الصهيوني رغم قوة النار ورغم التدمير الهائل للمنازل والبنى التحتية وقتل المدنيين وتجويعهم وتهجيرهم من مكان الى آخر في قطاع غزة، امام هذه المتغيزات والخوف الامريكي الغربي على تماسك هذا الكيان سارعت الولايات المتحدة وحلفائها بعد فشل اسرائيل في القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة سارعت الى محاولات ضخ الوهم من جديد في فضاء الوعي الفلسطيني بالحديث عن ضرورة انشاء دولة فلسطينية والاعتراف بها بعد اليوم الاول من انتهاء الحرب التي يفترضوا انها ستنهي نفوذ المقاومة في قطاع غزة سواء بالقوة العسكرية او السياسة الخبيثة حيث عادت تلك المحاولات من قبل نفس الاطراف التي حقنتنا باحلام واوهام السلام قبل ثلاثين عاماً ولم تفعل سوى التوطئة والتغطية والتبرير لاسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني ولمزيد من انتهاك الحقوق الوطنية والانسانية والاخلاقية للشعب الفلسطيني الى جانب دورهم اللا اخلاقي في دعم العدوان الاسرائيلي وحرب الابادة التي يشنها الجيش الاسرائيلي ضد كل مواطني قطاع غزة، والغريب ان هناك من لا يزال يراهن على الولايات المتحدة وحلفائها رغم كل ما بدى واضحا من سياساتهم المعادية للشعب الفلسطيني ومشاركتهم وتمويلهم بالمال والعتاد والخبراء بل والمقاتلين لقتل شعبنا في قطاع غزة.

واخلص الى القول ان احداث السابع من اكتوبر ورغم جرائم الابادة الجماعية التي تسعى اسرائل لتعميقها في قطاع غزة فقد اعادت تلك الاحداث المفصلية السردية الفلسطينية والموضوع الفلسطيني الى كافة الاجندات والمحافل السياسية الشعبية والرسمية المحلية والاقليمية والدولية ومكن صمود المقاومة من افشال كافة المخططات الصهيو-امريكية لاعادة صياغة المنطقة بما يتوافق مع الخطط البراهمية وصفقة القرن وفتحت الباب على امكانية اعادة التوازنات لتصب في صالح الحقوق الوطنية الفلسطينية اذا ما تم استثمار ذلك الصمود الاسطوري للمقاومة وللمدنيين الفلسطينيين سياسيا وتم اجتناب الوقوع في المؤامرة الامريكية الهادفة لحقننا بوهم الاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السيادة والمقدسات والسلاح والكرامة والسيطرة على الارض والحدود والاقتصاد والمياه، وهذا بالتاكيد يتطلب اعادة النظر في اتفاقيات اوسلو والى توحيد الجهود لدعم المقاومة الفلسطينية بكافة اشكالها وبكافة السبل واستثمار حالة التاييد الشعبي العربي والاسلامي والعالمي لقضيتنا وفي انشاء جبهة وطنية موحدة لمقاومة الاحتلال وادارة الصراع معة خلال المرحلة القادمة اعتماداً على التوازنات الدولية الجديدة التي تتشكل هذه الايام وعلى بواكير ظهور نظام دولي جديد لن تمثل فيه اسرائيل محور متفق عليه بين الشرق والغرب كما كان الحال مع ظهور النظام العالمي القديم بعد الحرب العالمية الثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن وترامب والملف الإيراني | #أميركا_اليوم


.. إيران تحدد موعد انتخاب خليفة رئيسي




.. نتنياهو: الأمر السخيف والكاذب الذي أصدره المدعي العام للجنائ


.. -دبور الجحيم-.. ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران




.. رحيل رئيسي يربك حسابات المتشددين في طهران | #نيوز_بلس