الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر: حول إدارة تكنوقراط عراقية مستقلة !

نجاح يوسف

2003 / 6 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 


يراقب العراقيون والعالم دوران عجلة الفوضى والعنف وهي تكتسح بقوة, آمال ومستقبل أبناء الشعب وعموم الوطن... لا فرق إن كان هذا الدولاب الدموي من صنع أذناب ومرتزقة ومجرمي النظام البائد , أو هو حصيلة تخبط سياسة قوات الاحتلال وعجزها عن تحقيق الحد الأدنى من الأمن والاستقرار , أو توفير العمل والماء والكهرباء والاتصالات , وغيرها من ضروريات الحياة الطبيعية .. لا فرق.. الكل يعاني ويتألم , وربما إن تفاقمت هذه المعاناة,  ولم تنفع معها ترقيعات السيد بريمر وطاقمه المدني,  فإنها ستؤدي لا محالة إلى تزايد حدة المواجهات بين الشعب وقوات الاحتلال , والتي بالنتيجة, وفي هذه الظروف الحرجة بالذات, ستخدم عناصر البعث المنهار وخططهم الإجرامية , وتزرق أذرع فلولهم الخائبة بحقن مقوية تساهم في إعادة تأهيلهم من جديد , لا سيما وقد طرح البريطانيون مؤخرا (حسب روايات وكالات الأنباء) مشروعا تفوح منه رائحة التساوم  مع عناصر النظام الملطخة أيديها بدماء شعبنا,  والتي هي رهن الاعتقال حاليا , أو ما زالت مطاردة .. من أجل كشف مواقع ما يسمى بالأسلحة المحرمة دوليا!!

كل من موقعه, أو حسب قدرته الفكرية والثقافية , يحاول العراقيون جاهدين , في ظل هذه المعادلة السياسية الصعبة , أن يجدوا حلولا للمأساة التي يعيشها الشعب العراقي .. ولعلي سأغامر أيضا وأطرح وأناقش بعض الأفكار التي قد تساهم في وضع حد لتدهور الأوضاع في بلادنا , وتخفف من المعاناة الإنسانية التي عمت كل مرافق الحياة .. ولكي نستطيع سوية أن نصف العلاج الشافي لأمراضنا المستعصية , علينا أولا أن نشخص هذه الأمراض , ونصنفها حسب أهميتها ومن ثم نعالجها بالحقن والعلاجات المناسبة ..

فكل القوى السياسية العراقية بغض النظر عن برامجها أو مواقفها السياسية تتفق بأن تأخير تشكيل الحكومة العراقية الائتلافية المؤقتة ,( رغم لا أحد من هؤلاء يضع اللوم في سلته ويعترف بأنه من يضع العراقيل أمام تحقيق هذا الهدف...) هو من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى حالة الفوضى وانعدام الأمن التي يعيشها العراق..  إلى جانب العديد من الأسباب الأخرى التي فاقمت من هذه الأوضاع وخاصة إعطاء الفرصة لفلول النظام لالتقاط أنفاسهم والضلوع في عملياتهم الإجرامية , وعدم ملاحقتهم بشكل جدي من قبل قوات التحالف في الأيام الأولى من سقوط بغداد .. كما أن القوات المحتلة تتحمل مسئولية الانفلات الأمني وعدم اكتراثها لما يجري تحت سمع وبصر قواتها من تدمير ونهب وسلب للمؤسسات والوزارات العراقية وغيرها من المرافق الحيوية , مما ضاعف من ثقل مستحقات ومشاكل إعادة البناء... ولا ننسى الخطوة المتسرعة التي اتخذها السيد بريمر في حل الجيش العراقي ووزارة الإعلام والشرطة , مما فاقم من تدهور الوضع الاقتصادي لعموم الشعب , المتدهور أصلا,  وارتفاع معدلات البطالة إلى مقاييس عالية وصلت إلى أكثر من 70% من الأيدي العاملة العراقية .. ومن جانب آخر, فإن بعض رجال الدين , وخاصة الذين قدموا من إيران( الفرطوسي, الحائري..وآخرين), زادوا الطين بّلة كما يقولون , خاصة في بياناتهم وفتاواهم النارية , وتشجيع أعوانهم لاستخدام العنف من اجل  فرض تصوراتهم ومشاريعهم السياسية والدينية على الشارع العراقي , والتي فاقمت من تدهور الوضع الأمني وبذرت حبوب الحقد والكراهية, والتعصب الأعمى, والعنف,  والتفرقة بين صفوف المجتمع العراقي الذي خرج للتو من دائرة الذبح,  لكي يحاول البعض وتحت مسميات وشعارات سياسية ودينية زائفة دفعه إلى مستنقع الدم من جديد!! وهناك العديد أيضا من رجال الدين وخاصة ممثل الحوزة العلمية في النجف الأشرف آية الله السيستاني , الذين وبعكس هؤلاء السادة المزيفين , يطرحون حلولا منطقية وعقلانية من اجل لخروج من الأزمة التي يعيشها شعبنا ووطننا,  تدل على الحكمة ومعرفة عميقة بالمجتمع العراقي بكل تلاوينه , تليق بهذا الموقع الديني المتميز ..

كما خرج بعض العراقيين بتصورات وحلول حول تشكيل (إدارة مؤقتة) عراقية من التكنوقراط والخبراء المستقلين , وكما يقول السيد عزيز الحاج ," المستقلين تماما عن كل انتماء حزبي , ويختار منهم السيد يريمر عددا مناسبا للإدارة المؤقتة..."  . ومع الاحترام لرأي السيد عزيز الحاج , فإني اعتقد بأن السيد بريمر هو جزء من المشكلة , والكثير من المشاكل العالقة والمستعصية هي ناتجة عن سياسته وسياسة السيد كارنر من قبله , إلى جانب تخبطه في متاهات تنفيذ مشروع حكومته حول مستقبل العراق الغير المعلن!! فكيف يا ترى سيختار السيد بريمر الشخص المناسب في المكان المناسب؟  وحسب أية مواصفات؟  وتنفيذا لأي سياسة؟ كما لم يذكر السيد عزيز الحاج ولا قبله السيد زهير الدجيلي اسما واحدا من هؤلاء التكنوقراط (المستقلين تماما) عن كل انتماء حزبي ليشكلوا طاقما متجانسا مع رغبات ومشاريع السيد بريمر!! وبقي أن أسال , هل بقي هناك من هو عراقي , وتكنوقراط مستقل,  في معمعة الأحداث الجارية في العراق؟! ففي العراق حاليا أكثر من 70 حزبا وحركة سياسية , إلى جانب الملايين ممن كانوا على ملاك البعث البائد!! فلا بد إذا أن نفتش عن هؤلاء (التكنوقراط المستقلين) في خزانات الولايات المتحدة وبريطانيا , وبذلك نكون قد حققنا هدف تشكيل حكومة (تكنوقراط مستقلة) تابعة بالكامل لرغبات ومشاريع القوات المحتلة.!! وستبرز مشكلة ثانية عند اختيار هؤلاء (التكنوقراط المستقلين) , فإذا فرضنا جدلا أنهم فشلوا في أداء المهمة الموكلة إليهم, فمن الذي سيحاسبهم على تقصيرهم؟ ولو, لا سمح الله وقصروا بواجباتهم , أو اختلسوا ..أو..أو.. ؟ فمن يكون مسئولا عن ذلك؟   فهل هذا ما يطمح إليه السيدان زهير الدجيلي وعزيز الحاج من طرحهم لفكرة حكومة تكنوقراط مستقلة؟ أرجو مخلصا أن يكون جوابهم بكلا.. وإلا , وأتمنى لو أكون مخطئا , فإن ما ينتظر العراق , لو تحققت هذه الفكرة , المزيد من المعاناة وسنوات طويلة من الاحتلال , والكثير الكثير من الدم والدموع ..

فالحل الأمثل برأيي المتواضع, هو تشكيل حكومة عراقية ائتلافية مؤقتة تضم جميع أطياف الشعب العراقي  وبأسرع وقت ممكن ..وليس صحيحا ما يشاع بأن الأحزاب السياسية العراقية غير مؤهلة, أو غير ناضجة لتشكيل حكومة عراقية , ومما يفند هذه الحجة, هو تشكيل لجان تنسيق مشتركة من قبل هذه الأحزاب والحركات السياسية والثقافية والاجتماعية في العديد من محافظات القطر , أخذت على عاتقها متابعة وتنفيذ يعض البرامج التي تخدم أبناء الشعب.. كما يمكن أن يساهم الأخوة الأكراد بشكل ايجابي في هذا الاتجاه .. ولو توفرت الإرادة والنية الصادقة لدى السيد بريمر وبعض القوى التي تعرقل عمليا تشكيل هذه الحكومة , لكان بالإمكان تشكيلها اليوم وليس غدا!! وبحيث تأخذ على عاتقها بناء الجيش والشرطة والأمن , وتجتث بقايا النظام المنهار وتقدمهم للمحاكمة النزيهة والعادلة لينالوا عقابهم لما ارتكبت أياديهم من جرائم ضد أبناء شعبنا , كما تعيد الحكومة المؤقتة بناء العراق بالتنسيق مع الإدارة المدنية لقوات الاحتلال والأمم المتحدة , وتنشط الدورة الاقتصادية للبلاد وتقدم الخدمات للمواطنين , وتسن دستور دائم للبلاد وتطرحه للتصويت العام , بعدها تهيئ لانتخابات حرة وديمقراطية وتحت إشراف الأمم المتحدة, لكي يتسنى للعراقيين حكم أنفسهم بأنفسهم, وبنفس الوقت الدخول بمفاوضات جدية مع المحتلين من أجل مغادرتهم العراق , وبأسرع وقت.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط