الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية الاونروا محاولة لتصفية حق العودة

حنين مجادلة

2024 / 2 / 6
القضية الفلسطينية


تسنت لي، هذا الأسبوع، مشاهدة الشريط الذي أعدته نوغا أربيل، الباحثة في "فوروم كوهلت"، والذي تتطرق خلاله إلى الاتهامات التي توجهها إسرائيل إلى بعض العاملين في "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا) بشأن مشاركتهم في هجوم السابع من تشرين الأول الماضي. استغلت أربيل ذلك لمهاجمة المنظمة وللتحريض ضدها. ومن ضمن ما قالت: "لتحقيق الانتصار في هذه الحرب، يجب إبادة (هي الكلمة ذاتها دائماً، لسبب ما) أونروا، لأن أونروا هي منبع فكرة، هي التي تستولد المزيد والمزيد من الإرهابيين بطرق شتى. يجب القضاء على أونروا الآن بصورة فورية، وإلاّ فإن إسرائيل ستُفوِّت نافذة الفرص هذه.


الفكرة ذاتها التي كانت تقصدها أربيل هي ليست أونروا بالضبط. فهذه المنظمة تمثّل شيئاً ما أكبر بكثير: وجدان اللجوء الفلسطيني. أو، بعبارة أخرى "حق العودة". وإذ تريد أربيل "إبادة" الأونروا، فهي إنما تريد إبادة التاريخ الفلسطيني ومحوه. وهي ترى الآن نافذة فرص مواتية لذلك.


يحب الإسرائيليون استخدام عبارة "نافذة الفرص". في فيلم "صندوق أزرق" (ميخال فايتس) كان يوسف فايتس الذي وضع مخطط الترانسفير الأول في العام 1948 وحاول استغلال "نافذة الفرص". وقد اتفق معه موشي شاريت، أيضاً على أنه "ينبغي استغلال هذه الظاهرة (تهجير وطرد الفلسطينيين) وجعلها حقيقة". باختصار، كان اليهود قد فعلوا، منذ ذلك الوقت، كل ما في وسعهم من أجل طرد الفلسطينيين ومنع عودتهم إلى بيوتهم. فعلوا ذلك عبر "مساعدة" الفلسطينيين على أن يتم استيعابهم في أماكن جديدة، مقابل بناء مستوطنات لليهود في أماكنهم.


من المثير للاهتمام أن خطّاً مستقيماً مباشراً يربط بين فايتس، أحد قادة "مباي" في سنوات ما قبل النكبة وما بعدها، وبين داني دانون، من "الليكود"، الذي دعا في تشرين الثاني الأخير ـ سوية مع رام بن براك من "يش عتيد" (يوجد مستقبل) ـ إلى تنفيذ "ترانسفير اختياري" للفلسطينيين من غزة، وبين عينات وولف، من حزب "العمل" الذي يُحسب على المركز واليسار الصهيوني، التي تطلق، هي الأخرى، تصريحات ضد حق العودة وضد أونروا، وبين ـ أخيراً ـ نوعا أربيل إياها من "فوروم كوهلت" اليميني ـ المسياني. جميعهم يتماثلون، إلى حد كبير وإن لم يكن بصورة علنية، مع مؤتمر الترانسفير الذي عقده إيتمار بن غفير واليمين الاستيطاني. في مسألة حق العودة، ووجود الفلسطينيين في هذه البلاد عموماً، ثمة إجماع إسرائيلي.


لستُ أعرف إن كان من واجبي الدفاع عن أونروا. لم أكن في حاجة إلى خدمات هذه المنظمة في أي يوم من الأيام، لأنني لم أصبح لاجئة فلسطينية في داخل وطني ولا في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة. لكنني أستطيع أن أشهد، من خلال قراءات عن فلسطينيين تحولوا إلى لاجئين فعلياً، أن شبكة العلاقات بينهم وبين أونروا ليست شبكة علاقات بين زبون ومسؤول ماليّ. هي علاقات بدأت آنذاك، في العام 1948، مع جسم يمثلهم، منذ الجيل الأول للاجئين الفلسطينيين الذين عاشوا وعانوا الاقتلاع والتهجير، ثم رفض قبولهم واستيعابهم في قراهم ومدنهم في فلسطين التاريخية.



مشكلة اليهود في دولة إسرائيل هي أنهم يحسبون أن بإمكانهم الحصول على كل شيء بالقوة. إبادة الأونروا، إبادة حماس، رسم مستقبل الفلسطينيين، أن يُملوا عليهم ما الذي يجب أن يتنازلوا عنه وما الذي لا يجوز لهم أن يتنازلوا عنه، إلى أين يجب أن ينتقلوا، مَن يُولّون عليهم قائداً ومسؤولاً وما هي هويتهم. وحين لا يمتثل هؤلاء الفلسطينيون لهذه الإملاءات، يقررون بدلاً منهم ومن أجلهم. بالقوة، طبعاً.


أكثر من مرّة سُئلت عن موقفي من حق العودة. هذ سؤال للمتقدّمين. في امتحان المواطَنة هنا، على الفلسطيني في إسرائيل أن يجيب على سؤالين اثنين. الأول: كيف تعرّف نفسك؟ إن قلتَ "فلسطيني"، فقد فشلتَ في الامتحان (لأنك "خائن" ولأن "لا شيء اسمه شعب فلسطيني")؛ السؤال الثاني: هل تؤيد حق العودة؟ إن أجبتَ بنعم، فأنتَ بصورة تلقائية عدوّ للدولة، عدوّ لليهود وعدوّ لشعب إسرائيل. هكذا هو الحال مع الاتهام: إسرائيل خلقت مشكلة اللاجئين، والآن عندما أصبحت تعاني منها، فهي تبحث عن طرف تلقي باللوم والمسؤولية عليه. أونروا، على سبيل المثال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قال النائب الفرنسي الذي رفع العلم الفلسطيني في الجمعية


.. لا التحذيرات ولا القرارات ولا الاحتجاجات قادرة على وقف الهجو




.. تحديات وأمواج عاتية وأضرار.. شاهد ما حل بالرصيف العائم في غز


.. لجنة التاريخ والذاكرة الجزائرية الفرنسية تعقد اجتماعها الخام




.. إياد الفرا: الاعتبارات السياسية حاضرة في اجتياح رفح