الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النطقية اللسانيه والنطقية العقليه؟

عبدالامير الركابي

2024 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يشيع بصورة قاطعه لالبس فيها، مفهوم "انبثاق العقل"(1) و ظهور"الانسان العاقل" والمحور المقصود دائما هو الجسد، او الكائن البشري الجسدي، فالعقل هو تطور يلحق بالجسد محققا طورا من اطواره بعد الحيواني، وهو ماقد حدث ابان انتصاب الكائن البشري على قائمتين واستخدامه لليدين، اضافة للنطقية اللسانيه، وهو بالاحرى انقلاب وتطور غير عادي انتقل الكائن الحي بموجبه من الهيمنه الجسدية الحيوانيه شبه المطلقة، الى "الازدواج" الجسدي العقلي، مع الارجحية الجسدية المضمرة، وهي محطة ودهرية وسيطة انتقالية مابين الحيوان و"الانسان"، هي بالاحرى فترة وزمن "الانسايوان" التي مازلنا نعيشها الى الان.
فالكائن الحي على عكس المتعارف عليه، حالة ازدواج، لاوجود للجسد من دونها، فالاحادية الجسدية تعني فقدان اسباب الحياة، ومن ثم الوجود، والكائن مدار البحث، يولد بالاساس ثنائيا من حيث التكوين، تغلب علية الجسدية ابتداء، ويظل يسير في تفاعل مع البيئة والطبيعة ترقيا، الى ان تتوفر اسباب انتقاله الكبير الاول بحضور العقل، بعدما ظل هذا لمدى ملايين السنوات خافيا، بلا دلالات تؤشر عليه وعلى مكانته الاساس.
ابان ما يعرف بالعصر الحديث الاوربي، وجدت حالات مقاربه للحقيقة اولية، النشوء والارتقاء الداروني على راسها وبمقدمتها، انطوت على دلالات كشفية تليق باقتراب حضور العقل، وماقد بلغه ابان الفترة الانقلابيه الاليه من قفزة موازية على الصعد المختلفة، لم يكن لها ان تتخلص مع ذلك من وطاة الجسدية وطغيانها، فنسبت الترقي الى الجسد، معتبرة"العقل" ملحقا وعنصرا تكميليا للكائن الحي، ياخذه مباشرة من الحيوان الى "الانسان"، فلم يخطر على بال العبقرية الجسدية الدارونية، احتمال ان يكون الترقي بالاحرى ليس بالجسدي كمحور، بقدر ماهو عقلي، الجسدية وتحولاتها ليست غايتها، ودارون يرى بان الجسد مع "ظهور" العقل، يكون قد بلغ منتهى وغاية تطوره البيولوجي، وان العضو البشري وصل قمة وكمال ارتقائه، من دون ان ينتبه الى مابعد الكمال الجسدي، والى الاستمرارية الحيوية من ساعه انبثاق العقل الى اليوم، وهل يصح القول بان العقل قد بلغ خلالها الكمال مثله مثل الجسد، ام انه موضوعيا مستمر بالترقي، الامر الذي يطرح امامنا موضوعة حيوية غير عادية، عن امكان واحتمالية استمرار العلاقة التلازمية، او الاندماجية على صعيد المستقبل، بين عنصرين متفارقين، احدهما متوقف عن النمو، بلغ قمته ومنتهاه على هذا الصعيد، واخر مايزال في حال تشكل مستمر بناء للاشتراطات المستجده.
العقل هو اليوم وحده المترقي، لان ضرورة الترقي الجسدي انتهت ولم يعد لها موجب بما انها ليست غاية بذاتها اصلا،مايعني حكما ذهابنا المحتمل، لابل المقدر الى مابعد الحضور العقلي "الانسايواني"، والى مايمكن اعتباره "النطقية العقلية"، الهدف الاساس والغاية الوجودية الناظمة للوجود الحي وعلاقته بالطبيعة، واخيرا بالالة، العنصر الثالث الداخل على العملية المجتمعية بعد الاف السنوات من التشكلية النمطية المجتمعية / اليدوية/ ومايواكبها من وحدة عنصرين هما ( الكائن البشري/ البيئة)، خلالها كانت النطقية اللسانيه هي الممكنه، بينما العقلية حضور بلا اكتمال اسباب النطق، الامر الذي لايمكن توفره مادامت الحاجاتية الجسدية التي يقدسها شخص مثل ماركس باعتبارها المحرك الاول الدوافعي البشري، ماتزال غالبة، مايعني ايضا ومن زاوية اخرى، انتظام الحركة المجتمعية ضمن اليات متجهه نحو اكتساب العقل الاشتراطات النهائية، او المرحلية اللاحقة على الانبثاق الحالي الازدواجي، بظل الغلبة الجسدية، مباشرة بعد الانتصاب على قائمتين واستعمال اليدين.
تحكم النظرة الى العقل ودوره وموضعه من العملية الارتقائية رؤيتان، اولى هي الغالبه حتى الساعه، وهي رؤية "جسدية" دالة على غلبة الجسدية المستمرة من الطورالحيواني الطويل السابق عليها، واخرى " عقلية" لم تظهر بعد، وهي تنتظر بلوغ اللحظة الثانيه بعد الحضور الازدواجي، تلك التي ينتظر تحققها عبر ومن بين تضاعيف التفاعلية المجتمعية وبحصيلتها، حين نصبح امام "النطقية العقلية"، وعالمها المختلف المغاير على المستويات كافه، حين تحل ساعة البدئية الاخرى الانتقالية خارج الجسد، ساعة يشرع العقل بالتحرر من وطاة حاملة الذي ظل يرافقه على مدى عشرات ملايين السنين، في وقت تتبدل معه اجمالا وكليا، منطويات الوجود فوق الارض، وبالتحديد الانتقال من الكوكب الارضي، بعدما حقق الوجود فيه مايلزم من ضرورات كونية انتقالية الى الكون الاخر عير المرئي، المحايث والملازم للكونية المرئية الحالية.
كيف يمكن تصور العالم والعقل وديناميات فعاليته،خلال الفترة الانتقالية مابين " الانسايون" و" الانسان"، الامر المنتظر من هنا فصاعدا، بالاخص بالمقارنه او المقايسه بين مايعد "ذكاء" او "عبقرية" جسدية، ازاء نوع الادراكية ومدى وعمق الاحاطية، والممكنات الهائلة للمقاربة الوجودية خارج ماهو قائم ومعتاد. لانملك هنا من حيث تقريب المقارنه سوى مابالامكن تصوره بنا على ماهو مجرب، عن طريق التشبيه بين العقل قبل الانتصاب، ابان الزمن التغلبي الحيواني شبه المطلق، والزمن الحالي، وبالاخص المتاخر الذي عرفه العقل مع التراكمات والانبجاس الالي، فالعقل "العقلي" ليس مجرد انتقالة عادية، او كمسار تطوري في فعالية العقل، بقدر ماهو انقلاب خارج عن التصور الممكن الراهن، ليس اقل بالمقارنه بالذي حصل مع حضور العقل ازدواجا، وان تحت الغلبة الجسدية، الامر الذي يتعدى العقل نفسه الى الكيانيه الوجودية.
الوجود سينقلب متحولا الى "النطقية العقلية" وهو وجود اخر كليا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا