الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاتمي : ريعية احتلال المثقف موقع القيادة

سامي العباس

2006 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


الأمن والتنمية,هدفا العالم الإسلامي الرئيسيين.كما يرى الرئيس الإيراني محمد خاتمي(1). يفتح هذا التشخيص على الربح الإضافي الذي يفضي إليه صعود المثقف الى هرم السلطة, لجهة تبويب الأهداف وتحديد الوسائل.. وترتفع هذه المهمة ( التشخيص )الى مستوى الإشكالية كلما أفصحت البنية الاقتصادية – الاجتماعية وفضاؤها الثقافي عن تزاحم شديد- للأهداف والوسائل في مراحل التحول- على احتلال الأولوية. والقارئ الجيد لتجارب الأمم يدرك الأكلاف الباهظة التي تفضي اليها جدولة غير موفقة للأهداف أو للوسائل ..إذ يتضخم الخطأ في امتداد الزمان كما تتضخم مساحة القطاع الزاوي في امتداد المكان .. هل نكشف هنا عن تبديد مروع للوقت فقط ؟ما يميز المثقف سعة خزان تجربته..والتجربة هنا هي جماع التجارب التي اطلع عليها المثقف للأمم والشعوب التي أنجزت على نحو ناجح عملية الانتقال الى العصر..مايميز عمليات الانتقال عن بعضها البعض هو وجود المثال من عدمه..وجود المثال يستدعي بالضرورة من يتمثله..ولذلك تتضخم الحاجة الى المثقف في التطور المسبوق. وتقل في التطور غير المسبوق..ذلك أن التطور الأعمى يحكمه التجريب. وهذا الأخير حقل فسيح يستدعي الابتكار فيه, التخفف من الحمولات العقلية الزائدة , وهي هنا : الأفكار المسبقة التي يخزنها المثقف..إلا أنه لايوجد في التاريخ مثال كامل النقاء لجهة نموذجي التطور..فالحضارات مستقلة وعلى تماس في آن ..إلا أن المشترك هو في الطلقات الأولى التي تفتتح المعركة..معركة التغيير..إذ أنها تجري في حقل العقل..فكما أن عصر الأنوار قد سبق الثورة البرجوازية في نموذج التطور غير المسبوق ( الأوربي ) .. كذلك فإن الثورة العقلية تصبح مطلوبة على نحو مضاعف في النموذج الذي ننتمي إليه كعرب : ( التطور المسبوق )..وفي هذا السياق يمكن فهم الظاهرة اللينينية كحماقة ثقافية ارتكبت في مجرى معاندة المثقف لإكراهات الشروط الموضوعية. مما ولد حالة الانكسار الراهنة التي يعيشها المثقف العالم ثالثي أيا كان انتماؤه الأيديولوجي .. * * * الأمن والتنمية : تكثيف شديد لحاجات العالم الإسلامي . لا بل للعالم الثالث ككل ..وليس في هذا التكثيف إفقار للبصيرة , أو تضييق لمساحة الرؤية . بل فيه غربلة للحاجات بغربال الأولوية ..والرئيس الإيراني نموذج للسياسي المسلح بعقل الفيلسوف ..وهي فرصة للتغيير كي يحدث تحت القيادة الواعية للفلاسفة في الشروط التي يفرضها التحول المتأخر الى الرأسمالية(2). إن ماتعانيه عمليات التحديث في العالمين العربي والإسلامي من مصاعب إضافية يمكن إرجاع بعضها الى ضآلة دور المثقف في هذه العملية التاريخية ..فالسلطات السياسية والاجتماعية التي وحدت في ذهنها بين الثقافة والإعلام , وضعت المثقف بين خيارين: الانسحاب الى الظل أو العمل كمبخرة .. * * * حوار الحضارات بديلا عن صراعها..تلك هي الرسالة التي يودعها الرئيس خاتمي صندوق بريد الحضارة الغربية ..هل هي رد على هيتنيغتون ؟ أم رسالة سياسية تستعير لغة المفكر ؟ .. لعلها هذا وذاك ..فالمرسل مزدوج الموقع . والرسالة تحمل بصمتي السياسي والمفكر ..وتذهب الى صندوقي بريد :- العالم الخارجي : حيث تعالج هموما أمنية تثيرها صيغة هيتنيغتون للعلاقة بين الحضارات- للعالم الإسلامي : وتعالج التوتر الزائف بين معسكري الأصالة والمعاصرة ..فالتعصب الأعمى لأحد المنهلين الثقافيين يمنع البصيرة من التقاط المشترك التقدمي..إن صيغتي التتريث أو التغريب المعروضتين على العالم العربي –الإسلامي تتقاسمان الفقر المعرفي والتقليد الأعمى للغرب أو للأجداد بالتساوي..وبالعودة الى سيرة الأهداف والوسائل, يثير تحديد الرئيس خاتمي للأهداف : بالأمن والتنمية , أسئلة حول الوسائل المقترحة ..إن الكلام عن سوق إسلامية, أو تكتل اقتصادي إسلامي يصب في خانة الوسائل المقترحة من قبله للخروج من صيغة مجحفة لتبادل المنافع بين المركز الأوربي – الأمريكي من جهة والعالم الثالث من جهة أخرى ..فالأكلاف المرهقة لعملية التنمية التي تتمخض عنها عملية التبادل في السوق الدولية تستدعي بالضرورة البحث عن صيغ لتبادل المنافع داخل سوق أكثر عدلا وتوازنا..ولاشك أن الأسواق الإقليمية التي تنشأ بين دول متقاربة في مستوى التطور الصناعي تمنح من هذه الزاوية ( زاوية العدالة في التبادل)فرصا أكبر لتقليص جريان الثروة باتجاه واحد..إن بناء سوق إسلامية أو تكتل اقتصادي إسلامي يطلق إن حدث ديالكتيك : القوة / الثروة .ومن هنا فإن الأمن كهدف يبلور وسائله عبر جدل مركب من مستويين :مستوى الاقتصاد ومستوى القوة بالمعنى الشامل للجانب العسكري منها..ولاشك أن نسج العالم الإسلامي لعلاقات اقتصادية بينية يجر في ذيله ويخلق شروط ملائمة لتصفية التوترات الأمنية البينية ويمهد الطريق لسيرورة مفضية الى تكتل اقتصادي –عسكري يتعامل مع جواره القريب أو البعيد من موقع الند للند الغائب منذ فقد العرب والمسلمون المبادرة التاريخية..بين جولة خاتمي الرئيس على الدول العربية قبل بضع سنوات وجولته كمحاضر في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أسابيع مرت مياه كثيرة تحت الجسر .لكن خاتمي لم يضيع البوصلة .ظل ماتكلم به في الجولتين في الإطار الذي حدده لنفسه كمثقف إسلامي مستنير ينافح عن شمعته أن تطفئها رياح التتريث التي تعصف في العالم العربي – الإسلامي .. هوامش :-1 من محاضرة ألقاها خاتمي الرئيس بمكتبة الأسد في دمشق أثناء جولته العربية -2 أنظر العرب والفكر التاريخي –فصل الماركسية ومثقف العالم الثالث : عبدا لله العروي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا