الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الأدب الحديث.

عايد سعيد السراج

2024 / 2 / 7
الادب والفن


الشعر والحداثة.

س 1 : هناك إشكالية معاصرة , تطال قضية الشعر , ضمن مفهوم الحداثة هل هناك آفاق لإمكانية تحديد القصيدة الحديثة وأين نحن من الشعر ؟
ج 1 : إشكالية ُالكتابة من إشكالية الحياة هناك ردة ٌ حقيقية ٌ عند أغلب كتاب الخمسينات والستينات. الذين كانوا يتصورون أنفسهم يكتبون الشعر الحديث لأنهم أصلا كتبوا قصائدهم بمفاهيم سلفوية , وفهموا الشعر برؤى ماضوية (( لأن الحرية لا تقدم سوى فضائها الكبير الذي لايمكن الصعود إليه الا بأجنحة النسر )) كما يقول ناقد كبير جبران خليل جبران / انسي الحاج / يوسف الخال / وخير الدين ألأسدي والشاعر أورخان ميسر/ وغيرهم الكثير لأن السياب والملائكة , كتبا بذات النمطية للشعر العمودي ولم يضيفا إلا خلخلة بسيطة في سفينة الشعر الحديث , ومن ثم صار تراكم لانهائي من قصائد التفعيلة التي توهم أصحابهُا أنهم يكتبون شعراً حديثاً , والبعض منهم أشاروا على أن شعرهم إبداعيا , من طراز متميز أغلب الشعراء كانوا أبناء أزماتهم , صنعتهم الحروب والأزمات والأنكسارات وقالوا شعراً قومياً ووطنياً متميزاً وعلى رأسهم شاعرنا الكبير محمود درويش / ولكن الكارثة تكمن هكذا / من منهم الذي كتب شعراً إبداعيا ؟ حراً ومتحرراً وداعيا إلى الحرية بمفهومها الشامل , خارجا من جميع القيود والتأثيرات والنمطية التي فرضتها عليه الظروف المحيطة به أو حتى التراث الأدبي القديم / محلقا بأجنحة النسر بحثا عن الإبداع والجمال , والرؤى الجديدة منقباً في عوالم النفس والكون عن دور الوجود , أن مثل هؤلاء الشعراء كانوا قلة عدا عن أنهم ظُلموا إعلامياً وجماهيريا ً , حتى لدى النخبة على مساحة العالم العربي , خذي مثلا كتاب (( أغاني القبة )) للعلامة والشاعر المبدع خير الدين ألأسدي , أتصور أن الذين قرأوه ندرة فالشعر والشاعر إما أن يكونا تحت عباءة حزب أو حاكم أو مصفق لهذه القضية أو تلك أو فليَكمَّ فمهُ , ويذهب إلى قبره مدحورا ً مذموماً كثيرُ من الأدباء يركض وراء الشهرة وبعضهم يلهث وراء دريهمات بخسة , بعض الأنظمة تحول الأدباء إلى ( أراكوزاتٍ ) بل مخبرين من الدرك السفلي كيف لمن يطعن بكرا مات الناس أن يحس بهم أو يكتب عنهم .. الغيرة ُ – الحسدُ – النفاقُ – الولاءاتُ , كلُّها تقتل الإبداع , مسيرة الشعر المعاصر , إشكالية معقدة ومرتبطة بتعقيد الظروف والأوضاع المأساوية التي مر بها الإنسان العربي , هذا الإنسان العظيم الجبار , الذي أبا الا أن يكون متمردا ً , رافضا ً من أجل أن يحقق كينونتهُ , رغم التعقيد الهائل للظروف التي تتحكم به والتي تتناهبه فالمدارس الأدبية الأجنبية التي جاءتنا عبر الترجمة من ر ومنسية – واقعية – رمزية – سوريالية – بنيوية – تفكيكية وغيرها , مدارس لها خصوصيتها , وظروفها الموضوعية والذاتية في بلادها , وأيضا لها مفكروها , وفلاسفتها ونقادها وشرّاحها, لذا أنهمك الشاعر العربي مجارياً هذه المدارس والبعض جرفه ُ البعِضُ منها دون وعي , فضاع وضيع خطاه وراح ينط مثل عصفور , والبعض ُ احتمى بعباءة ِ جدِّهِ متعصبا ً متشدداً لاعناً كلَّ ماهو جديد معتبره كفراً , وقليلون هم الذين قالوا مع شاعر الهند رابندرانت طاغور (( أنني أشّرعُ نوافذ بيتي إلى جميع الرياح ولكنني لن أسمح لها أن تقتلعني من جذوري )) هؤلاء هم الذين شّرعوا عقولهم وحواسهم إلى جميع المفاهيم , لأنهم يستندون على ماض عريق غربلته ُ أفكارهُم , النّيرةُ , فهم متوحدون مع الشاعر المتنبي، وابو تمام والشعراء الصعاليك والحلاج و السهر وردي وابن عربي والطواسين ومستفيدين من عظمة اللغة القرآنية والكتاب المقدس ونهج البلاغة والهمذاني وغيره هذا هو التراث ألإشراقي ألعرفاني الذي يجعل أباءنا يحلقون أبداً في سموات البوح , وأشرا قات الوجد, هؤلاء هم الذين تركوا رامبوا , شاعر أوربا الأكبر , يحرق جناحيه في شموسهم اللآهبة هذا الرجل الذي أكثر ظمأ ً لِفطرةِ دفء ِ الشرق , والذي مات , وهو يمد عنقه بأتجاه شموس الشرق , متلذذاً بسناها الوهّاج الحروف لنا , ولنا سحرها ونحن الأقدر على فك ّ طلاسمها الشعر العربي عموما بخير , رغم الكم الهائل الذي ليس له علاقة بالشعر , أقصد في المفهوم الإبداعي الرؤيوي , وليس النظم. . الإنسان في الماضي كان يحتاج إلى الحفظ غيباً لعدم توفر الطباعة , أما الآن فالمسألة مختلفة تماماً فالعربي القديم أبن بيئته ونحن لنا زمننا المختلف , يجب أن نكون أكثر حرية في التعبير ( لأن الشعر هو الحرية ) ثم أن المدارس الأدبية بمجموعها رغم الاختلاف فيما بينها ,تريد أن تصل في النهاية إلى القصيدة الأكثر عمقاً وأصالةً وإنسانية ً التي تواكب الزمن وفق صيرورته السرمدية , مثل الإلياذة والإنياذة – والقرآن العظيم . وقسم كبير من أدب المتصوفة العرب وشعر المتنبي وكذلك بعض الملاحم العالمية , وواحات صغيرة من كتابات كبار الشعراء .
القصيدة ُ الحديثة ُ برقٌ يخطفُ الأبصار جمالُ مدهش. وعمقٌ يجعل العظام تَصِلُّ والنفوس ترتعش / وبوارق الأمل تتلا قح , والحياة تستحق أن تعاش / إنها شيءٌ يحرك أعماقك دون أن تحس به ويضعك في الوجد الإلهي دون أن تدري / أنتَ عندما تقف على قمة جبل وتنظر إلى منظر يسلب الألباب فتقول : يا الله كم هو رائع أتدري لماذا قلتَ ذلك ؟ هذا هو الشعر.
نحن قريبون جداً من الشعر لو أعطينا الشاعر المبدع حريته , وأمنَّا له شروط إنسانيته , الشعر بخير طالما الحياة تجري والنساء يلدن , الشعر في وطننا ليس في أزمة , بل الأزمة في أدمغة الذين لا يريدون أن يروا الا الأشياء التي اعتادوا عليها , من الذي يسمع الموسيقا الحالمة وسط هذا الضجيج المقيت , الشعر العظيم بيننا , نحن الذين لا نريد أن نستمع إليه. .
س 2 : ما هي قصتك الشعرية – أتتوخى رؤى معينة ؟
ج 2 : الشعر عندي هو الطاقة الروحية المتجلية , التي تكتبها ذات الكاتب المبدع ، بشكل حر وبلغة جميلة مكثفة فأنا أستفيد ممن كتبوا الشعر النثري في تاريخنا القديم. . مثل أبن عربي / السهر وردي / الحلاج وغيرهم عند هؤلاء شعر نثري عميق وجملة شعرية مدهشة. تتلاقى فيها أجناس أدبية مختلفة. في هذا العصر مثل الرمزية / السوريالية / البنيوية / هذا الكنز الهائل لو سلَّطنا عليه الضوء وفق دراسة منهجية فأننا سوف نُدهش العالم وأنا مع قول الناقد فاضل العزاوي (( الشاعر الحقيقي هو الذي يحاول فهم العالم لا اللعب في داخله , ذلك أنه معرض هو الآخر للتحول إلى لعبة )) القصيدة هي اشراقات روحية لها علاقة بالوميض , حالة قدح بين شرارتين في عمق المبدع , فتخلق هذا الادهاش وكلما كانت ذات المبدع , أكثر قدرة على اختزال الطاقة كان الإبداع الشعري أكثر سرمدية مع الزمن وأعمق في تجذر الذات البشرية. فهناك الشعراء الكواكب , الذين لا يضيئون إلا بتأثير النجوم وانعكاساتها. وهناك الشعراء النجوم الذين لا نراهم , الا في حالك الليل , وهناك الشعراء الشموس وهم قلة وفق مسيرة البشرية
س 3 : آلية النقد ليست على مستوى النص أو الإبداع في الوطن العربي ما هي رؤيتك لهذه المسألة ؟
ج 3 : أخال أن نصوصاً ابداعية كثيرة كتبت في العالم العربي وتكتب وستكتب , ولكن القضية تكمن في المفهوم نحن لم نحدد مفاهيمنا بعد , تجاه المفاهيم الحياتية الكبرى , لذا لازلنا نلهث وراء الركب , وراء حكم القيم كل المدارس الأوربية والأجنبية التي ظهرت , لها منظورها وفلاسفتها , حتى لو كانت تمس مسألة بسيطة أو جزئية في النظرة إلى الأدب – لذا أشبعت درساً وتمحيصا ً من جميع الجوانب , لذا سَمَا لديهم النص وأبدع. أما نحن لازلنا نتقاتل على مفهوم الشعر , ولا نتجادل أو نتحاور. فالأديب العربي ينسى ما قاله بالأمس ويناقض نفسه اليوم. أنه إشكالي بمعنى لم يحدد سماته وخصائصه , ورؤاه بعد , هذا بالمعنى الاطلااقي وليس التحديدي خذي مثلاً التصريحات الأخيرة لشاعرنا الكبير محمود درويش , وكذلك عبد الوهاب ألبياتي , ونزار قباني وآخرين حول مفهوم الشعر والحداثة , والعودة إلى ديوان العرب والقصيدة العمودية الخ. ألا تفهمين من ذلك أن هؤلاء الشعراء , الذين هم قمم الشعر العربي في القرن العشرين لم يحددوا بعد موقفهم من الشعر ألم يفهموا أن الشعر حالة كيانية كونية، تتجذر مع الكائن بمكونه وتشكل حالة الخلق الإبداعي المتميز والمتمايز عن غيره إذا لم يفهموا ذلك بعد , فتلك هي المأساة. أما أن تشدنا الآمراس الكتان والصم الجندل إلى هاوية النكوص , فتلك مأساة حقيقية. هي سبب التمزق الروحي والنفسي والإنساني , الذي يعيشه الإنسان العربي الذي يفترض به أن يكون ثائراً ومثــّوراً الجميع َ وعلى جميع القيم البالية. والذي عليه أن يُفهِّم البشرية , معنى الحيوية والتقدم الخلاق بسبب وضعه المأساوي , الذي وضعتهُ فيه ظروفٌ خارجة ٌ عن إرادته فعلينا أن نُفهَّم الجميع َ أننا أكثر عمقاً وأحتراماً لتاريخنا ولكننا أكثر فهما لأجدِّ قضايا الحياة والعصر. وأكثر البشر فهماً للحريةِ لأنهّم افقدونا إياها وكما كنا أعمق تجذراً في الوعي المعرفي نكون أكثر حرية ِّ في النص الإبداعي لا في شعر المناسبات الجاهز الصنع الذي ألفناه وتآلفنا معه رغم الحالة النكوصية – الارتدادية التي يعيشها المبدع العربي ورغم الأهوال التي عاناها من وجود عدو لئيم يركب حصاناً حديدياً أعمى , يعفس بأقدامه الأخضر واليابس ماكرٌ عارف للذي يريد ورغم حالت القمع التي يعاني منها المبدع العربي من أنظمة أوتقراطية , ولكن هذا شيء وأن يكون الشاعر الأصيل أكثر وطنية وتجذراً في العمق التاريخي , بل وأكثر فهما وحرية للزمن المعاش وداعية تحرر من الطراز النبيل أنني أتصور بأن عمالقة الشعر العمودي ( أصبحوا ندرة ) أما على شعراء هذا القرن ومبدعيه , أن يسافروا على أحدث الفضائيات إلى أبعد الكواكب والنجوم متسلحين بوهج الحرف و قدرة قدحِهِ , وطاقات الشرق الروحية , التي تذيب جليد الأقطاب إذا كانوا يريدون أن يصبحوا حقا أبناء هذا الزمن , فالشعر الحديث , لم يأتِ بولادة قيصرية بل جاء عبر
تسلسل طبيعي , من العمود إلى قصيدة التفعيلة , إلى الشعر النثري بأشكاله وألوانه المختلفة , إلى النصوص الإبداعية , وهذا شيء طبيعي فمن هنا بدأت الآن كتابة الشعر الحديث لأن كل الذي أشرنا إليه هو تأسيس لكتابة شعر حديث , يملك ُ خصائصه ُ ومقوماته وأرضيته , التي سبق الإشارة إليها وعلى الذين كتبوا في الأنماط الأخرى , من تفعيلة وبين بين , وعمود مفعل أن لا يخجلوا , لأنهم أسسوا لقصيدة النثر , أو النثر الشعري , وأن لا يدافعوا عن مفاهيم تجاوزها الزمن / لأن ذلك يتطلب وقفة موضوعية مع الذات وشجاعة نادرة خاصة أن المسألة ليست فروسية ومبارزة , بل حياة تجري إلى مستقرها , من لا يفهم قوانينها يتيه به عقلهُ – والأكثر بؤسا أنهم يقولون قصيدة , وهم يتحدثون عن الشعر النثري , أو النثر الشعري فالقصيدة غير ذلك و لأن القصيدة تعني / أوزان وقوافي / ومفاهيم مختلفة , فلنحدد المفاهيم أوّلاً ولنتحاور ثانياً وليكن لنا نظريتنا في الشعر ومنهجنا.
س 4 : متابعتك للإنتاج الشعري في سوريا وكيف تنظر له وما هي الأسماء التي تمثل الحركة الشعرية في سوريا ؟
ج 4: الشعر السوري يشتمل جميع المدارس الأدبية وتتفاعل, فهناك مفاهيم معقدة , ومتداخلة ومتناقضة ورؤا تتنافس فيما بينها , وهذه ظاهرة صحية وأنني أقول أن الشعر بدأ يظهر نفسه نافضا عنه غبار الأيام , وخير من يمثل هذه التيارات المختلفة هم : ( …….؟ .. ) / وآخرين والبعض منهم له بصمته على الشعر العربي , وينافس أفضل الشعراء على المستوى العالمي (( المبدع لا يهبط من السماء ولا يخلق من العدم )) لقد بدأ مارِدُ الشعر يتململ و وخلال العقود القليلة القادمة , سيكون أهم الشعراء أو خير من يمثل الشعر الإبداعي من هذه المنطقة , التي بدأ انسانها لا يتلقى فقط , بل يحلل ويفكك ويركب , رغم كل عوالم التحجر التي تحيط به , العوالم متجمعة , ومن هنا وبعد زيارتي لِبيروت عرفت تماما لماذا هذا الحقد الأصم على هذه البلد , وأنني أثق أن بيروت ستكون موئلاً للعصافير , والشعراء وأغاني الفرح


صحيح أنه ليس بالشعر وحده يحيى البشر ولكنهم لن يحققوا إنسانيتهم بدونه
* أجرت هذا اللقاء , الكاتبة والصحفية : غادة علي كلش , لجريدة الكفاح العربي عام 1997 , لذا اثبته هنا لأنه يكمل مفهمومي للشعر في البيان الأول . وتركته كما هو رغم أنه يحتاج بعض التعديل لبعض. المفاهيم والأفكار
التي تم طرحها منذ زمن بعيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال