الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيسبوكيات 62 عندما يكون ثراء الدولة جالب للخطر؟!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2024 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يكون ثراء الدولة جالب للخطر،
حكاية فنزويلا حكاية مصر. -1-
فنزويلا: حكاية شعب، افقره ثراء ارضه؟!. – 1
انهم يقتلون ابناء بلدهم، فما بالك ؟!
بعد حرب العراق، 22 جندى ينتحرون فى الولايات المتحدة، يومياً.
هذا المقال كتبته ونشر في فبراير 2019، أعيد نشره رفضاً للأعتداء الوقح للأدارة الأمريكية على سيادة فنزويلا، وأختلاص العبر والأستعداد للغافلين.
بعكس الطبيعى، الاستعمار قادر على خلق الفقر من رحم الثراء، وتحويل النعمة الى نقمة، ثراء الارض، ثراء جوفها او سطحها او حتى مناخها، او بعضهم او كلهم، ثراء بمثابة مغناطيس يجذب اكثر ما فى الانسان من بشاعة، الجشع، الاستعمار. ثراء فنزويلا، كما كل شعوب امريكا اللاتينية، وكل شعوب الارض المنهوبة، كان السبب الحقيقى وراء فقر شعبها، لأجل اثراء اوروبا، البرتغال، اسبانيا، انجلترا، فرنسا، ثم الولايات المتحدة، ومحاصرة وافساد وتشويه سمعة ثورتها.
لماذا فنزويلا ؟!
يشكل البترول مع الغاز الطبيعى، الوقود الرئيسى لكل ما يتحرك فى العالم المعاصر، على الارض وفى الجو والبحر، كما يعتبر مادة اولية تزداد اهميتها للصناعات الكيميائية والمواد الاستراتيجية اللازمة للنشاطات العسكرية.*
البترول هو الثروة الاكثر احتكاراً فى كل النسق الرأسمالى. وليس هناك من رجال اعمال يتمتعون بالسلطة السياسية التى تمارسها، على المستوى العالمى، الشركات البترولية الضخمة. "ستاندر اويل" و "شل" تعزل وتصنع الملوك والرؤساء، وتمولان مؤامرات القصور والانقلابات، وتحت ايديهما جنرالات ووزراء وجيمس بوندات دون حصر فى كل الانحاء، وبكافة اللغات، وتحددان مسار الحرب والسلام.
المفارقة ان ما يحصل مع البترول، - كما يحدث مع البن والسكر والقمح واللحم -، ان البلدان الغنية تكسب من عناء استهلاكه اكثر بكثير مما تكسب البلدان الفقيرة من عناء انتاجه، والفرق بينهما واحد الى عشرة. وهناك مفارقة اخرى، فرغم انخفاض سعر البترول، الا ان سعر مواد الاحتراق التى يدفعها المستهلك يرتفع فى كل مكان. كل هذه السلسلة من الامور العبثية هى عقلانية تماماً، وليس هناك ضرورة للجوء الى القوى الغيبية من اجل العثور على تفسير، فالسبب هو ان تجارة فى العالم الرأسمالى هى فى يد كارتيل مطلق القدرة.

مثلاً، شركة "نيو جيرسى"، وهى شركة عابرة للقوميات، تحصل على غالبية ارباحها من خارج حدود الولايات المتحدة، وامريكا اللاتينية تقدم لها ارباحاً اكثر من الولايات المتحدة وكندا معاً بأربعة مرات. وقد انتجت الشركات التابعة لها فى فنزويلا عام 1957، اكثر من نصف الارباح التى ربحتها شركة "نيو جيرسى" فى كل مكان، وفى نفس السنة قدمت الشركات التابعة لشركة "شل" نصف ارباحها فى العالم كله.
ان الثروة الطبيعية لفنزويلا وغيرها من بلدان امريكا اللاتينية، التى تمتلك بترولاً فى جوف ارضها، كما ثروات معدنية ومحصولية اخرى، هى اهداف للهجوم والنهب المنظم، وقد تحولت الى الاداة الرئيسية لاستعبادها السياسى وازماتها الاقتصادية وانحطاطها الاجتماعى، انها قصة طويلة من مآثر لعنات الثروات الطبيعية، وسوء السمعة والتحديات.
الاستسلام التام او الموت الزؤام !
فساد اليسار الهدية الاثمن للرأسمالية. لن تجد الرأسمالية ما هو اثمن من فساد حكومة يسارية، لاسقاط الحكومة المحلية وتشويه سمعة اليسار العالمية، حتى انه لن يكون من المبالغة القول بالمساهمة الفعالة المباشرة او الغير مباشرة للرأسمالية العالمية ذاتها، وعملائها من الرأسماليين المحليين، فى افساد الحكومة اليسارية، المطلوب كسر مقاومتها لشروط الليبرالية الاقتصادية الجديدة، الاستعمار الجديد، والمتحدث الرسمى بأسمها، صندوق النقد الدولى، الخضوع وتحول الحكومة المحلية الى مجرد ادارة من ادارات الاتحاد العالمى للشركات العملاقة العابرة للقوميات، حتى تتحول الدولة التى تحكمها الشركات، عبارة عن حزام ناقل "سير" يقوم بايصال الارباح والاموال العامة لهذه الدولة الى خزائن هذه الشركات. الديمقراطية هى الحاجز الذى سيمنع تحول القطاع العام الى "مزرعة تفريخ فاسيدين".


التكتيك المفضوح للاستعمار الجديد، حصار اقتصادى، دعم "متعاون محلى"، قلاقل واضرابات، واحيانا حرب اهلية. دائماً مقاومة الاستعمار الخارجى اوضح واكثر اقناعاً من مقاومة الاستعمار المحلى "العملاء"، عند الاخير ستسمى المقاومة "خيانة"، وعند الاول ستسمى المقاومة "وطنية". "رئيس الضرورة" الفنزويلى، الذى عين نفسه رئيساً، يعد الجيش بانه سيكون له دور هام فى "اعادة اعمار" فنزويلا، مفهوم ماذا يعنى "اعادة الاعمار" بالنسبة للجيش، الرسالة وصلت، وبدأ توافد "المتعاونين المحليين" من العسكريين الى حضن الامبريالية الامريكية، صاحبة الايادى البيضاء فى ارجاء المعمورة، وفى الاتجاه المقابل بدأ توافد "حصان طروادة" محملاً بالمساعدات الغذائية والادوية من ماما امريكا.


ما هى الضمانة ضد فساد السلطة بعد نجاح الثورة؟!
حتى لو كانت سلطة يسارية، جاءت بعد نجاح ثورة شعبية. هل يتم جعلهم يحلفون على المانيفستو؟!، ام يحلفون بروح الزعيم؟!. مائة عام من الهزائم، ومازالوا يعادون الديمقراطية !. الديمقراطية هى الضمانة ضد فساد وافساد واستبداد السلطة، وكما يقال "علاج مشاكل الديمقراطية، بمزيد من الديمقراطية". الديمقراطية هى نتاج تاريخ نضالى للبشرية، الديمقراطية ملك لكل البشرية، وليست حكراً على الغرب الرأسمالى فقط، فلم تبتدع البشرية بعد ما هو افضل من الديمقراطية النيابية.
ان كل الازمات التى تواجه اى نظام فى اى مجتمع، تكون الديمقراطية هى الحل، بطرق نوعية مختلفة، هى مخرجه الرئيسى من هذه الازمات، الديمقراطية ليست رفاهية، الديمقراطية النيابية هى الطريقة الوحيدة، - حتى الان -، للحفاظ على اى نجاحات، ناهيك عن تحقيقها. كل التجارب المحلية، "التجربة الناصرية، مثلاً"، والتجارب العالمية، "الاتحاد السوفيتى، مثلاً"، قد اثبتت لكل من يرى، ان غياب الديمقراطية هو العامل الرئيسى الذى سهل الانقلاب عليها وهزيمتها من اعداء الثورة.
اذا ما نجح اعداء الثورة فى استغلال الديمقراطية ضد الثورة، فمازالت الديمقراطية هى الحل، هى الطريق الوحيد الذى ستتعلم من خلاله القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة فى الثورة، من تجاربها الذاتية، ستتعلم تصويب اخطائها، وتعديل مساراتها، وسيكون دور القادة المؤمنين بالثورة وبالديمقراطية، هو مساعدة هذه القوى الاجتماعية على استيعاب الدروس الصحيحة والخبرات المفيدة من هذه التجارب المؤلمة، من ناحية، ومن الناحية الاخرى، تقليل حجم خسائر الثورة ومداها الزمنى والجغرافى، من هنا فقط، يتشكل وعى القوى الاجتماعية للثورة وصقل وعى قاداتها، والتى يستحيل بعدها هزيمتها. ان الوصاية على الاخرين تحت اى مبرر، هى بالضبط ما يؤخر من وعى ونضج القوى الاجتماعية للثورة، وما يؤجل من الثورة ذاتها حال توفر شروطها.
فنزويلا: حكاية شعب، افقره ثراء ارضه؟!. – 1
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=629143
* "الشرايين المفتوحة لامريكا اللاتينية"، ادواردو جليانو.


عندما يكون ثراء الدولة جالب للخطر،
حكاية فنزويلا حكاية مصر. -2-
فنزويلا: حكاية شعب، افقره ثراء ارضه؟!. 2
تطبيقاً لشعار العولمة: "الاستسلام التام، او الموت الزؤام".
بابسط قدر من تدقيق النظر، سوف تكتشف بسهولة ان كل الدول التى يناصبها العداء رئيس الولايات المتحدة، ترامب (التعبير الاوضح، "البجح"، عن النسخة الاحدث لاستعمار العولمة)، ستجدها تلك الدول التى مازالت تقاوم احدث شعارات العولمة "الاستسلام التام، او الموت الزؤام)، بالرغم من ان معظم هذه الدول، ان لم تكن كلها، قد مارست العولمة بهذا القدر او ذاك، الا ان ذلك لم يعد كافياً فى عالم عولمة اليوم، الذى لن يرضى بأقل من الاستسلام التام. من روسيا الى الصين، كوريا الشمالية، ايران، سوريا وقبلها العراق وليبيا، وكوبا، وفنزويلا على الابواب ..، على الجميع فتح الابواب على مصرعيها، للشركات العملاقة العابرة للقوميات، حكام اليوم، اسواقاً للاستهلاك، وملكية لكل كياناتها الاقتصادية، سواء بشكل مباشر، او عبر "متعاون محلى"، انها المرحلة الاعلى للعولمة.
"فى عام 1970 كانت فنزويلا اكبر مصدر للبترول فى العالم، وتأتى من فنزويلا نحو نصف الارباح التى تجنيها رؤوس الاموال الامريكية الشمالية من كل امريكا اللاتينية. فنزويلا واحدة من اغنى بلدان كوكب الارض، وايضاً، واحدة من افقرها واكثرها عنفاً. ويمكن لاحتياطيها من البترول والغاز الطبيعى والحديد التى تقدمها تربتها للاستغلال الفورى، ان يضاعف ثروة كل مواطن فنزويلى عشر مرات، ويمكن استيعاب كل سكان المانيا او انجلترا فى اراضيها الشاسعة البكر. وقد استخرجت الحفارات، خلال نصف قرن، ارباحاً بترولية هائلة تعادل ضعف موارد خطة مارشال لتعمير اوروبا.
كانت فنزويلا تنتج فى عام 70 كل يوم ثلاثة ملايين ونصف مليون برميل من البترول من اجل ادارة الالة الصناعية للعالم الرأسمالى، لكن الفروع المتعددة للشركات العملاقة اويل، وشل، وغولف، وتكساكو لاتستغل اربعة اخماس مناطق امتيازاتها، والتى ما زالت احتياطيات لم تمس بعد (عام 70)، كما ان اكثر من نصف قيمة الصادرات لا يعود الى فنزويلا.
تشيد الكتبات الدعائية لشركة اويل الى الاعمال الخيرية للشركة فى فنزويلا، وهو ما يماثل اليوم، "المساعدات الانسانية"، "حصان طروادة"، الامريكية، التى تقف على الحدود، طلائع قوات الغزو الامريكى الشمالى -، لتنسب لنفسها الفضائل. لا يمكن ان تقارن الارباح المنتزعة من هذه البقرة الحلوب الضخمة، بالنسبة لرأس المال المستثمر، الا بالارباح التى كان يجنيها تجار العبد والقراصنة فى الماضى. فلم ينتج بلداً هذا القدر للرأسمالية العالمية، فى هذا الزمن القصير، فقد نهبت من فنزويلا ثروة تتجاوز الثروة التى اغتصبها الاسبان من بوتوسى، او التى اغتصبها الانجليز من الهند.

فنزويلا تعانى من نزف اكثر من ستمائة مليون دولار سنوياً (عام 70)، معترف بها باعتبارها "ارباحاً لرأس المال الاجنبى". ونتيجة للبطالة المتزايدة، اخذت حدة ازمة حقول البترول، تعبر عن كل رفاهية وبؤس فنزويلا وذلك منذ نصف قرن (عام 70). كانت النشوة قد ظهرت حوالى عام 1917، كان البترول يوجد فى فنزويلا مع المزارع الكبيرة التقليدية، حيث يراقب اصحاب الاراضى العمال، بجلد الاجراء ودفنهم احياء حتى الخصر. ثم تدفق بئر البترول فى لاروسا اواخر عام 1922، والذى كان يصب مائة الف برميل يومياً، لتهب رياح العاصفة البترولية.
وظهرت فى لمح البصر ثلاث وسبعون شركة. وكان ملك كرنفال الامتيازات هو الدكتاتور خوان فيثينتى جوميز، وكان مربى ماشية من جبال الانتيز وشغل سنوات حكمه السبع والعشرين (1908 – 1935) فى انجاز البزنس والابناء. وبينما كانت تتدفق السيول السوداء الجارفة، كان غوميز يخرج من جيوبه الممتلئة اسهماً بترولية يكافئ بها اصدقاءه واقاربه وحاشيته، والطبيب الذى كان يعتنى له بالبروستاتا، والجنرالات الذين يعتنون بحماية ظهره، والشعراء الذين يتغنون بأمجاده، وكبير الاساقفة الذى منحه تراخيص استثنائية لكى يأكل لحم ايام الجمعة الحزينة. وكست القوى الكبرى صدر غوميز بأوسمة براقة. ولكن عندما مات غوميز، فى عام 1935، قطع العمال البترول الاسلاك الشائكة التى تحيط بحقول البترول واعلنوا الاضراب.
فى عام 1953، كان احد رجال الاعمال بالولايات المتحدة قد اعلن فى كاركاس: "تتمتع هنا بحرية ان تفعل بنقودك ما يحلو لك، وهذه الحرية تساوى بالنسبة لى، أكثر من كل الحريات السياسية والمدنية معاً". وعندما تم اسقاط الدكتاتور ماركوس بيرث عام 1958، كانت فنزويلا بئر بترول كبيرة تحيطها السجون وغرف التعذيب من كل جانب، وتستورد كل شئ من الولايات المتحدة، السيارات، الثلاجات، اللبن المركز، البيض، الخس، والقوانين والمراسيم.
اعلنت كبرى شركات روكفيللر فى عام 1957، ارباحاً كادت تبلغ نصف استثماراتها الاجمالية. وقد رفع المجلس الثورى للحكومة الضرائب من 35 الى 45 بالمائة. ليفرضل الكارتيل رداً على ذلك خفضاً فورياً لسعر البترول الفنزويلى، فجنت الدولة دخلاً يقل عن العام السابق بستين مليون دولار.
ولم تسعى الحكومات التالية لتأميم الصناعة البترولية، لكنها كذلك لم تقدم، حتى عام 1970، امتيازات جديدة للاشركات الاجنية لاستخراج البترول. ورداً على ذلك قام الكارتيل بالانتاج من حقوله فى الشرق الادنى وفى كندا، وتوقف فى فنزويلا فعلياً استكشاف آبار جديدة. وتجمد التصدير. وفقدت سياسة عدم منح امتيازات جديدة المعنى الذى وجدت من اجله، بقدر ما عجزت شركة البترول الحكومية عن تولى المسئوليات الشاغرة، واكتفت بحفر بضعة ابار قليلة هنا وهناك."*
فنزويلا: حكاية شعب، افقره ثراء ارضه؟!. 2
تطبيقاً لشعار العولمة: -الاستسلام التام، او الموت الزؤام-.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=629328
* "الشرايين المفتوحة لامريكا اللاتينية"، ادواردو جليانو.




نقد النقد التجريدي
الى حزب "انه فشل، وسوء ادارة، وخلل في الاوليات"!:
ليس فشل او سوء ادارة، او خلل في الاولويات،
انه مستهدف ومخطط له،
انه صراع المصالح الطبقية المتناقضة،
المحلية والاجنبية.
هذه هى السياسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل