الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية شرقية لفرنسا

قيس كاظم الجنابي

2024 / 2 / 8
الادب والفن


-1-
في رحلة حنّا دياب المعنونة (من حلب الى باريس) ثمة عنوان ثانوي ،هو(رحلة الى بلاط لويس الرابع عشر)؛ وهو شخصية شامية من مدينة حلب زوّرت عدة حكايات عن ألف ليلة وليلة، ونشرت بترجمة غالان ، ثم حققت بعنوان (الليالي المزوّرة)وتضمنت كل من حكاية( علاء الدين الفانوس السحري)،و( علي بابا والأربعين حرامي)؛ وخلال رحلة دياب الى فرنسا زوّر هاتين الحكايتين وكتب رحلته باللغة الشامية المحكية، التي قام بها بين عامي 1707- 1717م،واسمه الحقيقي عبدالقاري أنطون يوسف حنّا ديّاب، والمرجح انه ولد سنة 1689م، ونسخة هذه الرحلة أهداها القس الحلبي بولس صباط (1887-1945م) التابع للكنيسة السريانية الكاثوليكية، الى مكتبة الفاتيكان سنة 1926م، ويرى محققا الرحلة ان نصها هذا "يستحق أن يقرأ من قبل الجمهور بالفصحى وليست بالدراجة، بل هو خليط من الاثنتين".[ص13/ من حلب الى باريس: حنّا دياب، تح محمد مصطفى جاروش وصفاء أبو شهلا جبران، منشورات الجمل، بغداد – بيروت، 2017م]
إشكالية الرحلة انها كتبت باللغة المحكية (العامية الشامية) وان كاتبها غالباً ما يقع "في أخطاء كتابية نتيجة لتدخل العامة في كتابته".[ص21] وأهمية الرحلة تكمن في عدة جوانب:
الأول، بيان موقف الشرقي من الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية(المسيحية) في الغرب، وبالذات فرنسا.
الثاني، بين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في الغرب، وطبيعة الحكم الاستبدادي في فرنسا قبل الثورة الفرنسية.
الثالث، بيان طبيعة الحياة الاقتصادية وطبيعة الرحلات الأجنبية للشرق من خلال علاقته بمعلمه الذي جعله مترجماً ودبلوماسياً.
وكان السفير العثماني (يرمسكز شلبي محمد أفندي) قام بمهمة دبلوماسية وإدارية في أعلى مستوى، وكان رجلاً متعلماً ذا ثقافة عالية ومولع بالآداب العربية والتركية والفارسية وقد زار فرنسا في مهمة ديبلوماسية في سنتي (1720-1728م) حيث تجول في البلاد الفرنسية قبل ان يستقر بباريس لمدة أربعة أشهر وكتب كتاباً حول رحلته فرنسا وصف فيها اهم مشاهدته وبالخصوص كل ما هو فريد غريب في هذا البلد. [بداية الطباعة العربية في استانبول وبلاد الشام ، تطور المحيط الثقافي 1706-1787: د. وحيدة قدورة، تقديم د. عبدالحليم التميمي، منشورات مركز الدراسات والبحوث العثمانية مع مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض( تونس، 1992م)،ص181-182.]
-2-
بدأت حياة الرحالة بمحاولة الالتحاق بأحد الاديرة من أجل الرهبنة، ولكن جهوده فشلت فاتجه الى الاستفادة من قدراته على الترجمة بين اللغتين العربية والفرنسية؛ والعادة يقتضي الانتماء للدير الاعتراف العام، أو الكشف عن سيرته وخطاياه الغاطسة بالآثام والذنوب، فبعد "ثلاثة أيام" كما يقول:" اعترفنا اعتراف عام وتناولنا الاسرار الإلهية أعني القربان المقدس وبعدها ادخلنا مدبر الدير الى مكان حوائج الرهبان".[ص40] والاعتراف يوفر للمسيحي نوعاً من الراحة النفسية ،والاحساس بالإيمان والرضا بالتسامح والاحتفاظ بالعقيدة المسيحية معاً، وبعد فشل حنا بالانخراط في خدمة الدير اتجه نحو طرابلس بلبنان، وهناك يلتقي برحالة فرنسي يقنعه بمرافقته الى فرنسا، وكان مرسلاً من ملك فرنسا للحصول على الأحجار والاثار والعملات القديمة واللقى والحيوانات النادرة لغرض التجارة وجلب الهدايا اليه. ويقتنع حنا بمرافقة الخواجة (بول لوكا) السائح من طرابلس في شباط سنة 1707م، وكان الوقت وقت الصيام الكبير لدى المسيحيين بالشام، وقد دون فيما بعد حنا دياب رحلته باللهجة العامية الشامية(عامية حلب)؛ وكان يلاحظ ما يتصرف به الخواجة لوكا، فكان يشتري النقود القديمة ويبحث عن الاختام والاحجار والآثار.
استغرقت مقدمات الرحلة فصلين من الكتاب، فلما بلغ الفصل الثالث بدأت رحلته ونزوله البحر مع بول لوكا في شهر أيار 1707م، فانطلقا نحو قبرص عبر البحر، وفي الفصل الرابع يكون سفره الى مصر بالمراكب، وقد لفتت انتباهه العمليات التجارية والصفقات الخاصة ببيع الخمور والصيد، وكان معلمه الخواجة لوكا يجمع الكثير من الآثار والنقود وينسخ الكتابات على الجدران والاعمدة، فقد استقام" ونسخ جميع تلك التصاوير المنقوشة عليه. فلما سألوه لاي سبب نسخ تلك التصاوير، وما هو المعنى ، فقال بان أهل التصاوير بيرمزوا عن أحرف وكلام تحت الفاظ سرية كانوا يغنوا بها الفلاسفة اليونانيين في ذلك الزمان".[ص82]
ولقد لفت انتباهه في مصر وصول الماء الحلو من نهر النيل في البحر، فشاهد عدم امتزاج ماء النيل الحلو بماء البحر المالح، فقال:" وفي ذلك الوقت تفرست في دخول بحر النيل في بحر المالح، شي صاير خط ما بين البحرين لان بحر النيل طالب الوطاه في بحر المالح، وهذا شي رايته في سفري في بحر المالح".[ص84] وهو كمسيحي ميال الى ترسيخ ديانته فكان يبحث في مصر عن الآثار المسيحية لدى القبط (سكان مصر القدامى)، وعلى ما توفر لديه من معلومات رواها الكتاب المقدس؛ لهذا شاهد عنابر المحاصيل التي خزن فيها النبي يوسف ، فوجدها أربعين عنبراً، ثم جلب له رجل قبطي توراة مكتوبة على رق وملفوفة بلسان السرنكيلي الذي هو منشق من لسان السرياني، وقال لهم انه توراة مكتوبة من زمان بني إسرائيل عندما كانوا قاطنين في مصر في عصر الفراعنة. فكانت الاثار المصرية نهباً للطامعين، يستخرجها الفلاحون ويبيعونها للسياح الأجانب، الذين كانوا يشترون التماثيل من الفضة أو النحاس وبعض الكتب المكتوبة على رق عبراني (أو السرنكالي).
لقد شكلت مقدمات الرحلة الى أوربا مدخلاً مهماً لمطامع الغرب في الحضارة الشرقية، في محاولة للاستحواذ عليها من قبل فرنسا ، كما حصل في حملة نابليون على مصر ، ثم احتلالها لسورية ولبنان بالتعاون مع بريطانيا ،ولم يغيّر هذا الطموح تحول فرنسا من دولة ملكية ال جمهورية، بل زاد بشكل مضطرد.
-3-
ينطلق السفر الى فرنسا عبر شمال أفريقيا ،وأحياناً عبر ميناء البندقية في إيطاليا ثم الى فرنسا، وكانت بلدان المغرب العربي تحت الحكم التركي ،وهذا يتطلب معرفة اللغة التركية التي كانت سائدة في محطات التفتيش وتحصيل الضرائب والمكوس وغير ذلك.
وحنا دياب كرحالة غير محترف، لا يمتلك صورة مسبقة عن طبيعة كتابة الرحلات، فهو يتحرك أفقياً، يتحدث عن طعامه وحركته وتنقله والأشخاص الذين التقى بهم ومعاناته الذاتية وعلاقته بالخواجة الذي يترجم له؛ كما ذكر تعرض مركبهم الى القرصنة حين مرّوا من طرابلس الغرب(في سواحل ليبيا) والصراع بين القنصل الفرنسي مع القنصل البريطاني حول النفوذ العربي.فقال لهم الخواجة:" انا مرسل من قُبل قنصر الفرنساوية الذي هو وقتئذ في مدينة طرابلس، وامرني بأن اوسق جميع ما في مركبكم من مال وأوادم ،وامضي فيها الى طرابلس، حسب أمر البيك والقنصر".[ص126]
ومن يقرأ هذه الرحلة يحس كم هو السفر شاق في ذلك الزمن، حيث الأمواج والبحار والقراصنة والامطار وتقلبات الجو، وكان حنا دياب يدعي بأنه مترجم، ولكنه يمتلك القدرة على التفاهم باللغة الفرنسية، فيصف معلمه(الخواجة الفرنساوي) بالحكيم(الطبيب)، ويصفه بأنه يبحث عن الأعشاب الطبية للاستفادة منها في عمله، ثم يستمر في وصف الأمكنة ومعاناته في سفره بلوغه لأوربا ليصف ما جرى له فيها.
لقد كان وصول الرحالة الى فرنسا عن طريق تونس في أول شهر حزيران من عام 1708م، فشرع بسرد معاناته ومعاناة معلمه الفرنسي المرسل من قبل ملك فرنسا للبحث عن الآثار والاحجار والنباتات الطبية ، فشرع بوصف بعض الاختلافات بين عادات الشرقيين وعادات الاوربيين في زمانه ،فكان لا يألو جهداً في كل مكان من ذكر بلده ومهمته في الترجمة ، فيقول:" أنا رجل من مدينة دمشق من طايفة السريان وكاثوليكي الايمان ابن الكنيسة . فطايفة السريان الهراطقة كانوا يضطهدوني حتى انهم سلبوا نصف مالي".[ص183]
ولم يفته ان يبرز الاختلاف بين رجال الشرق ونسائه واختلافهم عن الرجال الغربيين ونسائهم، فرجال الغرب يحلقون شواربهم ،ونساء بلاد الغرب لا يلتزمن الحجاب؛ بينما نساء بلاده لا يقدرن ان يسلكن "سلوك نسا تلك البلاد لانهم" تربوا تربية أخرى، كما كشف الرحالة عن أساليب القمع والتعذيب لمن يخالف السلطة فيضربونهم بالكرباج وكيف كانت تنفذ الاعدامات؛ في ظل المستوى الاقتصادي المتدني والفساد والسجون؛ فكان الرجل يبرك على "ركبتيه ومكتف اليدين الى قدام وماسك برنيتة بيديه، والجلاد واقف فوق راسه وفي يده وثيقة وهي السجل الذي يسجل على ذلك الرجل"؛ فقد حكم أحدهم أن "يستقيم ماسور في الكرك ثلاث سناوات ، لكي ينعرف أن الجميع بأن خاين أمرت الشريعة بأن يشرم أنفه وتختم جبهته ومستدعيه بختم السلطان ، محمي بالنار".[ص192] حيث يجري التعذيب باستخدام الكوي بالنار على الجباه.
وزار الأماكن المسيحية في باريس ، كالكنائس والاديرة، والأماكن السياحية المهمة كالمتاحف ودور العبادة وغيرها ،لأن نزعة السائح في معرفة ما يدور في كل بلد تظل جزءاً من حبّ الاستطلاع الكامن في النفس البشرية؛ لهذا تعد هذه الرحلة وثيقة مهمة لشاهد عيان لاحظ بنفسه ما كان يحصل من ظلم واضطهاد في فرنسا في العهد الملكي ؛ مما أدى الى ثورة 14 تموز1789م، وانتهاء العهد الملكي ونشأة الجمهورية الأولى في فرنسا.
-4-
وكان انتقال الرحلة الى فرنسا من مدينة البندقية الإيطالية ،وهو يحاول أن يشبع رغبته في مشاهدة الأمكنة المسيحية المقدسة، فيزور كنيسة العذراء حارسة مرسيليا"وهي مبنية في رأس جبل"، والتي كانت تسمى بالفرنسية (مادامه دكاردي)؛ فصعد الجبل من أهل مرسيليا"ورعين ومتعبدين لمريم وداخله يسوع جاتي على ركبتيه بيصلي بيعني عن صلاته في بستان الزيتون".[ص221] وبعد ان دخل الكنيسة وحضر القداس عاد راجعاً وهناك يلتقي شخصاً من بلدته، فأغراه بأن يلتقي به مع وزير الشرق "لأجل أن يكون موكل على خزانة كتب العربية التي هي للملك".[ص223]
وفي الفصل التالي يسرد سفرته من (بروفنسه) الى فرنسا ومدينة باريس، فيخرج من مرسيليا في شهر آذار سنة 1709م، وهناك يروي عن حياته في باريس فيرى جميع الدكاكين ،وكان كل صاحب "بيت ملزم بأنه كل يوم باكر يكنس قبال باب بيته. وبعد الشمس بساعة بيدور الشعر باصي الذي هو موكل من قبل الحاكم في هذا الامر" ،ورأى بأن الزبالة التي تتكون في الازقة "لها أوادم بيلموها وبيصغوها في "صندوق "موضوع فوق عربانه وبيكبوها" خارج المدينة.[ص231]
ويشير الى انه دخل باريس في شهر شباط عام 1709م، مما يعني اضطرب معرفة الأشهر لديه، والى ان معلمه أرسل الى المطبعة كتاب سياحته والبلدان التي دخلها وجميع ما رآه وسمعه "من الاخبار والفرج ، لانه كان يكتب كل يوم الأمور التي يراها ويسمعها".[ص232]؛ فستذكر بعض الحكايات والعادات التي تتعلق بملك فرنسا وملوك الفرنج، فيرى ان ملوك المسيحيين ممسوحين وما بيزوج لهم بأنهم يتزوجوا امراتين، وقد شاهد دياب احتفالات (عيد الجسد) هناك وهي عادة اهل باريس أن يزيحوا الجسد ثلاث مرات: مرة يوم الخميس ومرة يوم الاحد بعده ويوم الخميس الثاني،ويوم الاباحة فيحتفل أهل المدينة احتفالاً خاصاً. وكذلك رأى البيارق(الأعلام) التي غنمها الفرنسيون من العرب المغاربة والتي وضعوها في خزانة من السكر ستيان، وحفظوها في كنيسة العذراء، ثم صلوا صلاة الشكر.
ويتحدث الرحالة عن قدوم رسول السلطان العثماني الى ملك فرنسا، واستقباله استقبالاً مهيباً، وكان معه ترجمان؛ فاستقبله وزير الشرق، واسمه (الالجي)أو(الجي)، وقد تعجب وزير الشرق " من احتشام تلك النساء وحسن ألفاظهم العدبه وسرعة جواباتهم المسددة، وكان يقول بأن نساء بلاد الفرنج عندهم أدب واحتشام أكثر من نساء بلاده".[ص269[ وقد شاهد عدداً من المسرحيات التي كانت تعرض في باريس منها الكوميدي ومنها التراجيدي ،وقد وصف الفن الأول بانه " شبه خيال البزار عندنا، والذي ينتظر فيه من الملاعب من المسختات والمضحكات"[ص276]،ولعله يقصد به (صندوق الدنيا)او (خيال الظل)؛ كما شاهد عمليات الجلد والاعدام وتصاعد موجة الظلم والاستبداد في ظل الحكم الملكي الفرنسي؛ فالمجرم المسجل عليه الإعدام يدخلونه الى كنيسة داخل المحكمة ليعترف هناك ثم يجيء الجلاد تمهيداً لشنقه فيقول له:" وهناك بيصعد الجلاد في السلم الذي مركب على خشبة المشنقة وبيتبعه المجرم وبيقف تحت رجلين الجلاد وبعده بيصعد الراهب وفي يده الصلوات ورافعه أمام عيني الشعب وبيبديهم في صلاة النياحه"؛ ثم يدفع الجلاد المجرم والمرساة في رقبته ويركب على اكتافه ويدخل هامته بين ساقية ويطوحه ثلاث مرات، ثم ينزلوا "المشنوق ووضعوه في العربانه واشتروه الحكماء من الجلاد وأخذوه الى مدرستهم حتى يشرحوه وعلموا التلاميذ".[ص285]
أما عقوبات النساء فان الجلاد يقرأ سجلها المدون عن ذنبها، فرأى انها" كانت تفسد عقول الشبان وتعرس لها لنسا جاهلات وغير معروفين بنسا الخطاء. ولأجل هذا حكمت عليها الشريعة بانها تتجرس في جميع شوارع مدينة "[ص292] باريس؛ فلما انتهى من قراءة السجل يجري جلد المرأة (12) جلدة حتى كان لحمها يتمزق من ذلك الضرب الأليم، فكان كما منظره شنيعاً ومخجلاً فضيعاً لجنس النساء!
ويتابع عمليات معاقبة النساء، فيشاهد الجلاد وهو يقرأ الذنب الذي اقترفته المرأة، فسمع انها كانت" تفسد عقول الشبان"، حيث كان يدار بها في شوارع باريس ،وتجلد اثنتي عشرة جلدة بعصب التور، حتى يُرى لحمها يتمزق مفزز من الضرب الأليم، كما لاحظ حصول مرض وبائي في باريس ن فهرع الناس الى شفيعة باريس وهي(القديسة جنيفيفا) فاتفقوا على ان يزيحوا جسدها في المدينة، ،ويطلبوا شفاعتها لعل الله يرفع عنهم ضربة الغضب، وجسدها عبارة عن "تابوت" من الفضة ،وموضوع فوق ثلاث عواميد من الرخام؛ فكانوا يعلقون قميص المريض على قصبة ويلبسوه في ذلك التابوت لتشفيه من مرضه حسب امانته، فكانوا يسيرون وفي أيديهم الشموع ، فانقطع المرض بعد ذلك لان الله استجاب لدعائهم.
وخلال وجود الرحالة في باريس أواخر سنة 1709م، في 15 كانون الأول، حصل برد شديد حتى يبست الأشجار وتجمد نهر السين الذي يجري وسط المدينة. لهذا بقي حنا في الغرفة لا يفارق موقد النار، خمسة عشر يوماً يصطلي بالنار، والتزم الكهنة بوضع مناقل النار على المذابح خيفة ليلاً، وكان الناس يكسرون الخبز، بالقداد ويبلونه بما سخن حتى يقدروا على أكله،وقد يبست الحدائق والبساتين ، فحصلت مجاعة وارتفعت الأسعار.
-5-
وما يهمنا أيضاً ببيع حنا دياب حكايات نسبها الى الليالي العربية، ادعى انها جزء منها الى المستشرق غالان الذي ترجم (الف ليلة وليلة) الى اللغة الفرنسية، فكان يتردد عليه،وقد نشرت تلك الحكايات باللغة العربية بعد تحقيقها على مخطوطة دياب تحت عنوان (ألف ليلة وليلة المزورة)،وقد وصف غالان بانه رجل ختيار موكل على خزانة الكتب العربية ،وهو يقرأ باللغة العربية ويترجم عنها الى لغته الفرنسية، فكان يستعين في كلام الليالي العربية، فكان حنا يحكي"له حكايات" كان يعرفها "فتمم كتابه من تلك الحكايات".[ص301] هذا الى جانب اهتمامه بالبحث عن الأحجار وبيعها فقد كانت المتاجرة بها منتشرة بين مصر والهند والشام والعراق، تقتنيها الطبقة الارستقراطية.
وأبرز ما احتوته هذه الرحلة هي الحاق المحقق يوميات أنطوان غالان (1709-1710م) التي ترجمها شكير نصر الدين، وهي تتعلق بشخصية حنا دياب وترجمة بعض الحكايات المنسوبة لألف ليلة وليلة، وهي ليست منها؛ ففي يومية مؤرخة في 12/أيار/1709م، يذكر ما قصه(حنا الماروني) على غالان من حكايات عربية، حيث عرض خلال حفل "فيه حكماء البلد والوافدون من بلاد غريبة نوادرهم على الملك قدم له حكيم من الهند حصاناً خشبياً سأله الملك عن منفعة ذلك الحصان".[ص413] في إشارة الى الحصان الابنوس الذي يشبه الطائرة،او طائر الرخ في الليالي العربية، كما قص دياب حكاية عربية عن سلطان سمرقند أحد سلاطين الفرس، ويسميه (حنا المروني) باسم(خسرو شاه) على وفق سياق ألف ليلة وليلة.
كما ألحق المحقق مقالة كريستياني داميان، الباحثة في جامعة ساو باولو، التي تخصصت بالليالي العربية والتي تشير الى حكايتي (علاء الدين والسراج المسحور)،و(علي بابا والاربعون حرامي)،وترى الباحثة بان المعلومات المتوفرة عن شخصية دياب لم تتوفر الا في يوميات المستشرق الفرنسي أنطوان غالان(1646-1715م) المترجم الفرنسي لكتاب الليالي العربية وخاصة خلال الفترة التي قضاها في باريس نزيلاً عند معلمه بول لوكا(1664-1737م) حيث كان سائحا يجوب العالم الشرقي لشراء المجوهرات والمخطوطات والمسكوكات والمداليات والاختام لصالح ملك فرنسا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الفنان السعودي سعد خضر لـ صباح العربية: الصور المنتشرة في ال




.. الفنان السعودي سعد خضر يكشف لـ صباح العربية سبب اختفائه عن ا


.. الفنان السعودي سعد خضر يرد على شائعة وفاته: مزعجة ونسأل الله




.. مهرجان كان السينمائي : فيلم -البحر البعيد- للمخرج المغربي سع