الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البداية والنهاية لإتفاقية بريتون وودز

احمد حسن عمر
(Dr.ahmed Hassan Omar)

2024 / 2 / 8
الادارة و الاقتصاد


بريتون وودز والهيمنه الأمريكية
دكتور / احمد حسن عمر
رسمت الحرب العالمية الثانية خريطة اقتصادية جديده للعالم، وبالنظام الاقتصادي الدولي وتركت العالم في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حيث دمرت اقتصادات الدول الأوروبية والاقتصاد الياباني، وازدادت حدة العوائق التي عملت على تجميد التجارة والاستثمار الدولي، وقد بدأت الدول الحليفة قبل نهاية الحرب العالمية الثانية العمل على خلق نظام نقدى من شأنه تعزيز التجارة والاستثمار الدولي، ويؤدى الى علاقات نقدية صحيحة، وكانت هناك مفاوضات ثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة استمرت لمدة عامين قبل انطلاق اتفاقية «بريتون وودز»، حيث افرزت الحرب العالمية الثانية ضرورة قيام نظام نقدي جديد ليعالج الخراب الذي ساد أوروبا وما صاحبه من انخفاض خطير في المعروض السلعي خاصة في قطاع الغذاء، و انتشار البطالة وتدمير البنيه التحتية وصاحب ذلك تدهور اسعار الصرف للعملات الاوروبية وموازين المدفوعات وحركة رأس المال. واندفعت الدول الاوروبية نحو حروب تجارية داخلية قائمة على التخفيضات المستمرة في عرضها للسلع في سوق التجارة الدولي كوسيلة لتحسين اوضاع الموازين التجارية مع الدول الأخرى.
وقامت الولايات المتحدة الأمريكية باستضافة مؤتمر النقد الدولى "بريتون وودز" والذى عقد فى يوليو سنة 1944 فى غابات بريتون فى نيوهامبشاير بالولايات المتحدة، وقد حضر المؤتمر 730 مندوباً ممثلون 44 دولة وضعوا الخطط من أجل استقرار النظام المالي العالمي وتشجيع تنمية التجارة، ونتج عن اتفاقية بريتون وودز إنشاء صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، واللتان قُدمتا رسميًا في كانون الأول من عام 1945، وكان الغرض الأساسي من إنشاء صندوق النقد الدولي هو مراقبة أسعار الصرف وإقراض العملة الاحتياطية للدول التي تحتاجها، وذلك لدعم عملاتها وتسوية ديونها، في حين أُنشئَت مجموعة البنك الدولي والتي كانت تسمى "البنك الدولي للإنشاء والتعمير" لتقديم المساعدة إلى البلدان التي دُمرت ماديًا وهيكليًا نتيجة الحرب العالمية الثانية.
وبعد الانتهاء من المساعدة في إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، تركزت مهام البنك الدولي على الحد من الفقر ومساعدة البلدان النامية في جميع أنحاء العالم، وتوسع انتشار المنظمتين لتشمل 189 دولة.
كان اتفاق "بريتون وودز" في حقيقته عبارة عن صراع بين دولتين لنقل الهيمنة الاقتصادية العالمية من بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فالبريطانيون مثلهم "جون ماينارد كينز" وهو عالم اقتصادي معروف وكان يعمل مستشار لوزارة الخزانة البريطانية، ومثّل الأمريكيين "هاري ديكستر وايت". وهو مسؤول بوزارة الخزانة الأمريكية.

اقترح عالم الاقتصاد الإنجليزي جون كينز نظامًا يشجع النمو الاقتصادي، كما اقترح الاتفاق على عملة مرجعية تُسمى "باكنور" تكون هذه العملة بمثابة بديل لمعيار الذهب، بينما كانت خطة وايت تفضل الحوافز الموضوعة لإنشاء استقرار في الأسعار داخل اقتصادات العالم واستحداث نظام نقدي عالمي جديد، لم تكن له أي قرينة في تاريخ النقود أبدا، نظام نقدي، يتمحور حول الدولار الأمريكي، كما طالبت الخطة الأمريكية بضرورة تأسيس منظمات دولية تكون مهمتها مراقبة عمل النظام النقدي الجديد، والعمل على استقرار هذا النظام، وذلك من خلال منح القروض للدول التي تعاني من مشاكل في ميزان المدفوعات، واعترضت الولايات المتحدة على مقترح بريطانيا وضغطت من أجل أن يكون الدولار هو العملة المرجعية، وهذا يعنىى ارتباط عملات الدول الأخرى بالدولار الأمريكي.

وقبل اتفاقية بريتون وودز، كان معيار الذهب هو النظام السائد لتبادل العملات الدولية. وبموجب معيار الذهب، كانت عملة كل دولة مدعومة بكمية محددة من الذهب، حيث كانت الحكومات تشتري وتبيع الذهب بسعر ثابت للحفاظ على قيمة العملة، وقامت اتفاقية بريتون وودز بتعديل معيار الذهب من خلال جعل الدولار الأمريكي العملة الاحتياطية في العالم، والتي كانت مدعومة بالذهب الذي تحتفظ به الحكومة الأمريكية. ثم تم ربط العملات الأخرى بالدولار الأمريكي. وكان هذا النظام يسمى معيار تبادل الذهب.
وانتهت المفاوضات بوضع اتفاقية "بريتون وودز" والتى تنص على ربط الدولار الأمريكي بالذهب بما يساوى 35 دولاراً للأوقية من الذهب، ورغم معارضة الاتحاد السوفييتي السابق (روسيا حاليا) احتجاجاً على هذه الهيمنة لكنها اخذت مجراها وتجاهل المؤتمر الاوضاع النقدية للدول النامية.
وتم تثبيت أسعار صرف باقي العملات أمام الدولار بمعدلات ثابتة لكل عملة، وجاء الاختيار للولايات المتحدة والدولار فى ذلك الوقت لأنها كانت أقل تضرراً فى ذلك الحين من الحرب العالمية الثانية، ويحق لأى بنك مركزى التدخل فى تعديل صرف عملة بلاده فى حالة إذا تحركت العملة بنسبة تزيد او تقل عن 1% .

التخلي عن المعيار الذهبي
ان نظام بريتون وودز الذي كان يعتمد على المعيار الذهبي أصبح غير مستقر وكانت الولايات المتحدة، التي كانت أكبر اقتصاد في العالم، تعاني من عجز كبير في الميزانية، حيث كانت تعانى من العبء المالى المترتب على حرب فيتنام، والذى جعل سياسة الإنفاق الحكومية «القوة أو الرفاه الاجتماعى» غير قادرة على الصمود وكان التضخم والبطالة فى ارتفاع مستمر، والعجز المتضخم فى ميزان المدفوعات فى تزايد، وهذا كشف أن الولايات المتحدة كانت تطبع مزيدًا من الدولارات اكثر مما كانت تحصل عليه من الذهب، مما كان يسبب ضغطًا على المعيار الذهبي. بالإضافة الى حاجة الدول للتركيز بشكل أكبر على اقتصادها الداخلي وتوفير مرونة أكبر لبنوكها المركزية للتعامل مع الازمات الاقتصادية بشكل أكثر فعالية، ومن ثم تم التخلي عن المعيار الذهبي من قبل معظم الدول.
وقام الرئيس الأميركى نيكسون بعد انتخايه بفك ارتباط الذهب بالدولار معتقداً بأن ذلك هو الافضل لبلاده ولكن هذا ادى الى انهيار اتفاقية بريتون وودز عام 1970 وانهار نظام صرف العملات الثابتة ، وبحلول عام 1973 استبدل نظام بريتون وودز بحكم الأمر الواقع إلى نظام تعويم العملات الورقية الذى لا يزال العمل به قائما حتى الآن.

ونتيجة لفك ارتباط الدولار بالذهب أصبح من حق البنك الفيدرالى الأمريكى طباعة أى كميه من الدولارات الأمريكية دون التقيد بما لديه من احتياطى الذهب وبذلك تتم السيطرة على النظام الاقتصادى العالمى ، ثم بفك الارتباط بالغطاء الذهبى على يد نيكسون يصبح الدولار الأمريكى المسيطر، عبارة عن أوراق تطبع عن طريق وزارة الخزانة الأمريكية تأتى قيمتها أساسا من خوف الدول والمستثمرين من انهيار الاقتصاد العالمي حال انهيار عملة الدولار!
في 17 ديسمبر عام 1971 تم عقد اتفاقية "سيموثونيان" كمحاولة أخيرة لإصلاح اتفاقية بريتون وودز وأقدمت الولايات المتحدة من جانبها على الغاء ضريبة الواردات وخفضت سعر الدولار بنسبة 7.89% بالنسبة للذهب، وتم الاتفاق على زيادة سعر الأوقية من الذهب الى 38 دولار وتم الاتفاق على السماح بتقلبات الأسعار في حدود 2.25% من قيمتها، ولكن كل هذه الاتفاقيات فشلت فى تحقيق الاستقرار المطلوب لأسعار الصرف واتجهت الأنظار نحو تعويم معدلات صرف العملات، واتجهت معظم الدول الكبري الى تعويم عملاتها لآليات العرض والطلب وقوة الاقتصاد التابع للدولة او العملة، مع الاحتفاظ بحق الحكومات الممثلة فى شكل البنوك المركزية فى التدخل للسيطرة على العملة اذا بلغت تحركاتها خطورة على الاقتصاد، وذلك كان بداية نشأة سوق صرف العملات والتجارة والاستثمار بها، حيث ربطت بعض الدول عملتها بعملة دول أخرى أو بسلة من العملات العالمية الأكثر استقرارًا، بمعنى سماحها لقوى السوق بتحديد قيمتها بالتناسب مع عملات الدول الأخرى، ثم سادت الفوضى النقدية بعد ذلك وسجلت الارباح ومعدلات الفائدة انخفاضاً وظهر التضخم الركودي، واتجهت الدول النامية الى تعديل انظمة صرف العملات عن طريق التعويم او ربط عملاتها المحلية بالعملات الرئيسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024 ببداية ال


.. كلمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس في المنتدى الاقتصادي العالم




.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريلي


.. أرقام تهمك فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025/2




.. بين نيلين - حرب السودان تهدد إنتاج النفط في جنوب السودان