الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفاقة العقل العراقي الاتباعي؟/1

عبدالامير الركابي

2024 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن صدفة ان تتكشف صفاقة وتهافت العقل العراقي ابان فترة الانهيار والتردي اللاحقة على سقوط بغداد 1258، بالذات في نهايتها خلال القرن العشرين، وبعد دخول القوات البريطانيه الى العراق محتلة، حاملة مفردات تحققها الانقلابي الالي، قبل ذلك كانت الاشتراطات الناظمة للاوضاع عموما، لاتتيح لمثل هذه الظاهرة المستمرة الى اليوم، ان تتبلور، ومع ان العراق كما هو معروف اليوم مر بتناوبات احتلالية من ايام هولاكو الى العثمانيين، الا ان السلالات والممالك المتشبهه بالامبراطوريات المتعاقبه على عاصمة الامبراطورية المنهارة، ماكانت بالاحرى حاكمه للعراق، الذي عرف ابتداء فترة من الفوضى سادت ارض السواد والخصب، ومنعت امكانيه بسط النفوذ عليها، قبل ان تتبلور اسباب الانبعاث الذاتي في ارض سومر الحديثة، وتبدا الدورة الثالثة التاريخيه بعد الاولى السومرية البابلية الابراهيمة، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، بحسب القانون الناظم لتاريخ هذا الموضع الازدواجي الكوني من العالم، والمحكوم لقانون الدورات والانقطاعات.
ومع القرن السادس عشر، ظهر"اتحاد قبائل المنتفك" ماخوذا بايقاعيته البنيوية التشكلية الابتدائية المعتادة، ضمن اشتراطات تشكل غير مسبوقة، فارض مابين النهرين لم يسبق ان اخذت بالتبلور من قبل تحت طائلة الاحتلال، وكان تشكلها على العكس يصادف او يتوفر على الاسباب اللازمه لامتداده وفقا لكينونته المتعدية للكيانيه، في الدورة الاولى بحكم اسبقية التبلورالمجتمعي مقارنه بالمجتمعات المحيطة والقريبه، وفي الثانيه بفعل "الفتح" الجزيري وتمهيداته الذاهبه الى الصين والهند، ماقد فتح امام الكيانيه الامبراطورية الكونية الرافدينيه الافق الى ابعد مدى عالمي ممكن، في حين تبلورت الدورة الحالية في قلب عملية الانهيار الانقطاعي، ليصبح الموضع الرافدينى منقسما الى مجال اسفل لاارضوي متشكل حديثا، عائد الى الدورة الحالية، واخر اعلى انهياري، رمزيته العاصمة الامبراطورية المنهارة، والتي ماعادت تمت لسابقتها بصلة من حيث الاليات التي وجدت ضمنها وحكمت وجودها، بناء لديناميتها البنيوية الفائقة، هذا ولم تكن القوى التي تتابعت على حكم العاصمه المنهارة من ايام هولاكو، قادرة على، او بامكانها ان تعيد لبغداد مكانتها ودورها العالمي على الصعد كافه، فوجود الدول المذكورة شرطه انهيار البنية الرافدينيه، وتوقف فعالية الاليات المجتمعية الدوراتيه، ماقد جعل من وجود القوى البرانيه المتعاقبة على العاصمة الامبراطورية المنهارة، من قبيل المسار الانحداري بلا افق صعودي بل العكس، بينمااقتصر حضور البرانيه المتعاقبة، على الوجود العسكري المتدني بنيويا والعائد الى دورة تارخية اسبق، جعلت محاولة السيطرة مقتصرة على الممكن السيطرة عليه، وهو مالم يكن بالاحرى سوى مالايتعدى ماداخل اسوار بعض المدن والحواضر محدودة السلطة الى ادنى حد.
ولم يكن مثل هذا الوضع قابلا لان يولد ديناميات تحققية دالة على نوع البنية ودينامياتها العادية كما وجدت وتحققت لدورتين سابقتين، ماكان من شانه قلب الدلالات التشكلية ومنطوياتها وماتنم عنه، بالذات بعد الدورة الثانيه المنتهية وماحققته عالميا، وبالذات تهيئتها الاسباب الاقتصادية للانقلاب الالي على الضفة الثانيه من المتوسط، ماتزامن مع الانبعاث الرافديني الحالي الثالث، مع اسبقية عراقية، على الانقلاب الالي الذي لم يصبح مكتملا قبل القرن السابع عشر، قبل ان يشهد العالم من يومها صعود الغرب الالي البرجوازي الحداثي الاوربي، يقابلة التشكل العراقي اللاارضوي في طوره الثالث الاخير، السائر الى فك الازدواج المجتمعي، وتحقق اللاارضوية المؤجل.
وما تقدم هو كسر ليس مقبولا كليا، للمروية او السردية الاحادية الاوربية الالية وماتكرسه رؤية، بحداثيتها المقرة والكاسحة غلبة على العقل البشري، منذ عرفت اوربا نهضتها الراهنه الالية البرجوازية، لتفبرك سرديتها على وفق نمطيتها التفكيرية التتابعية للتاريخ، محتلة موقع القمة والهدف، من دون احتمالية خضوع العملية التاريخية لقانون العود على بدء متعذر التحقق في حينه، كما هو الحال الفعلية للتاريخ المجتمعي مع بدايات تبلوره في ارض مابين النهرين، حين وجدت مجتمعية اللاارضوية المطابقة للغاية المجتمعية المتعدية للارضوية و "الانسايوانيه"، وعجزت في حينه عن ان تحقق اللازم والمطلوب منها، ماقد ظل مؤجلا لحين توفر اسبابه المادية والاعقالية الضرورية، والمنتظر اكتسابها عبر مسار التفاعيلة المجتمعية اليدوية الطويل، بمراحله ومحطاته، وصولا الى الانقلابية الآلية المتاخرة، ومقابلها الموازي المنبعث قبلها بقرابة القرن في ارض سومر الحديثة .
وهكذا تكون الالة والانقلاب المواكب لها، والناتج عنها، لحظة تحول تاريخي عظمى نحو اللاارضوية، تبدا خارج ميدان تحققها، مارة بفترة من الايهاميه الارضوية الطبقوية الاوربية، وهي مرحلة ضرورية ابتداء قبل ان تتحول الاله لصيغتها التي هي مهياة لكي تبلغها تحورا، مع انتقالها من كونها "وسيلة انتاج ارضوية حاجاتيه" الى "وسيلة انتاج عقلي تحولي لاارضوي" كما هو مقرر لها حين ياخذ بالانقلاب ساعتها، كل مامعروف ومتداول ومعاش بخصوص المجتمعية واشكال تجليها، ونوع كيانوياتها "الوطنيه" ( الدولة / الامة) في المطاف الاخير، ليحل محلها شكل "الكيانيه الكونيه المتعدية للكيانيه" كما وجدت تاريخيا وابتداءفي ارض مابين النهرين، لتاخذ ابان فترة التاريخ اليدوي الناقص من حيث الوسائل التحولية، شكل الازدواج الكوني الامبراطوري السماوي، دورات تختتم بالانقطاع، مادام التحقق في حينه غير ممكن عمليا، بينما تلعب الدورات الصاعدة في ساعتها الدور الكوني اللازم المؤدي لتحفيز اسباب تحقق التحولية النهائي.
في احر دورة، اي الثالثة الحالية، ومع الانقطاعية وغلبة الانحطاطية، ومقابلها وطاة النهوض الغربي الظاهرة والكاسحة، ماكان بظل قوة اللانطقية الغالبة حتى على التشكلية الدوراتيه الحديثة، القبلية الاولى، والانتظارية النجفية الثانيه، وهما المحطتان اللتان مرت بهما التشكلية اللاارضوية اليوم قبل حضور الغرب المباشر، كان من البديهي ان تتلازم الذاتيه من حيث التعبير عنها، مع الاتباعية الفجة، لتصبح الذات هي الاخر ونموذجيته التوهمية الساحقة والافنائية للذات.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا