الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدول العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل: مسألة سيادة منقوصة وخوف على العروش

خالد خليل

2024 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


في السنوات الأخيرة، حدث تحول ملحوظ في المشهد الدبلوماسي للشرق الأوسط، حيث قامت العديد من الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. في حين أشاد البعض من المطبعين بهذه الخطوة كخطوة نحو الاستقرار والتعاون الإقليميين، فقد أثارت أيضا الجدل والإدانة من الآخرين الذين ينظرون إليها على أنها خيانة للتضامن العربي الطويل الأمد مع القضية الفلسطينية.

قوبلت اتفاقات التطبيع، التي تقودها الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان ومؤخرا المغرب، بانتقادات لأسباب مختلفة. أحد الاهتمامات الرئيسية التي أثارها النقاد هو الخسارة الملحوظة للسيادة والكرامة التي تعاني منها هذه الدول العربية في اندفاعها لإقامة علاقات مع إسرائيل. ونرى ذلك واضحا في انصياع المطبعين الاوائل ،مصر والاردن، للاملاءات الاسرائيلية والامريكية فيما يتعلق بالعدوان على غزة ومدى التواطؤ مع الاحتلال الذي يتعارض مع الاخلاق والسيادية الوطنية على السواء.

تاريخيا، وقفت الدول العربية متحدة في دعمها لنضال الشعب الفلسطيني من أجل تقرير المصير والدولة على الاقل على مستوى المثابرة في الاعلان عن ذلك. ومع ذلك، فإن اتفاقات التطبيع مع إسرائيل تمثل خروجا عن هذا الموقف الجماعي، مما يدفع الكثيرين إلى التشكيك في دوافع وأولويات الدول المطبعة.

واضح بأنه من خلال تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإن هذه الدول العربية تستسلم بشكل فعال للضغوط الخارجية وتتخلى عن مبادئها مقابل الحوافز الاقتصادية والامتيازات السياسية. ينظر إلى قرار إقامة علاقات أوثق مع إسرائيل على أنه خيانة للهوية العربية وتجاهل لمعاناة الشعب الفلسطيني.
خاصة في ظل الحصار البحري على الملاحة الاسرائيلية في البحرين العربي والاحمر والتي تعتبر تحولا استراتيجيا نوعيا في ميزان الردع لصالح محور المقاومة.

علاوة على ذلك، أثارت اتفاقات التطبيع مخاوف بشأن تآكل السيادة العربية في مواجهة النفوذ الخارجي. بدلا من تأكيد استقلالها واستقلالها الذاتي، ينظر إلى هذه الدول العربية على أنها تنحني لمطالب الحلفاء الأقوياء، مما يهدد قدرتها على متابعة مصالحها وأجنداتها الخاصة.

كما تم انتقاد تطبيع العلاقات مع إسرائيل لإضفاء الشرعية على الاحتلال والعدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وتطبيعهما. من خلال التواصل مع إسرائيل، فان هذه الدول العربية تدعم وتمكن سياسات إسرائيل المتمثلة في الضم والتوسع الاستيطاني وانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.

في الآونة الأخيرة، أشعل قرار بعض الدول العربية بفتح ممر آمن للسلع الإسرائيلية نقاشا مثيرا للجدل، مما دفع إلى معالجة أوثق للآثار الأخلاقية وسط حرب الإبادة الجماعية المستمرة على الشعب الفلسطيني.

أثارت هذه الخطوة، التي تهدف ظاهريا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاستقرار، انتقادات من أولئك الذين ينظرون إليها على أنها استسلام أخلاقي في مواجهة عدوان إسرائيل الذي لا هوادة فيه ضد الفلسطينيين. إنه يثير أسئلة أساسية حول المسؤولية الأخلاقية، لا سيما بالنظر إلى سياق الاحتلال الإسرائيلي الطويل الأمد، والتوسع الاستيطاني، والعدوان العسكري على الشعب الفلسطيني.

في جوهره، يثير هذا القرار مخاوف بشأن التواطؤ في القمع الإسرائيلي المنهجي والعنف ضد الفلسطينيين. عانى الشعب الفلسطيني من عقود من الاحتلال الوحشي، الذي تميز بمصادرة الأراضي والتشريد والعنف العشوائي. يؤكد تكثيف إسرائيل مؤخرا لحملتها للتطهير العرقي، لا سيما في غزة، على الحاجة الملحة للمعضلة الأخلاقية التي تواجه الدول العربية.

من خلال تسهيل عبور البضائع الإسرائيلية، تخاطر الدول العربية بالتواطؤ في جرائم إسرائيل ضد الإنسانية وانتهاكات القانون الدولي. كما أنهم يخاطرون بتقويض الجهود الجماعية للعالم العربي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومة التطبيع مع المحتل.

علاوة على ذلك، يرسل القرار رسالة مقلقة إلى الفلسطينيين، مما يشير إلى عدم التضامن والتعاطف في ساعة احتياجهم. إنه يخون التزام العالم العربي التاريخي بالقضية الفلسطينية ويعطي الأولوية للنفاعية السياسية على حقوق الإنسان والكرامة.

يثير قرار فتح ممر آمن للسلع الإسرائيلية وسط حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين أسئلة أخلاقية عميقة. إنه يتحدى الدول العربية أن تنظر في الآثار الأخلاقية لأفعالها وأن تختار ما إذا كانت تقف إلى جانب العدالة والتضامن أو تستسلم لضغوط التطبيع والتواطؤ.

يكمن جوهر هذا الموقف في مزيج من البراغماتية الاقتصادية والخوف من الدور المتزايد لمحور المقاومة. من المسلم به أن انتصار هذا المحور يشكل تهديدا ليس فقط لإسرائيل ولكن أيضا للأنظمة نفسها.

من الناحية الاقتصادية، يمكن النظر إلى قرار فتح ممر آمن للسلع الإسرائيلية على أنه مدفوع بالرغبة في الفوائد والفرص الاقتصادية، مثل الشراكات التجارية والاستثمارية مع إسرائيل. ومع ذلك، تأتي هذه البراغماتية الاقتصادية على حساب الاعتبارات الأخلاقية والتضامن مع القضية الفلسطينية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك خوف واضح بين بعض الأنظمة العربية من النفوذ والقوة المتزايدة لمحور المقاومة، الذي يشمل جهات فاعلة مثل إيران وحزب الله وحماس والمقاومة العراقيه واليمن. يمثل نجاح محور المقاومة تهديدا ليس فقط لإسرائيل ولكن أيضا لاستقرار وبقاء هذه الأنظمة نفسها.

لذلك، يمكن فهم قرار فتح ممر آمن للبضائع الإسرائيلية على أنه حساب استراتيجي لاسترضاء إسرائيل وإضعاف محور المقاومة، وبالتالي حماية مصالح الأنظمة العربية واستقرارها. ومع ذلك، فإن هذا النهج يعطي الأولوية للنفعية السياسية قصيرة الأجل على المبادئ الأخلاقية طويلة الأجل وحقوق الشعب الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة