الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الفلسطينية وصدام الأديان

جعفر المظفر

2024 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


قبل الفكر القومي المعاصرأتى الفكر الإسلامي السياسي ممثلاً بالإخوان المسلمين, ثم دولة الفقيه الإيرانية لكي يأخذا القضية الفلسطينية إلى مستوى أكثر تعقيداً. لقد أدخلوا الحديث عنها إلى مساحة المقدسات التي لا يجوز التخلي عنها, وصرنا نسمع حديثاً هائلاً عن القدس والمسجد الأقصى وثالث الحرم وقضايا ذات طابع إلهي مثل قضية الإسراء والإعراج, أما على مستوى التاريخ السياسي فقد صار لفلسطين الرصيد الأكبر في إصدارات التاريخي العربي الذي يتحدث عن الحملات الصليبية الاستعمارية و(البطل صلاح الدين الإيوبي) الذي حوله الإسلاميون والقوميون إلى خليفة راشدية خامس.
لقد صارت إحدى مشاكل العرب والمسلمين أن كلما عاش العالم المعاصر يوماً جديداً نصر نحن على العيش في اليوم الذي قبله لأن موروثنا الديني بداية لا يساعدنا على الإنفكاك من أرث الماضي, وحتى في تطلعنا للمستقبل فنحن لا نستطيع مغادرة الماضي التليد.
مقابل ذلك, إسرائل ليست مشروعاُ إمبريالياً يستخدم اليهود الصهاينة كوسيلة من أجل هدف شق منع المشرق العربي من الإلتحاق بمغربه. إن إسرائيل هي مشروع (المسيحية الصهيونية) قبل أن تكون مشروعاً لـ (اليهودية الصهيونية), وإن لقاء الصهيونيتين على هذا الهدف (المقدس) يحمل في نفس الوقت خصومة ضمنية من واقع أن المسيحية الصهيونية تعتقد أن قيام إسرائيل وإنتشارها على رقعة جغرافية تمتد من النيل إلى الفرات سيحقق الشرط الأساسي في فرضية عودة السيد المسيح الذي سيأخذ على عاتقه محاربة اليهود الذين لا (يستمسحون), أي أن معادلة التوئمة الإستراتيجية (العاجلة) بين الصهيونيتين تحمل تناقضها (الآجل) من واقعية الاستخدام التي تضع اليهودية الصهيونية في خدمة المسيحية الصهيونية.
قطعاً إن علينا أن نولي إهتماما أساسياً بهذا المشهد المفصلي. صحيح أن المال والإعلام اليهودي يأتيان بالدرجة الأولى في قائمة العوامل التي تدعم إسرائيل وتجعل سياسيها يتسابقون على الدخول من بوابة (الأيباك) إلى جنة الصهيونية في أمريكا, لكن الأصح أن علاقات التخادم بين إسرائيل وأمريكا لا تتحرك في رقعة ذلك النفوذ لوحده وإنما الرقعة الأهم الذي تتحرك وترعرع فيها هي التوئمة الأيديولوجية بين الصهيونتين, المسيحية واليهودية, والأهم في سياق هذه العلاقة بين الصهيونتين هو ذلك الذي يجعل اليهودية الصهيونية ودولتها الإسرائيلية في خدمة المسيحية الصهيونية.
ولكي نضع يدنا على سرهذا التحالف بين العقيدتين الصهيونيتين, المسيحية واليهودية, علينا أن نتعرف على طبيعة الصراع الذاتي في الجسم المسيحي الكنسي الذي أدى إلى نشوء العقيدة البروتستانية كرد فعل على العقيدة الكاثوليكية نفسها, وهو أمر يطول البحث فيه مما يستدعي بالتالي تخصيص مقالة أخرى تشرحه وتفسره, لكننا قد نستطيع هنا أن نحقق دخولاً على هذه الموضوعة الشائكة فنقول أن إضطهاد الكنيسة الكاثوليكية لليهود بسبب مواقفهم المضادة للمسيحية وتحميلهم ذنب صلب السيد المسيح قد أدى إلى رفع منسوب الإضطهاد الذي تعرض له اليهود على يد مسيحي اوروبا الكاثوليكية لكنها من جانب آخر كانت قد أدت إلى ثورة مارتن لوثر الاصلاحية وتأسيس البروتستانتية في القرن السادس عشر.
غير أن تاريخ الصراع بعدها سيؤكد لنا على أن (لوثر) قد تخلى عن موقفه المتوائم مع القضية اليهودية, بل لعله إتخذ موقفاً مناوئاً لها بعد أن أوضح أن الهدف من المعاملة الحسنة لليهود هو تحويلهم إلى المسيحية، وأمام فشل مثل هذه الجهود أدرك لوثر أن افتراضاته التضامنية كانت مخطئة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار مساعي التوصل لاتفاق دفاعي بين السعودية والولايات الم


.. الصين تغزو الجانب البعيد من القمر.. ما القصة؟




.. فرار مستوطنين من حافلة بعد دوي صفارات الإنذار


.. أردوغان: حماس استجابت بإيجابية لعرض الرئيس الأمريكي عكس نتني




.. روبرت مردوخ يتزوج للمرة الـ