الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقاذ الدور الاسرائيلي على حسب الدور السعودي

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2024 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لم تعد مساحة الشك على قدر من الاتساع الذي يسمح بالتكهن فيما اذا كانت الولايات المتحدة تسعى الان وبصورة محمومة لمحاولة إنقاذ وترميم الدور الإقليمي لإسرائيل، بعدما اطاح بهيبته هجوم السابع من أكتوبر الماضي وكشف مستويات غير معهودة في هشاشته من جانب وادى إلى بروز للدور الايراني كدور مقرر وحاسم في نوعية واتجاهات تفاعلات الاقليم المستقبلية من جانب اخر، وبيّن ان توسع هذا الدور اكثر، يعني وضع اسس جديدة لبناء هوية جديدة للاقليم ستكون مغايرة لما كانت عليه سابقا بقدر سُيلحق اضرارا بالغة في الاستراتيجية الامريكية على مستوى النظام الدولي وانه لابد من تدارك ذلك قبل فوات الأوان.
والواضح حتى هذه اللحظات ان هناك اصرارا امريكيا على ان يكون إنقاذ هذا الدور الاسرائيلي على حساب الدور السعودي الذي أصبح قاب قوسين او ادنى من الانفراد في التموضع على قمة قيادة النظام العربي التي تشترط من بين اشياء اخرى عودة تماهي النظام مع انشغالات الشارع العربي الذي استعاد فلسطين على سلم اولوياته، حيث تسعى واشنطن من خلال الضغط الكبير على مختلف الاطراف لإنجاز ما تسمى بصفقة اقليمية جوهرها الاساس القبول السعودي بالتطبيع مع اسرائيل وظاهرها ليس دولة فلسطينية حتى دون تحديد ماهيتها بل وعد بإقامة هذه الدولة.
فالولايات المتحدة التي لا تستطيع او لا ترغب بالضغط الجاد على إسرائيل للقبول بحل الدولتين تستغل اليوم ما يروج له على انها استنتاجات سعودية خاطئة تعتبر ان ضعف الرئيس بايدن وتدحرج شعبيته ووقوعه تحت ضغط الزمن الانتخابي سيتيح لها فرصة الحصول منه على اتفاقية دفاع مشترك وان تتحول إلى حليف استرايجيي لامريكا إلى جانب حصولها على التكنولوجيا النووية، واخيرا التخلص النهائي من كابوس حماية امنها القومي الذي تشكل طهران مصدر التهديد الرئيسي له، وربما العراق لاحقا وفق بعض القراءات، تستغل واشنطن كل ذلك والتلويح به كامكانية واردة من اجل توريط السعودية بالقبول بالتطبيع مقابل وعد بحل الدولتين.
وعلى هذا المستوى بالذات فانه والحق يقال ان المملكة لا زالت تصر على اقامة الدولة الفلسطينية كشرط للتطبيع، وان رد وزارة الخارجية السعودية على تهويمات جون كيربي بشأن الموقف السعودي جاء خلال اقل من 24 ساعة واكد إن السعودية أبلغت الولايات المتحدة موقفها بأنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 مع القدس الشرقية، وتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولكن أيضا هناك العديد من التسريبات الاعلامية والدبلوماسية التي لا زالت تؤكد أن السعودية ربما تكتفي بمجرد وعد بإقامة الدولة الفلسطينية للتوقيع على اتفاقات التطبيع. وان كان ذلك مستبعدا ولا يغيب عن عقل الدولة السعودة ووعيها، ولا يتسق ومواقفها المعلنة، ولكنه إن وقع وحدث لا قدر الله فان الولايات المتحدة وإسرائيل ستحققان عدة أهداف دفعة واحدة، خاصة وانه لا مقدمات للاطمئنان على ان اسرائيل تنوي القبول بهذه الدولة كما لا مؤشرات على عزم الولايات المتحدة للضغط عليها من اجل ذلك.
وهذا يعني ببساطة الابقاء على كل عوامل التوتير في المنطقة وتفاقم الازمة قائمة، وتصعيد اسباب الاستقطابات المتبادلة، ونقل خطوط المواجهة الايرانية مع اسرائيل - كمنافس وحيد لها في الإشراف على تفاعلات الاقليم، بعد أن يكون قد تم إلحاق الدور السعودي بالدور الاسرائيلي والاتجاه بتركيا مجددا نحو أوروبا - من غزة وجنوب لبنان وسوريا إلى منطقة الخليج حيث حلفاء اسرائيل الجدد والأكثر خطورة على الأمن القومي الايراني الذي لطالما تذرعت به طهران سببا لعدم تخليها عن جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى، بالاضافة الى كل ذلك ستدخل المنطقة في سباق تسلح غير مسبوق سيستنزف مواردها، ورهن امنها وربطه بمتطلبات امن ومصالح الدول الراعية لهذا المشروع، وفي ذات الوقت وحيث ان الطبيعة لا تقبل الفراغ، فان ذلك سيدفع نحو ولادة قوى اخرى قادرة على المنافسة لقيادة النظام العربي، وكل ذلك سوف يسبب مزيدا من الصداع للسعودية واستنزافها لخلق ظروف مناسبة ومريحة لاستمرار السيطرة الاسرائيلية، واخيرا وليس اخرا فان الاستراتيجية الامريكية المعتمدة منذ انهيار الثنائية القطبية - من اجل تسهيل سيطرتها على قيادة النظام الدولي - في خلق توازنات نشطة بين مكونات الاقاليم الفرعية، فإن انحصار التنافس على التأثير في تفاعلات النظام العربي بين إيران واسرائيل سيدعوها الى الاعتراف بالدور الاقليمي لايران ولو بدون اعلان رسمي في مقابل الدور الاسرائيلي، وان الدور السعودي سيلحق كتابع للدور الاسرائيلي.
قد تبدو الصورة بهذا الشكل على قدر كبير من التمثلات الخيالية لصيرورة المستقبل، ولكن هذه هي الحقيقة التي ستكون عليها ديناميات الاحداث المقبلة إن تجاوزت العربية السعودية الثابت الفلسطيني واخطأت في تقدير اهمية المتغيرات المؤقتة، على حساب اهمية هذا الثابت لسببين بديهيين وهما ان اسرائيل لا تسعى لتكون شريكا في حياة المنطقة بسلام بقدر ما تسعى للسيطرة عليها والتحكم بمقدراتها وفقا لمصاح القوى الراعية لاستمرار وجودها، والثانية ان الشعب الفلسطيني لن يقبل بان يبقى الوحيد بين شعوب الأرض بدون دولة، وأن قناعاته بقدراته على تحقيق ذلك قد تضاعف هذه المرة عدة اضعاف
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب