الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخراب القادم، أو درس التخريب بمفهوم -مظفر النواب- (6)

حسام تيمور

2024 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


كل ما يحدث لحزب الاصالة و المعاصرة اليوم هو علامة على بداية نهاية نفوذ الهمّة، و بما يعني تعويضه بمركز نفوذ آخر، ستتضح جيدا ملامحه فيما بعد، على علاقة بمخطط المغرب اليهودي و انتقال العرش.
فقط للإشارة و التنويه، فإن القادم او الوافد الجديد اوسخ من سابقه و لأسباب و سياقات ذاتية و موضوعية، و كما تدل على ذلك كافة المؤشرات و التقارير الداخلية و الخارجية، و كما يعبر عن ذلك المزاج العام بكافة تمظهراته سواء سياسيا او ثقافيا او اجتماعيا و اقتصاديا و حتى مناخيا..؟!
هي لعنة مُطبقة حولت و ستحول الحياة "المغاربة" الى جحيم حقيقيّ، و اطلقت رصاصة الرحمة كذلك على كافة ابواق الاصلاح و الانتهازية، و حولت كثيرا من دعاة هذا الطرح الى معتقلين سياسيين، او افراد و كيانات اعلامية و حزبية مغضوب عليها، رغم الخدمات التي قدمتها ولا تزال لمنظومة السلم الاجتماعي و الامن السياسي، متجلية في الحفاظ على ذاك السقف القار للخطاب السياسي المعارض في علاقته مع تقلبات السياسة و المجتمع و الاقتصاد منذ زمن ما سمي بالربيع.
لكن و بالعودة الى مختلف السياقات التي انتجت هذا الوضع المأزوم، و هو نتاج للازمة البنيوية المستمرة و المتأصلة داخل نظام الحكم و منظومة الحكم منذ عقود، فإن هذا لا يعني ان المشكل هو في الوافد الجديد، كما يروج قدماء الانتهازيين، و بيادق الحرس القديم، او ان هناك مثلا، حسب رئيس الحكومة الاسبق "بنكيران" من يريد شرا بالملكية و بالبلاد.
المشكل بكل بساطة في النظام الذي انتهت صلاحيته، و بدا في التخلي مكرها، عن ابرز اوراقه الضامنة لاستقراره سياسيا و اجتماعيا و روحيا كذلك.
هنا نجد ان موجة الربيع التي ادت الى صعود الاسلام السياسي و تنزيل حكمه بدرجات متفاوتة، قد اجبرت النظام على تقديم بعض التنازلات الصورية، و سمحت ببعض الهمس و اللمز، بخصوص أدوار الامارة و مكانتها، و تداخلات ذلك مع الخطوط العريضة للوافد الجديد القديم، باعتباره كذلك ذا مرجعية دينية تحظى او كانت تحظى، بثقة فئة عريضة من الناخبين، و هذه الثقة كانت عاملا مساعدا في ايصال الاخوان الى "الحكومة"، و لم تكن بأي شكل العامل الرئيس او الاساس، حيث أن شرعية "الحكم" مع الاخوان مثلا، لم تتضرر، كما لم تتضرر بعد الاخوان، و التطبيع، و موجات الغلاء و الازمات الاجتماعية و القطاعية.
إن هذا هو السؤال الأهم و الأبرز في اشكالية الحكم و نظام الحكم و شرعية الحكم، و مصداقية "الديمقراطية" كاداة، و طبيعة التعاقد، الذي ينظم فعليا العلاقة بين الراعي و الرعية.
نجد منذ البداية ان صانع "البام"، كان اشرس المعارضين لمشروع الاسلام السياسي في فترة ما قبل الربيع العربي، و كان مصرا على تفكيكه بالطرق الامنية الاستئصالية العنيفة كذلك، مع امتلاكه لمطلق الصلاحيات، لولا تدخل عامل آخر خارجي في الغالب، و قاهر، هو الارادة الأمريكية، و هكذا تم استعمال الاخوان في حلحلة اشكالية التغيير بالمغرب، دون تغيير، و قبِل المعسكر المحافظ من الحرس القديم على مضض، بالاخوان على رأس الحكومة، و على حساب حزب البام، الذي احتوى في ظرف وجيز اغلب خردة اليسار، و الانفصاليين التائبين من الصحراء، و بارونات الكوكايين و الحشيش في الريف.. و هنا حيث يصرح الأمين العام السابق للبام، بكل وقاحة، بأنه قد طُلب من حزبه الانسحاب من بعض الدوائر لتمكين الاخوان من المقاعد و بالتالي اغلبية توصل الى تشكيل و رئاسة الحكومة، من طلب منكم ؟ يتسائل الصحفي الذي اجرى اللقاء بالصوت و الصورة، و لا جواب واضح طبعا..
هنا نقف عند كاريكاتورية المشهد السياسي المتولد عن هذا العبث، او صراع "النفوذ" في مركز الحكم و اطرافه، و كيف ان نفس الاخوان، تحولوا اليوم الى اداة و إن هزيلة لمعارضة الوافد الجديد ممثلا في حزب الاحرار الحاكم، مع التاكيد على صدقية الاتهامات القديمة لل "بام"، كونها صارت اليوم موضوع متابعات قضائية وصلت الى اعتقال احد قيادييه و ايداعه السجن على خلفية ما يعرف بملف "اسكوبار الصحراء" .
لقد كان النظام في عهد مضى ضامنا للدولة، و استمرار الدولة، و استقرار الدولة، او كان رأسه هو الدولة(بتعبير الحسن الثاني).. "انا الدولة"، و كانت هياكله (المخزن) هي الدولة، فيما سمي بالعهد الجديد، او ما انبثق عن ما سمي بالانقلاب الأمني الذي قاده "الهمة" مطلع الالفينات.
و هنا بالذات تحول النظام الى عبئ على الدولة، و على نفسه، و هي المرحلة المتقلبة التي سبق و عبّر عنها الخطاب الاصلاحي الذي روج له كثيرا "توفيق بوعشرين" و "اخوانه"، عن الملكية كضامن لاستمرار و استقرار الدولة، قبل الوصول الى المرحلة التي شخصها "مونجيب" قبل حوالي ثلاث سنوات بقوله في احدى مداخلاته المصورة بأنّ (العمق الامني للنظام صار يشكل عبئا على نفس النظام).
و لأن ملامح المرحلة هي تعبير عن سياسات و توجهات كبرى، فقد كان من البديهي اقبار اغلب وجوه الاصلاح التي قاومت مد الاستباحة الشاملة، دفاعا عن متعهديها طبعا، في الداخل و الخارج، و هكذا تم اقبار بوعشرين و غيره، بسنوات محترمة من السجن، كما تم الاحتفاظ بالبعض الاخر كمهرجين تحت الطلب، و مناضلي سخرة، و ادوات لتنشيط العمل السياسي، و تأديب من يغرد خارج سرب "المرحلة الجديدة" و اهم شعاراتها "تمغرابيت"، و هي التفعيل الاجتماعي للمعنى السياسي للسلطة (تمخزانيت) كمدخل نحو "التهويد" الشامل بمساعدة طفح التمزيغ و الحداثوية المتصاعدين، او ما معناه و مردوده الفعلي هو "مسخ المسخ" .
يمكن رصد ملامح هذا التغيير الكبير تحديدا في بداية المناوشات بين الاسلام السياسي و امارة المؤمنين، في الفترة التي سبقت اسقاط حكم الاخوان، و حيث كان "بنكيران" من الذكاء و الدهاء لكي يقود صراعا باردا مع "الامارة" مرتديا جبة الدفاع عنها و عن خياراتها، فقد كانت الامارة تحارب نفسها بنفسها، او تقدم تنازلات كثيرة، قاتلة، كانت بدورها املاءات تمهيدية للدور القذر الجديد بعنوانه الابرز .. "التطبيع" !
هنا و خلال خطاب 2017 .. بدأ الحديث عن "امارة المؤمنين بكل الديانات"، و هو ما رحب به اليهود ترحيبا، و عن حرمة الجهاد، و صناعة النكت ال لا تضحك احدا حول الموضوع، و عن تحليل سماع الموسيقى، و هو ما يحرمه الامام مالك بشكل واضح، باعتبار ان المرجعية هنا كما هو مصرح به، هي الاسلام السني المالكي.
ان بداية ما يعتبر هرطقات فقهية من منظور نفس الفقه و نفس التصنيف المذهبي، و بغض النظر عن خلفياتها الذاتية كتعبير عن ازمة نفسية ستتوضح معالمها و اسبابها فيما بعد بكل وضوح، كانت اشارة لاقتراب الهاوية، بالمعنى الموضوعي، و السقوط الكبير، و الاختراق الأكبر الذي كانت الامارات رأس الحربة المحرك له في اكثر من بلد و على مستويات متباينة، و بالموازاة مع ظهور شعار "تازة قبل غزة"، كان ظهور او صعود "غلمان الامارات"، ضدا على "بلطجية الهمة"، و من اخنوش الى الشرعي و القجع و الحاخام اليهودي، الى منظري المسخ العرقي و الحداثوي و الديني و السياسي، وصولا الى لحظة الاعتراف الصهيوني بسيادة المغرب على الصحراء و التطبيع العسكري المباشر المعلن مع اسرائيل.
هنا انتهى دور "الحاكم" و جهازه التنفيذي المباشر، ليأتي دور "سماسرة" الدعارة اليهودية في اوسخ نسخها، و هي لعبة غير آمنة لأحد، و باعتبار أن للقوادين و السماسرة الجدد شيئا من عقل او قرار، و هذا ما نستبعده بطبيعة الحال في الآن و الاستقبال، و لسبب واضح للعيان، مختصره ان هذه الادارة أو الدعارة اليهودية تستوجب في تل ابيب نفسها قبل "مواخيرها" خوض حروب و افتعال ازمات، لإدارة الأزمة و تصريف التناقضات..

ما الحل ؟ لا يوجد !
ما الثمن، او ضريبة هذا البقاء و البغاء اليهوديَّيْن في سن اليأس ؟
مأساة تنتظر كثيرين، و درس في التخريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل من توضيح
صباح كنجي ( 2024 / 2 / 11 - 14:36 )
قرأت الحلقات الست بامعان.. لم اجد رابط لحد الآن بين الشاعر مظفر النواب والعنوان وماجاء في الحلقات الست.. ووجدت نصوص لامل دنقل من خلال قصيدته لا مصالحة.. وكذلك نص لخاص جلبي دون الاشارة من الكاتب الى هذه المصادر.. هل هذه مقدمة للدخول في موضوعة النواب وماله بالخراب؟.. وكم حلقة سنقرأ ان كان هذا مشروع كتاب؟ .. هل من توضيح؟ .. مع مودتي..