الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزرا باوند طالبانا

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 11 / 28
الادب والفن



لا يزال الغموض يكتنف حياة الشاعر الأمريكي عزرا باوند ومواقفه السياسية إلى يومنا هذا . وثمة اسئلة في حقه تظل بدون أجوبة ، أو أجوبة شافية مقنعة. فهل حقا ، كان يؤازر النازية، والفاشية؟ وهل كان مجنونا ولهذا أدخل المصح العقلي؟ لماذا كان يعادي الصهيونية، ويحارب الرأسمال الربوي ؟
وما شدّ انتباهي في سيرته أشد انتباه ، هو كيفية القاء القبض عليه من قبل القوات الأمريكية ، و سجنه الذي لا يليق بإنسان.
ويمكن وصف عزرا باوند الشاعر والمترجم والناقد الأمريكي وفق ميديا عصرنا بأنه كان طالبانا يعمل في خدمة الفاشية الإيطالية. فقبل حوالي 60 عاما،و في الشهور الأخيرة قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، اعتقله الأمريكيون في ايطاليا، وحبسوه لأكثر من سنة في قفص حديدي يعرف بقفص قرود الغوريللا، ما يذكّر المرء بسجناء حركة طالبان في جزيرة غوانتانامو، بعد أن لم تعد لأمريكا بهم حاجة لمحاربة الإتحاد السوفيتي السابق ، و العدوّ المشترك ، أي الشيوعية" الكافرة" .
وقد أدين عزرا باوند بتهم الخيانة الوطنية، والتعاون مع العدو، والدعاية ضد الصهيونية وحوكم عليه بالسجن لمدة 13 عام، لكن كتابا مثل همينغواي ، اليوت، وويليامز ، وجويس الذين كان أغلبهم من تلاميذه ، توسطوا له لدى السلطات الحاكمة فاستطاعوا تبديل محكوميته من السجن إلى الإقامة في مستشفى الأمراض النفسية.
هكذا كانت تصرفات السلطات الأمريكية حتى مع مواطنيه ، فلا استغراب من سلوكهم مع سجناء غوانتانامو المتهمين بالإرهاب ، ومعاداة الحضارة الأمريكية.
و لكي يتعرف المرء على تاريخ الشعر الحديث في البلدان الناطقة بالإنجليزية ينبفي عليه التعرف على الحياة الثقافية والإجتماعية لعزرا باوند وآثاره. وقد كان رائد الشعر الحديث في البلدان الناطقة بالإنجليزية ، مثلما كان السياب ونازك الملائكة من رواد الشعر الحديث العر بي الحديث ، ومثلما كان نيما رائد التجديد في الشعر الإيراني . وقد نظّر باوند لشعر حديث يعرف بالشعر التصويري. وقد أرشد الشعر الحديث في بلدان الانجلو سكسون إلى عصر الحداثة.
ولد عزرا باوند عام 1885 في عائلة متوسطة في أمريكا ومات عام 1972 في ايطاليا بعد 30 عاما من الهجرة. كان والده وجده من الاصلاحيين الماليين و المصرفيين في أمريكا القرن التاسع عشر بحكم اهتماماتهما الكبيرة بمسائل الإقتصاد . وانضم باوند إلى الجماعات الأوروبية المستاءة من الصهيونية العالمية والرأسمال الربوي لليهود في المنظومة المصرفية تحت تأثير الحركات السياسية الإقتصادية لأوائل القرن العشرين.


قال باوند: " إن أمريكا بحاجة إلى نهضة ثقافية، وأن النهضة ليست عاصفة تنطلق من غلاية الماء، فأن الفنان مثله مثل العامل، ينتج السلع التي نسميها القيم الثقافية."
وكان من مؤيدي الفلسفة الأفلاطونية الجديدة، والأفكار الشرقية الكونفوشيوسية، و انحاز إلى مدرسة الرواقييين اليونانيين الفاترين المتواضعين.
وروّج باوند لكتابات المفكر الصيني الأدبية –الفلسفية كونفوشيوس في أوروبا. و دعت الحرب العالمية الثانية ْ باوند أن يشعر بالخطر المحدق بالفن بسبب الأزمات التي خلقتها و القضايا الإقتصادية التي استجدت اثرها. وكان يقول:" إن الرأسمالية تجبر الشاعر والفنان أن ينشغل بمقولات تافهة ومملة من قبيل المال والإقتصاد". وتمكن من ادخال لهجات وتعبيرات من ولايات و مناطق مختلفة في أمريكا ذلك الزمان؛ مثل المدنيين، والمزارعين، وسكان سفوح الجبال، والزنزج ، واليهود، والتجار، والتجار النيويوركييين ونساء بوسطن إلى الأدب.
وقال إن الشعر بناء من الكلمات وألحان موسيقية، ولا يجوز أن يجعل القارئَ يحس أنه في صدد حل لغز، أو ملئ كلمات جداول كلمات متقاطعة، فالشعر يجب أن يكون بجمال النثر وسهولته، و أن لا يكون في حاجة إلى قاموس لغة. و الشعر ينبغي أن يكون بسهولة نثر موباساد، و امتناع جملات استاندال. ولا يجوز أن تكون مبادئ الشعر الفنية والأخلاقية، أكثر عديدا من أنواع ميوله وسلائقه."
كان باوند بالإضافة إلى كونفوشيوس متأثرا بدانته ، ، وأمسى داعية للشعر الشرقي ، وخاصة الشعر الصيني في أوروبا. رشح باوند بدعم آخرين عام 1913 رابيندار طاغور الشاعر الهندي لنيل جائزة نوبل للآداب. و يعتبر جويس ، وهمينغوي ، وويليامز وجينيزج عزرا باوند معلم اليوت الأدبي، إذ حذف ازرا باوند ثلاثة ارباع قصيدة تي. اس. اليوت «الارض اليباب»، وهو الذي اختار مفتتحها الشهير «نيسان أقسى الشهور» ، بعد ان كان بيتا ضائعا في وسط القصيدة، وباوند نفسه كان يراجع قصائد بيتس، وهو في عز شهرته، حين عمل باوند سكرتيرا له، فيحذف هذا البيت او ذاك، او يوصي بعدم نشر قصيدة بكاملها. وإن أغلب هؤالاء نالوا جائزة نوبل. وكان عزرا باوند ، حسب ما يروي أصدقاؤه، كان يساعد الشعراء والكتّاب الشباب المعوزين ماديا ومعنويا لائقا.
وقد كان اليوت يوصي دوما الشعراء الشباب الأوروبيين بقراءة قصائد باوند، ويكتب:" كلما راجعت ُ قصيدة من قصائدي ، اكتشفت ُ تأثيرا فنيا لعزرا باوند فيها."
كان باوند مثله مثل جويس يقوم بتنقيح وتهذيب نصوص الكتّاب الآخرين. وقد قال:" لست ُ أحدا، ، اسمي لاشئ، أنني شاعر حسب، يستعد للغروب في سبيل رؤية الشمس."
كانت له طوال عمره المديد رغبة الإهتمام بالقضايا الإجتماعية وفق تفاليد عصره، وخصوصا مسائل الإقتصاد . وقال: إن الأمريكيين لا ينبغي لهم أن يمسوا غذاء لمدفعية الديمقراطية ، أو رصاصات الأسلحة الصهيونية.
وبعد عشرات السنين، لم تصل أمريكا إلى اتفاق حول تقييم باوند. إلى الآن ظل السؤال بدون جواب، إن كان باوند بنابغة أدب ، أم مريضا نفسيا، أم متشردا أجتماعيا، أم خائنا للوطن ، أم وفيّا لقانونه، هل كان فاشستيا معاديا لليهود ، أم مجنونا، هل كان شاعرا أم مركّبا للكلمات؟
يكتب الأديب الأمريكي ويليامز كارلوس ويليامز:" إن التعرف على باوند ، يشبه أن الإنسان يتعرف على فترتين، قبل الميلاد وبعد الميلاد في الأدب الغربي ."
االيوم يقول الرومنطيقيون أصحاب الحنين إلى الماضي ، إن باوند لجأ إلى الشاعرية هربا من التعليم ، ومن امريكا لائذا بأوروبا.
والسؤال هنا، هل كان عزرا باوند حقا طالبانا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضبط المسئول عن تصوير أجزاء من أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية


.. فنانة تنشر فيديو للص مات صعقا بالكهرباء أمام منزلها




.. صباح العربية يرشح لك أفلام أجنبية عليك مشاهدتها


.. محلناش حاجة.. انهيار طالبات الثانوية العامة عقب انتهاء امتحا




.. صباح العربية يرشح لك أفلاما تستحق المشاهدة