الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم فتاة مصنع الكبريت الفنلندي ،، *قصة تجسد تدمير الآله الصناعية للبروليتاريا!.

حسن الجزولي

2024 / 2 / 11
الادب والفن


فيلم فتاة مصنع الكبريت الفنلندي
*قصة تجسد تدمير الآله الصناعية للبروليتاريا!.

وفر لنا نادي السينما المصرية بمنظمة نظر بالقاهرة ومديرته الأستاذة (عزة إبراهيم) مشاهدة الفيلم الفنلندي الجميل " The Match Factory Girl فتاة مصنع الكبريت"، والمصنف ضمن نوع الدراما الكوميديا، وأُنتج في 1990. إخراج وسيناريو أكي كاوريسمكي. وبطولة كاتي أوتينن، وهي من مواليد يوم 17 اغسطس 1961 في هيلسنكي. وقد حازت على عدة جوائز وضمنها جائزة مهرجان كان لأحسن ممثلة، وكذا جائزة إنترفيلم بمنتدى السينما الجديدة في مهرجان برلين عام 1990 وذلك حسب إضاءات الناقدة السينمائية "عازة إبراهيم" عن الفيلم لرواد سينما نظر.
يلخص الناقد السينمائي هال إريكسون بموقع "أوول موفي" وقائع الفيلم مشيراً إلى إنه إنتاج فنلندي/ سويدي مشترك.
"تلعب Kati Outinen دور الشخصية الرئيسية، المحاصرة في وظيفة مملة مميتة وحياة منزلية مملة أكثر فتكًا. ضد رغبة عائلتها، اشترت فستانًا أحمر فاتحًا وتوجهت لقضاء ليلة في المدينة. تقضي السهرة مع رجل وسيم ثري، والذي يظهر مدى أهمية هذا الاقتران الجنسي بتركها بمفردها في صباح اليوم التالي ومعها مبلغ كبير من المال. لعدم رغبتها في إخبار والديها عن مغامرتها، تقسم أوتينن المال مع شقيقها، ثم تنتظر عبثًا عودة "حبيبها". عندما تجد أنها حامل، تكتب رسالة حلوة إلى خادمها السابق، الذي يرسل لها ببرود حوالة مالية ويطلب منها إجراء عملية إجهاض. حتى عائلتها تنقلب عليها عندما تتضح حالتها. باستخدام مدخراتها المتبقية، تشتري Outinen كمية سخية من سم الفئران - ليس لنفسها، ولكن لجميع الأشخاص الذين فعلوا ذلك طوال الفيلم".
بعض انطباعاتي عن هذا الفيلم الراقي، كنت قد سجلتها ضمن وقائع جلسة المناقشة التي جرت عقب المشاهدة الجماعية للفيلم، وأرغب في الإشارة لبعض أهم الجزيئات المتعلقة بالفيلم.
• نما لدي إحساس أثناء مشاهدتي للفيلم، أنه كان في الأساس عبارة عن قصة قصيرة جرى بناء السيناريو والاخراج عليها، ثم تم التخطيط للبناء الدرامي المتعلق بفنيات السينما التي تقترب بالمشاهد من لغة السينما، حيث تجلى ذلك بالاعتماد على الصور الموحية التي اعتمدها المخرج أكثر من الحوار، وهو ما ساعد في تكثيف التواصل ما بين المتلقي ووقائع أحداث الفيلم.
• من جانب آخر عكست وقائع الفيلم بعض تفاصيل الواقع والحياة في مجتمعات رأسمالية، أو لنقل صناعية قابضة بحياة وحيوات شعوب واقعة تحت قبضتها خلال كيفية إنتاج سبل عيشها، وتلك التفاصيل المتعلقة بالفروقات "الطبقية"، حيث استطاع المخرج -ولكي يضعنا في تجسيد حالة الاستلاب- كيف أن الآلة الصناعية في مصنع للكبريت تتوظف فيه عاملة "مغلوبة على أمرها"، يعمل تكثيف الملل والإحباط واليأس، وسد كل منافذ التفاؤل لمواطنة بسيطة، لا تطلعات أعلى من قدراتها المالية و"الذاتية" في أن تتوفر لها إمكانية أن تلتقي برجل -أي رجل- يستطيع أن يعطيها أشعة الآمال العراض للحياة، وعندما التقت ذلك الرجل، اكتشفت أنه يعاملها "كمومس"، التقاها في الطريق العام للحياة ولا شيء سوى ذلك، حتى عندما اكتشف أن له منها طفل في الطريق، عبر لها عن طريق كلمات جافة لا تعبر إلا عن "عجرفة استغلال رجل رأسمالي" بعلاقة عابرة مع امرأة؛ كانت تتطلع لمزيد دفع إنساني من رجل، ما يعضد لديها أهمية الدنيا وتمسكها بالحياة وملل الأم و"الأب" الذي يبدو أنه ليس سوى زوج لأمها في حياتها، لا أكثر من ذلك. ما حداها لاكتشاف كل هذا العالم المستلب لحياتها والعامل على موات وإطفاء جذوة أي آمال أو تفاؤل عراض في حياتها لتقدم على إنهاء حياة كل هؤلاء الناس المباشرين، الذين ساهموا في دفعها لكي تتحول إلى قاتلة وبسبق الإصرار.
• عبر الفيلم عن استلاب العالم الرأسمالي والصناعي لحياة من يعيشوه عندما جاءت مقدمة الفيلم ببطلته وهي تقف أمام الآلات الكبيرة الصماء إلا من اصطكاك تروسها وكأن العامل الذي يشرف على إدارتها إن هو ليس سوى أحد هذه التروس لا أكثر ولا أقل، وأن العالم الذي يحيا فيه ليس سوى عالم صناعي جشع وبشع يقوم بطحن انسانه كما تطحن الآلة عجين الخبز الذي يزدرده البشر وهم مرغمون لكي يعيشوا وينتجوا ما لا يحوزونه إلا النذر اليسير الذي يقيم أودهم كي يعيشوا فقط ويتعايشوا تحت رحمة الآلة الصناعية الضخمة التي تستلب حياتهم المملة دون بهجة أو رحمة. خاصة أن الفيلم يعد جزءاً من عالم مخرجه المستمد من حياة الطبقة العاملة الصناعية في فنلندا، وهو أيضاً الجزء الأخير من ثلاثيته حول البروليتاريا الصناعية بعد فيلميه (Ariel وShadows in Paradise).
علماً أن الفيلم عبر تعبيراً مطابقاً لإحساس المواطن الإسكندنافي الذي يعيش في بيئة "وحدانية فردانية" لا مجال فيها للحياة الجماعية والأسرة الممتدة، والمعبر عن ذلك هي المنتجات الغذائية في مخازن البيع التي لا تجد فيها أي منتج للمأكولات والمشروبات ذات " الحجم العائلي الكبير، حيث كلها بضاعة تُنتج خصيصاً للأفراد لا للجماعات. " المياه الغازية ونحوها من الكولا والبيبسي والخبز والبيتزا والشيبس واللحوم والخضروات والألبان بمختلف مستخرجاتها، الخ". وهناك دلالات معبرة عما يحسه انسان الدول الاسكندنافية من ضجر وملل وسأم نتاج هذه الحياة بشتائها القارس الذي يستمر لشهور طويلة خلال السنة، حداً أصبح فيه معدل الانتحار أعلى نسبة في العالم، كما هو في دولة راقية مثل السويد مثلاً.
يلجأ العديد من السكان المحليين الإسكندنافيتين للتكيف مع الشتاء بلياليه الطويلة في محاولة للاستمتاع بأشهر الشتاء لأنهم يعرفون كيفية التعامل مع الطقس البارد والليالي الطويلة. ورغم أحاسيس الحزن والملل والكآبة حيث أن هناك من يشيرون إلى أن الاسكندنافيين من أسعد شعوب العالم. وأحد أسباب ذلك هو معرفتهم كيف يقضون فصل الشتاء. مثلاً يصنعون متعتهم في الشتاء عن طريق الضوء الطبيعي، حيث يفضل معظمهم خلال الشتاء في الدنمارك والشتاء في السويد إشعال الشموع بدلاً عن إنارة جميع الغرف بالمصابيح الكهربائية العادية خلال أشهر الشتاء، والتي غالبًا ما تكون باردة وجافة. لذا يفضلون المصابيح الصفراء بدلاً عن البيضاء. كما يعيشون في الغرف المليئة بالشموع المحترقة ومدافئ الحطب التي تنشر الدفيء طوال الليل. كل ذلك لإعطاء الاحساس بإبعاد الملل والكآبة والحزن خلال الساعات المتأخرة من المساء، حيث سيساعدك ذلك على التكيف مع الظلام وتهدئة نفسك والنوم بشكل أسرع.
كما وتتحدث بعض المقالات " الأستاذ الجامعي سعد عبد اللطيف في أسكتلندا" عن أنهم في تلك الدول يصنعون ضوءاً ناتج عن صندوق يحاكي إشعاعه "الأصفر" ضوء الشمس المفقود خلال أشهر الشتاء المظلمة ويسمى ""Sadـ تأمل في دلالة الاسم نفسه! ـ ولديهم اعتقاد حول أن الاحساس بالضوء الطبيعي قد يحسن اضطراب الحزن الموسمي عن طريق تشجيع عقلك على تقليل إنتاج الميلاتونين (الهرمون الذي يجعلك تشعر بالنعاس) وزيادة إنتاج السيروتونين (الهرمون الذي يؤثر على مزاجك).
قصدنا الاطالة حول الشتاء القارص بلياليه الطوال وكيف يساهم في جلب الكآبة والحزن للملل الذي يصيب حياة الاسكندنافيين من جراء الوقوف الدائم للعمالة البروليتارية أمام آلات المصانع الصماء، مما يصيب المرء بالوحدانية ثم رفض هذا الواقع إما بالانتحار أو اللجوء للانتقام من الآخرين، وهو ما عبر عنه فيلم " فتاة مصنع الكبريت" والذي جسدته الممثلة الفنلندية الرائعة " كاتي أوتينن". في فيلم يستلهم اسمه من مدلولات "الكبريت" في إشارة للـ " للانفجار، الاشتعال، البركان، الغضب، وهلم"!. باختصار هو فيلم رائع عمل عليه مخرج رائع وجسده ممثلون رائعون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر