الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستنجو تونس من الإفلاس ؟

حاتم بن رجيبة

2024 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية في وضع لا يحسد عليه بتاتا!!

هو بمثابة قائد عسكري يخوض أتون حرب شرسة ومدمرة. هو وحكومته في وضعية استنفار قصوى على مدار الساعة يوجهون جنودهم وآلياتهم حسب المقتضيات الميدانية للسيطرة على الوضع و دحض الخطر . إما النجاة والإنتصار وإما الكارثة والفناء .

تونس هي اليوم بمثابة رجل وقع في مستنقع من الوحل ، يتخبط ويقاوم حتى لا يغوص فيه باستمرار ليكون الهلاك المحقق . نحن نتفرج من بعد على كارثة إنسانية . المجتمع الدولي والمواطنون يريدون إنقاذ هذه الدولة المنكوبة من الموت والإندثار لكن كل من يريد مد يد المساعدة يخاف على نفسه أن يسحب إلى الوحل وأن يهلك بدوره معها .

كما بينت في مقال سابق في أن الحكم المباشر وغير المباشر للإخوان المسلمين إبان الثورة التونسية سنة 2011 زمن العشرية السوداء هو السبب الرئيسي للإنهيار الإقتصادي الشامل وسبب الكارثة وما اعتلاء قيس سعيد لسدة الحكم في 25 جويلية سنة 2021 و دحض الشرعية الإنتخابية للجهاز السياسي آنذاك بمساندة قوية من الشعب والمجتمع المدني والقوات المسلحة إلا دليل على مدى خطورة الوضع و حتمية التدخل الطارئ للسيطرة على الحريق وإنقاذ تونس من هلاك وشيك و مصيبة جلية .

فماذا فعل قيس سعيد وجنوده لإخماد الحريق والنجاة بالسفينة من الغرق والهلاك؟؟؟ وهل هو سائر على الطريق الصحيح أم هو تائه يتخبط خبط عشواء وينزل وتونس بثبات في قرار ثقب أسود مرعب؟

هناك مخاطر أساسية يحاربها قيس سعيد و حكومته:

1- نظام سياسي سمته الشلل والسلبية ببرلمان يضم كما هائلا من الأحزاب غير قادر على تكوين تحالفات صلبة فكان عدد هائل من الحكومات في زمن وجيز وسلطة مشتتة بينه و بين رئيس الدولة نتيجتها نشاز تام بينهما وتعطيل وشجار عقيم وقاتل.

2- العجز عن مقاومة انفجار المطلبية العمالية و إخماد الإحتجاجات الكثيفة التي شلت الإنتاجية خاصة في قطاع الفسفاط أهم مورد للعملة الصعبة.

3- انهيار القطاع السياحي جراء الإرهاب الذي رسخه الإخوان المسلمون والذي استهدف السياح الأوروبيين والقوات المسلحة بالأساس .

4- تغلغل الفساد من رشوة وسرقة ونهب للملك العام كما استتباب الإقتصاد الريعي مما شل الإنتاجية والإبتكار والإستثمار ورسخ التهميش والبطالة وقضى على الأمل لدى الشعب مما شجع الإرهاب ونماه كما الجريمة و التجارة الموازية والتهرب الجبائي.

5- تفاقم الدين الخارجي لنضوب موارد الدولة من العملة الأجنبية والمحلية نتيجة الأسباب الأربعة الأولى التي ذكرتها أعلاه.


بعد سنتين ونصف من الكفاح نجح قيس سعيد في الإنتصار على المحاور الثلاث الأولى: فقد رسخ نظاما سياسيا مستقرا بنظام رئاسي فعال كما قطع دابر المطلبية المفرطة فكسر شوكة النقابات العمالية و أخمد الإحتجاجات التي شلت الإنتاجية فرجع قطاع الفسفاط تقريبا إلى سالف عهده.

نجح سعيد في القضاء على الإخوان المسلمين وعلى الإرهاب دون أن تقع تونس في حرب أهلية مدمرة و عادت السياحة إلى سالف عهدها بطاقة تشغيلية مهولة وإيرادات ضخمة من العملة الصعبة والمحلية( الجباية).

لكن للأسف مازال الإقتصاد الريعي والفساد قائمين ذلك أن القضاء عليهما أمر صعب و يحتاج إلى نظام ديمقراطي صلب بمجتمع مدني متطور ودولة قانون وشعب متعلم ومستنير وإرادة سياسية فولاذية وهذا يحتاج إلى ردح من الزمن.

أما الدين الخارجي فهو ما أرق الحكومة وأرهقها لحساسيته وخطورته الفائقة. ذلك لحاجة الدولة التونسية إلى العملة الصعبة كحاجة الإنسان إلى الهواء دونها تختنق وتموت على الفور.

معالجة معضلة الديون ضرورة ملحة و تستوجب حلولا عاجلة لا تقبل التأخير. بدون عملة صعبة سيكون الإنهيار مرعبا كانفجار قنبلة ذرية لا يترك أخضرا أو يابسا، لا كبيرا ولا صغيرا ، سيقضي على الكل، على الدولة وعلى الشعب. ستكون الفوضى والصوملة والمجاعة والتقاتل و الفناء!!!

لأننا من دول العالم الثالث، لا نصنع ولا ننتج منتوجات ذات قيمة عالية . فبدون عملة صعبة لن نستطيع توريد قطع الغيار والبنزين والأدوية والآلات والسيارات والتجهيزات و القمح . فماذا سنأكل وكيف سنتداوى؟ وبماذا سننتج؟ سيناريو رهيب ومرعب!!

المأزق هو أن صندوق النقد الدولي لا يقرض إلا متى نفذت الحكومة حزمة من الشروط التي إن طبقتها فسيثور الشعب و ستتفاقم الأزمة ويحدث ما نخشاه من فوضى وصوملة ومجاعة وندخل في دوامة جهنمية لن نخرج منها أبدا.من الشروط إزالة الدعم عن المواد الأساسية من قمح وزيت وسكر وبنزين وتقليص عدد أجراء الوظيفة العمومية و خصخصة معضم الشركات والمؤسسات العمومية من بنوك وبريد ونقل وكهرباء ألخ . أما الإقتراض من السوق المالية الحرية فهو انتحار لجحافة نسبة الفائدة.

كبديل لقروض صندوق النقد الدولي شرع البرلمان مؤخرا للإقتراض مباشرة من البنك المركزي للحصول على دين قدره ملياري دولار من العملة الصعبة والمحلية لتغطية نفقات الدعم و نفقات الدين الخارجي و إنقاذ مؤسسات عمومية حيوية لإنتاج الفسفاط والفولاذ والورق كما تسديد الأجور و منح التقاعد .

الإقتراض من البنك المركزي وسيلة تلجأ إليها العديد من الدول لكن في العادة بصفة غير مباشرة فالولايات المتحدة على سبيل المثال تدين ب 15 ترليون يورو لبنكها المركزي!!

ليس أمام قيس سعيد وحكومته طريق آخر غير الذي سلكاه، فلا لوم ولا تقريع بل كل الدعم على شرط أن يتفرغا إلى محاربة الإقتصاد الريعي والفساد و وضع أسس اقتصاد مصنع متين وذلك بتركيز ديمقراطية صلبة تمتلك مجتمعا مدنيا متطورا من أحزاب وجمعيات ونقابات وصحافة حرة كما تركيز دولة القانون وحوكمة رشيدة وتعليم ناجع وعصري و محاربة الفقر والخصاصة.

قيس سعيد يسير بخطى ثابتة لإخراج الدولة من مستنقع الوحل الذي راكمه الإخوان المسلمون ودولة الإستقلال( الحبيب بورقيبة وبن علي ). أتمنى له ولحكومته كل التوفيق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال