الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الطائفيين التي ستحرق العراق

علي بداي

2006 / 11 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بينت النطورات والمشادات الطائفية المصحوبة بهز الرؤوس وارتعاشها غضبا، والتصريحات المضادة هنا وهناك والموقف من حل المليشيات ، والموقف من تصريحات حارث الضاري والتوسع في استخدام المصطلحات التي انعم بها الطائفيون على الشعب العراقي مثل، الصفوية و الروافض والنواصب والخوارج والقواطع والقوارض، وماسبق ذلك في كلمة رئيس الوزراء العراقي كامل المالكي التي القاها في اعقاب صدور قرار الحكم على صدام حسين اظهر ذلك كله، كم هو صعب و مجهد ومهلك وعسير ومنهك جر الاحزاب الدينية الطائفية لتبني مشروع وطني تنموي شامل، وكم هو فريب من المستحيل ان يصنع المرء من هذه الكائنات المتخمة باحقاد التاريخ الاسلامي الدموي قادة وطنيين خاصة في وقت صعب كهذا، وفي بلاد مخربة كبلادنا، وكم هم مخذول ومسكين ومستلب ويائس ومتعب هذا الشعب الذي صوت لهؤلاء القادة الطائفيين.
وفبل كل ذلك اشرت هذه التصرفات الى هول القوة التدميرية التي يملكها الدين حين يقع بايدي المتخلفين والطائفيين
( وهو لم يقع عبر التاريخ الا بهذه الايدي)، وبخس الروح البشرية وضألة ثمنها لدى حملة لواء الدين من القتلة الالاهيين ونفاق وكذب ادعاءاتهم بالانسانية والرحمة أمام تطاير الاشلاء وتيتم الصغار اليومي وهدم الدور على رؤوس ساكنيها .
وبدلا من ان تحاول الحكومة الارتفاع بنفسها من مستوى الطائفة الى مستوى الشعب كله راحت تحتمي بالطائفة ومليشياتها فبالرغم من انتخابه كرئيس لوزراء بلد بكل طوائفة وقومياته تصرف المالكي في كلمته التي وجهها بمناسبة صدور الحكم بحق صدام كزعيم طائفة، وسرد اسماء شهداء طائفته فقط وكأن عقاب صدام جاء انتقاما لما الحقه بالشيعة من ظلم واجحاف وهو بهذا، بعلم منه ام بغيرعلم، أعاد نفسه الى المربع الطائفي الاول الذي كان يقف عليه حين كان معارضا و ساهم بغيرعلم منه (على الارجح) بتسمية صدام كممثل لطائفة السنة وعمل بذلك على دفع المركب العراقي المثقوب مسافة أخرى بعيدا في لجة بحر الطائفية المضطرب .

لكن مايثير الحيرة حقا، ماورد في تصريحات السيد المالكي لمجموعة من الصحفيين في ذات الوفت تقريبا ،بين فيها ببراءة وصدق انه" لم يكن يتوقع ان يصل الاستقطاب الطائفي الى الحد الذي يقتل فيه السني الشيعي والشيعي السني ، كما بين انه لم يكن يتوقع ان يتحرر شعب من ظلم نظام كنظام صدام ليتفرق فيما بعد ويقاتل بعضه!
ففي كلام السيد المالكي من الهوات العميقة مايثير زوابع من الشك باهلية هذه الحكومة بل وبكفاية فهمها لجوهر المشكلة العراقية تاريخيا وبتجلياتها الحالية. فما يجري في العراق يوميا لم يهبط من المريخ بل هي ثمار لجذور نمت في تربة التاريخ، وفي هذه الكلمات يبدو السيد المالكي هنا وكانه لفرط قربه وانغماسه طويل الامد في الهم الطائفي غير قادر على رؤية اللوحة بابعادها الحقيقية، فهو يتحدث عن الصراع الطائفي وكأن الاحزاب الطائفية الشيعية التي ينتمي هو لها لم تكن قد حفرت اسس وركائز المجتمع الطائفي بنفسها، ومهدت للبناء الطائفي بحملة صارخة باكية نادبة الحسين الذي سيفتل ثانية ان لم ينتخب الشيعة طوائفهم ومذكرة عباد الله من ففراء العراق بان عذاب الله سيحل بمن لايبايع عليا في يوم الغدير ولو كان لدى هذه الاحزاب صكوك غفران لباعتها لسكان الثورة والشعلة من فقراء العراق لحجز شقق سكنية في الجنة تعوضهم عن مساكنهم البائسة في الحياة الدنيا.
ان حركة معارضة خاضت كفاحا مريرا ضد النظام طيلة عقود، لابد لها ان تكون فكرت في لحظة ما باحتمال انهيار هذا النظام ولابد لها ان تكون قد استوعبت ابعاد المشاكل التي سترثها من النظام السابق وفكرت بشكل اولي باحتياطات وخطط طوارئ وبرامج عمل سريعة اما اذا ما عجزت هذه الحركة عن فهم حقيقة ان دكتاتورية دموية كدكتاتورية صدام حكمت اربعين سنة، ستسلم المجتمع لخليفتها الديموقراطية دون مقاومة او تخريب، او انها سوف لن تستغل واقع الاحتلال الاجنبي لصالحها فان هذا يدل على عمى سياسي مطبق.

في تصرفات الاحزاب الطائفية بشقيها الشيعي والسني واستهتارها اليومي بارواح الناس، تكمن تراجيديا متلازمة لسلوك مازوكي طائفي شيعي مقابل سلوك سادي طائفي سني تقودة هذه الاحزاب سرا وعلانية بأصرار وغلاضة فلب نادرتين..
فهل كان من الضروري ان نقارن احزاب الشيعة تلك المقارنة الغريبة بين الشهيد الصدر(وهو ضحية) بصدام حسين (وهو جلاد) فنسمي مدينة الثورة بمدينة الصدر ومستشفى الثورة بمستشفى الصدر ونرفع صور الصدر على وزارة الصحة ومستشفى الكندي وعشرات المؤسسات الصحية وكأن الوزارة وكل توابعها ودوائرها ومستشفياتها ملكا للشيعة فقط؟
وهل كان من الضروري ان تكون وزارات الوزراء السنة حكرا على السنة ؟
وهل كان بعيدا عن اعين الاحزاب الطائفية المهيمنة على الحياة العراقية ان صور الائمة الشيعة التي حلت محل صور الدكتاتورفي جداريات صدام السابقة في مداخل مدن الجنوب ستؤشر لحدود مناطق طائفية ؟
وهل يخفى على الاحزاب الطائفية الشيعية المهيمنة على الامور ان تغييرها اسماء المؤسسات والمدارس والاحياء وفرق الجيش والشرطة الى اسماء كالحسين والعباس والامام علي والحمزة ويوم الغدير والزهراء والصدر سيرغم سكان المناطق الغربية على الغاء الاسماء الحالية واستبدالها الى حي خالد بن الوليد ومدرسة عائشة وريما مستشفى القائد الضرورة؟

وهل كان خافيا على الاحزاب الطائفية السنية انها ستشارك في برلمان و حكومة يغلب عليهما الطابع غير السني وفي بلد مازال محتلا حتى يملأ اقطابها مثل عدنان الدليمي وصالح المطلك الدنيا بالصراخ عن الاحتلال والعمالة ؟

ان جل مرتكبي الاجرام في العراق هم من ذوي العقلية الاستبدادية الصدامية او من الرجعيين التائقين لحياة الكهوف والتخلف اومن الذين يقرأون من القرأن ماينسجم مع رغباتهم فقط لاغين مسافة الف وخمسمئة عام من تطور البشر او من محترفي القتل المرتزقة.
لكن التكفيريين وقتلة الناس من مفاومي الحضارة هم ليسوا هؤلاء فقط ، فالطيف مايزال واسعا فهناك من يقتل ويدخل التاريخ كفاتل اسلاموي باحث عن جنته كالزرقاوي وهناك من يرتب امور القتل ويحرض الناس على القتل كحارث الضاري وهناك من يدفع الناس البسطاء مستخدما سوط الارهاب الديني والتخويف من جهنم للانبطاح تحت مفصلة الارهابين كما فعل حسين الشهرستاني في حثه البسطاء على الخروج بأعداد كثيفة لاداء زيارة الامام الكاظم مهما كلف الامر، وخلف كل من هذه النماذج الطائفيية تكمن فلسفة من ايديولوجيا ادعاء الملكية المطلقة للحقيقة.
لكن التكفيريين وقتلة الناس هم بكل تأكيد ليسوا هؤلاء فقط:
فماذا نسمي من يقابل المقال الصحفي المكتوب بحبر مسالم جاف على ورق رقيق لايقوى على مقاتلة حشرة، بالقاذفات وحرق المقرات واستنفار الجيوش؟
وماذا نسمي من روج لحملته الانتخابية باقتحام مقرات الاحزاب المنافسة وقتل مرشحيها ؟
ماذا نسمي ان تصنع الدولة قناة بأسم العراقية الفضائية الرسمية وتجعلها ملكا لطائفة الشيعة، ترافق مديرها الى مكة لاداء الحج وتلطم على مقتل الصدرين وتدخل نفسها في معمعة الخلاف المذهبي لترفع الاذان الشيعي لتشير الى انها محطة للشيعة فقط بينما تكتفي حتى الدول التي لاطوائف فيها ،ولا تخاف بالتالي من فتنة طائفية لديها، بالاشارة الى موعد الاذان فقط؟
ان المجتمعات التي يروم الطائفيون قيادتها هي مجتماعات التوازن الطائفي ، مجتمعات المليشيات الطائفية والايادي الخفية التي تغتال وتخطف وتدمر وتحرق وتهدد والمرجع او الرئيس او الملك ليس له علم ، وأن علم فأقصى ما يفعل ان يتبرأ من الفاعلين ويطردهم من جنته.
لقد استبدلنا دكتاتورية باخرى استبدلنا امن صدام السري بامن المليشيات المعمم بعمامة بيضاء او سوداء والمرخص له من الله ان ينفذ مايراه هو مناسبا ، والقانون؟ كلنا مع دولة القانون، ليعاقب القانون الجناة الذين سوف لن يعثر عليهم احد وسيختفون كما اختفى مختطفو موسى الصدر وقاتلو طالب السهيل وقاتلوعبد الرحمن قاسملو وفاتلو المهدي بن بركة وقاتلو فرج فوده وقاتلو توفيق رشدي وقاتلو عز الدين سليم وقاتلو عبد الكريم قاسم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ